اخر الاخبار

مكونات العراق

وذكريات الماضي الأليمة

لموقع "أمواج" البريطاني، كتب سامان داود مقالاً حول القلق الذي سرى بين أبناء المكونات العراقية الصغيرة، التي سبق وتعرضت لمآس كبيرة على يد عصابات الإرهاب مثل تنظيم القاعدة وداعش، بعد التغييرات التي حصلت في سوريا مؤخراً.

تغيير يثير المواجع

وأشار المقال إلى أن وصول الجماعات، التي كانت تتبع فيما مضى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلى الحكم في دمشق بعد هجوم خاطف في كانون الأول، قرع جرس المخاوف من تعرض الأقليات مرة أخرى للتهديد، كما حدث قبل أكثر من عقد من الزمان، حين شن إرهابيو داعش هجوماً مفاجئاً عبر شمال العراق، وتحملت بسببه الأقليات العبء الأكبر من إراقة الدماء.

ورغم أنه من غير المرجح أن تتكرر الأحداث الوحشية التي وقعت في عام 2014، فإن هذه المكونات الصغيرة، وخاصة الطائفة الإيزيدية، تطالب السلطات العراقية بإتخاذ إجراءات ملموسة لضمان سلامتهم وربط سياستها الإقليمية بذلك. وبيّن الكاتب بأن بغداد قد سعت في الأسابيع الأخيرة إلى الحصول على تأكيدات من الإدارة السورية الجديدة بأنها ستحمي مثل هذه الجماعات، لكن تصرفات وتصريحات حلفاء هذه الإدارة من المتشددين الغامضين المدعومين من تركيا، أدت إلى تفاقم المخاوف من أن الوضع قد يخرج عن نطاق السيطرة مرة أخرى.

بين المطرقة والسندان

وعبّر الكاتب عن اعتقاده بأن أوضاع الأقليات في العراق كانت سيئة للغاية خلال العقدين الماضيين، وذلك بسبب المحاصصة العرقية والطائفية التي تشكلت على ضوئها العملية السياسية في البلاد بعد سقوط النظام السابق، والتي أعطت الأولوية لتقاسم السلطة بين الأكراد والشيعة والعرب السنة، وأجبرت المجتمعات المسيحية والتركمانية والإيزيدية والآخرين، على الخضوع للكتل الثلاث المهيمنة، التي تُتهم عادةً باستغلال مقاعد الأقليات لخدمة مصالحها الخاصة.

ولعل الإيزيديين، الذين ناضلوا لفترة طويلة من أجل التمثيل بسبب المنافسة على مقاعد الحصص المحدودة في النظام السياسي، كانوا الأكثر تضرراً، حيث قتل إرهابيو داعش الآلاف منهم واختطفوا 7000 أمرأة وطفل وباعوهن كعبيد وأجبروا أكثر من 400 ألف منهم على النزوح من ديارهم.

وعلى الرغم من اعتراف الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة الدولية بهذه الأحداث باعتبارها إبادة جماعية، وجد الكاتب بأن جماعات المناصرة الإيزيدية ما زالت تشكو من التهميش السياسي المنهجي في العراق، والافتقار إلى المساءلة من قبل اللاعبين الأقوياء.

لماذا الخوف من التغيير السوري؟

وأشار المقال إلى أن محاولات هيئة تحرير الشام، التي تم حلها الشهر الماضي بعد أن صار زعيمها أحمد الشرع رئيسًا مؤقتًا لسوريا، النأي بنفسها عن داعش والظهور كقوة معتدلة، لا تبدو كافية لتبديد القلق، فقادة هذه الهيئة ممن يحكمون اليوم، لهم تاريخ طويل في قتل وإراقة دماء الأقليات، التي ما تزال تتذكر بحزن وإحباط شديدين، المجازر التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام بالتعاون مع الجيش الوطني السوري ضد الإيزيديين السوريين والأقليات الأخرى. كما أن من الصعوبة بمكان الثقة بقدرة الشرع على تنفيذ شعاراته شديدة "التسامح".

الصراع في الشمال الشرقي

ونقل الكاتب عن بعض المراقبين تصورهم بأن عدد أفراد الجيش الوطني السوري، المكّون من حوالي 30 جماعة مسلحة، يفوق عدد مقاتلي هيئة تحرير الشام، ويمتلك نفوذًا كبيرًا في شمال سوريا ويخوض اشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، وإن أي إضعاف لهذه القوات سيفاقم من مخاوف الأقليات المحلية، وسينذر بإطلاق سراح نحو 40 ألف "داعشي" محتجز في مخيم الهول الذي تشرف عليه قوات سوريا الديمقراطية.

ورغم كل التدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة العراقية في مواجهة عدم الاستقرار المتجدد على حدودها الغربية، بما في ذلك بناء جدار أمني بطول 599 كيلومترًا، فإن المخاوف الكبيرة بين الأقليات في العراق ما زالت سارية، وتشتد من إمكانية استهداف أتباعهم من نفس الدين في سوريا، وهي مخاوف وجودية، يعتقد المختصون ضرورة معالجتها بدقة وسرعة، فهناك اليوم بين 10 و50 ألف إيزيدي مشرد في غرب العراق وشرق سوريا، من غير الآمنين على حياتهم. 

عرض مقالات: