داعش التحدي الأكبر
لموقع "الديمقراطية المفتوحة" كتب باول روجرز مقالاً حول سياسة الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، أشار فيه إلى أن وسائل الإعلام العالمية تنسى، وهي تركز على مستقبل وقف إطلاق النار في غزة، بأن تطورًا بطيئاً آخر يحدث في المنطقة دون أن يحظى باهتمام كاف، ألا وهو قوة وإمكانات داعش، بعد ما يقرب من عقد من التهميش الواضح.
تنامي خطورة داعش
وتطرق المقال إلى المتغيرات التي شهدها هذا التنظيم الإرهابي، فأشار إلى أنه تكبد في عام 2018 وبعد حرب جوية مكثفة قادها ضده التحالف الدولي، خسائر فادحة، كان في مقدمتها مقتل 60 ألفًا من أنصاره، مما أدى مباشرة إلى انهيار "الخلافة". الاّ أن المجموعة بدت وكأنها عادت فجأة من العدم في بداية هذا العام، حين قتل أحد قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي، 14 شخصًا في نيو أورليانز مدعيًا أنه عضو في داعش. وعلى الرغم من أن المنظمة تجنبت لاحقًا إعلان مسؤوليتها عن الهجوم (بينما لا تزال تشيد بالفاعل على فعلته)، فقد تم وضع القواعد العسكرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة في حالة تأهب لمزيد من الهجمات المحتملة، خاصة بعد سريان أنباء عن تقدم في الإصلاح البطيء الذي اتبعته داعش لكياناتها في السنوات والأشهر الأخيرة، ومحافظتها على نفوذها واتصالاتها مع الحركات شبه العسكرية الإسلاموية عبر منطقة الساحل وحتى على طول ساحل شرق إفريقيا إلى شمال موزمبيق، مع بقاء مركز قوتها الرئيسي في قلب الشرق الأوسط، بما في ذلك مجموعات صغيرة من المقاتلين العاملين في شمال سوريا والعراق.
واعتبر الكاتب هجمات داعش على القوات الأميركية في الأشهر الأخيرة أكثر من أن تكون مجرد خربشات، فقد أفاد البنتاغون بوقوع 79 هجوما في العراق و129 في سوريا منذ اكتوبر 2023، في وقت صرح فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بأن الجنود الأميركيين، الذين أشيع مؤخراً بزيادة عددهم وانضمام اللواء 101 المحمول جوا والذي يضم ما يصل إلى 2000 جندي إليهم، سيبقون في سوريا على المدى الطويل.
صعوبات أم فشل
وحاول الكاتب تبرير هذا التلكؤ في القضاء على قوات داعش، التي تفرقت في مجاميع شبه عسكرية في سوريا والعراق، بأنها منظمة لا تمتلك مجموعات معزولة من المؤيدين فحسب، بل لديها أيضًا بعض التجمعات الكبيرة والملتزمة، محذراً من قيام قوات سوريا الديمقراطية باطلاق سراح المعتقلين منهم والذين وصل عددهم بعد مرور سبع سنوات، ما بين 8000 و10000 معتقل، بينهم حوالي 2000 شخص ممن يعتبرون خطرين بشكل خاص.
تدخلات خارجية
وذكر التقرير بأنه وفي أعقاب انهيار نظام الأسد، تتنافس خمس دول على النفوذ في سوريا، روسيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، وهذه الأخيرة تدعم الجيش الوطني السوري، إحدى الجماعات المسلحة في سوريا، وتستخدمه للضغط بشكل هائل على الجزء الذي يسيطر عليه الكرد في شمال البلاد والمعروف باسم روج آفا، وهو مكان يتمتع بالهدوء النسبي واستتباب مناسب للنظام في البلاد، رغم انقسام الكرد أنفسهم في مجموعتين شبه عسكريتين قويتين، وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
ويبدو إن تزايد خطر داعش مرتبط بهذا النزاع، فمن المتوقع أن تفقد القوات الكردية هيمنتها على المنطقة في صراعها مع القوات العاملة لصالح الحكومة التركية والتي تحاول السيطرة على سد تشرين الإستراتيجي، مما سيضطر معه الكرد لإطلاق سراح مقاتلي داعش المعتقلين لديهم، الأمر الذي سيمّكن الأرهابيين من التشتت ثم القيام بالكثير لتسريع العملية برمتها والمتمثلة في قيام عصر داعش الجديد.
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن ترامب ركز خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض، على ادعائه بأنه قلل من مشاركة الولايات المتحدة في "الحروب الخارجية"، وربما أنه سيدفع بهذا الخط إلى الأمام أكثر في المرة الثانية، رغم الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط وتتخبط بها أفغانستان.