اخر الاخبار

انسحاب أم تغير مسميات

حول مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية، كتب أنتوني بفاف مقالاً في موقع المجلس الأطلسي، أشار فيه إلى أن الحكومة العراقية قد توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لسحب معظم القوات الأميركية من العراق على مدى العامين المقبلين، وتغيير طبيعة العلاقة بين البلدين إلى شراكة أمنية ثنائية، قد تتطلب بقاء بعض القوات لتأمين هذه الشراكة، لاسيما بعد جلاء معظم القوات الأميركية بحلول نهاية عام 2025، وانسحاب البقية المتواجدة في كردستان حالياً لدعم العمليات ضد (داعش) في سوريا، بحلول نهاية 2026.

شعور بعدم الرضا

ورأى الكاتب بأن شروط الاتفاق أثارت القلق لدى الكثيرين، ممن يعتقدون بأن قرار الانسحاب سابق لأوانه وقد يشجع داعش ــ أو أي شكل آخر من أشكال المتطرفين ــ على إعادة تشكيل صفوفه، ويزيد من تدخل دول الجوار وهيمنتها على البلاد، ويعمّق التوترات الطائفية في المجتمع.

وللتخفيف من هذه المخاطر، رأى الكاتب ضرورة تطوير قوات أمن عراقية قادرة على تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب بمفردها وبمواصلة العمل المشترك مع قوات التحالف، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب بدوره وجود حكومة عراقية قادرة على ملأ الفراغ واحتواء السلاح خارج سيطرة الدولة. وأكد المقال على أن نجاح أية حكومة في تحقيق ذلك يستدعي تعزيز إرادتها السياسية وقدرتها على القيام بالمزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

وزعم الكاتب وجود ارتباط جوهري بين قدرة العراقيين على تحقيق هذه الأهداف ووجود علاقة أمنية ثنائية مستدامة مع واشنطن، توفر للأخيرة مشاركة نشطة في معالجة الظروف السياسية والاقتصادية الأساسية التي تغذي عدم الاستقرار.

داعش من جديد

وذكر المقال بأن المخاوف بشأن عودة داعش ليست بلا أساس، فعندما غادرت القوات الأميركية العراق في عام 2011، كان تنظيم القاعدة قد طُرد من معاقله في محافظة الأنبار، وانخفض العنف في بغداد إلى مستويات مماثلة لعواصم البلدان النامية الأخرى. ولكن في العام التالي للانسحاب، ازداد العنف بشكل حاد، واشتد الاستقطاب الطائفي، وتمكنت بقايا القاعدة، من إعادة تنظيم صفوفها وتوسيع حاضنتها قبل أن تتحول إلى داعش بحلول عام 2013. ورغم عدم وجود مؤشرات على أن الحكومة العراقية الحالية سترتكب نفس أخطاء سابقتها، فإن الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، يرى بأن تنظيم داعش قد يستعيد الأراضي المفقودة في غضون عامين إذا انسحبت قوات التحالف قبل أن تتمكن قوات الأمن العراقية من العمل بشكل مستقل. وفي الوقت الذي رأى الكاتب فيه مخاوف الجنرال مبالغا بها جداً، ذكر بان أية مكاسب صغيرة تتحقق بتواجد قوات أمريكية في العراق، لا تستحق المجازفة بهذه القوات فيما تواجهه من مخاطر جدية.

دعم أمريكي للإستراتيجية الأمنية 

وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن برنامجاً للتعاون الأمني المستدام يجب أن يتجاوز المبيعات العسكرية الأجنبية ومجموعة صغيرة من كبار المستشارين، ليشمل إيجاد السبل لتسهيل إصلاحات قطاع الأمن التي التزمت بها الحكومة العراقية وإنشاء قطاع أمني محترف ومتجاوب ومرن وداعم لحقوق الإنسان. ويتطلب ذلك بالتأكيد، حسب رأي الكاتب، دوراً لهؤلاء المستشارين في دعم الحكم الرشيد والرقابة وبناء القدرات والإصلاح الإداري والمالي وتعزيز الثقة العامة في المؤسسات الأمنية. ودعا المقال الولايات المتحدة إلى الحفاظ على التوافق مع قوات الأمن العراقية، وبناء شراكتها مع قوات مكافحة الإرهاب ومراكز قيادة العمليات المشتركة لضمان التكامل السريع والفعال للقدرات الأميركية إذا لزم الأمر.

المساعدة الاقتصادية

وأكد المقال على أنه ورغم تحسن المؤشرات الاقتصادية في العراق، حيث أظهر القطاع غير النفطي نموا يُقدر بنحو 6 في المائة، مدفوعًا بزيادة الإنفاق العام والإنتاج الزراعي، فإن تخفيضات إنتاج النفط بسبب اتفاقيات أوبك + وانقطاعات خط الأنابيب مع تركيا أساءت للأداء الاقتصادي، فبلغ معدل البطالة حوالي 15.6 في المائة، بزيادة قدرها 8 في المائة منذ عام 2008، كما أن هناك نقص خطير في العمالة الماهرة والتعامل مع التقنيات الحديثة، وهو ما يمكن أن تساهم الولايات المتحدة في معالجته، إذا لم يُضعف انسحاب قواتها من العراق موقعها التنافسي في هذا المجال مع الصين وروسيا.

عرض مقالات: