اخر الاخبار

عن المجاميع المنحرفة في العراق

حول المجاميع الدينية المتطرفة في وسط وجنوب العراق، كتبت سارة زعيمي مقالاً في موقع المجلس الاطلسي، اشارت فيه الى وجود مجموعة من الشباب العراقي، تطلق على نفسها “جماعة القرابين”، تعقد اجتماعات مغلقة، تمارس فيها طقوساً خاصة، حيث تجرى قرعة، يتعين على من يظهر اسمه خلالها، أن ينتحر بشنق نفسه كذبيحة، كاشفة عن تسجيل خمس حالات انتحار لشبان خلال الأسبوعين الأولين فقط من حزيران في محافظة واسط وحدها، بحسب بيان صدر مؤخراً عن جهاز الأمن الوطني العراقي، الذي أدان الحركة “المنحرفة” واعتقل واحداً وثلاثين من أعضائها.

تطرف خارج المألوف

وتطرق المقال الى أن هذه الحادثة، التي لم تكن الأولى، فقد سبقتها احداث مشابهة في مدن عراقية اخرى كالناصرية، لا تبدو غريبة جداً عن هذه الأرض، المعروفة بتراثها الإسطوري، والتي كانت دوما ًخصبة بعقائد مختلفة، عاشت في أغلب الأحيان، بدرجات مناسبة من التسامح. غير أن المجاميع المتطرفة، التي ولدت أو برزت منذ الأحتلال الأمريكي للبلاد، قد تجاوزت كل الحدود الحمراء، الأمر الذي عرضها لأدانة قوية من قبل المراجع الدينية المرموقة، والى رفض شعبي عام ومطاردة من السلطات الرسمية. وعرض المقال اشارات عن هذه المجاميع، سواءً ما نشط منها داخل العراق أو في خارجه كما في لبنان ومصر واليمن وبريطانيا.

الهروب من الواقع

واعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن عوامل عديدة تقف وراء وقوع هذه الأحداث الغريبة ونمو بعض المعتقدات الغامضة والمضحكة احياناً وبروز دور مشعوذين وادعياء علاقة بالسماء بل وحتى ادعياء نبوة، في ضوء سلسلة صدمات تعرض لها المجتمع العراقي منذ 2003. ومن بين تلك العوامل، وفق ما جاء في المقال، الوجود والتدخل الاجنبي وغياب او ضعف الإستقرار السياسي وحدوث اضطرابات طائفية وتفشي الفساد وارتفاع معدلات الفقر وعدم تنفيذ الحكومات لواجباتها الخدمية، وعدم تحقيق الحراك الشعبي الواسع، الذي سمّي بحراك تشرين 2019-2020 لنهايات ناجحة، وهو أمور أدت كما يبدو الى تزعزع ثقة الشبيبة بالواقع المعاش، وسعيها الى الهروب من جحيمه.

وفيما أعادت الكاتبة الى الأذهان تحذير منظمة الصحة العالمية في العام 2020، من ارتفاع عدد محاولات الانتحار بين الشباب العراقيين، أكدت على أن دراسة استقصائية وطنية أجريت عام 2007، أظهرت بأن ما يقرب من 60 بالمائة من العراقيين تعرضوا بدرجة ما لأحداث مؤلمة دون أن يحصلوا على ما يستلزم من الدعم النفسي، مشيرة الى أن هذه التأثيرات السلبية قد زادت بالتأكيد بعد المحنة التي عاشتها البلاد، عند تصديها وتحطيمها «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام –داعش».

ظاهرة شرق أوسطية

وأكد المقال على أن ظهور هذه المجاميع لم يقتصر على العراق، بل أمتد الى خارجه، وشمل ادياناً متعددة، ونجح في خلق نظام كامل، يشمل منشئي محتوى وسائل التواصل الاجتماعي والعرافين ومعّدي برامج تلفزيونية ومفسري النصوص المقدسة. واضافت الكاتبة بأن استثمار هذا الأمر سياسياً، ينذر بمخاطر جدية، قد تكون اكثر قسوة على التطور الاجتماعي من مجاميع ارهابية مسلحة، مما يثير الكثير من القلق حول امكانية حدوث اضطرابات إقليمية وداخلية، أكبر مما هو سائد اليوم. وإختتمت الكاتبة مقالها بدعوة المعنيين الى مواجهة جادة وعلمية وشاملة لهذه الظاهرة الخطيرة.

عرض مقالات: