اخر الاخبار

برغم أهمية البرامج الانتخابية وتأثيرها في تحقيق توجهات جمهور الناخبين، فضلا عن قياس الفوارق بين المتنافسين، إلا ان القوى المتنفذة في العراق لا تعطي لهذا الموضوع أهمية كبيرة، بل ان اغلب فقرات برامجها الانتخابية متقاربة جداً من حيث المضمون، وغالباً ما تأتي التطبيقات من قبلها على عكس ما تحدثت به قبل الانتخابات، لاسيما في مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد، وانتجت هذه الحالة برامج حكومية مشوّهة وتفتقر للأهداف الواضحة، بحسب مراقبين.

ومع تزايد عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات، والتي تجاوز عددها 300 حزب (والتي هي بالغالب، أحزاب ظل للقوى المتنفذة الطائفية، بهدف تشتيت الأصوات وتشويه العمل الحزبي والديمقراطية)، لذا أصبح الاهتمام بالبرامج الانتخابية في أسفل الأولويات، والاعتماد على خلق قاعدة زبائنية وظيفتها مرتبطة بالانتخابات بشكل مباشر، وليس لها حضور في الاعتراض على تنفيذ برامج هذه الأحزاب حتى ان تسببت بضرر لهؤلاء.

برامج ديكورية!

الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي إياد العنبر، قال ان "الجمهور وصل الى مرحلة انعدام الثقة بالطبقة الحاكمة والأحزاب التي تستحوذ على السلطة، وما تقدمه من برامج، ويعتبرونه نوعا من الخطابات التي تسبق الانتخابات، وما بعدها يختلف السلوك تماما؟".

وأضاف العنبر لـ"طريق الشعب"، أن تجربة الانتخابات اثبتت شيئا مهما جدا خلال الفترة الماضية. ان البرامج الانتخابية وحتى البرامج الحكومية تُطرح كأشياء ديكورية حالها حال الخطابات التي تتعلق في قضايا الأفق الاقتصادي ومحاربة الفساد وغيرها من الشعارات المتعلقة بمشروع بناء الدولة وإعادة الثقة للجمهور.

كسب المترددين!

وتابع انه "ربما هناك إدراك من قبل أحزاب السلطة، ان الانتخابات تعتمد على قضيتين، الأولى هي قطاعاتها او زبائنها ممن هم مرتبطون بمنفعة وفي قضايا التوظيف. بالنتيجة هؤلاء لا يهتمون بالبرامج الانتخابية".

وأكد انه "في جانب ثاني يتعلق بقضية ادارة الانتخابات من قبل هذه الأحزاب، وفق منظور كسب المترددين، وهذا يحتاج برنامج وتقديم شخصيات بأفق واضح وصريح، وهذا الموضوع لا يثير اهتمام قوى السلطة بالحقيقة، ولا يبحثون عن توسيع قاعدتهم من خلال كسب الجمهور المتردد الذي قد يقتنع بالبرنامج السياسي وغيره".

وبيّن العنبر انه "على هذا الأساس أصبحت العملية الانتخابية بالنسبة لقوى السلطة هي الاهتمام بالدرجة الأولى والأخيرة بتوسيع قاعدة زبائنها المرتبطين بها مصلحيا، ولا تهتم بقضية البرامج".

مشكلة مزمنة

من جانبه، يعتقد الكاتب احمد سعداوي، ان هناك مشكلة مزمنة منذ عام 2003 والى اليوم، تتعلق بكون الأحزاب والائتلافات الحاكمة الانتخابية تطرح عناوين كبرى. ولهذا تبدو غالبية هذه الكيانات الانتخابية متشابهة في برامجها.

وربط سعداوي هذا التشابه من خلال قوله: ان "الأمر أصبح أشبه بالجواب الموحّد لملكات الجمال، حين يتم سؤالهن من قبل لجان التحكيم: ما هو النشاط الذي ستهتمين بالعمل عليه بعد اختيارك كملكة لجمال العالم؟ فيجبن كلّهن: Peace in the world ـ السلام في العالم".

وأضاف سعداوي في حديث لـ"طريق الشعب"، انه "بينما يفترض بالشخصيات التي ترشّح نفسها ضمن ائتلافات سياسية، أن تجمع بيانات من قواعدها الانتخابية، ثم توحّد كل معلومات الاستبيان في قائمة مصغّرة، تكون هي برنامج عمل الكيان السياسي"، مستغربا من ان يجري التحرك على الجمهور في موسم الانتخابات فقط.

وأشار الى ان "تركيبة النظام السياسي العراقي لا تجعل الكيان الفائز ينفرد بتشكيل الحكومة، كما في الديمقراطيات حول العالم. وإنما ضرورة أن تنظم الكتل الكبيرة والصغيرة في الكيان المشكّل للحكومة، وبالتالي فإن الانجاز والاخفاق يتوزّع على الجميع. ولا يشعر الجمهور العام بأنه يساهم فعلاً في إدارة التوجّهات السياسية".

ويؤشر المراقبون ان "قوى السلطة تحاول الاستمرار في الحكم وهي تستخدم مختلف أساليب الاحتيال الانتخابي في سبيل تحقيق هذا الهدف، اذ تبدأ مع كل موسم انتخابي بطرح قضايا طائفية وتصدر نفسها على انها المدافع عن الطائفة والمذهب، كما انها تستخدم المال السياسي والسلاح والاعلام في حملاتها الانتخابية، وهي بذلك تشوه العملية الانتخابية".

عرض مقالات: