التوازن المعّقد
نشرت صحيفة The Cradle تقريراً حول الاتصالات العراقية الأمريكية ذكرت فيه بأن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث قد حذر بغداد في اتصال مع رئيس الحكومة من أي تدخل عراقي أو دعم محتمل للحوثيين في اليمن عبر استهداف مواقع عسكرية للولايات المتحدة، مؤكداً على أن ذلك سيدفع واشنطن إلى شنّ ردّ فعل عسكري سريع.
علاقات صداقة أم توتر؟
وذكر التقرير بأن رئيس الحكومة العراقية قد أبلغ هيغسيث بأن حكومته ماضية في العمل على ملف نزع سلاح الفصائل المسلحة وتفكيكها وإنها تجري محادثات مع ذوي الشأن بهذا الصدد، وذلك رداً على طلب الوزير الأمريكي بالإسراع في إنجاز ذلك الأمر الذي يحظى باهتمام كبير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، على حد تعبير كاتب التقرير.
هذا وكان بيان رسمي عراقي قد أفاد بأن الرجلين أجريا اتصالاً هاتفياً ناقشا فيه تطورات الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك العمليات العسكرية اليمنية والوضع في سوريا، وإن هيغسيث – وفق التقرير - قد أكد على أن واشنطن ستواصل هجماتها على اليمن ما لم تتوقف عملياتها البحرية، وأن الولايات المتحدة لا تسعى إلى التصعيد، فيما أكد رئيس الحكومة التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق بناءً على طلب الحكومة العراقية، وحصر استخدام القوة بالدولة وتعزيز الاستقرار الداخلي.
وأضافت الصحيفة بأن المحادثات بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية بشأن إنهاء "الدور القتالي" للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، والذي من المفترض أن يشمل شكلاً من أشكال الانسحاب الدائم، قد تعثرت فيما صعّدت واشنطن مؤخرًا ضغوطها الاقتصادية والدبلوماسية على بغداد، مطالبةً إياها بتقليص علاقاتها مع إيران، وألغت إعفاءً من العقوبات الأمريكية يسمح للحكومة العراقية باستيراد الكهرباء من إيران.
موقف لا يُحسدون عليه
ونشر معهد الشرق الأوسط على موقعه دراسة للباحث بول سالم حول السياسات العراقية، ذكر فيها بأن الحكومة قد سعت لتبني موازنة دقيقة بين المصالح الأمريكية والإيرانية وأن تلعب دور الوسيط الدبلوماسي في منطقة مضطربة بين إيران والسعودية وإيران والولايات المتحدة. لكن مساعيها لم تحقق نجاحات كبيرة، الاّ إذا ما إستثنينا استضافة القمة العربية في أيار القادم والتحضيرات التي تجرى بصعوبة للبدء في تنفيذ مشروع طريق التنمية. وأضاف الباحث بأن التطورات الأخيرة، وخاصة في سوريا ولبنان، قد أحدثت تغيرات مهمة في موازين القوى، لاسيما وإن بغداد لا يمكنها أن تنظر باطمئنان لمواقف القيادة السورية الجديدة التي يقودها رجل، كان قبل سنوات يقاتل في العراق في صفوف منظمة القاعدة. ويبدو مشروعاً شعورها بالقلق من حدوث شيء من عدم الاستقرار في سوريا المجاورة، قد يمنح داعش فرصةً للظهور مجددًا وفرض نفوذه على العراق، الذي يتبين عليه كما يبدو إدارة مخاطر المرحلة الانتقالية الطويلة وغير المتوقعة في سوريا، ليس فقط من خلال الانخراط السياسي والدبلوماسي، ولكن أيضًا من خلال تعزيز مراقبته وضوابطه على الحدود المشتركة بين البلدين، والتي يبلغ طولها 600 كيلومتر.
إدارة العلاقة مع واشنطن
وأشار الباحث الى أن استئناف حملة "الضغط الأقصى" الأمريكية ضد إيران يعّد بمثابة مصدر قلق آخر لبغداد، خاصة حين قررت إدارة ترامب عدم تجديد إعفاء العراق من استيراد الكهرباء الإيرانية، وما يمكن أن يسببه انخفاض الإمدادات خلال أشهر الصيف الحارة من انقطاعات واسعة النطاق للكهرباء يمكن أن تشعل اضطرابات عامة. كما قد تفرض المتغيرات على بغداد – حسب المقال – اعادة النظر في مساعيها لإخراج القوات الأمريكية من البلاد بحلول خريف هذا العام، خشية من عدم الاستقرار وعودة ظهور داعش، فيما تواصل واشنطن ضغوطًا على العراق لكبح جماح قوات الحشد الشعبي وإخضاعها لسيطرةٍ حكوميةٍ أشد، وهو ما رفضته بعض القوى الحاكمة وكذلك المرشد الأعلى في إيران، الذي أبلغ رئيس الحكومة العراقية بأن وجود القوات الأمريكية في العراق غير قانوني ويتعارض مع مصالح الشعب والحكومة وأن قوات الحشد الشعبي تُمثل "عنصراً أساسياً من عناصر القوة، ويجب بذل المزيد من الجهود للحفاظ عليها وتعزيزها".