العراق وعلاقاته الدولية
لصحيفة (ذي ناشيونال) الناطقة بالإنكليزية كتب تيم ستيكنكز تقريراً حول العلاقات الدبلوماسية بين العراق والمملكة المتحدة، ذكر فيه بأن بريطانيا قامت باستبدال سفيرها في بغداد ستيفن هيتشين، بعد خلاف دبلوماسي جاء على إثر تصريحات للسفير وصف فيها مستقبل البلاد بالمظلم. وسيخلف هيتشين، السفير السابق للمملكة المتحدة في السودان وقبرص، عرفان صديق، والذي سبق واتُهم هو الأخر بالتدخل في الشؤون السودانية.
تشكيك بمستقبل السياحة
وأشار التقرير إلى تصريحات السفير هيتشين التي أدعى فيها بأن السواح لا يشعرون بالأمان جراء التهديدات من السلاح المنفلت والمنتشر في البلاد، وهو التصريح الذي قالت لندن بأن بغداد قد أساءت فهمه وأن العلاقة مع الدولة العراقية عميقة وطويلة الأمد، مبنية على شراكة حديثة تتطلع إلى المستقبل، دون أن تنفي تعرض دبلوماسيها أحياناً لبعض التهديدات. وأضاف التقرير بأن السفير كان قد قال بوضوح بأنه ورغم تحسن الوضع الأمني، فإنه لا يشجع أقرباءه على القدوم إلى العراق جراء الفوضى الأمنية وعدم السيطرة على الأسلحة في البلاد، وإنه يتطلع إلى اليوم الذي تعود فيه السياحة بأعداد كبيرة إلى هذا البلد الجميل.
سياسة الاسترضاء
ولموقع المركز الفرنسي للأبحاث عن العراق، كتب عدنان الجمالي مقالاً عن علاقات العراق الخارجية، أكد فيه على أن بغداد مازالت تتبع سياسة الاسترضاء، المتمثلة بالسعي لموازنة العلاقات والحفاظ على الحياد والصداقة مع الجميع، وذلك لتجنب إستفزاز أي جهة، في خضم التوترات الهائلة في المنطقة. وادعى الكاتب بأن الإفراط في الانغماس في مثل هذه الدبلوماسية قد يؤدي إلى تنازلات غير محدودة في العلاقات الخارجية، بحيث لا تتمكن الدولة معها من تحقيق أي شيء لنفسها.
سياسة ما بعد الغزو
وأشار المقال إلى أن نظام المحاصصة الذي أُريد منه تحقيق توازن للقوى في إدارة الدولة بين الطوائف العرقية والدينية المختلفة، قد تبنى سياسة خارجية تقوم على استرضاء جميع الأطراف الإقليمية، كامتداد لاستراتيجيته الداخلية وتقليلاً من مخاطر تدهور اقتصاد البلاد، الذي مزقته فترات طويلة من العقوبات وموجات من العنف الداخلي، ولتأمين الشرعية، لنظام ولد في ما يشبه العملية القيصرية بعد الاحتلال الأمريكي في العام 2003، وفي ظل تعامل صعب مع ست دول مجاورة ذات خلفيات وألوان متنوعة.
صعوبات أكبر
وانتقد الكاتب ما أسماها بالقوى العظمى في النظام الدولي، التي فشلت في رؤية ديناميكيات التغيير الإقليمية، عندما حاصرت العراق في قفص حديدي بنته بنفسها. وأدى هذا الفشل إلى وقوع البلاد أسيرة أزمات داخلية وخارجية، تركتها في موقف ضعيف كقوة سلبية غير مؤثرة، ولا تتمكن من المحافظة على سيادة البلاد وأمنها، ناهيك عن استعادة نفوذها الإقليمي، اللهم الاّ في لعب دور ساعي بريد، وفق تقدير الكاتب، الذي أعرب عن اعتقاده بأن مواصلة سياسات الاسترضاء سببت ركوداً كبيراً، لاسيما بعد تحسن امكانيات البلاد جراء استعادة السيطرة على موجات العنف الطائفي وهزيمة المنظمات الإرهابية واستعادة شيء من الأمان.
هل للعراق من حليف اليوم؟
وذكر الكاتب بأنه في لحظة المواجهة التي يتهدد فيها أمنك الوطني، لن تنقذك المساعدة الدولية، بقدر ما يجب أن يكون لديك ما يحمي سماءك. فحقائق السياسة الإقليمية اليوم لا تعني مجرد فن الإطراء أو العزلة أو خلق الأعداء، ولا تنطوي على إطلاق سياسات الاسترضاء، بل إنها تعكس الحاجة إلى إقامة علاقة أكثر صدقًا وتكاملًا للمصالح دون الاختباء وراء شعارات تحجب حقائق وتعقيدات الوضع الإقليمي. واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى ضرورة قيام العراق بتبني سياسة خارجية متماسكة وفعّالة تعطي الأولوية لمصالحه الوطنية وأمنه ولتطلعاته إلى الاستقرار والازدهار والمشاركة الهادفة على الساحة العالمية، وتحرره من دائرة الدبلوماسية السلبية.