اخر الاخبار

تعكس الأرقام الحكومية المتناقضة بشأن عدد إصابات المواشي بمرض الحمى القلاعية، مدى الارتباك الحكومي في التعامل مع هذه الأزمة الصحية، التي أثارت قلقًا واسعًا بين المربين والمواطنين.

وفيما يربط وزير الزراعة "تهويل الموضوع" بـ"نظرية المؤامرة"، تشير خبيرة بيئية الى أسباب جديدة محتملة لانتشار المرض، بما في ذلك دور الطيور المهاجرة والأعلاف المستوردة.

وزير الزراعة: هجمة مقصودة!

وعدّ وزير الزراعة عباس جبر المالكي، أمس الأربعاء، أن ما يُثار حول مرض الحمى القلاعية التي أصابت المواشي في عدة محافظات عراقية هو "هجمة مقصودة"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن المرض لا ينتقل إلى الإنسان.

وقال المالكي في مؤتمر صحفي: "مرض الحمى القلاعية مستوطن في العراق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وفي كل سنة تحصل إصابات"، مشيرًا إلى أن المرض موجود في جميع دول العالم، لكنه في العراق يعتبر مرضًا مستوطنًا.

وأضاف الوزير، أن "تناول الموضوع بهذا الشكل هو حرب على المواطنين، وهي هجمة مقصودة من بعض المستفيدين مع قرب الانتخابات التشريعية في البلاد"، مبينًا أنه "جرى تحذير الناس من أكل اللحوم ومشتقات الحليب".

وأشار إلى أن العام 2023 شهد إصابات بالحمى القلاعية لأكثر من 17 ألف حالة، لكن لم تُثر حولها ضجة، بينما الآن هناك ما يزيد على ثلاثة آلاف حالة فقط!

وطمأن المالكي المواطنين بأن "هذا الفيروس لا ينتقل إلى الإنسان عبر أكل اللحوم أو مشتقات الحليب، ولا توجد أي إصابة بشرية سجلت في العراق أو حتى في دول العالم بهذا الفيروس، حيث إنه يصيب فقط الحيوانات المجترة مثل الأبقار والأغنام والجاموس".

إجراءات الوزارة

المتحدث باسم الوزارة، محمد الخزاعي، قال إن دائرة البيطرة اتخذت عدة إجراءات للحد من انتشار المرض، شملت محاصرة البؤر الوبائية الأربع في جرف النداف، الفضيلية، حي الوحدة، والنهروان. كذلك تقديم العلاجات للحيوانات المصابة، ورش الحظائر بالمبيدات، بالإضافة إلى حملة احترازية في باقي المحافظات لمنع ظهور أي بؤر جديدة.

وأضاف الخزاعي، أن "البؤر الوبائية في بغداد شهدت بعض حالات النفوق، لكنها لا تزال ضمن المعدلات الطبيعية"، موضحًا أن "إجمالي الإصابات بلغ 6,151 حالة، فيما وصل عدد النفوق إلى 654 حالة".

وفند الخزاعي الشائعات حول انتقال المرض من الحيوان إلى الإنسان، مؤكدًا أن "الحمى القلاعية تصيب الحيوانات فقط، ولا تشكل أي تهديد للبشر".

أسباب أخرى لانتشار المرض

من جانب آخر، أكدت خبيرة التلوث البيئي الدكتورة إقبال لطيف جابر وجود أسباب أخرى لانتشار مرض الحمى القلاعية في العراق، غير الحيوانات المستوردة التي نفت وزارة الزراعة أن تكون المسبب الرئيس للفيروس.

وقالت جابر، إن "الطيور المهاجرة قد تكون سببًا رئيسا لانتشار الفيروس، حيث لاحظنا انتشار المرض بعد وصول هذه الطيور إلى العراق قبل شهر ونصف الشهر"، مضيفا أن "هناك دراسات عالمية تؤكد أن الطيور المهاجرة تلعب دورا نشطًا في نشر فيروسات الحمى القلاعية، خاصة أن المرض لم يصب فقط الحيوانات، بل الطيور أيضا مثل الدواجن والبط والطيور المنزلية، بعد اصطيادها من قبل بعض المواطنين".

واشارت الخبيرة الى تقرير لمنظمة الفاو عن صحة الحيوان في أوكرانيا، تضمن انتشار العديد من الأمراض هناك، باعتبار أنها منطقة حرب، حيث توجد الآلاف من جثث الحيوانات التي قتلت بفعل العمليات العسكرية أو بسبب الخوف والصدمة، وهناك مخاوف من انتشار الحمى النزفية وداء الكلب وحمى القرم في أوكرانيا.

ونبّهت إلى ضرورة تعزيز الأمن البيولوجي البيئي لمعرفة مصادر الطيور المهاجرة وعدم صيدها من قبل المواطنين، لاحتوائها على بعض الفيروسات، بالإضافة إلى مراقبة الرياح التي قد تنقل الفيروسات.

كما أشارت إلى أن الأعلاف المستوردة قد تكون سببًا رئيسيًا لانتشار المرض، داعية إلى إجراءات صارمة وفحص دقيق في المنافذ الحدودية للأعلاف الداخلة إلى العراق، خاصة أن نسبة كبيرة منها قد تأتي من أوكرانيا، حيث امتنعت العديد من الدول عن استيراد الأعلاف منها بسبب مخاوفها من انتشار الفيروسات.