اخر الاخبار

يجري في الإعلام تداول تصريحات سياسية وآراء محللين تبشر بقرب حدوث انفراج للازمة السياسية، وذلك لقرب التوصل الى توافقات بخصوص الكتلة الأكبر، وترشيح رئيس لمجلس الوزراء.

وتعكس هذه الطروحات، في حال تحقق ما تبشر به، وهو موضع شك وتشكيك، اختلافا جوهريا في تحديد طبيعة الازمة وابعادها.

فأزمة البلاد مركبة ومتعددة الابعاد؛ سياسية واقتصادية واجتماعية امتدت الى المؤسسة البرلمانية والتجاوز الفاضح للدستور وللقانون، ولا تختزل باستعصاء تشكيل الحكومة وانتخاب الرئاسات. فـ»الانسداد السياسي» هو التعبير المباشر والظاهر عن الانغلاق في مسار العملية السياسية المأزومة القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، والتي تقلصت لتصبح محاصصة سياسية وحزبية وفئوية تعبر عن المصالح الضيّقة للشرائح التي تضخمت ثرواتها واحكمت قبضتها على سلطات الدولة وعلى المال والسلاح والاعلام، ما بات ينطبق عليهم مصطلح «الاوليغارشية» أي حكم القلة.

فهل التوصل الى تشكيل حكومة على نهج التوافقية، أي المحاصصة على غرار الدورات السابقة، سيؤشر حقا حلا للازمة، أم تعميقا لها، وخاصة بعد انسحاب الكتلة الصدرية من مجلس النواب؟

تتوالى الوعود بأن الحكومة القادمة ستكون «خدمية»، وتعمل على تحقيق المطالب الشعبية، والشروع في الإصلاحات العميقة في الدولة وعملها وتعزيز دورها وهيبتها واستقلالية القرار السياسي وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين.

وتحقيق هذه الوعود يشترط النجاح في محاربة الفساد واعادة الثقة بالدولة وقدرتها على محاسبة الفاسدين والكشف عن القتلة وضبط السلاح خارج الدولة والقضاء على منظومات المصالح والتخادم والفساد المتحكمة في اجهزة الدولة، والقدرة على توجيه الموارد واموال الدولة نحو الاولويات المتمثلة بقطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتية، وتنظيم العقود وإحالتها إلى الشركات المؤهلة، بعيدا عن اللجان الاقتصادية للأحزاب المتحكمة في موازنات العديد من الوزارات والمفاصل الهامة في الدولة، وان تتم التعيينات وتوزيع المناصب من دون خضوعها الى بورصة البيع والشراء، وان يتمكن المستثمرون في القطاع الخاص المحلي والاجنبي من تنفيذ اعمالهم من دون تعرضهم للابتزاز المستمر من جهات متعددة، وغيرها من الممارسات والظواهر التي ترسخت في الدولة وعمل مؤسساتها، بحيث تحولت معظم هذه المؤسسات خادمة للمواطن الى جهة متعالية عليه لا تقدم خدمات الدولة، التي تندرج ضمن حقوق المواطن، الا مقابل ثمن. ففي دولة عراق اليوم، تمت خصخصة معظم وظائفها وخدماتها لصالح الجيوب الخاصة للأفراد والجماعات المتنفذة.

هل يمكن للحكومة التي تتشكل على أساس التوافق والمحاصصة لقوى واحزاب امسكت السلطة طوال السنوات الماضية، وبالتالي تتحمل مسؤولية الأوضاع المتردية الراهنة، أن تكون قادرة على تقديم حلول للأزمة؟

إن واقع البلاد اليوم وعمل الدولة يؤكد استمرار الظواهر السالفة الذكر.

إنّ الخروج من أزمات البلاد يتطلب تغييرا حقيقيا في النهج والشخوص والسياسات، اي مغادرة النهج والاعراف السياسية السائدة وليس تكريسها واعتمادها مرتكزا كما يجري حاليا.

ـــــــــــــــــــــــــ

من صفحة الرفيق رائد فهمي على فيس بوك