تعديل القانون 188 بين الحقيقة والأوهام
حول مساعي بعض القوى المتنفذة لتعديل القانون 188 للأحوال الشخصية، نشر موقع أمواج البريطاني تقريراً ذكر فيه بأن الساحة السياسية والقانونية العراقية تشهد صراعاً محتدماً بين ناشطين يرون في التعديل خطراً من شأنه أن يخلق أنظمة قانونية وقضائية منفصلة ويقر زواج الأطفال ويقوض حقوق النساء ويوكل تنظيم قضايا الميراث والزواج إلى السلطات الدينية، وبين قوى متنفذة ترى بأن التعديل يمنح العراقيين حرية الاختيار وفق أحكام الفقهين الشيعي أو السني.
معارضة سياسية وشعبية وبرلمانية
وأشار التقرير إلى التحاق عدد من أعضاء مجلس النواب بالمعترضين على التعديل، من ناشطين ومنظمات مجتمع مدني وقوى سياسية مناصرة للمساواة وحقوق المرأة، ومنهم النائب نور نافع التي أكدت على أن التعديل سيضر كثيراً بالحياة الأسرية العراقية ويعمق الطائفية في المجتمع، فيما اتفق معها ناشطون عديدون، معتبرين التعديل تغييراً في البنية القانونية لصالح السلطات الدينية، وأنه سيخلق في أفضل الأحوال سلطتين قانونيتين متوازيتين مقسمتين بين القانون المدني والديني، وبالتالي يقوض سيادة القانون في البلاد، وهو ما دفعهم للدعوة إلى موقف شعبي والنزول إلى الشوارع للاحتجاج على مشروع القانون.
كما نقل التقرير عن العديد من القوى السياسية العراقية رفضها للتعديل، ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي وصف القانون بأنه يقسم العراقيين وفقاً للمذهب، و يكرس النزعة الطائفية المقيتة، ولا ينسجم مع الادعاءات برغبة القوى السياسية الماسكة بالسلطة، في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبالتالي الأمني والاقتصادي.
أفضل القوانين
واشاد التقرير بالقانون 188 النافذ والذي تم تبنيه لأول مرة في العام 1959، أيام عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، ليحل محل محاكم الشريعة، قانونا مدنيا موحداً، يستند لها ويحقق في ذات الوقت عدالة لحقوق النساء، بحيث بات من أكثر الأحكام ديمقراطية في العالم العربي.
وذكر التقرير بأن من أبرز القضايا التي يتضمنها تعديل القانون، والتي يعترض عليها النشطاء، تخفيض السن القانوني للزواج إلى تسع سنوات للفتيات وخمسة عشر عامًا للفتيان، والغاء النفقة عند امتناع المرأة عن العلاقات الزوجية، والسماح بتعدد الزوجات، وهي قضايا يقيدها القانون النافذ.
موقف المرجعيات الدينية
وأشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من ادعاء أنصار التعديل، بأنهم يقترحوه استجابة لرغبة المرجعية الدينية في النجف، فقد نفى مكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني هذا الإدعاء، في تأكيد أخر على معارضته الحملات السابقة لتغيير القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية المدنية، فيما انتقد شيخ مسجد الأمام أبو حنيفة، مشروع القانون، متهمًا إياه بأنه صيغ "بروح طائفية بغيضة".
هل هناك تناقض في الدستور؟!
وتساءل التقرير عن مدى وجود تناقضات بين مواد الدستور العراقي، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الماة 41 على أن العراقيين "أحرار في التزامهم" بحقوقهم في الأحوال الشخصية وفقًا لـ "الأديان أو المذاهب أو المعتقدات أو الخيارات"، تؤكد المادة 14 على المساواة القانونية لجميع العراقيين، وتحظر التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أوغيرها.
مساومات
وخلص التقرير إلى أن التعديلات ستضفي الشرعية على ممارسات الزواج والميراث المخالفة للقانون، فهناك احصائيات تبين بأن 26 بالمائة من الزوجات ما زلن قاصرات وإن ثلث الزيجات في العراق تتم بالفعل من قبل شيوخ دينيين، ولا تعتبر صالحة من الناحية القانونية. كما أن من المحتمل أن يتم اقرار التعديلات في مساومات بين الكتل الطائفية في مجلس النواب، وفق صفقات منفعية متبادلة كإقرار قانون العفو العام مقابل تعديل القانون 188.