اخر الاخبار

كشف سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي عن تفاصيل موقف الحزب من الانتخابات المقبلة، التي جرى الإعلان عن مقاطعته لها في مؤتمر صحفي عقد  امس الاول السبت في بغداد بحضور صحفي واسع.

وقال الرفيق فهمي في معرض رده على أسئلة الصحفيين: “ان الانتخابات المبكرة التي جاءت أساسا كمطلب من مطالب الانتفاضة الشعبية، كان الغرض منها هو فتح باب التغيير وليس إعادة المنظومة الحاكمة المسؤولة عن الأزمات، وان الحزب  كان قد اكد أن المشاركة في الانتخابات مشروطة بالاستجابة لمجموعة من المطالب الملحة.  وفي 9 ايار وبعد  اغتيال الناشط الشهيد إيهاب الوزني،  أصدر الحزب بيانا أعلن فيه تعليق مشاركته في الانتخابات، ورهنها بتحقيق تلك الشروط التي حددها مسبقا، مثل محاسبة القتلة ومن يقف خلفهم، والمكافحة الجدية  للفساد، وضبط السلاح المنفلت، واتخاذ إجراءات لمصلحة الجماهير المكتوية  بنار الازمة الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار وتدهور ظروف المعيشة”.

بيئة انتخابية آمنة

وأضاف فهمي “طالبنا بتأمين هذه الشروط، سواء منها ما يتعلق بالمنظومة الانتخابية أو بالبيئة السياسية والأمنية. ومع أن الحكومة قامت بمحاولات تابعناها بدقة، لمحاسبة الفاسدين أو للكشف عنهم، إلا أنها كانت مساعٍ  محدودة  وبطيئة وخجولة، واجهتها كوابح عديدة. ويبدو أن الحكومة تتجنب  الإعلان عن المسؤولين خشية الصراعات والمواجهات.

اننا ننطلق في موقفنا  من هذا الواقع، الذي يفيد أن الظروف الحالية لا تؤمّن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتبين مؤشراتها أن ما سينجم عنها لن يلبي الطموح، وحتى إن جاءت بتغيير في بعض  الوجوه، فان الغلبة ستكون للقوى التي تقف وراء هذا النهج المدمر”.

وأضاف سكرتير اللجنة المركزية ان “هناك قوى في اطار الحراك التشريني وبعض القوى السياسية الاخرى، اختارت التوجه هذا نفسه. وقد أعلنا نحن مقاطعتنا وسنواصل  العمل من اجل ان تتحد كل هذه الجهود، لان ما يمر به البلد اليوم من ظروف وأزمات، يقضي بضرورة التغيير في النهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وليس مجرد تغيير بعض الأشخاص من خلال الانتخابات. فالمطلوب هو تغيير النهج المسؤول عن الكوارث التي لا تزال تشهدها البلاد.  وفي حال استمر هذا النهج، فإننا نحذر من عواقب الانحدار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني للبلد”. وتابع سكرتير الحزب قائلا: “سنعمل مع سائر قوى التغيير ليس فقط على إيجاد موقف موحد في ما يخص هذه الانتخابات، بل  وحث الخطى لبلورة موقف  في اتجاه التغيير. فالهدف الأساسي هو التغيير، وهو ما يعكسه عنوان بيان اللجنة المركزية “لا للمشاركة في انتخابات لا تكون بوابة للتغيير”.

عوامل تهدد العملية الديمقراطية

وأضاف : “نحن  نحترم آراء القوى الأخرى التي ترى أن التغيير يمكن تحقيقه من خلال الانتخابات، ولا نخوّن أحدا أو نتجاوز عليه، لكننا توصلنا الى هذه القناعات. ومن اجل التغيير نحن مستعدون ونقوم فعلا بالعمل مع سائر القوى الساعية الى هذا الهدف. وإذا كانت هنالك اجتهادات مختلفة، فهي باعتقادنا قابلة للمعالجة من خلال الحوار، وهناك جهد كثيف يبذل سواء مع قوى تشرينية أو مع غيرها، لتشكيل معارضة سياسية واسعة. ونقصد بذلك معارضة نهج المحاصصة الطائفية والإثنية والعملية السياسية التي قامت عليه، والتي دخلت اليوم في أزمة حقيقية، وأصبحت ولاّدة للازمات وغير قادرة على إيجاد الحلول. فيما أصبحت أزمة الثقة كبيرة جدا بين الجهات الحكومية والأحزاب المتنفذة من جهة، والجماهير من جهة أخرى، علما إن هذه الظاهرة مرشحة للامتداد والاتساع لتطال جميع المؤسسات، بما فيها المؤسسات الديمقراطية”. وأردف يقول:”لقد حرصنا على أن تنتقل العملية السياسية بالبلاد من النظام الشمولي اللاديمقراطي الذي كان سائدا في السابق، إلى عراق اتحادي ديمقراطي تعددي ضامن للحريات، ويحقق أعلى درجة ممكنة من العدالة الاجتماعية. وهذا الهدف ما زال قائما. ونحن رافضون  لما يعانيه البلد الآن، ونريد عملية ديمقراطية ومؤسسات ديمقراطية وانتخابات صادقة وعادلة ونزيهة، تكون مرآة تعكس الإرادة  الفعلية للمواطن بكل حرية. غير ان العديد من هذه الشروط غير متوفر. كما إن الممارسات التي أشار اليها بيان حزبنا، كالتزوير واستخدام المال السياسي والنفوذ والسلطة والالتفاف على إرادة المواطن، هي برأينا العوامل التي تهدد العملية الديمقراطية.

انتخابات.. بوابة للتغيير

نحن نقول أن أوان التغيير قد حان، فيُطرح السؤال: لماذا الآن؟ البعض يقول لنا أنكم في الماضي قبلتم ما لا تقبلونه الآن. والجواب على ذلك هو أن الأزمة بلغت مديات لم تبلغها في السابق، بالإضافة إلى أن انتفاضة تشرين 2019 عبرت عن إرادة شعبية واسعة، لم تتمثل فقط بمن نزل إلى ساحات الاحتجاج، وإنما بالملايين كذلك ممن ساندوا العملية الاحتجاجية التي طالبت بالوطن والحريات، وبإزاحة منظومة الفساد  وبناء عراق ذي أفق واعد لابنائه. وهذه الإرادة انعكست أيضا في تضحية مئات  الشهداء والآلاف ممن تعرضوا ويتعرضون للاصابة والخطف والضغط والملاحقة. فهذه الإرادة الجماهيرية الصلبة التي واجهت الرصاص والقمع لم تأت جزافا، وهي ليست عفوية او ترتبط بأشخاص يتمتعون بمزايا بطولية، وإنما  تعكس تعمق الأزمة التي آن أوان معالجتها بخطوات جدية، لا تتوقف عند تغيير بعض الأشخاص.

ومضى الرفيق رائد فهمي بالقول: “نحن نتحدث عن نهج سياسي واقتصادي واجتماعي، وعن منظومة كاملة استندت على المحاصصة الطائفية وجمعت الأموال من خلالها وراكمت الثروات بيد فئة صغيرة، بينما صودرت القرارات وهُمّشت جماهير واسعة من الشعب. ولم يعد يمر يوم أو ساعة من دون أن نشهد احتجاجا، وما زلنا نرى جماعات غفيرة تتظاهر من اجل العمل أو الخدمات أو لكشف ملفات الفساد، وغيرها من المطالب التي تطرحها أوساط شعبية متنوعة. كما أن مجتمعنا  غدا يئن من الأزمات، ويترقب التغيير كمطلب ملح.

 نعم، لن نشارك في أية انتخابات لا تكون بوابة للتغيير، بل تساهم في تعميق أزمات البلد ومعاناته أكثر وأكثر. ومن هذا المنطلق، سيوجه حزبنا بعد انقضاء أعمال المؤتمر الصحفي الآن رسالة في هذا الشأن إلى مفوضية الانتخابات. كما تجدر الإشارة إلى إن جميع المرشحين الذين تقدموا للمنافسة الانتخابية تحت عنوان الحزب الشيوعي العراقي وفي إطار التحالف المدني الديمقراطي، سيعلنون انسحابهم أيضا”.