اخر الاخبار

مع الارتفاع الذي طرأ على سعر صرف الدينار أمام الدولار في الأسابيع الأخيرة، ارتفعت أسعار جميع السلع والمواد الغذائية، ومنها اللحوم الحمراء والبيضاء. إذ وصل سعر الكيلوغرام من لحم الغنم والبقر في بعض مناطق بغداد الراقية، إلى 19 ألف دينار، ووصل إلى 16 ألف دينار في المناطق الشعبية، بعد أن كان يتراوح بين 13 و14 ألفا.

وانعكس هذا الارتفاع في الأسعار، سلبا على السلة الغذائية للمواطن، الذي بات يقتصد في مشترياته، ويضطر إلى حرمان نفسه وعائلته من أطعمة أساسية عديدة.

ولا يبدو أن الأمر يتعلق فقط بارتفاع سعر الدولار – حسب ما يراه متابعون – إذ ان بعض التجار الجشعين يعمدون في مثل هذه الأزمات إلى زيادة أسعار جميع البضائع والمواد الاستهلاكية، حتى المنتجة محليا منها، تماشيا مع الزيادة التي تطرأ على المستورد، ومن أجل تحقيق المزيد من الأرباح.

غلاء المستورد ينسحب على المحلي

يقول سليمان حكمت، وهو صاحب محل جزارة، أن “السبب في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، هو أن الكثيرين من تجار اللحوم يستوردون الأغنام من إيران وسوريا وتركيا، والعجول من أوكرانيا، وذلك بالعملة الصعبة. ومع ارتفاع سعر صرف الدولار ارتفعت أسعار لحوم الماشية المستوردة، ما انسحب بالتالي على سعر اللحوم العراقية”، مبينا في حديث صحفي أن “سعر الكيلوغرام من لحم الغنم في بغداد، وصل اليوم إلى 18 ألف دينار، بعد أن كان يباع بـ 16 ألفا”.

ويوضح أن “ما متوفر من أغنام وعجول عراقية، لا يسد حاجة السوق المحلية. لذلك أن غالبية باعة اللحوم بالمفرد يقدمون على شراء المستورد. نظرا لرخص ثمنه مقارنة بالعراقي. كما أن معظم المواطنين لا يستطيعون التمييز بين اللحم المستورد والمحلي”.

أما بالنسبة للحم الدجاج، فقد ارتفع سعره هو الآخر مع ارتفاع سعر الدولار. وفي هذا الصدد يقول صاحب “محل الكرار” لبيع لحوم الدجاج، أن “الدجاج التركي من نوع (كاسكن أوغلو)، ارتفع سعر الكيلوغرام منه، بالنسبة للجملة، من 2700 دينار إلى 3850 دينارا”، مضيفا في حديث صحفي: “أما بالنسبة للدجاج العراقي، فقد ارتفع سعره أيضا. إذ وصل إلى 6500 دينار للكيلوغرام الواحد”. 

جشع التجار

من جانبه، يقول المواطن حسن هادي، أنه توجه قبل أيام لشراء نصف كيلوغرام من اللحم من أحد محال الجزارة، إلا أنه تفاجأ، بعد أن سلمه الجزار اللحم المطلوب، بأن سعر الكيلوغرام بـ 19 ألف دينار. فأراد أن يسترجعه لكنه تردد، فاضطر إلى أخذه منعا للإحراج.

ويضيف أن “هذا السعر مبالغ فيه. ويبدو أن الجشعين من تجار اللحوم يستغلون موضوع ارتفاع سعر صرف الدولار فيعمدون إلى رفع أسعار اللحوم، بالرغم من كون معظمها عراقية وليست مستوردة بالدولار”.

سلعة ثانوية

أما المواطن فاضل حسن، فيقول أنه استغنى عن شراء اللحوم الحمراء نهائياً، وبات يعتبرها سلعة ثانوية، منوهاً في حديث صحفي إلى أن “سعر لحوم الدجاج، بالرغم من كونه ارتفع أيضا، لكنه يبقى مناسبا مقارنة بسعر لحم الغنم والبقر”.

ويطالب المواطن الجهات الحكومية الرقابية بـ “محاسبة كل من يحاول زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل غير مبرر، ويستغل الأزمات لنيل المزيد من الربح على حساب المواطن الفقير”.

أما المواطن محمد علي قربج، فيرى أنه “إضافة إلى اللحوم، هناك مواد غذائية أساسية عديدة تحوّلت اليوم إلى ثانوية، وبات المواطن يستغني عنها مضطرا، ومنها الفاكهة. فهذه معظمها مستورد ويزداد سعرها مع زيادة سعر صرف الدولار”.

ويؤكد لـ “طريق الشعب”، أن “الفقراء، وما أكثرهم في بلادنا، باتوا غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من قوتهم اليومي. وهذا الأمر طبيعي جدا في ظل انحسار فرص العمل وتصاعد أسعار المواد الغذائية بهذا الشكل غير المعقول”.

ويناشد قربج كل المعنيين في الحكومة “النظر إلى الناس بعين الإنسانية، والتحرك العاجل لمساعدتهم وإنقاذهم من قسوة البؤس. فليس من المنطقي أن يحرم إنسان من رغيف الخبز في بلد الثروات والحضارات”!    

 مافيات!

إلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي محمد الحسني أن “الكثيرين من التجار أصبحوا مافيات تتحكم في قوت الشعب، وأن الدولة تبدو عاجزة عن محاسبة هؤلاء الجشعين ومنعهم من استغلال الناس”، مشيرا في حديث صحفي إلى أن “أي ارتفاع في أسعار السلع المستوردة يتبعه ارتفاع في أسعار السلع المنتجة محلياً، وهو ما يعكس قصوراً وخللاً في هيكلية الاقتصاد العراقي”.

ويطالب الحسني الحكومة بـ “دعم المنتج المحلي وفتح الأسواق المركزية، مثلما في السابق، لمنع الاحتكار”.

وأثار ارتفاع سعر صرف الدولار سخط المواطنين. إذ شهدت بغداد ومحافظات عديدة خلال الأيام الماضية، تظاهرات احتجاجية طالبت بإعادة السعر السابق للدولار، وتنظيمه وتثبيته ومنع ارتفاعه بشكل مفاجئ.

عرض مقالات: