اخر الاخبار

يقاسي العديد من المتظاهرين الذين تعرضوا إلى إصابات بليغة في الانتفاضة، من الظروف الصحية الجسيمة نتيجة تعرضهم لإصابات بالغة. ويكشف الكثير منهم بين الحين والآخر عن الإهمال الذي لاقوه من قبل الجهات المختصة. فيما بقي آخرون يقاسون أضرارا مستديمة في أجسادهم. 

ويشكو الجرحى من المنتفضين باستمرار من التعامل غير الإنساني معهم، وكثرة الوعود الحكومية والبرلمانية، والتي عادة ما تهمل فور الإعلان عنها في وسائل الاعلام.

مزايدات سياسية

وحتى وقت قريب، تبادلت الحكومة ومجلس النواب الاتهامات بشأن قضية معالجة المصابين خلال الاحتجاجات، فيما بقي الضحايا دون أي حلول.

ولعل أبرز ما يوضح هذا الأمر، هو المناشدات التي تطلق من مجاميع الإغاثة والناشطين لإنقاذ المتظاهرين بين الحين والأخر، وكانت اخر الفعاليات التضامنية مع الجريح كميل قاسم في محافظة النجف، والذي يعاني من شلل رباعي، اذ جمع المتطوعون مبلغ 280 مليون دينار لغرض علاجه، لكن لم تتم الاستجابة من أي جهة رسمية في الدولة. ونقلت على أثرها “طريق الشعب” هذه المناشدة واتصلت بالمقربين من كميل على أمل إنقاذه لكن النتيجة جاءت مخالفة للواقع.

وتحدث لـ”طريق الشعب” الناشط حسنين العميدي المقرب من المتظاهر الجريح كميل قاسم، قائلا أنه “أصيب في ساحة الصدرين في النجف بإطلاقة نارية استقرت في ظهره، وحطمت الفقرة الثامنة من العمود الفقري، ما سببت له شللا رباعيا”.

وبعد فترة وجيزة، تابعت “طريق الشعب” الحملة التي نظمها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. ونددت بما تقوم به الحكومة ومجلس النواب وترك الجرحى مهملين. وتمكنت هذه الحملة وبجهود خيرة من جمع 280 مليون دينار، كما جرى التنسيق مع عراقيين مساندين في ألمانيا لاستقبال المصاب لغرض إكمال عملية علاجه.

وكذلك الحال مع المتظاهر الشاب وعد نجم العزاوي، الذي أصيب في مجزرة السنك برصاصة نارية، استقرت في ظهره وحطمت الفقرة الثامنة فيه.

ويشكو العزاوي لـ”طريق الشعب”، سوء المعاملة في المستشفيات والإهمال الذي تعرض له من قبل وزارة الصحة والحكومة، قبل اضطراره إلى “إنفاق مبلغ قدره 25 مليون دينار لإجراء العملية الجراحية، بعد أن أصيب أيضا بالسحايا بسبب تلوث جرح الرصاص، الذي لم تقم المستشفيات بالتعامل معها بطريقة صحيحة، فضلا عن حراجة الوضع المادي في توفير هذا القدر من المال لعائلة لا تمتلك الكثير”.

تكاليف باهظة للعلاج

ويقول المتظاهر المصاب، علي وسام لـ”طريق الشعب”: “تعرضت للإصابة في عيني بواسطة سلاح الصيد الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المتظاهرين، أثناء مشاركتي في الاحتجاجات عام 2019، حيث كان هذا الحادث تحديدا قرب ساحة التحرير. ونقلت على أثرها الى مستشفى ابن الهيثم للعيون، وأجريت لي عملية عاجلة لاستخراج الشظية، وطلب من أهلي جلب عدسة لغرض زرعها نتيجة تضرر عيني بصورة بالغة”.

ويضيف وسام، أن “العدسة لم تتم زراعتها، ولا أعرف لماذا. انما تم تبليغي بالخروج من المستشفى. وبعد اجرائي عددا من الفحوصات في العيادات الخاصة تبين أن هناك ضررا في شبكية العين يتطلب اجراء عملية جراحية كبرى خارج العراق، او في محافظة اربيل لغرض اعادة بصري من جديد، ولكني لم اتمكن من اجرائها، نتيجة تكلفتها المادية الكبيرة”.

انتقادات للحكومة

ورغم إعلان مجلس الوزراء في آب الماضي تشكيل لجان في داخل وزارة الصحة لمتابعة الوضع الصحي لجرحى الانتفاضة، وإحالة الذين يتعذر علاجهم داخل البلاد إلى الخارج، إلا أن مصابين كثر أوضحوا ان الاهمال ما زال مستمرا نحوهم.

ويوضح المتظاهر، احمد خلف، المصاب في منطقة الرقبة، أن “إصابتي خطيرة جداً وتعذر استخراج (الصجم) من رقبتي نتيجة خوف الاطباء من فقداني للنطق، كونها قريبة من الاوتار الصوتية، وبقيت على هذه الحالة منذ اصابتي في ساحة التحرير في كانون الاول من العام الماضي”.

ويشير خلف في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “بعثة حقوق الانسان في الامم المتحدة تواصلت معي، وزودتهم بالمعلومات والتقارير الكاملة للإصابة ووعدوني بنقلها للحكومة بالسرعة الممكنة، لكن الاخيرة لغاية الآن لم تتواصل معي، رغم اعادة اتصالي ببعثة الامم المتحدة التي اخبرتني بأنها زودت الحكومة بالمعلومات الكاملة عن اصابتي”، مبيناً أن “الحكومة لم تقدم يد العون لي رغم المناشدات العديدة لوزارة الصحة والمنظمات الانسانية في النظر لحالتي الصحية”.

وفي السياق، يقول مصدر مطلع في بعثة الامم المتحدة لـ”طريق الشعب”، رافضا الكشف عن هويته، إن “البعثة قامت من خلال فرقها برصد وتوثيق اغلب حالات الاصابات في صفوف المتظاهرين، وجمعت المعلومات الكاملة عنهم وزودت الحكومة بمعلومات تفصيلية عن اعداد الجرحى وحالاتهم الصحية، فيما وعدت الحكومة بالتكفل بعلاجهم على شكل وجبات”.

مطالبات برعاية وتعويض المصابين

من جهته، يطالب المتظاهر المصاب، مهدي حسن، عبر “طريق الشعب”، الحكومة بـ”الالتزام بواجبها الاخلاقي في رعاية جرحى التظاهرات وتقديم الرعاية التامة لهم، وتقديم التعويضات لهم نتيجة الضرر الذي لحق بهم جراء الممارسات التعسفية التي تعرضوا لها في ساحات الاحتجاج، او في المستشفيات من قبل عناصر الاجهزة الامنية التي كانت تلاحقهم وهم يرقدون في داخل المستشفيات”.

ويشدد حسن، على “ضرورة عدم افلات الجناة والمتسببين في معاناتهم من العقاب، وكشفهم للرأي العام ومعاقبتهم وفقا للقانون. فهذا جزء من رد الاعتبار لضحايا الاحتجاجات”.