شهدت العاصمة بغداد وعدة محافظات أخرى موجة احتجاجات واسعة، نظمها خريجو الكليات الطبية والهندسية والمهن الصحية، إضافة إلى فئات أخرى من العاملين في قطاعات مختلفة، مطالبين بحقوقهم الوظيفية وتحسين أوضاعهم المعيشية، في ظل تجاهل حكومي مستمر لمطالبهم.
خريجو المجموعة الطبية
ففي بغداد، نظم خريجو كليات المجموعة الطبية والمهن الصحية والتمريضية تظاهرة حاشدة انطلقت من أمام وزارة الصحة وصولًا إلى وزارة المالية، احتجاجًا على عدم توفر الدرجات الوظيفية، وتجاهل الحكومة لتطبيق قانون رقم 6 لسنة 2000 الخاص بالتدرج الطبي، الذي ينص على تعيين جميع الخريجين.
ورغم محاولات منع المتظاهرين القادمين من المحافظات الأخرى من دخول العاصمة، أصر المحتجون على المضي قدمًا في احتجاجاتهم، رغم التضييق الذي طال وسائل الإعلام لمنعها من تغطية الحدث.
فاطمة سمير، إحدى المتظاهرات، أعربت عن استيائها من محاولات التكتم الإعلامي على قضيتهم، قائلة: "نحن خريجو المجموعة الطبية والمهن الصحية، تم التعتيم على قضيتنا إعلاميًا، لمنع إيصال صوتنا".
وأضافت، أن الحكومة تمارس تمييزًا واضحًا في التعيينات، حيث تم تعيين بعض الخريجين بينما تم تجاهل آخرين، في مخالفة واضحة لقانون التدرج الطبي.
من جانبه، أكد محمد كريم، ممثل خريجي الصيدلة، أن الحكومة تحاول التهرب من مسؤولياتها، رغم إصدار رئاسة الوزراء كتابًا ينص على أن وزارة المالية هي المسؤولة عن جمع درجات الحذف والاستحداث، والتي أكملتها وزارة الصحة.
وطالب كريم وزيرة المالية، بالوقوف إلى جانب الخريجين وإنصافهم بعد تعرضهم للظلم.
وفي محافظة بابل، دشن خريجو المجموعة الطبية تظاهرة مماثلة أمام مجلس المحافظة، مطالبين بتطبيق قانون التدرج الطبي، وتعيين خريجي دفعة عام 2023 بالكامل، وسط استياء من عدم استجابة الجهات المعنية لمطالبهم.
احتجاج واسع في البصرة
وفي محافظة البصرة، شهدت المدينة سلسلة احتجاجات واسعة. فقد تظاهر المئات من عمال النظافة وسط المدينة، مطالبين بتحسين رواتبهم وإقرار سلم الرواتب، حيث قاموا بقطع الطريق المؤدي إلى المحافظة القديمة تعبيرًا عن استيائهم من تدني الأجور التي تتراوح بين 170 و350 ألف دينار، وهي من أدنى الرواتب في العراق.
وأكد المتظاهرون، أنهم لم يجدوا أي اهتمام من قبل الحكومة المحلية، مهددين بالتصعيد واللجوء إلى الاعتصام إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.
وفي خطوة أخرى تعكس أزمة البطالة بين الخريجين، نظم العشرات من خريجي كليات الهندسة تظاهرة أمام بوابة شركة نفط البصرة، مطالبين بتفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بتعيينهم.
زينب علاء، إحدى المتظاهرات، قالت: "نحن نتظاهر منذ ثلاث سنوات في ساحات المطالبة بالحقوق، دون أي استجابة تُذكر، سوى وعود تتكرر دون تنفيذ. سنوات تمر وأعمارنا تقترب من الثلاثين، بينما طموحاتنا وأحلامنا تُعلق بين المماطلة والتجاهل".
وأكد المحتجون، أنهم مستمرون في احتجاجاتهم حتى يتم تنفيذ القرار وتوفير فرص العمل لهم وفقًا للتعهدات الحكومية السابقة.
موظفو البلديات
كما نظم العشرات من موظفي مديرية بلديات البصرة، تظاهرة أمام مقر المديرية مطالبين بتوزيع قطع الأراضي، وتحسين رواتبهم، بالإضافة إلى تعديل سلم الرواتب، مؤكدين أن رواتبهم الحالية لا تتناسب مع متطلبات الحياة اليومية.
وفي وقفة احتجاجية أخرى، تظاهر عدد من موظفي دوائر الدولة أمام مجلس المحافظة، مطالبين بشمول مقاطعة 36/27 الأكوات في قضاء شط العرب بالخدمات والبنى التحتية.
وبين المحتجون، أن الأراضي تم توزيعها منذ عام 2019-2020، لكنها لم تُشمل بالخدمات الضرورية، ما اضطر الكثير منهم للسكن في منازل مستأجرة، على أمل إدراج منطقتهم في خطة البنى التحتية لعام 2025.
أصحاب البسطات في السماوة
وفي محافظة المثنى، شهدت مدينة السماوة احتجاجات لعشرات من أصحاب البسطات والكسبة، رفضًا لقرارات إزالة بسطاتهم من الأماكن المخصصة لهم دون توفير بدائل مناسبة.
وأكد المتظاهرون أنهم ليسوا ضد تنظيم السوق، لكنهم يطالبون بحلول عادلة تضمن استمرار مصدر رزقهم. وأشاروا إلى أن فرض أجور عليهم أو إبعادهم عن السوق الرئيس يؤدي إلى فقدانهم مصدر دخلهم الوحيد.
وحذروا من أن إزالة بسطاتهم دون توفير أماكن بديلة يقود إلى تدهور أوضاعهم المعيشية، داعين الحكومة المحلية إلى الاستماع لمطالبهم وإيجاد حلول تحمي مصالحهم.
وتعكس هذه التظاهرات حالة الاحتقان الشعبي نتيجة تجاهل الحكومة لمطالب الخريجين والعمال والموظفين، ما يدفع بالمزيد من الفئات المتضررة إلى الاحتجاج في الشوارع، في ظل غياب أية إجراءات فعلية لمعالجة هذه الأزمات المتفاقمة.