اخر الاخبار

يواجه العراق كارثة بيئية ذات آثار خطرة على حاضره ومستقبله.

فقد أدت الحروب والصراعات وسوء الإدارة والفساد بشكل مباشر إلى تدهور البيئة والخدمات التي تدعمها، وتجاهل المشكلات البيئية وتراكمها.

ومن بين أبرز التحديات البيئية: الانخفاض الحاد في موارد المياه العذبة، وتفاقم التصحر، وتزايد التلوث البيئي، وتدهور الغطاء النباتي، وتراجع التنوع البيولوجي، والمخاطر التي تواجهها سلالات الحياة البرية والاجناس المحلية، وفقدان الأنواع المستوطنة الأصلية، وعدم التخلص من النفايات السامة للحروب ومخلفاتها. 

وحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 2019، فان أكثر من 150 منطقة ساخنة بيئياً في العراق تتطلب الإصلاح وإعادة التأهيل، من بينها أكثر من عشرين منطقة تحتاج إلى التدخل الفوري، بسبب تكرار مواسم الجفاف مع انخفاض تدفق المياه في دجلة والفرات، إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية، الذي أثر كثيرا على الأراضي الزراعية وعرّضها للتملّح.

ويفاقم هذه المشكلة الإهمال الحكومي المتعمد للزراعة وتجريف آلاف الدونمات الزراعية وتحولها إلى أراضٍ جرداء.

ويسجل العراق منذ سنوات معدلات عالية جدا بانبعاثات الغاز السامة، الناجمة عن استخراج النفط واحتراق الغاز وتوليد الطاقة الكهربائية التي تسهم محطاتها بتلويث مياه الأنهر وتنفث سمومها في الجو. وإلى جانب ذلك هناك كثرة السيارات ومولدات الكهرباء الصغيرة، فيما لا يوجد أي توجه جدي لتطوير وسائط النقل العام أو البحث عن بدائل مناسبة لاستخدام الوقود. وتشهد الأحياء السكنية والشوارع تكدس النفايات، في تجلٍ صارخ لعجز الحكومات المتعاقبة المبتلاة بالفساد وسوء الإدارة عن معالجة هذا الملف وتدوير النفايات والتخلص منها بما ينسجم مع البيئة والحفاظ على صحة المواطنين.

وأصبحت كل هذه المشاكل المتراكمة تمثل اليوم تحدياً كبيراً للبيئة العراقية.

ولا تزال النفايات السامة من مخلفات الحروب، وبقايا وآثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية، والألغام المزروعة في مختلف مناطق البلاد، تشكل مخاطر صحية وبيئية كبرى.   

وفي مواجهة المخاطر الكارثية التي تهدد البيئة والمياه في العراق، دعا حزبنا إلى وضع استراتيجية بيئية تتناسب وحجم هذه المخاطر، وزيادة قيمة وحجم الموارد المادية والمالية المخصصة للبيئة، وإطلاق حملة شاملة لحمايتها.

كما طالب بسن قوانين جديدة وتطبيق النافذ منها لمنع التجاوز على الثروات الحيوانية الطبيعية والبرية والمائية. واقترح وضع خارطة للتوزيع الإقليمي للمؤسسات الصناعية والزراعية، ومواقع التوسع السكني، بما يكفل إبعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة السكان عن المدن، وبما يمنع تلوث الأنهار.

وفي هذا السياق، تتزايد الحاجة إلى الشروع بإنشاء محطات تصفية وتدوير النفايات لحماية المياه والأجواء من التلوث بالنفايات الكيمياوية والمياه الثقيلة وغيرها، والاهتمام بالطمر الصحي، وتوفير الدعم اللازم للإسراع في تنفيذ برامج حصر المناطق التي تعرضت للتلوث وتنظيفها.

ولا بد من وضع وتنفيذ برامج عاجلة للتخلص من مخلفات الحروب السابقة، الداخلية والخارجية، ونفاياتها السامة، ومن الألغام وبقايا وآثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية، وتنظيف البيئة من نفايات المواد المشعة والكيماوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب، والإفادة في ذلك من دعم المجتمع الدولي ومنظماته المتخصصة.

ومن الضروري أن تقترن هذه التوجهات الملحة بإيلاء المزيد من الاهتمام والدعم للبحوث والدراسات والمسوحات المتعلقة بالواقع البيئي في العراق وسبل النهوض به، والاهتمام بالتعليم والثقافة البيئيتين.

من التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي

(تشرين الثاني ٢٠٢١)