اخر الاخبار

يتجه العديد من عمال المهن الحرة في العراق إلى نظام الرعاية الاجتماعية، كخيار بديل عن الالتحاق بنظام الضمان الاجتماعي للعمال، كي يحصلوا على ما يسد الرمق ويساعدهم على تأمين احتياجاتهم اليومية، وهو ما يؤشر تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تواجه هؤلاء الكادحين.

صعوبات يومية ومعاناة مستمرة

عقيل الجبوري، بائع أكياس نايلون في أحد الأسواق الشعبية، يروي قصته لـ "طريق الشعب"، فيقول "قدمت أكثر من مرة عبر المنصة الإلكترونية التي أطلقتها وزارة العمل للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، لكن للأسف لم أحصل على الموافقة بسبب المحسوبيات والواسطات التي تسيطر على الكثير من أقسام الوزارة". ويضيف الجبوري أن دخله اليومي يكفي بالكاد لتلبية احتياجات أسرته الأساسية، مشيراً إلى أن تكاليف الإيجار والاشتراك الشهري بمولد الكهرباء يستنزف معظم دخله. ويؤكد على أنه " بحاجة إلى راتب شهري ثابت يسد جزءاً من احتياجات عائلتي، وليس إلى نظام ضمان اجتماعي يشترط استقطاعات من دخلي الذي لا يكفي أساساً، فأنا بحاجة إلى كل دينار للمعيشة".

أرباب العمل والتزامات الضمان الاجتماعي

من جانبه، أوضح عمار ياسر، وهو عامل في إحدى شركات القطاع الخاص لـ "طريق الشعب"، أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، رغم أهميته على المدى البعيد، يواجه صعوبات في التطبيق. وذكر أن العديد من أرباب العمل لا يلتزمون بتسجيل عمالهم في الضمان الاجتماعي، تهرباً من تسديد المستحقات المالية المترتبة عليهم وفق قانون العمل. وأضاف ياسر أن هناك شركات ترفض أيضاً منح العمال الحد الأدنى للأجور، ما يجعلهم عاجزين عن دفع استقطاعات الضمان الاجتماعي للعمال. وتابع قائلاً "هذا الوضع يدفع الكثير من العمال لتفضيل نظام الرعاية الاجتماعية كبديل، تحسباً لأي قرار قد يتخذه رب العمل بإنهاء خدماتهم دون سابق إنذار".

 بين التثقيف والحلول العملية

بدورها ترى سميرة ناصر مزبان، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال العراق، أن تفضيل العمال لنظام الرعاية الاجتماعية يعود لغياب التثقيف الكافي بأهمية الضمان الاجتماعي للعمال. وتقول لـ "طريق الشعب" إن "الرعاية الاجتماعية تحولت لدى البعض إلى وسيلة لتأمين الاستقلال المادي دون الالتزام بواجبات العمل المنظم".

وأكدت مزبان على أهمية تعزيز الرقابة على أصحاب العمل لضمان تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، وشددت على ضرورة إلزامية هذا النظام لجميع العاملين في القطاعين العام والخاص.

 وأضافت أن "نظام الضمان الاجتماعي يضمن حماية العمال من المخاطر المهنية ويوفر لهم ولأسرهم استقراراً مالياً على المدى الطويل".

التحديات أمام العمال كبار السن

وتطرقت مزبان إلى معاناة العمال من كبار السن، الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاماً، ولديهم سنوات طويلة من الخدمة في القطاع الخاص. وأوضحت أن هؤلاء العمال غالباً ما يواجهون صعوبات في إثبات حقوقهم التقاعدية بسبب غياب الوثائق الرسمية التي تؤكد فترات عملهم. ودعت وزارة العمل إلى اعتماد حلول مرنة، مثل شراء الخدمة، لتمكين هذه الفئة من الحصول على راتب تقاعدي يؤمن احتياجاتهم الأساسية، او تسهيل اجراءات الشمول بالرعاية الاجتماعية خاصة وان أغلبهم معيلون لعوائلهم التي تعاني من صعوبات اقتصادية كبيرة.

دور الحكومة والقطاع الخاص

رئيس اتحاد نقابات عمال وموظفي العراق، سعيد نعمة ناصر، أكد لـ "طريق الشعب" أن نظام الرعاية الاجتماعية، رغم أهميته للمحتاجين، يعزز ثقافة الاعتماد على الإعانات بدلاً من العمل والإنتاج. وأضاف: "هناك حاجة ماسة لتوجيه الشباب نحو مراكز التدريب المهني التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لتأهيلهم كعمال منتجين وقادرين على المساهمة في الاقتصاد".

ودعا ناصر إلى تطوير بدائل مثل توفير فرص عمل منظمة للعاطلين، ومنح قروض ميسرة لإقامة مشاريع صغيرة. كما شدد على أهمية زيادة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتطبيق نظام الضمان الاجتماعي بشكل إلزامي في شركات القطاع الخاص، بما يضمن حقوق العمال ويعزز إنتاجيتهم، خاصة وان هذه الفئات تعاني من انتهاكات كبيرة في العمل ومخالفة لقانون العمل والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق".