تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير.. تحالف 188: لنَصُنْ كرامة النساء العراقيات ونحفظ حقوقهن
بغداد ـ طريق الشعب
جدد تحالف 188، خلال مشاركة أعضائه في تظاهرة حاشدة نظمت وسط ساحة التحرير ببغداد، رفضه لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، الذي تحاول تمريره بعض الكتل السياسية داخل مجلس النواب.
وقال بيان للتحالف جرت قراءته في أثناء التظاهرة التي شارك فيها مواطنون وناشطون من مختلف المحافظات: "في وقت تزداد فيه ازمة منظومة حكم الطائفية والفساد تعقيداً، ومعها تتعمق مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية والخدمية والصحية والتعليمية والسكنية وغيرها، تواصل الأقلية الحاكمة سعيها لتمرير قوانين لا تتناسب مع الدستور والاتفاقيات الدولية الملزمة، وكذلك الظروف التي يمر بها بلدنا حالياً".
وأضاف التحالف، أن "كتلة سياسية لا تمثل سوى عدد محدود من ممثلي البرلمان، تسعى الى تمرير مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، في محاولة لإدامة نهجها ونفوذها وسيطرتها على السلطة، في ظل فشل القوى الحاكمة في حل الازمات العامة وعدم مبالاتها بمشاكل المواطنين اليومية، وغياب دورها في التعامل المناسب مع الاحتجاجات المطلبية التي بدأت تزداد شيئاً فشيئا، وعجزها عن استرداد الاموال المهدورة في سرقة القرن مروراً بعدم تمكنها من التستر على فضيحة التنصت، وما برز في المؤتمر الصحفي لرئيس هيئة النزاهة الذي فضح تواطؤ مختلف القيادات السياسية في التستر على هذه الجرائم".
وأكد، ان حراكه السياسي والبرلماني المعارض للتعديل وكذلك الفعاليات المجتمعية الواسعة والمختلفة "أفشل انعقاد جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، والتي تضمنت القراءة الثانية لمقترح التعديل ضمن جدول اعمالها"، داعيا الى الضغط من اجل سحب المقترح وإحالته الى الحكومة، للبدء بحوار مجتمعي واسع، قبل الخوض في أي تعديل يمكن ان يؤدي الى خرق الدستور، ومخالفة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الانسان والنساء والطفولة.
وحذر التحالف من أن السعي لتمرير أي قانون يهم المجتمع بصورة عامة، عبر محاولة فرض الإرادات وعن طريق المساومات، يفضي الى انقسام مجتمعي، محملا القوى المقترحة والداعمة للتعديل "المسؤولية التاريخية" في إقدامها على هذه الخطوة.
وخلص البيان الى تجديد المطالبة بـ"مسودة مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، للمحافظة على كرامة النساء العراقيات وعلى حقوقهن، ولحماية الطفولة والاسرة".
******************************************************************
حول مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصيّة في العراق.. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: تهديد خطير لحقوق النساء والفتيات وترسيخ للطائفية
متابعة ـ طريق الشعب
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه العميق بشأن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 في العراق، الذي أقره مجلس النواب بالقراءة الأولى يوم الأربعاء؛ لما ينطوي عليه من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وخصوصًا حقوق المرأة والطفل.
تهديد حقيقي
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان تلقته "طريق الشعب"، إن مشروع تعديل القانون يمثل تهديدًا حقيقيًّا لدور القضاء في المسائل الشرعية وللحماية الاجتماعية للفئات الأكثر عرضة للتهميش، بالإضافة إلى إثارته لقضايا قانونية وطائفية تؤثر سلبًا على الوحدة الوطنية وتتناقض مع الالتزامات الدستورية والدولية للعراق. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان هو منظمة مستقلة غير ربحية يشكل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان نحو 70 في المائة من العاملين والمتطوعين بها.
ويدافع الأورومتوسطي عن حقوق الإنسان في كل من أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويدعم ضحايا النزاعات المسلحة والاحتلال والنازحين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين أفرزتهم الصراعات والانتهاكات، خاصة الفئات الهشة منهم كالنساء والأطفال.
وأضاف الأورومتوسطي أن مشروع القانون المُعدل يمثل تحولًا كبيرًا وخطيرًا باتجاه منح السلطات الدينية مزيدًا من التحكم في مسائل الأحوال الشخصية على حساب مبادئ سيادة القانون والمساواة وعدم التمييز، وقواعد الحماية القانونية والقضائية للحقوق الأساسية.
وشدد على أن نقل السلطة في قضايا مثل الزواج والطلاق والميراث والعدة والحضانة من المحاكم الوطنية إلى رجال الدين سيفتح الباب لتفسيرات فقهية في الشريعة الإسلامية تختلف باختلاف المذاهب الدينية للأفراد، ما سيؤدي إلى استبدال القانون الموحد الساري حاليًّا بتطبيقات فقهية متعددة، وغالبًا ما ستكون متناقضة وغير متساوية، مما سيخلق تمييزًا دينيًا بين المواطنين، وهو ما يتعارض مع المادة (14) من الدستور العراقي التي تنص على المساواة أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي
النساء هن المتضرر الاكبر
وقال إن النساء والفتيات العراقيات، بمختلف مذاهبهنّ، هنّ الأكثر تضررًا من هذه التعديلات التمييزية التي تُفرض على حساب حقوقهنّ ومساواتهنّ بالرجال في مجالات الزواج والعلاقات الأسرية. إذ أن هناك مذاهب دينية، وعلى خلاف قانون الأحوال الشخصية الساري، تسمح بتزويج الفتيات في سن التاسعة، وتجيز أيضًا تعدد الزوجات دون قيود، بالإضافة إلى السماح بالزواج المؤقت.
أما فيما يخص حضانة الأطفال بعد الطلاق، فينص القانون الحالي على أن للأم الحق في حضانة الطفل بعد الطلاق حتى بلوغه سن الخامسة عشرة، حيث يُمنح الطفل حينها حرية اختيار الإقامة مع أي من الوالدين. ولا يسقط زواج الأم المطلقة حقها في الحضانة. أما التعديل المقترح، فيسلب الأم هذا الحق في حال زواجها بعد الطلاق، وتنتقل الحضانة للأب عند بلوغ الطفل سن السابعة، بينما تحدد بعض المذاهب الأخرى، مدة حضانة الأم بعامين فقط. وأشار الأورومتوسطي أن تعديل القانون المقترح يؤثر سلبًا على حقوق النساء والفتيات، خاصة وأنه يمنح الأولوية لتطبيق المذهب الديني للرجل في حالات الزواج بين طوائف دينية مختلفة. كما سيؤثر هذا التعديل على حقوقهن في الميراث والنفقة الزوجية ونفقة العدة.
وحذر الأورومتوسطي من المخاطر المرتبطة بتعديل القانون المقترح الذي يسمح بإبرام عقود الزواج خارج المحاكم المختصة، ويمنح الشرعية لعقود الزواج غير المسجلة في محاكم الأحوال الشخصية. كما يلغي التعديل العقوبات الجنائية المقررة على من يتزوج خارج المحكمة المختصة حسب قانون الأحوال الشخصية الحالي.
وأكد الأورومتوسطي أن إلغاء شرط تسجيل عقود الزواج في المحاكم الرسمية سيؤدي إلى إهدار حقوق الطرفين، وخصوصًا الطرف الأضعف، الذي غالبًا ما يكون المرأة. فقد يفرض ذلك عليها اللجوء إلى دعاوى إثبات الزوجية والنسب للحصول على حقوقها في المهر والنفقة والميراث، فضلًا عن حقوق أطفالها، وفي حال فشلها في إثبات الزوجية، ستفقد حقوقها ويُرفض نسب أطفالها لوالدهم.
وأضاف الأورومتوسطي أن السماح بالزواج غير الرسمي سيشجع على إبرام عقود الزواج التي تتضمن مخالفات قانونية وشرعية، وبخاصة زواج الأطفال، الذي يُعد السبب الرئيس وراء إبرام هذه الزيجات خارج المحاكم الرسمية. ويرى المرصد الأورومتوسطي أن تعديل القانون المقترح يمثل انتهاكًا خطيرًا للالتزامات الدولية المترتبة على عاتق العراق بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتبار العراق دولة طرف في هذه الاتفاقيات. وحذر الأورومتوسطي من أن التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية، الذي يمنح رجال الدين صلاحيات واسعة في مجال الأحوال الشخصية ويطبق أحكامًا تختلف بناءً على الانتماء الطائفي، سيؤدى إلى تغليب الهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية، وسيقسم فئات المجتمع إلى نظم قانونية متعددة غير متساوية وغير عادلة، بالإضافة إلى دوره الخطير في تعطيل مبادئ سيادة القانون والمساواة وعدم التمييز، وفي نشوء سلطات تشريعية مذهبية موازية تتجاوز صلاحيات السلطة التشريعية المنتخبة وتؤثر على اختصاصات السلطة القضائية.
هدم العلاقات الاسرية
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان العراق إلى سحب مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المقترح على الفور، وإلغاء المادة (41) من الدستور العراقي (2005)، التي يعتمد عليها هذا التعديل، كونها تتيح اعتماد قوانين مختلفة للأحوال الشخصية بناءً على المذاهب الدينية، مما يؤثر سلبًا على حقوق المرأة في الزواج والعلاقات الأسرية. كما طالب الأورومتوسطي باتخاذ كافة التدابير للحدّ من انتشار الزواج خارج المحاكم وزواج الأطفال، بما في ذلك زيادة فرص حصول جميع الفتيات على التعليم، وزيادة أنشطة التوعية حول مخاطر هذه الزيجات، وتوفير المساعدة القانونية للنساء والفتيات اللاتي بحاجة إلى تسجيل زواجهنّ، أو إثباته، أو إثبات نسب أطفالهن، أو أية دعاوى أخرى تتعلق بحقوقهن الزوجية أو بالطلاق أو ما بعده. ودعا الأورومتوسطي كذلك البرلمان العراقي إلى إلغاء كافة التشريعات التي تميّز ضد النساء والفتيات، بما في ذلك إلغاء الاستثناءات التمييزية المتعلقة بسن الزواج للفتيات كما هو منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية رقم ( (188 لسنة 1959، وضمان عدم منح أي استثناءات من الحد الأدنى لسن الزواج، المحدد بـ 18 سنة لكل من المرأة والرجل، تحت طائلة المسؤولية والعقوبة. كما يطالب باتخاذ جميع التدابير التشريعية اللازمة لضمان تسجيل كافة عقود الزواج في المحاكم المختصة، وفرض العقوبات على من يجري أو يتوسط لإجراء عقود زواج مخالفة لقانون الأحوال الشخصية، والإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف وفقاً للمعايير الدولية.
*****************************************************
رأي.. خطاب تغييب القانون.. لماذا؟
حسب الله يحيى
من بين جميع السلطات التي تتمتع بالاستقلالية والاحترام والاستجابة من قبل الشعب؛ هي السلطة القضائية.
ولأن هذه السلطة، هي المرجع الأساس والأهم في حياة كل إنسان من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع على أساس ترسيخ قيم الحق والعدل.
اذن.. لابد لنا جميعا من النظر إلى القضاء نظرة وقار وأجلال.. ذلك أن غياب القانون منذ حمورابي حتى الآن، من شأنه ان يخلق الفوضى واعمام هيمنة الأقوى موقعا ومالا ومنصبا ووجاهة على بقية الناس، من دون تأمل في طبيعة هذه الهيمنة التي لا تستوفي شروط العدالة في أحيان كثيرة.
وفي نقطة جوهرية تتعلق بقانون الأحوال الشخصية، نفاجأ بأن هناك بعض الآراء التي ترى أن شرعية رجال الدين، هي التي تعد المرجع الوحيد في هذه الحقوق، وكأن القضاة لم يدرسوا القوانين المتعلقة بهذه الحقوق، وكأن كل ما صدر عنهم خلال السنوات الماضية بدءا من إصدار قانون الأحوال الشخصية في العام 1959، أصبح باطلا وبات يتقاطع مع الإسلام الحنيف!!
وأنه آن الأوان لاستعادة هذا الحق وإبطال كل ما هو (باطل) وأصبح الأمر وكأنه فتح مبين.. وذلك على وفق فهم محدود يقول إن رجال الدين هم وحدهم الذين يفترض ان تناط بهم الفتوى والحكم في شؤون وخصوصيات العائلة العراقية، وكأن هذه الحقوق يمكن ان تنفصل عن بقية الحقوق التي يقضي بها القضاء حكمه، في حين يمثل القضاء وجه العدل الذي ينجز وينفذ القوانين كافة.
وإذا ما تم سحب هذه الوظيفة المناطة بالقضاء بوصفه العارف والمتخصص والدارس لتفاصيل هذه القوانين، يصبح من حق أي رجل دين مخول رسميا من الأوقاف الدينية، امتلاك هذا الحق في تنفيذ ما يراه مناسبا من الشريعة، في حين يمكن لأي مواطن ان يكون على بينة من أحواله الشخصية على وفق ما ورد في الشريعة والقوانين.
وإذا ما تم هذا التغييب للقضاء على نطاق الحياة الزوجية بكل تفاصيلها، فلماذا إذن لا يتم أيضا النظر في الأحوال الشخصية التي تتعلق بالسرقة والقتل والفساد والمخدرات وهدر القيم الأخلاقية، مادام الأمر قد اقتضى سلب القضاء من ممارسة المهمات المناطة به؟
وإذا ما حصل هذا فأننا سنفقد أهم مصدر قانوني يحقق لنا حقوقنا، ليصبح رجل الدين هو القاضي الذي يحكم على وفق (شرائع) بات الكثير منها لا يتلاءم مع ظروفنا الراهنة.
وإلا هل يمكن لنا معاقبة المسيء برجمه أو قطع يده او الحصول على الغنائم بحرية او التباهي بالجواري او العمل على وفق (الفتوحات) واستخدام السيف وقطع الاعناق بعد ان قطعت الآذان في العهد السابق؟
(الشريعة) محترمة ولم يفكر أحد بتجاوزها أبدا، وانما هي متغيرات اجتهد القانون في تنفيذها على وفق ما يتطلبه الزمن ومتغيراته.
اذن.. لا يمكن ان يكون دور القضاء هامشيا ولا يمكن ان يتولاه أي موظف يجلس وراء مكتبه ليصادق على الاتفاق بين اثنين على الزواج.
إن القاضي الذي قضى عمره في دراسة القوانين وتطورها وتنفيذها لا بد أن يكون على معرفة بالشريعة بكل تفاصيلها بوصفها تشكل جزءاً أساساً من دراسته الاكاديمية.
أما (الشريعة) فلم يمسها القضاء بشيء ولم يخرج على ما هو مدون فيها؛ وانما يصبح توثيق القضاء والتزامه بالتعاليم القانونية هو الذي يضفي على حقوق كل مواطن مهما كان دينه او طائفته، ولم نعرف من قبل أن القضاء قد قضى على ما هو خارج عن الشريعة وحرمتها.
إذن.. لماذا كل هذه (المقترحات) التي تقضي بالتقليل من حقوق المرأة على وجه التحديد مع أنها النصف الأول في المجتمع وليس النصف الثاني منه، لأنها العنصر الأساسي الذي تدين البشرية لها بالتناسل والعطاء المستمر.
فكيف يتم النظر إليها نظرة كما لو أنها كائن له واجبات المتعة والتفريخ والخدمة المنزلية، وأن من يحدد مستقبلها أبواها وليست هي بالذات من تقرر حياتها ومستقبلها في الحياة الزوجية!
إن هذه النظرة الأحادية تجعل من المرأة كائنا معزولا، فيما نجد المرأة الآن وقد أصبحت قاضية ووزيرة وطبيبة ومهندسة ومديرا عاما، وأنها من تشارك حياتنا في السراء والضراء، فهل يحق لنا (نحن الرجال) أن نسلبها حقوقها ونعاملها هذه المعاملة التي تسلب حقها الإنساني في الحب والاعتزاز والاحترام الذي تستحقه بكل جدارة؟