اخر الاخبار

اجرى رئيس تحرير جريدة “الحقيقة” فالح حسون الدراجي، حوارا مع الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، نشرته الجريدة يوم الخميس الماضي، وجاء فيه:

 فالح: أھلاً بالرفیق العزیز رائد فھمي سكرتیر اللجنة المركزیة للحزب الشیوعي العراقي، وأرجو أن نبدأ من حیث (المنتھى)، وأقصد من الوضع الحالي، فأنا اعرف حتماً ان ھناك انسجاماً تاماً بین رؤاك الشخصیة ورؤى الحزب الشیوعي العراقي، خاصة وانت سكرتیر اللجنة المركزیة، لكن، ربما ھناك رؤى شخصیة تبرز أحیاناً، لك فیھا بعض الخصوصیة، فھل یمكن للدكتور رائد فھمي ان یفكك لنا الواقع السیاسي بصورته الحالیة المتأزمة، والمضببة، بل والمتداخلة أیضاً?

الرفیق رائد: مایدور الان ھو - الى حد كبیر - تفاقم لأزمة منظومة سیاسیة، نقول منظومة سیاسیة ولا نقول (نظام سیاسي)، لأن تعریفنا للنظام السیاسي كما یحدده الدستور، ھو نظام دیمقراطي فیدرالي اتحادي، قائم على فصل السلطات، ولامشكلة في ذلك،فالدستور في قراءتنا ماینم على الممارسة السیاسیة التي تمت والتي اعتمدت علیھا العملیة السیاسیة، رغم ان البعض یشیر الى ان الدستور اكد على المحاصصة! نعم فثمة إشارة في الدیباجة للمكونات ولكن الالیة والعرف الذي تم، ھو عرف ابتكرته الاحزاب ووافقت علیه، وكان بالامكان ایجاد عرف آخر. وھذا العرف والمحاصصة الذي ھو لیس على صعید قمة السلطة فقط- أي مجلس الوزراء فحسب-إنما یشمل الدولة بكل مؤسساتھا، توزع على الاحزاب بنسب معینة ولیس على قواعد مشتركة واضحة المعالم، ما ادى الى تشظي الدولة، وعدم التماسك فیما بینھا، وھذا بحد ذاته عنصر ازمات، یعني اولاً بناء الدولة اصبح بناءً غیر مستقیم، لان الدولة الان لا تمتلك رؤیة موحدة، بناؤھا الداخلي غیر منسجم، وهي في حالة عدم انسجام وتجاذبات، والصراع اصبح داخل الدولة، لانه صراع على النفوذ والمواقع ومحاولة اقتسام الحصص، فاصبحت لدینا مشكلة بنیویة، لأنه من المفترض ان تكون الدولة ھي اداة التغییر، فكیف اذا كانت ھي اداة صراع؟!. عندما دخلنا العملیة السیاسیة اكدنا على وجود تحدیات وتناقضات داخل العملیة السیاسیة نفسھا. ولم تكن ھناك توافقات عمیقة وراسخة، لذلك ھي عاجزة عن مواجھة الازمات التي تواجھھا، كما عجزت حتى عن تنفیذ بعض الالتزامات الدستوریة، كقانون النفط والغاز والمجلس الاتحادي، والاسباب انھم لایستطیعون التوصل الى الاتفاقات الضروریة، لذلك، دائما ما تؤجل، من سنة الى اخرى، مثل قانون النفط والغاز، والمادة 140 كذلك المجلس الاتحادي، وقسم منھا یتعلق بالاقلیم، الفیدرالیة مثلا، ھناك من یطمح الى اكثر من الفیدرالیة، حتى في الاحزاب الكردیة، وھناك من یمیل الى الحكم المركزي، لان ھناك من یعتقد انه وافق على بعض بنود الدستور لتمشیة الامور.

 فالح: اعتقد أن ثمة ترحیلاً حصل للكثیر من القضایا والبؤر المتوترة الى المستقبل، مثل تحدید وفرز المناطق المتنازع علیھا، والمشكلة أن الترحیل تم الى (اللا حل)، او الى الزمن المجھول، حیث الأمل بإیجاد حل فیما بعد؟

 الرفیق رائد: التأجیل قد یعتمد على تغییر موازین القوى فیما بعد، لذلك لم یكن ھنالك جھد، مادام الدستور یفسر انتقائیاً، علما ان الدستور في المادة 112 یقول: ان النفط یدار معاً، أي بین الاقلیم والمركز. إذ لابد ان یكون ھناك تشاور كامل. لذلك فان نھج المحاصصة لایدیر الدولة بشكل سلیم ولا یولد مؤسسات، فالقوى السیاسیة ھي التي تحل محل القانون، وھو لایوفر رؤى مشتركة في التنمیة، وھذا ینعكس ایضا على سیاستنا الخارجیة، حتى بتنا لانعرف من ھم اصدقاؤنا ومن ھم اعداؤنا، حیث تنعكس في توترات ستنشأ، مع عدم المضي قدماً في تطویر العلاقة بین ھذا الطرف وذاك، ولان اقتصادنا ریعي، وكل طرف یرید تعزیز نفوذه، فاستخدمت الاموال التي تصل للدولة بواسطة الاحزاب وھي التي وضعت سیطرتھا على مؤسسات الدولة لاغراض تقویة نفوذھا، وبالتالي صار التضخم كبیراً في اجھزة الدولة، سواء في التعیینات او في غیرھا، طبعاً بدون حاجة البلد الیھا. ولعدم وجود الیة لتمویل الاحزاب قانونیا، أنشئت المكاتب والھیئات الاقتصادیة للاحزاب، ونشأت منظومة الفساد، التي اشترك فیھا الجمیع. والفساد مثل السرطان ینتشر، (مو فقط الاموال تروح)، بل سیكون العجز في امكانیات الدولة أیضاً، والدولة تحولت لفرض اتاوات على المواطن، فكثرت المشاریع الوھمیة والمشاریع التي یطویھا الفساد.

 انسداد سیاسي.. نفق مظلم

 فالح: إزاء ھذا الكم الھائل من الظلمة في النفق السیاسي الحالي، والحزب الشیوعي العراقي الذي ھو دائما حامل المصباح في مثل ھكذا عتمة، ألا یرى منفذاً لھذا الانسداد السیاسي؟

 رائد: نحن نبھنا في وقت مبكر لھذه المخاطر، وقلنا ان المحاصصة اسّ الفساد، ونحن نعرف جیدا عوامل انتاج وبقاء المحاصصة، وقلنا ان ھذه الازمات ستكبر، بحیث ان اربابھا لن یكونوا قادرین على الاستمرار معھا الا بثمن كبیر، فھذه الامور لھا تداعیات، لذلك كنا نساند الحركات التي تحتج باشكال مختلفة، ونحن لعبنا دوراً في ذلك منذ 2011 ومابعدھا، وما اطلق بعد سقوط صدام من دیمقراطیة توافقیة على اساس ان البلد متعدد القومیات والادیان والاثنیات الخ.. والعلاقة بین ھذه المكونات لم تكن علاقة سلسة نتیجة سیاسات النظام السابق، ولاجل أن نزیل التوتر ونؤمن السلم الاھلي ونؤمن الارضیة للعمل المشترك، صارت الديمقراطية التوافقية، ولیس دیمقراطیة الاغلبیة كما في البلدان الاخرى. ولكن الذي حصل، بالتدریج، ھذا التمثیل المكوناتي تضاءل واصبحت ھذه الاحزاب تمثل نفسھا وظھرت سیاسات التعلیم الخاص والصحة الخاصة على حساب التعلیم العام والصحة العامة وغیرھا، أي تدھور العام وتوسع الخاص، وھذه العوامل كرست اللامساواة في البلد. في البدایات، كان ممكناً اصلاح العملیة السیاسیة وطرحنا ذلك في زمن (مام جلال) والدعوة لعقد مؤتمر عام لاصلاح الوضع، وقبل العام 2011. ولم یتحقق الاصلاح حتى عندما رفعت احزاب السلطة نفسھا ھذا الشعار. والسبب ان تحقیق الاصلاح یحتاج الى محاربة الفساد وحصر السلاح بید الدولة والتوجه نحو الصناعة والزراعة والانشطة الانتاجیة. كیف یتحقق ذلك وانت طرف في الفساد؟. فاية خطوة اصلاحیة تصطدم بالمصالح، وبالتالي تتعطل. اذا لابد من التغییر، والتغییر یحتاج الى موازین قوى. وكل الاحزاب وان اختلفت لكن لھا مصلحة في بقاء (السستم) نفسه، أي في بقاء المنظومة، ولكن ھل تبقى المشاكل دون حلول؟، المشاكل تكبر ھنا ولایمكن ادارتھا الى ما لانھایة، مسلسل الاحتجاجات عندما ینمو ویتسع، یتم انتزاع بعض الحقوق من المنظومة الحاكمة، فقانون الاحزاب مثلا جاء نتیجة احتجاجات، وماحصل في 2019 جاء نتیجة احتجاجات. لذلك تطرح قضیة التغییر.

 فالح: التغییر لافتة عریضة،او عنوان عریض لا یمكن رفعه كما ھو، لذلك یجب تحدیده للقارئ?

رائد: نحن قلنا تغییر، وھذا الذي حدث في مؤتمر حزبنا الحادي عشر.. فالتغییر یكون في الجوھر، اذ الاصلاح لایكفي، والتغییر یكون بالمنظومة السیاسیة ولیس في الشخوص.. التغییر في المنھج، أي منھج الحكم كله، نحن نقول ان البلد یعاني من ازمة عامة شاملة، ھي ازمة سیاسیة وازمة اقتصادیة، فقد مضى عقدان من الزمن، ماذا قدمنا ؟ نحن عندما نرید توسیع قاعدتنا الانتاجیة الان، وھذا یأتي بنتیجة بعد 10 سنوات، فكیف ونحن الى الان لم نبدأ؟ في ظل منظومة الحكم ھذه، وبالمواصفات التي ذكرتھا، غیر قادرة على رسم استراتیجیة تنمویة تمھد وتعمل على خلق وبناء المؤسسات. اذاً، فالمشكلة مشكلة ازمة بنیویة كبیرة جدا.

 ماذا جرى في كردستان؟

 فالح: تحدثت قبل قلیل عن قانون النفط والغاز، ضمن الانسداد السیاسي، وانت كنت مع وفد من الحزب الشیوعي في زیارة لكردستان، وقد التقیتم رئیس الحزب الدیمقراطي الكردستاني، ھل مررتم على قانون النفط والغاز، وما مدى تقارب الرؤى بین الحزب الشیوعي العراقي والحزب الدیمقراطي الكردستاني ازاء القضایا الوطنیة الاخرى، التي یشعر حزبكم أنه معني بھا؟

 الرفیق رائد: نحن مع قانون النفط والغاز لانه ثروة عراقیة ولابد ان تدار عراقیاً، فالسیاسة النفطیة الاتحادیة والسیاسة النفطیة في الاقلیم لم تحققا تقدماً، والاثنان برأینا خاسران، اذ لابد ان تكون ادارة مشتركة. فنحن لم نؤید عقود الشراكة، بل نفضل عقود الخدمة، وفي داخل كردستان كیف تتم الامور ومدى شفافیتھا، ھذه العوامل مھدت لھذه الازمة ولم یبذل جھد حقیقي بشأن قانون النفط والغاز، ثم إن السیاسات التي اتبعت كانت انفعالیة مرتجلة، و(كلمة معاً) التي ذكرناھا عملیا لم تطبق. فتولدت بسبب ذلك اشكالات عدیدة.

 لقد تحدثنا بالطبع في الاقلیم مع السید مسعود البرزاني، ومع الاتحاد الوطني ایضاً، ھناك مشتركات عدیدة، لكنھم یشككون بدستوریة قرار المحكمة الاتحادیة، ولدیھم وجھة نظر في ذلك. نحن الان في بلد مأزوم والقرار في تداعیاته السیاسیة عقد الاوضاع أكثر، كما ان التوقیت ایضا غریب، إذ لماذا الان؟ المشكلة ان لیس ھناك قانون للنفط والغاز لحد الان.

 فالح: ھل إن الدستور العراقي، لوحة تشكیلية، ینظر الیھا كل واحد من زاویة، فیعطي بھا رأیه، ام ھو نص قانوني شبه مقدس غیر قابل للتأویل. وھل في الدستور مجال یسمح للتأویل والقراءة المختلفة؟

 رائد: الدستور كتب في مرحلة معینة، وھناك امور جرى التركیز علیھا وربما ضبطت، وھناك امور جرى تناولھا بعمومیات دون الخوض في تفاصیلھا، وھناك مواد وابواب فیه قابلة للتأویل. عندما كنت في الحكومة كنت اقول ھذه قضیة غیر معقولة وغیر صحیحة، فیقولون لي ( استاذ انت بس وافق ونحن نجد لھا تخریجة قانونیة)!. ھناك تأویل قانوني بحت ولكن الصراع السیاسي، اكید، یلقي بضلاله على عملیة التأویل. ونظام المحاصصة توافقوا فیه على تقسیم الحصص فیما بینھم، ولم یتوافقوا على العقد!. أما المؤسسات فقد بقیت خاضعة للعملیة السیاسیة ولایمكن تعدیل الدستور دون وجود تفاھمات تحدد شكل الدولة ومضمون الدولة.

 وساطة الحزب الشیوعي

 فالح: ھل كلفكم الكرد بموضوع الوساطة في مسألة رئاسة الجمھوریة؟

 رائد: نحن تحدثنا بھذا الموضوع وقلنا ان ھناك صراعاً وانسداداً سیاسیاً، والناس غیر معنیين بمن یصبح رئیس جمھوریة، ولا یھمھم إذا فاز بالمنصب س او ص. الناس معنیون بماذا یقدم ھذا الرئیس او ذاك،اي ماھي السیاسات التي یعبر عنھا ھذا الرئیس، وتنعكس على حیاة الناس. ومن المفترض، ان القوى السیاسیة لدیھا برنامج حكومي واضح، اھدافه الرئیسیة، معالمه، وماھي نتیجة ذلك. نحن نعلم ان الحكومة حكومة تصریف اعمال وبذلك تتعطل كثیر من الامور، وسیحملهم الشعب نتیجة ھذا التأخیر في اختیار الحكومة.

 فالح: اذاً لم یكن ھناك توسط، وانما تحدثتم بما یرضي الطرفین؟

رائد: نعم، تحدثنا بما یرضي الطرفین، الان ھم مختلفون على قضیة الرئاسة، في حین ان التحدیات التي یواجھھا الاقلیم تحدیات وجودیة،اذ ان ذلك غیر راسخ لحد الان، وكما نعرف ان ھذه المكاسب لم تأتِ اعتباطا للاقلیم، بل جاءت نتیجة تضحیات ونضالات، والفیدرالیة لم تترسخ بعد، ولذلك یجب العمل على ترسیخھا.

 فالح: ھل التقیتم بقیادة الحزب الشیوعي الكردستاني، وماھي وجھة نظرھم?

رائد: نعم، وھم یعتقدون ان ھذا الصراع بین الحزبین یضر بمصلحة الكرد، مثل مانقول نحن: یجب ان ننطلق من المصلحة الوطنیة اولاً، ومن ثم المصالح الاخرى. ماھي مصلحة الشعب الكردستاني في ھذا الصراع والاختلاف؟ مع وجود تضخم وبطالة ومدیونیة واشكالیات حقیقیة في الاقلیم، یجب معالجتھا.

 فالح: ھل یوجد حل لما بعد ھذا القرار، ممكن ان یتخذ?

رائد: ھناك رد فعل انفعالي والشعور بان ذلك ظلم، واذا لم یكن ھناك تعاون ومناقشة وحوارت مستمرة لتوحید المواقف مع تقدیم رؤى مشتركة في كل الامور التي تھم الاقلیم ویخضعون صراعاتھم للمصلحة المشتركة، فاي حلول متشنجة هي غیر صحیحة. وفي الایام القادمة، ھناك نواة للحلول والاتفاقات وبدون فرض ارادات خارجیة، اي من خارج الاطار الكردستاني.

 ذاكرة العراقیین طریة

 فالح: ذاكرة العراقیین مازالت طریة وتحتفظ بصورة جمیلة للوزیر رائد فھمي وللوزیر مفید الجزائري، رغم انھما لم یمسكا وزارات سیادیة مھمة، لكن على قدر الامكان تركوا اثرا طیبا جدا في مجالات القدرة والنزاھة والالتزام بحقوق المواطن، لذا ھل سیوافق الحزب لو طرحت علیه فكرة المشاركة بالحكومة؟

 رائد: نحن ننظر للحكومة كتركیبة عموما، فأعتقد أن اية مشاركة ستكون محدودة، نعم نسند ماھو ایجابي. إلا أن المعطیات الان لاتشیر ولاتشجع على امكانیة مشاركتنا. ونقول إن اية اعادة لانتاج حكومة وفق الاسس والسیاقات نفسها التي تمت في الحكومات السابقة، ھي عبارة عن استدامة الازمة، واية عودة لھا سیخلق عنصر توتر ينفجر عاجلا ام آجلا. ومعنى حكومة اغلبیة ھي حكومة مشروع سیاسي ولیس حكومة توافقات. اذاً، لابد من وجود برنامج ومشروع ناجح نطلع علیه ونعرف آلیات تنفیذه.

 فالح: أظن أن الحزب الشیوعي العراقي اصلا تم تأسیسه لمصلحة طبقیة، فھو حزب الفقراء والكادحین والطبقة العاملة، الان ھناك عوز وحاجة غیر طبیعیة، وھناك مساحة كبیرة من الفقر وثمة اوساط تعیش دون مستوى الفقر. ماھي فعالیات واجراءات الحزب الشیوعي تجاه ھكذا تراجع مخیف في رغیف الخبز?

 الاستاذ رائد: مفھوم العدالة الاجتماعیة ھو نبذ كل اشكال التمییز. الیوم، ھذه المشكلة في البلدان المتقدمة ایضا، ومنذ الثمانینيات وحتى الان تتعمق الفوارق ارتباطا بنھج سیاسة السوق، والعولمة، والازمات، وكورونا فاقمتھا اكثر، لذلك نرى في ھذه البلدان احتجاجات وتظاھرات. وفي العراق القضیة مضاعفة، حیث نرى مطالب الاحتجاجات تتركز في الخبز والخدمات، وفي الاعباء المالیة الاضافیة للمواطن بالتعلیم والكھرباء وغیر ذلك، والتي من المفترض ان تقدمھا الدولة للمواطن، ونحن في المؤتمر الحادي عشر اعتبرنا ان الانطلاق یجب ان یكون من مصالح الناس الرئیسیة في الصحة والتعلیم والسكن والنقل والضمان الاجتماعي. وھذا ھو جوھر الصراع. ونقول: ان الفوارق الاجتماعیة تتفاقم وارتفاع سعر صرف الدولار اثر كثیرا على دخل الفرد وھو لایزال دون حلول رغم ارتفاع اسعار النفط. ویجب تحسین الخدمات والاجور والرواتب والضمان الاجتماعي وتعزیز الجانب التنموي.

 المؤتمر الحادي عشر للحزب نجاح

أم فشل، وكیف یمكن معرفة ذلك؟

 فالح: المؤتمر الحادي عشر وانا اسمیه مؤتمر القواعد والشباب لانھم لعبوا دورا مھما في صياغة قراراته، فمتى نلمس نتائج المؤتمر الطیبة في واقع مسیرة الحزب?

الرفیق رائد: ھو مؤتمر فيه بُعد تجدیدي، لیس فقط بوجود عنصر الشباب، بل مزیج مابین الشباب زائداً الفكر، وھذا التجدید جاء في سیاقات عمل مسبق ومستمر على مدى سنوات لتھیئة جیل آخر یتولى المسؤولیات، وعلى مستوى السیاسة والنھج. نحن نعرف ان ھناك مشكلة في اغلب الاحزاب (عدم وجود دیمقراطیة). ولاتوجد بدائل للاحزاب. ولابد من التعامل مع ھذا التنوع والانفتاح نحو المجتمع والتأثیر فیه، لذلك ومن ھذا المنطلق، لابد ان تقنع الناس بانك تعمل من اجلھم. وعلیه لابد ان تكون في سلم اولیاتھا، ما ھو ذو مساس مباشر في حیاة الناس، ونقول، ان ھذا التغییر لابد ان یكون بتغییر موازین القوى، وموازین القوى ھي المجتمع والقوى الراغبة في التغییر. ونحن نعمل لاجل ھذه القوى والروافد في بلورة الرؤى والافكار لدیھا. وأن توجد الاشكال التنظیمیة المرنة لھم والتوجه نحو بناء قوى التغییر والجماعات التي شاركت في الانتفاضة لتكون حاضرا معھم. وكذلك توجه الحزب نحو اعادة الرفاق خارج التنظیم. من الذین یودون اعادة الصلة. والحزب یرحب بھم.

 ھل تقطعت أواصر الأممیة أم ماذا!

 فالح: نحن نعرف أن الشیوعي یحلق بجناحین، الجناح الوطني والجناح الاممي. لقد تحدثنا عن نشاط الحزب داخل الوطن، وبرغم وجود تراجع في قوى الیسار خاصة بعد انھیار الاتحاد السوفیتي، فقد كان الحزب یتصل سابقاً بالاحزاب الشیوعیة العربیة باستمرار، الان، ھل بات الوضع مختلفاً نوعاً ما،إذ لم نلحظ مثلاً أي حضور لسكرتیر الحزب في مؤتمرات شیوعیة عربیة او غیر عربیة؟

 رائد: الیسار عموما في العالم الیوم وضعه افضل من قبل اكثر من سنة، والیسار العربي والاحزاب الشیوعیة العربیة بینھا تواصل مستمر. ونعمل على ان تكون ھناك لقاءات وزیارات، ولكن كما ترى، ان الاحزاب لھا وضعھا الخاص في بلدانھا مثل الحزب الشیوعي السوداني والحزب الشیوعي اللبناني. ولكن لدینا تواصل مع الاحزاب الشقیقة. نعم، لابد ان نرتقي اكثر في التواصل. ونحن نقول: في ظل ھذه الاجواء العالمیة المعقدة لابد من التواصل والاستفادة من التجارب. وفي الجانب الاممي، لدینا علاقات جیدة مع الاحزاب الشیوعیة الاوربیة. ماعدا حزب او حزبین ھم لایرغبون بعلاقات طبیعیة معنا.

 موقف شیوعي جريء من الهجوم الروسي

 وبشأن موقف الحزب الشیوعي العراقي من الحرب او العملیات العسكریة بین روسیا واوكرانیا، تحدث سكرتیر الحزب رائد فھمي قائلاً:

- نحن نعتبر ان خیار الحرب لحل المشاكل ھو امر غیر مطلوب وغیر مقبول، وفي ھذه الحالة بالذات، نعتبر خیار الحرب خیاراً سیئاً، وبشكل أوضح، نحن ندین ھذا الخیار، فالحرب الى جانب ابعادھا الانسانیة المدمرة، والاضرار الكبیرة والخسائر بالارواح والممتلكات والجانب المادي، فھي تثیر التوتر في المنطقة والعالم، وتھدد السلام، كما ان الحالة الاوكرانیة بالذات، واندلاع الازمة فیھا بكل تطوراتھا العسكریة، قد تؤدي الى ان ترسل رسالة تشجیع للقوى الیمینیة والقومیة المتطرفة في البلدین، والى الحركات المتطرفة في اوربا والعالم، الى جانب ھذا كله، فنحن نتحدث الیوم عن دولة نوویة، روسیا، والجانب الاخر، اوكرانیا، ومن یقف وراءھا، من الدول الغربیة وامریكا، فتداعیات الحرب ومسارھا اللاحق لایكون خاضعاً للسیطرة، وقد تكون النتائج غیر محسوبة. واذا رجعنا الى جذور ھذه الازمة التي تمتد لسنوات طویلة منذ انھیار الاتحاد السوفیتي، شھدنا توسع حلف الناتو، حیث انضمت الكثیر من البلدان الاوربیة الشرقیة وجمھوریات الاتحاد السوفیتي السابق الى الحلف الاطلسي، فأصبح ھناك نوع من المحاصرة لروسیا، ومن الواضح جداً ان حلف الاطلسي سیكون على حدود مشتركة مع روسیا، وموسكو تعتبر ذلك تھدیداً لامنھا القومي، وثمة عوامل داخلیة في اوكرانیا، فھناك اوكرانیون من اصول روسیة تعرضوا للتمییز، وھناك تیارات تنتمي الى اصول وافكار نازیة نشطة، وجمیع ھذه العوامل مقلقة، لكنھا لا تبرر خیار الحرب مطلقاً. فروسیا غیر الاتحاد السوفیتي الذي نعرفه، وھي تتبنى نھجاً رأسمالیاً، لذا فإن للنظام الروسي الحالي تطلعات تختلف تماماً عن تطلعات الاتحاد السوفیتي السابق. وانا اعتقد ان روسیا بتورطھا في ھذه الحرب إنما تقدم ھدیة للولایات المتحدة. لاحظ ان الولایات المتحدة الان قد عززت من نفوذھا على مجمل المعسكر الغربي، وخاصة على اوربا والیابان واسترالیا، واصطف جمیع ھؤلاء خلف الموقف الذي اتخذته الولایات المتحدة، وانخرط الكل في ادانة روسیا، وكذلك في فرض عقوبات غیر طبیعیة وغیر اعتیادیة وغیر مسبوقة بالمرة على موسكو، وھذه العقوبات لھا تداعیات حتى على الاقتصاد العالمي، واخطر من ذلك لاحظنا في المانیا، حیث اقدمت على خطوة غیر مسبوقة منذ الحرب العالمیة الثانیة، إذ بدأت تنتھج نھجاً یدعو لاعادة بناء قدراتھا العسكریة، حیث قررت تخصیص مئة ملیار یورو لبناء جیشھا. ونلاحظ ایضا ان الدول المعروفة بحیادھا مثل السوید وفنلندا قد بدأت تتحدث عن الانضمام الى حلف الناتو. لذلك ندعو لایقاف ھذه الحرب على اساس سلمي وعلى اساس التفاوض ومن ثم انسحاب الجیش الروسي من اوكرانیا مقابل ان تضمن الحكومة الاوكرانیة حقوقا او استقلالا ذاتيا لمناطق الدنباس وتبتعد عن فكرة الانضمام الى حلف الناتو، مقابل ان تُعطى ضمانات باحترام روسيا لاستقلال وسیادة اوكرانیا.

 فالح: نفخر أن اكثر من نصف قراء جریدتنا، هم من الشیوعیين او من جمھور الشیوعیین، الان ونحن مقبلون على الذكرى 88 لتأسیس الحزب، بماذا یوعد سكرتیر الحزب الشیوعي جماھیر حزبه واصدقاءھم؟

 الرفیق رائد: اولاً، احیي ھذه المناسبة العزیزة التي لم یحتف بھا الشیوعیون وحدھم، بل انصارهم واصدقاؤهم ایضاً، بحكم دور الحزب الطبقي والوطني. والیوم نحن نحتفي بھذه المناسبة لیس كقضیة طقوسیة بل ھي تجدید للالتزام بالمثل والقیم والاھداف الوطنیة والطبقیة والاجتماعیة. فالحزب یبقى وفیاً لھذه المبادئ، مع تجدید الوفاء لھا والعمل من اجلھا في ظل الظروف المستجدة. ونستذكر الذین استشھدوا في سبیل ھذه المبادئ. حیث استشھد الاف الشیوعیین، وآخرين من انصارھم، كمناضلين وطنيين قدموا ھم وعوائلھم الصابرة تضحیات متنوعة، وستظل ھذه التضحیات مسؤولیة في اعناقنا وفاءً لھم. والمناسبة، ھي مناسبة ایضا لكل الشیوعیین داخل التنظیم وخارج التنظیم (طبعاً اكو) قسم منھم خارج التنظیم، لكنھم بقوا شیوعیین وھم كثیرون. اننا نحیي كل ھؤلاء ونحیي عطاءاتھم، وحتماً فھم وإن كانوا خارج التنظیم، لكنھم یبقون قوة طبقیة صلبة بوطنیتھا وانتمائها وعطائها، فھم سور الحزب وسور الوطن معاً، لان الوطن یحتاج الى كل الطاقات النضالیة. واننا ندعو الى توحید ھذه الجھود من اي موقع كان، وایضا نتوجه بالنداء نفسه الى كل القوى الخیرة الذین یشاركونا في التطلع لعراق وطني دیمقراطي. وبمناسبة الاحتفال الذي سيكون احتفال فرح. سنبقى متفائلین، ننشد ونغني جميعاً للوطن العزیز.