اخر الاخبار

لم تعد مدينة الشطرة تزهو بنهرها الجميل مثلما كانت في السابق. حيث فقدت "عروس الغرّاف"، كما كان يُطلق عليها، بريقها وسط تفاقم أزمة تلوث مياه النهر، الذي كان ذات يوم شريان الحياة لسكانها وأراضيها الزراعية. فالمياه التي كانت نقية صالحة للاستخدام، تحولت اليوم إلى مصدر تلوّث خطير يهدد صحة الأهالي.

كل ذلك سببه تصريف مياه الصرف الصحي بشكل مباشر، ودون معالجة، في النهر، ما أدى إلى تغيّر لون الماء، وتراكم الملوثات في مجراه، و انتشار الروائح الكريهة.

ويُعد نهر الشطرة، وهو أحد روافد نهر الغراف، ركيزة أساسية للحياة في المدينة. حيث يغذي مشاريع الري في منطقة البدعة ويمتد عبر محافظة ذي قار وصولًا إلى مدينة البصرة ليزودها بالماء الحلو. إلا ان التدهور البيئي الحاصل اليوم جعله بؤرة تلوث، وسط مطالبات شعبية بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من بيئته الطبيعية.

شكاوى متكررة وحلول غائبة

على مدى الشهور الستة الماضية، تصاعدت شكاوى السكان من تردي نوعية مياه نهر الشطرة. حيث باتت غير صالحة للاستهلاك البشري، وتنبعث منها روائح خانقة نتيجة اختلاطها بمياه الصرف الصحي. رغم ذلك، لم تحرّك الجهات البلدية وإدارة مشاريع تنقية المياه ساكنًا، في ظل تكرار النداءات بضرورة وضع حد لهذه الكارثة البيئية.

ويضطر الأهالي إلى شراء المياه المفلترة لاستخدامات الشرب والطبخ، الأمر الذي يُثقل كواهلهم بنفقات إضافية.

إطلاقات مائية متوقفة وتلوث متزايد

في السياق، كشف أحد المسؤولين في دائرة ماء ذي قار عن مشكلة كبيرة متمثلة في انخفاض الاطلاقات المائية في نهر الغراف من جانب محافظة واسط، ما تسبب في حصول نقص حاد في المياه، وزيادة نسبة التلوث.

وأشار المصدر لـ"طريق الشعب"، إلى أن المياه التي تصل إلى الشطرة حاليًا غير مطابقة للمعايير الصحية. إذ تحتوي على نسبة عالية من العفن الأخضر والبكتيريا، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري، موضحا أن سبب هذه المشكلة يعود إلى تصريف المياه المخزونة في سدة الكوت في نهر الغراف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة التلوث وبالتالي انتشار الأمراض بين السكان. هذا ويشير خبراء في البيئة والصحة العامة إلى أن استمرار تلوث مياه النهر بهذه الطريقة قد يؤدي إلى انتشار أمراض خطيرة، فضلا عما يُخلفه ذلك من أثر سلبي على الزراعة والثروة السمكية. فالمياه التي من المفترض أن تكون بلا لون أو طعم أو رائحة، أصبحت اليوم محمّلة بالملوثات، ما يجعلها خطرا لا يمكن تجاهله.

دعوات للتحرك العاجل

أهالي الشطرة يطالبون من جانبهم بضرورة تدخل الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات فورية ازاء أزمة تلوث المياه، بدءا من وقف تصريف مياه الصرف الصحي في النهر، وتحسين البنية التحتية لمشاريع تنقية المياه، وصولا إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال. فالحفاظ على "عروس الغراف" ليس مجرد مطلب بيئي، بل هو ضرورة لضمان حياة صحية آمنة للأجيال القادمة.

ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة في هذا الشأن، فإن الشطرة مُقبلة على خسارة ما تبقى من نقائها، وان نهرها الذي كان رمزًا للحياة، سيُصبح شاهدًا على كارثة بيئية وإنسانية لا تحمد عقباها!

عرض مقالات: