الصراع على مجالس المحافظات
نشر معهد الشرق الأوسط مقالاً للكاتبين مايك فليت ومهند عدنان حول ما تعيشه المحافظات بعد الانتخابات المحلية في نهاية العام الماضي، من صراعات في إطار المنافسة للهيمنة على مجالسها، أشارا فيه إلى سعي الأحزاب السياسية لتعزيز مكاسبها أو لتقليل خسائرها في الحكومات المحلية التي تشكلت في جميع المحافظات ماعدا كركوك وديالى، حيث لا تبدو في الأفق حلول لمعوقات ولادة حكومات فيهما، مؤكدين على أهمية هذه المجالس والمناصب للوصول إلى موارد الدولة والتحكم فيها.
أهداف بعيدة المدى
وأعرب كاتبا المقال عن اعتقادهما بأن جهود المتنفذين للهيمنة على جميع مجالس المحافظات تأتي في إطار استعداداتهم للانتخابات الفيدرالية المستقبلية، المزمع اجراؤها في العام القادم. كما يلعب الصراع حول عائدية المناطق المتنازع عليها بين المركز والإقليم دوراً في هذه المنافسة، لاسيما بعد الفشل في تطبيق المادة 140 من الدستور، الذي كان من المفترض تنفيذها بحلول نهاية العام 2007. ورغم اعادة تشكيل اللجنة المكلفة بتنظيم الالتزام بالمادة الدستورية المذكورة، فإن إعادة تنظيم السلطة بعيد هزيمة داعش قد أدت إلى زيادة تعقيد الديناميكيات ونمو الفصائل العسكرية في هذه المناطق، وانتماء الكثير من الوافدين الجدد لها إلى صفوف هذه القوى المسلحة.
ماذا جرى في نينوى؟
وضرب المقال مثالاً على ذلك الصراع فيما يجري بمحافظة نينوى حيث يجهد المتنفذون للهيمنة على كافة المناصب الإدارية الرئيسية بما في ذلك في الأقضية والنواحي، مواجهين رفضاً من معارضيهم، الذين يصفون هذه الإجراءات بالانقلاب السياسي والطائفي على القانون. وشرح الكاتبان خريطة القوى الممثلة في مجلس نينوى، والمنقسمة إلى كتلة تحالف نينوى الموحد والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة وكتلة تحالف مستقبل نينوى الذي يتكون من ممثلي الإطار التنسيقي وحلفائه. وبين بأن الكتلة الثانية التي لها أكثر من نصف المقاعد عمدت لإقالة 14 رئيس وحدة ادارية واستبدالهم بموالين لها، فيما رفضت الاحزاب الكردستانية وحلفاؤها الأمر وهددوا بتعليق عضويتهم في المجلس، وسط جدال قانوني وسياسي بدا عقيماً للكثيرين.
من أين تأتي أهمية هذه المناطق؟
وأشار المقال إلى أن الأقضية والنواحي داخل المحافظات، توفر للقوى السياسية مستوى فريدًا من القدرة على توجيه الأموال نحو مصالحها الخاصة والتحكم في أنماط التوظيف المهمة والتي غالبًا ما يتم الاعتماد عليها بشكل كبير قبل الانتخابات، في زبائنية واضحة تضمن نجاح مرشحيها في الانتخابات التشريعية. كما ستلعب هذه المناطق، دوراً مهماً، إذا ما تم تنفيذ الاستفتاء، الذي تنص عليه المادة 140 من الدستور، وذلك لتحديد رغبة سكانها في الجهة التي يريدون أن تدير مناطقهم، أي أن تكون جزءًا من إقليم كردستان أو تتبع حكومة بغداد الاتحادية.
وبقي الحال على ما هو عليه
وبعد أن أوضح المقال شيئاً عن طبيعة هذه المناطق وعرّف بالقوانين المتضاربة، التي وضعت لحل مشاكلها، بين بأن كركوك، كانت المحافظة الوحيدة التي لم يكن بالإمكان تشكيل حكومة فيها عبر الانتخابات، بسبب تنوعها المكوناتي ووجود استقطاب حاد بين ممثلي هذه المكونات، ويبدو بأن محافظتي ديالى ونينوى قد لحقتا بها الآن، وتبقى الخشية قائمة في المستقبل على اتساع رقعة هذه المشاكل، وفق تصور كاتّبي المقال.