اخر الاخبار

في العراق مئات الآلاف مازالوا مفقودين

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً للكاتبة مارتا بيلينجريري حول المقابر الجماعية في العراق، أشارت فيه إلى فقدان ما يصل إلى مليون شخص خلال عقود من الصراع في هذه البلاد، مما خلق تحديات ضخمة لفرق الطب الشرعي وهي تسعى لتوثيق بقايا البشر، وللأسر وهي تعيش أمل إغلاق القضية.

مناظر مرعبة

وأكد التقرير على أن زيارة لمقبرة جماعية في منطقة تلعفر، يبلغ عمقها 20 مترًا، كانت كافية لإصابة أحد العاملين في هذا النشاط، بالرعب والقرف، حيث وجد الحفرة تضم جثثاً لضحايا جماعة "الدولة الإسلامية المسلحة"، مكدسة بارتفاع 8 أمتار، وهي محفوظة بشكل جيد بسبب جفاف المكان. ونقل التقرير عن العاملين، ومنهم خبير في الزواحف لمنع لدغات الثعابين، قولهم بأن الموقع مختلف عن أي موقع آخر عملوا فيه سواء في عمقه أو فيما تطلبه من جهد أو في تكدس بقايا البشر واحدة فوق الأخرى، وسقوط الحجارة والحشرات إضافة لحجم التربة التي كان يجب نقلها لانتشال الضحايا. وبيّن التقرير بأن الحفرة كانت موجودة مسبقاً وتستخدم لجمع المياه قبل أن تحولها داعش الإرهابية لمقبرة جماعية.

مأساة طيلة نصف قرن

وأشار التقرير إلى أنه ولأكثر من 45 عامًا، كانت التربة العراقية غارقة في دماء جثث مئات الآلاف من الأشخاص المدفونين في مقابر جماعية غير مميزة، حيث تعرضت البلاد لصراعات متعددة بما في ذلك الحرب الإيرانية العراقية من عام 1980 إلى عام 1988، والحروب الأهلية من عام 2006 إلى عام 2008 واحتلال داعش بين عامي 2014 و2017، بالإضافة إلى ضحايا نظام صدام حسين. وأضافت الكاتبة إلى أن هذه الأسباب هي ما تدفع للاعتقاد بأن لدى العراق عدد أكبر من المفقودين مقارنة بأي دولة أخرى، حيث يقدّرهم الصليب الأحمر الدولي بما لا يقل عن 250 ألفًا ولا يزيد عن مليون ضحية. وأشارت إلى أن وزارة الصحة العراقية ومؤسسة الشهداء، أرسلتا ومنذ 2008، فرقًا من علماء الأنثروبولوجيا الشرعية والأطباء لجميع أنحاء البلاد بغية الكشف عن المقابر الجماعية وحفرها واستعادة الجثث، وتحديد هوية أصحابها بمساعدة تحليل الحمض النووي وإعادتها إلى العائلات التي تبحث عن أحبائها المفقودين.

توثيق معقد

ورغم أن عدد المقابر الجماعية التي نجمت عن جرائم نظام صدام لا يزال غير معروف، فإن عدد تلك المقابر التي جاءت بسبب جرائم داعش تجاوز 200 مقبرة جماعية حتى الآن. كما إن هذا التنظيم قد أعلن منذ كانون الثاني وحتى حزيران من هذا العام مسؤوليته عن أكثر من 150 هجومًا في العراق وسوريا، مما يضاعف عدد الهجمات التي أعلنها قياسا بعام 2023، ويؤكد على محاولاته إعادة قدراته بعد سنوات من الإنحسار.

وذّكر التقرير بالصعوبات التي واجهها فريق الطب الشرعي في تحديد هوية الضحايا في مقبرة تلعفر، قبل أن تساعدها شهادة امرأة إيزيدية نجت من المذبحة وعاشت لثلاث سنوات في عبودية جنسية لدى داعش، في كشف الغموض حيث ظهر بأن الضحايا ينتمون لمختلف أطياف الشعب العراقي.

 وحاول التقرير تسليط الأضواء أيضاً على أعمال الحفر في مقبرة بادوش الجماعية بالقرب من الموصل، أثناء نقل الجثث إلى شاحنة مبردة وفي صناديق مليئة بالبقايا والملابس، مشيراً إلى أن المغدورين قد تمت تصفيتهم أيام حرب الخليج الأولى عام 1991، كما أن هناك من بينهم من تمت تصفيته أثناء الحرب العراقية الإيرانية في جنوب البلاد.

دعم أممي

وتطرق التقرير إلى ما تحظى به الفرق العراقية من دعم يقدمه خبراء من الأمم المتحدة، الذين ساعدوا سابقًا في جمع الأدلة لمقاضاة جرائم داعش. ورأى التقرير، أن المهمة المتمثلة في جمع الحمض النووي للعائلات الإيزيدية، كانت الأكثر صعوبة، لقيام داعش بقتل كل أفراد العائلة، أو لهروب الناجين منهم إلى أوروبا أو أماكن بعيدة مثل استراليا.

عرض مقالات: