اخر الاخبار

مع ازدياد حالات العنف ضد المرأة، يواصل جميع المعنيين بحقوقها، والناشطون في الدفاع عنها، تأكيداتهم ودعواتهم للإسراع في تشريع قوانين تحمي النساء من التعنيف وتوفر إجراءات عقابية رادعة ضد منتهكي هذه الحقوق ومرتكبي الاعتداءات الصارخة على النساء، لاسيما مع إزدياد هذه الجرائم والمواجهة الخجولة وغير المجدية من قبل السلطات المعنية لها. 

ويبدو إن العنف ضد المرأة في مجتمعنا، لم يعّد مقتصراً على الايذاء الجسدي، كما هو شائع، بل راح يشمل التحرش والابتزاز والازدراء والتمييز على أساس الجندر والإساءات اللفظية وإرغام القاصرات على الزواج وإرتكاب جرائم الاغتصاب وغسل العار وغيرها من مصائب إجتماعية تزداد صعوبة وتستفحل كل يوم، في وقت يقف القانون وأصحابة في موقف ضعيف أمامها، مما جعلها تصل الى مستويات خطيرة، تؤكدها الأرقام المرعبة، سواء المعلنة منها أو المستترة.

ارقام صادمة

فبحسب تصريح رسمي لعضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي فان العنف ضد المرأة كان قد تصدر قوائم العنف الأسري في العراق يليه العنف ضد كبار السن ثم ضد الأطفال، في مجموعة حوادث جاوزت الـ 15 ألف حالة خلال عام 2021. 

فرع جمعية الامل في كركوك أحصى هو الأخر أكثر من 1800 حالة عنف أسرى ضمن مراكزه الستة خلال العام الماضي.  

من جهته كشف المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في العراق في وقت سابق، عن تسجيل 1449 قضية عنف ضدّ النساء من مجموع 1543 قضية عنف أسري سُجّلت في أشهر (حزيران، وتموز، وآب) لعام 2021 في المحاكم التابعة لرئاسة استئناف بغداد - الرصافة.

ووفقا لتصريح رسمي لمدير العلاقات والاعلام في وزارة الداخلية اللواء سعد معن، ادلى به لوكالة فرانس برس، فإن وحدة حماية الاسرة في الوزارة كانت قد أحصت 17 ألف دعوى اعتداء زوج على زوجته خلال العام 2021.

وكانت نسب تزويج القاصرات قد إرتفعت خلال العام 2021، حيث أشارت إحصاءات وزارة التخطيط الى أن  25.5 بالمائة من النساء تزوّجن قبل بلوغهن سن الـ 18 عام و10.5 بالمائة منهن تزوجّن قبل بلوغهن 15 عاما من العمر. 

تأنيب الضحية وتبرير الجريمة  

الشابة زهراء وليد، التي تابعت الكثير من حالات تعنيف المرأة، وقامت بأرشاد المعّنفات على التصرف بالشكل الصحيح، تقول لـ “طريق الشعب” “رأيت وسمعت عن الكثير من الحالات بعضها طال صديقاتي حيث تعرضن للتعنيف من قبل ازواجهن، وأيضا مع جارتي يتيمة الاب التي جري تعنيفها من قبل اعمامها، وقد شجعتُ الضحايا على الشكوى وعدم السكوت”.

وتؤكد الشابة وليد على انها إذا ما تعرضت للتعنيف، فأنها ستتوجه الى مركز الشرطة لتقديم شكوى “بالرغم من ضعف القانون والاجراءات في تطبيق العقوبات الا انه ليست هنالك حلول أخرى، رغم إن مستوى الوعي عند المرأة ضعيف ومتباين، فالكثير من المعنّفات غالباً ما يلتزمن الصمت”. و عن أسباب صمت الضحية تقول وليد “ إن الاسباب التي تجعل الضحية تلتزم الصمت متعددة وأبرزها العرف المجتمعي الذي يؤنب الضحية ويبرر ويدافع عن الجاني، فتكون المرأة هي الملامة بالدرجة الأساس، ويشعروها بالخزي بسبب تعرضها للتحرش ويعزون أسباب التحرش الى الملابس والغريزة وغير ذلك. كما تلعب التربية والبيئة الاسرية والعشائرية، وضعف القانون الرادع وعدم الجدية في التعامل مع قضايا التعنيف من قبل الدولة، دوراً في إلتزام المعّنفات الصمت”. 

وتعتقد الشابة زهراء انه من الضروري تشريع القوانين التي تحمي المرأة “ وفرض عقوبات شديدة على المغتصبين والمتحرشين والمبتزين للنساء، والتوعية بشأن مخاطر السكوت عند التعرض للتعنيف او التحرش، والتشجيع على اهمية وضرورة الابلاغ عن هذه الحوادث حتى نحّد من انتشارها في المجتمع”.

للعنف اشكال عديدة

من جهتها تجد الشابة بسمة رياض في حالات العنف ضد المرأة في العراق، والتي تشهد تزايداً مضطرداً، تحدياً خطيراً يتطلب حلولاً عاجلة. وتشير في حديثها لـ “طريق الشعب” الى أن “التعنيف لا يقتصر على الضرب فقط، لأن له اشكالاً كثيرة منها الإساءة الجسدية والاضطهاد النفسي والاغتصاب والابتزاز وقتل الفتيات بداعي غسل العار، إضافة الى المضايقة في الشارع والتحرش الذي نلاحظ إنتشاره، خاصة في المناسبات العامة والتجمعات العديدة، كما حدث ليلة الاحتفال براس السنة الميلادية، حيث كانت هنالك الكثير من حالات التحرش بعضها كان في مرأى ومسمع القوات الأمنية التي لم تحرك ساكناً”.

دور ضعيف

وتعزو الشابة رياض أسباب ازدياد حالات العنف ضد المرأة الى “الاعراف والتقاليد السائدة التي جعلت المرأة ضعيفة، وخائفة من الابلاغ عن حالات العنف او حالات الاعتداء او التحرش، خشية من أن يصبح العار لصيقاً بها او خوفاً من الرد عليها بالعنف من قبل ذويها”. 

وعن دور الشرطة المجتمعية تقول ان “ مهمة الشرطة المجتمعية كبيرة جدا، الا ان دورها العملي في الحفاظ على التماسك الاسري ضعيف للأسف، اذ إن اغلب مشاكل العنف الاسري يتم حلها بالتراضي على حساب الضحية او بتدخل العشيرة”. وتؤكد على ضرورة العمل على تنشيط هذا الدور خاصة مع تزايد حالات العنف في الأونة الأخيرة. 

القانون عاجز 

وعلى صعيد ذي صلة اكدت الشابة فجر محمد في حديثها لـ “طريق الشعب”، على وجود زيادة كبيرة في حالات العنف ضد المرأة في الآونة الأخيرة خاصة في فترة الحظر الوقائي، وذلك بحسب متابعتها لما ينشره الاعلام. ونوهّت الى ان العنف المستشري ذو صور متعددة وأشكال مختلفة، منها ما هو لفظي وما هو جسدي، فضلاً عن محاولة تغييب دور المرأة بشكل كامل في بعض العوائل.

وترى محمد ان “القانون اليوم أمسى عاجزا عن حماية النساء، ومن المتعارف عليه ان القوانين وضعت لتنظم حياة المجتمعات في سبيل الوصول إلى العدالة”، مبينة ان دور الشرطة المجتمعية اليوم وفي ظل الانتهاكات الحاصلة بحق الأسرة العراقية، لا النساء فقط، خجول ولا يتناسب مع مهامها.

عرض مقالات: