الطاقة ومكانة العراق في الإقليم
نشرت صحيفة "بيتروليوم ايكونوميست" مقالاً حول الرؤى الإقليمية في العراق ذكرت فيه بأن البلد الذي يعّد مصدرًا رئيسيًا للنفط الخام، لا يزال بعيدًا بعض الشيء عن أن يصبح مركزًا إقليميًا لإمدادات الطاقة، فيما قد تنجح خططه الطموحة في تصحيح هذا الأمر، لاسيما بعد أن اندمج بعمق في أسواق الطاقة العالمية، اعتماداً على عقوده الكبيرة مع المشترين الرئيسيين لنفطه في الصين والهند وأسواق آسيوية أخرى إضافة إلى جيرانه مثل الأردن وتركيا.
تطور إقليمي
وأشار المقال إلى ازدهار علاقات العراق الإقليمية في مجال الطاقة، حيث يصدر 450 ألف برميل شهرياً للأردن، وحيث تعمل الإمارات العربية المتحدة على تكثيف مشترياتها من نفطه الخام، فيما يركز صناع السياسات العراقيون على الخطط الرامية إلى تعزيز هذه العلاقات الإقليمية بشكل كبير من خلال تطوير احتياطيات الغاز الطبيعي التي لم يتم استغلالها بعد، ورسم خطط طموحة لجعل قطاع الطاقة جزءًا حيويًا من إطار إقليمي أوسع نطاقًا.
مشروعان استراتيجيان
وتطرق التقرير إلى المشروعين الرئيسيين اللذين يسعى العراق من خلالهما لتعزيز دوره كحلقة وصل حيوية بين آسيا وأوروبا وتعزيز أهميته الجيوسياسية، وهما ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية، حيث سيوفر الميناء، حسب الخطة الرئيسية، شحن حاويات ضخمة وبضائع سائلة وجافة ومحطات نفط، إلى جانب حوض جاف وقاعدة بحرية، فيما ينتظر أن يربط طريق التنمية المقترح بطول 1200 كيلومتر، ميناء الفاو بتركيا عبر الطرق والسكك إضافة لممر لأنابيب النفط والغاز.
وللسياسة الدور الأرأس
وفي الوقت الذي اعتبر فيه التقرير المشروعين جزءًا من رؤية حكومية للقيام بشيء مختلف، نقل عن رئيس مبادرة العراق في مركز تشاتام هاوس البريطاني تأكيده على ضرورة الانتباه إلى ما ستلعبه السياسة من أدوار إيجابية أو سلبية في تنفيذ الخطط، فللمشاريع الدولية الكبرى دور في تعزيز مكانة البلدان وجذب انتباه الجيران اليها.
الطاقة وطريق التنمية
وذكر التقرير بأن مشروع طريق التنمية سيبدأ في ميناء الفاو على ساحل الخليج وينتهي في فيش خابور على الحدود العراقية التركية، حيث من المؤمل أن تصل سعة نقل قطارات الشحن إلى 3.5 مليون حاوية و22 مليون طن من البضائع السائبة سنويًا بحلول 2028، وترتفع إلى 7.5 مليون حاوية و33 مليون طن من البضائع بحلول عام 2038، وإلى حوالي 40 مليون طن من البضائع بحلول عام 2050. وأضاف بأن الطاقة هي الغراء الذي يربط هذه المشاريع معًا، ففي ميناء الفاو الكبير، يعّد مشروع المصفاة الرئيسي التي ستبلغ كلفتها 8 مليارات دولار وسعتها 300 ألف برميل يوميًا، المحطة المركزية وجزءًا من خطة حكومية لزيادة طاقة التكرير وتعزيز خطط التسويق إلى الأسواق الدولية، لاسيما مع اكتمال المرحلة الثانية المتضمنة بناء مصنع للبتروكيماويات بطاقة إنتاجية تبلغ 3 ملايين طن سنوياً.
الدور الإقليمي
ونقل التقرير عن عباس كاظم، رئيس مركز أبحاث مبادرة العراق التابع للمجلس الأطلسي، قوله بأن رؤية العراق الطموحة تعتمد في المقام الأول على مصداقيته كمورد للطاقة، لأنه أحد البلدان القليلة في المنطقة التي لديها مجال لزيادة قدرتها على تصدير النفط بحوالي 5-6 ملايين برميل يومياً أكثر من إنتاجها الحالي. وقد يساعد التوسع في التكرير الجاري العراق على تحويل نفسه إلى مركز إقليمي للإمدادات. كما نقل التقرير عن بالاش جين، محلل التكرير في شركة الاستشارات FGE قوله بأن العراق يقوم بعمل جيد للغاية في مجال التكرير، ولديه في المستقبل، مشاريع مهمة مثل تطوير مصفاة البصرة التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في العامين القادمين، والتي ستكون مهمة لزيادة إنتاج البنزين، وكذلك مصنع غاز ذي قار، والغاز الطبيعي المسال الثاني في البصرة ومصنع غاز خور مور.
ما العمل؟
ووفق الخبير كاظم، يتعين على العراق أن يكون جادًا في ترسيخ أوراق اعتماده كمركز إقليمي للطاقة عبر التكامل مع الأسواق الإقليمية. كما أن عليه التعامل بدقة مع التحديات اللوجستية والتمويلية، كوجود مشاريع منافسة لطريق التنمية ومنها مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، بدعم من الولايات المتحدة، وهي ممرات يبدو طريق التنمية الأكثر منطقية فيها لأسباب سياسية معقدة.