هل عولجت عوامل صعود داعش؟!
كتب عباس كاظم مقالاً لموقع المجلس الأطلسي أشار فيه إلى أنه ورغم سقوط داعش فإن الظروف التي أدت إلى ظهور هذا التنظيم الإرهابي ما زالت فاعلة في العراق. فرغم الإشادة بالانتخابات العامة التي جرت وتجري، باعتبارها مؤشراً على التحول الديمقراطي، ورغم ما يحققه فيها روؤساء الحكومات المتعاقبة، من ما يمكن تسويقه كتفويض كبير لهم، فإن أغلبهم يفتقرون إلى الشعبية والتأييد بين المواطنين.
ظهور داعش
وذكر المقال بأن العام 2014 كان مثالاً على هذه الحالة، ففي خضم الخلافات بشأن تشكيل الحكومة، قامت جماعة إرهابية تطلق على نفسها اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بمداهمة مدن محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، واستولت على كامل الأراضي في عملية واحدة وخلال ساعات، مخلفة انهياراً شاملاً لعدد من فرق الجيش العراقي، ومعلنة عن نيتها في إقامة دولة اسلامية وفق تفسيرها لذلك.
ورغم الشلل الذي أصاب الحكومة العراقية واستمرار انهيار القوات المسلحة ونقص الدعم العسكري من المجتمع الدولي، تمكن العراقيون واصدقاؤهم من إحباط التهديد الوجودي الأكبر الذي واجهه العراق منذ تأسيسه في عام 1920. واعتبر الكاتب دفاع العراقيين عن ديمقراطيتهم الناشئة، وإن كانت معيبة وغير مؤكدة، وتطوع عشرات الآلاف، ودعوة المرجعية الدينية العليا، واستعادة قطعات من القوات المسلحة لتماسكها، ودعم المجتمع الدولي، عوامل هامة لتحقيق ذلك. وأعرب الكاتب عن اعتقاده بان عدم استسلام العراقيين في تلك اللحظات الحرجة، أنقذ أحلامهم الديمقراطية من نهاية كارثية تشبه إلى حد كبير ما حدث في أفغانستان في ظل ظروف مماثلة في عام 2021.
العراق بعد انهيار داعش
وذكر المقال بأن العراق وفي السنوات التي أعقبت هزيمة داعش عام 2017، تمكن من إحراز تقدم في مواجهة التحديات الخطيرة، حيث أُعيد تنظيم القوات المسلحة لمنع حدوث انهيار أمني مماثل، حتى باتت هذه القوات محط الثقة محلياً ودولياً، وصار ممكناً للحكومة الحالية البحث عن أشكال جديدة للتعاون الثنائي مع الدول التي كانت تشكل التحالف الدولي، إضافة إلى الطلب من الأمم المتحدة إنهاء مهمة بعثتها (يونامي)، بحجة أن العراق لديه الآن مؤسسات ناضجة للتعاون مباشرة مع المنظمات الدولية مثل الدول الأخرى، وهو الطلب الذي صّوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع بالموافقة عليه.
تحديات قائمة
واشار الكاتب إلى أن ما يحتاجه العراق لضمان نجاحه على طريق الأمن والحكم الرشيد، هو معالجة الظروف التي ساعدت المجاميع الإرهابية على النجاح، وفي الصميم منها ثقافة الفساد السائدة وضعف الاقتصاد. وذكر الكاتب بأن هذين التحديين هما الأكثر إلحاحاً اليوم. فبقاء الاقتصاد ريعياً في البلاد، يعتمد بشكل كامل على عائدات النفط، التي لا تكفي لدعم التكاليف التشغيلية الحكومية أو ترك أموال إضافية للاستثمار في بناء اقتصاد قوي، يعّد الخطر الأول على مستقبل التنمية فيها. ولهذا فالسبيل الوحيد أمام العراق للخروج من المستنقع الاقتصادي الحالي هو اقتصاد متنوع يشجع الاستثمار والقطاع الخاص، ويخلق بيئة صحية يمكن للشركات الخاصة أن تزدهر فيها، مع بقاء الحكومة العراقية جهة تنظيمية في معظم القطاعات.
كما لابد، حسب المقال، إيلاء نفس الاهتمام للتهديد الخبيث المتمثل في الفساد. فبعد عقدين من التغيير السياسي، تعايشت النخب السياسية العراقية مع ثقافة الفساد الراسخة، التي ساهم فيها العديد من المسؤولين رفيعي المستوى. وقد حرم الفساد المالي والسياسي والإداري الممنهج الشعب العراقي من فرصة بناء دولة فاعلة وشفاء مجتمع عانى من صدمة خمسة عقود من الحروب والعقوبات الاقتصادية الدولية والإرهاب. ولا تزال الجهود المبذولة لمكافحة الفساد محدودة النطاق ولا تستهدف سوى مرتكبي الجرائم غير المهمين.