اخر الاخبار

هل يعرفون معنى وآليات النظام الفيدرالي؟

لصحيفة The National الناطقة بالإنكليزية كتب زياد العلي مقالاً عن المشاكل المستمرة بين بغداد وأربيل حول النفط، أشار فيه إلى أن العراقيين قد اعتادوا قبيل كل حملة انتخابية على اندلاع صراعات سياسية مليئة بالمواقف الشعبوية، دون أن يخشى أطرافها من دورها في تقويض السياسات العامة والاقتصاد الوطني والمساس بوحدة البلاد.

مفهوم الفيدرالية

وأشار الكاتب إلى أن الأشهر الخمسة التي تفصلنا عن موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بدت كافية لبدء هذا الصراع بين بغداد وأربيل، والذي تبادلت فيه الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان الاتهامات.  ففي حين رفضت الحكومة الأولى قرار أربيل بإبرام عقود جديدة مع مورّدين دوليين لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي، اشتكت الحكومة الثانية من قطع بغداد التحويلات المالية عن موظفي الإقليم، وللمرة الثالثة خلال العقدين الماضيين.

وذكر المقال بأن النزاع على الموارد الطبيعية يأتي بسبب التفسيرات المختلفة لمواد الدستور الدائم، لاسيما مواده المتعلقة بالنظام الفيدرالي وصلاحيات مؤسساته، وهو نظام لا تخفي قوى فاعلة في بغداد معارضتها له، فيما تؤشر العديد من المعطيات إلى عدم تفهّم أغلب الأطراف الفاعلة، عمداً أو سهواً، لآليات عمله.

وبعد أن استعرض المقال تفاصيل الخلافات حول انتاج وتسويق النفط المستخرج في إقليم كردستان، أكد على أن للمشاكل أسباب فنية وتقنية، إضافة إلى الأسباب القانونية والدستورية وغياب الإرادة السياسية. وذكر بأن الطرفين بحاجة ماسة إلى التفاهم مع تركيا التي تصّر على إبقاء خط الأنابيب الناقل للنفط إلى ميناء جيهان مغلقًا، وإلى الاتفاق حول تسديد الديون المستحقة على حكومة إقليم كردستان لصالح الشركات النفطية العالمية، وكذلك إلى التوافق حول حصص الإقليم من موارد البلاد، في ظل فجوة كبيرة بين تقديرات كل طرف لهذه الحصص.

موازين القوى

وأوضح الكاتب بأن ميزان القوى في هذه الخلافات كان مائلاً لصالح حكومة الإقليم عندما بدأ النزاع لأول مرة عام 2005، حيث كان الصراع في بغداد محتدماً بين المتنفذين في الحكم، قبل أن يشتد صراع الجميع مع القوى الإرهابية. غير إنه وبعد عقدين من الزمن، أصبحت بغداد أقوى اقتصادياً وعسكرياً من حكومة إقليم كردستان، وراح العديد من الشباب الأكراد الانتقال إلى بغداد بحثاً عن فرص اقتصادية، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات فقط. وبدلاً من معالجة المشاكل بطريقة تحفظ استقرار العراق، راح الطرفان يتعاملان بمنطق الغلبة مما جعلهما يتباعدان عن بعض بشكل مستمر، حسب تقدير الكاتب.

وذكر المقال بأن بغداد متلهفة للمزيد من الاستثمار الأجنبي للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية الأساسية، وبالتالي فإن التوصل إلى حل ناجح بشأن إدارة الموارد الطبيعية سيسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف الاقتصادية لها في ظل ما لحكومة الإقليم من تأثير دولي كبير، والذي يعدّ التصريح الأخير لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خير دليل عليه، حين قال بأن "الحكم الذاتي الكردي هو الركيزة الأساسية لنهجنا تجاه العراق، والذي يتضمن جزءًا منه منح الأكراد العراقيين شريان الحياة الاقتصادي الذي يسمح لهم بالازدهار والنجاح".

الحلول ممكنة

وأشار الكاتب إلى أن اتفاقا مستدامًا لحل المشاكل أمر متاح، رغم أن من الخطأ الاستهانة بصعوبة التوصل اليه، خاصة إذا ما اشتمل على ماهية الفيدرالية ومبادئها الأساسية وكيفية عملها، وبنّى على قبول حكمة تقول بأن الفيدرالية يجب أن تقوم على الشعور بالتضامن بين شعوب البلاد وأقاليمها، وليس على انعدام الثقة والشعبوية.

وانتقد المقال استخدام الحكومة الفيدرالية التحويلات المالية للضغط على الإقليم، لأن ذلك يمثل ببساطة معاقبة السكان المحليين في إقليم كردستان على نزاع سياسي خارج عن سيطرتهم، مما يسبب ألمًا ومعاناة فورية للمواطنين الذين من المفترض أن يتمتعوا بحقوق متساوية في حياة كريمة. ولهذا كان على بغداد إيجاد وسائل أخرى للضغط. كما أن تردد بغداد في الاستثمار بكثافة في علاقتها مع حكومة إقليم كردستان، والناتج عن شكوكها المستمرة برغبة الإقليم في الانفصال عن الاتحاد، يتطلب أن يُبدد في أقرب فرصة.

عرض مقالات: