خراب صحة العراقيين وبيئتهم
لموقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، كتب أزهر الربيعي دراسة اشار فيها الى أن تدهور الصحة العامة في مدن استخراج النفط في العراق، بات يستلزم اتخاذ إجراءات ملموسة للحد من المشكلة ولإنهاء معاناة المتضررين، من خلال توفير مراكز علاج متخصصة ممولة من المنافع الاجتماعية المتحققة من أرباح النفط.
مخاطر صحية وبيئية
وتطرق المقال الى ما يعانيه سكان محافظة البصرة ممن يعيشون بالقرب من مواقع انتاج النفط، من مشاكل صحية كبيرة، كارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الجهاز العصبي، في وقت يفتقدون فيه الى الأدوية ويتلقون رعاية صحية متخلفة في المؤسسات الحكومية المجانية، مما يضطرهم للسفر الى إيران والهند وتركيا والأردن ولبنان، حيث يصل انفاقهم هناك إلى 6 ملايين دولار شهرياً لتلقي العلاج الطبي.
ورغم عدم وجود بيانات حكومية شفافة عن اعداد مرضى السرطان، حيث تتعمد السلطات الصحية حجب أي معلومات أو بيانات حول ذلك بإعتباره قضية حساسة لا ينبغي مناقشتها، فإن الكثير من الأطباء، وفق المقال، قد أكدوا على وجود صلة بين هذه السرطانات واستخراج النفط وتكريره في المنطقة، مما يسبب تكلفة بشرية كبيرة وينذر بكارثة بيئية تهدد صحة وحياة الأجيال القادمة.
وأشار المقال الى أن صور الأقمار الصناعية قد أكدت على أن حقل الرميلة هو أحد أسوأ حقول النفط في العالم من حيث حرق الغاز المصاحب، حيث قد تختلط المركبات السامة بالهواء أثناء حرائق آبار النفط والمنتجات، مكونة سحابة من الدخان تمتد لعدة مئات من الأمتار، وتنشر غازات أول وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات وكبريتيد الهيدروجين، وكلها مواد ملوثة وتشكل مخاطر صحية شديدة.
عذابات انسانية متواصلة
وأكد المقال على إن ألسنة اللهب النفطية ودخان الغازات السامة صار مشهداً يومياً بالنسبة لسكان المنطقة، الذين لا تكترث شركات النفط العملاقة العاملة في الحقول بصحتهم، وترفض توفير الرعاية الصحية لهم وتعويض المتضررين منهم من أنشطتها.
وعلى الرغم من إن القوانين البيئية والحمائية العراقية تنص على مسافة تصل إلى عشرة كيلومترات بين حقول النفط والمناطق السكنية، أكد مراقبون للكاتب على أن السلطات تتجاهل ذلك وتبدي مرونة كبيرة مع الإستثمارات النفطية، خاصة مع حاجة الحكومة للأموال كي تغطي ميزانياتها الكبيرة والإنفاق غير المعقول الذي تقوم به، اضافة الى ما يتسرب من هذه الأموال لجيوب الفاسدين، حيث يحتل العراق وفق مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، مرتبة ثابتة كواحدة من أكثر الدول فساداً.
مسؤولية المستثمرين
وأوضح المقال بأن مسؤولية المستثمرين لا تقتصر على تعويض الأشخاص المتضررين فحسب بل وتمويل مشاريع تحسين البيئة المحلية، وتطبيق وثيقة المساهمة الوطنية المحددة التي أصدرتها الحكومة بشأن تغير المناخ والتي تنص على تشجيع شركات النفط والغاز على الإبلاغ عن الانبعاثات بشفافية وموثوقية وإطلاق حملات لقياس انبعاثات الميثان، والتحرك السريع لإيقاف تدهور الصحة العامة في مدن استخراج النفط، من خلال توفير مراكز علاجية متخصصة تمول من العائدات الاجتماعية من ارباح النفط، وفرض ضوابط بيئية صارمة على الانتاج بغية تحقيق هدفين رئيسيين هما العدالة البيئية من خلال خفض الانتاج وتعويض ضحايا الانشطة النفطية المدمرة للبيئة والصحة.