اخر الاخبار

16 شهرا مضت، بينما حملة الشهادات العليا يفترشون الارصفة امام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, من اجل توفير فرصة العمل, لحوالي 7 الاف: ألفان يحملون شهاده الدكتوراه, والاخرون لدهم الماجستير, وباختصاصات علمية مختلفة.

وعود في مهب الريح

وطيلة الفترة الماضية، تلقى المعتصمون وعودا كثيرة من قبل المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية بتوفير فرص عمل لهم، حال اقرار الموازنة العامة. ورغم ان مجلس النواب الزم الحكومة بتخصيص 15 في المائة من الدرجات الوظيفية في موازنة العام الحالي لحملة الشهادات العليا, لكن الصدمة كانت ان هذه الدرجات منحت الى دوائر خدمية وبعيدة عن اختصاصات اغلب حملة الشهادات العليا, الامر الذي اعتبره عدد من المعتصمين امام الوزارة محاولة للخلاص من المشكلة، وركنهم في خانة الموظفين غير المنتجين.

التعيين خارج الاختصاص.. حكم بالدفن

ويقول ممثل حملة الشهادات العليا المعتصمين امام وزارة التعليم العالي، وحامل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية شعلان جليل لـ”طريق الشعب”: ان “حملة شهادة الدكتوراه يمثلون ما نسبته 35 في المائة من المعتصمين، والبقية هم من حملة شهادة الماجستير من مجموع 1600 معتصم, فيما الاعداد الكلية لحملة الشهادات العليا في العراق بحدود 7 الاف وفي حال اضافة خريجي العام الحالي سوف نصل الى 9 الاف”.

وحول بنود الموازنة التي تضمنت تعيين حملة الشهادات في الدوائر الخدمية, يشير الى ان “الدولة قامت بالصرف على حملة الشهادات من اجل ان يكونوا منتجين ويساهمون في بناء الدولة، وفي حال تعيينهم في اماكن خارج اختصاصاتهم فانه حكم بالدفن على اصحاب الاختصاصات وسوف تحبس الافكار”.

ويرفض المتحدث أية فرصة حكومية لا تتناسب مع اختصاصات حملة الشهادات العليا, قائلا: “ماذا يفعل حامل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية في دوائر المجاري والبلدية؟ بالتاكيد أنه سيكون عالة على الدولة”.

ويضيف, ان “القائمين على النظام السياسي يعتقدون ان حملة الشهادات يلهثون وراء الاموال، وهذا غير صحيح كون الهدف من الدراسة هو تقديم خدمة اجتماعية وفائدة للبلد, اما في ما يخص اجور العمل فهو حق طبيعي للإنسان”, مبينا ان “تعيين اصحاب الاختصاصات النادرة والعلمية في دوائر بعيدة عن اختصاصاتهم، لا يقدم نفعا لحامل الشهادة والدولة في آن واحد”.

الحفاظ على المكاسب

ويبيّن جليل, ان “القائمين على النظام السياسي يتعاملون مع اصحاب الشهادات العليا بهذه الطريقة المعيبة من اجل تدمير التعليم في البلد، وللحفاظ على مكاسبهم ومنافعهم وضمان عدم منافسة احد لهم”, مؤكدا ان “لا سبيل سوى التكاتف بين ابناء الشعب للخلاص من طغمة الفساد التي تسلطت على رقاب المواطنين وقتلت الاحلام والطموحات”.

وينوه الى ان “تطبيق قانون رقم 59 لتعيين حملة الشهادات هو محاولة لتسويف مطالب المعتصمين”.

إهانة للعقول

من جانبه, يقول علي اسماعيل (يحمل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث)، ان “تعيين حملة الشهادات العليا في اماكن خارج اختصاصاتهم يشكل اهانة واجراء غير مقبول”.

ويضيف اسماعيل لـ”طريق الشعب”, أن “المكان الصحيح للحملة الشهادات العليا هو في قطاعي التربية والتعليم”.

ويتهم اسماعيل الحكومة بأنها “مجردة من الارادة ولا تعرف معنى قيمة التعليم، وتحاول القضاء على الكفاءات العلمية من خلال زجهم في مواقع خارج اختصاصاتهم، وبالتالي الحكم عليهم بالفشل وانعدام العلمية”، مفسرا ذلك بأنه “استهداف ممنهج واهمال واضح لقطاعي التربية والتعليم، يهدف الى انتاج أجيال معدومة ثقافيا وعلميا”.

استيعاب الكفاءات

أما شهد محمد (تحمل شهاده دكتوراه في الفيزياء) فتتساءل عن “خطط الحكومة في استيعاب حملة الشهادات العليا والاستفادة منهم في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها البلد”. وتقول محمد في حديث لـ”طريق الشعب”, ان “دول العالم تولي اهتماما كبيرا للعقول واصحاب الشهادات وللبحث العلمي من خلال توفير اجواء مناسبة للعقول والعلماء في تطوير واقع بلدانهم والمساهمة في الارتقاء بها”, مشيرة الى ان “ما يحدث في العراق هو العكس. انهم يفترشون الارصفة ويتم العامل معهم بطريقة غير لائقة من قبل المسؤولين وقوات الامن، أثناء مطالبتهم بحقوقهم المشروعة”. وتشير الى ان “الارتقاء بالبلد ومعالجة مشاكله، يتطلبان وضع الشخص المناسب في المكان المناسب”، مضيفة انه “من غير المقبول التعامل مع حملة الشهادات على اعتبارهم مشكلة وعبئا ثقيلا”. وتؤكد محمد ان “المسؤولين لا يرغبون في فتح المجال للطاقات الشبابية”، مبرهنة على ذلك بـ”محاولتهم تعيين حملة الشهادات العليا في اماكن بعيدة عن اختصاصاتهم تأكيدا لسياسة الفشل الاداري والاقتصادي التي يعاني منها البلد”. وتنصح شهد رفاقها المعتصمين بأن “قبول هذا الاجراء يعني استمرار الفساد والترهل في مؤسسات الدولة”.