اخر الاخبار

دعماً للحملة الوطنية للتوعية بقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، اطلق اتحاد نقابات عمال العراق امس الأول، حملته التوعوية بقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

ودشّن الاتحاد حملته بجولة ميدانية لمعامل طابوق النهروان، والتي يشخصها الاتحاد على انها احدى البؤر التي تتعدد وتتنوع فيها مختلف اشكال الانتهاكات التي قد يتعرض لها اي عامل، ابتداء من طول ساعات العمل وتدني الاجور وغياب كافة مستلزمات السلامة المهنية في هذه البيئة الخطرة على الحياة.

أين الخلل؟

في هذا الصدد، قالت عضو المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال العراق، كوريا رياح ان "الاتحاد أطلق حملة توعوية لتعزيز الوعي والتثقيف بقانون الضمان الاجتماعي، الذي يُعدّ من أهم القوانين النافذة حاليًا. هذه الحملة ستشمل عدداً كبيراً من العمال في القطاع الخاص، إلا أن التحديات ما زالت قائمة، حيث إن عددا كبيرا من العمال في هذا القطاع غير مشمولين بالضمان الاجتماعي برغم أحقيتهم بذلك".

وأضافت رياح في حديث مع "طريق الشعب"، بالقول: ان هناك عمالا يعملون بعقود مؤقتة سواء في القطاع الخاص ام العام، لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات دون تسجيلهم في نظام الضمان الاجتماعي، ما يمثل خرقًا واضحًا لحقوقهم. كما أن العمال في معامل النهروان، التي تقع على أطراف بغداد، يعانون من غياب شبه تام للحقوق، إذ يتجاهل أرباب العمل تسجيلهم لضمان مصالحهم الخاصة.

وأردفت رياح قائلة: انه "للأسف، هناك جهات، بعضها رسمية، تشجع العمال على التوجه نحو استلام رواتب الرعاية الاجتماعية بدلاً من الانضمام إلى نظام الضمان، بحجة أن هذا الخيار أفضل لهم. ولكن الواقع أن هذا يخدم مصالح أرباب العمل الذين يتهربون من دفع النسبة المستحقة لصندوق الضمان الاجتماعي، والتي تبلغ 12في المائة إضافة إلى نسبة 5 في المائة التي يتحملها العامل". ولفتت الى انه "بالرغم من أن القانون أصبح نافذًا بعد نشره في الوقائع العراقية، إلا أن التنفيذ على الأرض يواجه تحديات كبيرة. نطالب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتحريك مكاتب التفتيش لضمان تطبيق القانون والضغط على أرباب العمل، خصوصًا في القطاعات الكبيرة مثل المولات والمعامل الكبيرة والمطاعم، لضمان تسجيل عمالهم في نظام الضمان الاجتماعي".

وخلصت الى القول: ان "هناك تنسيقا وتعاونا مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل، لكننا نؤكد على أهمية المتابعة المستمرة من قبل الجهات الرسمية لضمان الالتزام بالقانون. كما ندعو العمال لرفع صوتهم والمطالبة بحقوقهم، خاصة في ظل وجود حالات استغلال واضحة، مثل تشغيل العمالة الأجنبية دون ضمان اجتماعي، على حساب العمال المحليين الذين يتم تجاهل حقوقهم بشكل ممنهج".

تشمل عموم العراق

من جهتها، قالت الناشطة العمالية علياء حسين: إن حملة التوعية بقانون الضمان الاجتماعي "تُعد من الحملات الضرورية جدًا، وتؤكد على ضمان حقوق العمال بشكل شامل، وتهدف إلى تحسين أوضاعهم وتأمين مستقبلهم ومستقبل عوائلهم. هناك فرق واضح بين الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، ودورنا كعمال هو توعية المجتمع العمالي بهذا الفرق، لأن الضمان الاجتماعي يُعتبر شبكة أمان توفر استقرارًا أكبر للعامل، سواء أثناء عمله أو بعد انتهاء خدمته".

وقالت حسين في حديث لـ "طريق الشعب"، ان "الحملة استأنفت بزيارة ميدانية شملت معامل الطابوق، وكانت جولتنا اليوم ناجحة بكل المقاييس، حيث بدأ العمال يتعرفون الى حقوقهم القانونية، ويكتسبون الوعي حول أهمية الضمان الاجتماعي الذي يحميهم ويحمي أسرهم".

وأكدت حسين في سياق حديثها ان "هذه الحملة ليست محدودة جغرافيا، بل هي حملة شاملة تشمل عموم العراق، وتهدف إلى الوصول لجميع العمال في القطاعات المختلفة، خاصة القطاع المختلط والمهمش".

وشددت على ضرورة ان "تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بدورها الفاعل والتعاون؛ فالمسؤولية مشتركة وتتطلب تضافر الجهود. الوزارة كذلك مطالبة بمتابعة تنفيذ القانون وإلزام أرباب العمل بتسجيل العمال في نظام الضمان الاجتماعي، فالتصريحات لوحدها غير كافية".

وخلصت الى القول: انهم يعتمدون "على وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع نطاق الحملة، ونوفر محتوى تعريفياً عبر موقعنا الإلكتروني، حيث يمكن للجميع الاطلاع على النشاطات والزيارات الميدانية التي نقوم بها. كما أن تعاوننا مع منظمة العمل الدولية واتحاد النقابات العربي يُعزز من زخم هذه الحملة، حيث يقفون معنا داعمين ومؤازرين".

لكي نعيش بكرامة

الى ذلك، قال العامل مهدي حسن وهو شاب من محافظة بابل ـ ناحية المدحتية، "أنا أعمل في معمل طابوق منذ أكثر من خمس سنوات، ورغم الجهد الكبير الذي نبذله يوميًا في ظروف عمل قاسية، إلا أننا كعمال لا نحظى بأي نوع من الضمان الاجتماعي. هذا الأمر يجعلنا نشعر بأن حقوقنا مهدورة، فلا تأمين صحي يحمي صحتنا إذا ما تعرضنا للإصابة أثناء العمل، ولا ضمان لتأمين مستقبل عوائلنا إذا تعرضنا لأي مكروه".

واكد حسن في مقابلة أجرتها معه "طريق الشعب"، اثناء مرافقة وفد الاتحاد الذي زار هذا الموقع، ان "غياب الضمان الاجتماعي يجعلنا عرضة للاستغلال. أرباب العمل يتهربون من تسجيلنا في النظام لتوفير النسبة المالية المستحقة عليهم، ونحن نعيش في خوف دائم من المرض أو الحوادث التي قد تُنهي قدرتنا على العمل، ما يعني أننا سنُترك لمواجهة المصير وحدنا دون أي دعم".

وينبّه حسن الى ان "المشكلة ليست فقط في غياب الضمان، بل في غياب الرقابة والمحاسبة. وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يجب أن تتحرك بجدية لضمان تطبيق القانون، خصوصًا أن هذا القانون ليس ترفا، بل هو حق أساسي للعمال يكفله الدستور والقوانين النافذة".

وأشار الى ان "توعية العمال بحقوقهم تُعتبر خطوة مهمة، وقد لاحظنا من خلال الحملة التي أطلقها اتحاد نقابات عمال العراق أن هناك جهودًا لتعريفنا بحقوقنا، لكن هذه الجهود بحاجة إلى دعم حكومي أكبر. لا يكفي أن تُصدر الوزارة تصريحات، بل يجب أن تتحرك على الأرض عبر لجان تفتيشية تُلزم أرباب العمل بتسجيل العمال في نظام الضمان الاجتماعي".

واختتم حسن حديثه بالقول: "نريد ان نعيش بكرامة، ونطالب بحقوقنا المشروعة في الضمان الاجتماعي الذي يحفظ كرامتنا ويؤمن مستقبل عوائلنا، فغياب هذا النظام يعني استمرارنا في دائرة الفقر وعدم الاستقرار".

عرض مقالات: