اخر الاخبار

أفاد بيان صادر أخيرا عن صندوق النقد الدولي، ان السلطات العراقية طلبت مساعدة “طارئة بموجب اطار التمويل السريع بترتيب طويل الأمد، لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها”، وأضاف ان “المناقشات جارية بشأن طلب السلطات للمساعدة الطارئة”.

من جانبه قال وزير المالية في تصريح لوكالة “ بلومبيرغ “ ان العراق يجري محادثات مع الصندوق “للحصول على قرض بقيمة ٦ مليارات دولار”، وانه قد يطلب ٤ مليارات إضافية على شكل قروض منخفضة التكلفة، من برنامج الصندوق الخاص بإصلاح الحكومات. 

تأتي هذه الاخبار صادمة للكثيرين، خصوصا بعد ان أقرّ مجلس النواب قانون الاقتراض الثاني، سامحا للحكومة بالحصول على ١٢ ترليون دينار عراقي عن طريق الاقتراض الداخلي فقط، ولَم يشر في قراره الى الخارجي. 

في طلبَيْ الاقتراض، الأول والثاني، كانت الحكومة تؤكد ان الحاجة ماسة اليهما لتأمين الرواتب ونفقات أخرى حاكمة. فبم تُراها تبرر الطلب الجديد بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، المعروف بشروطه التي يتقدمها توقف الدولة عن تقديم كل اشكال الدعم. وهذا في وقت تذكر فيه التقارير ان نسب الفقر عندنا قفزت فعلا الى ٤٠ في المائة، بعد الاجراءات الاقتصادية الأخيرة للحكومة، غير الموفقة وغير السليمة! 

وعن أي اصلاح حكومي واقتصادي يجري الحديث؟ اذا كان المقصود توجهات “الورقة البيضاء”، فهي أساسا غير مرحب بها وتتعارض مع مصالح غالبية المواطنين، ومنهم الشغيلة والكادحون والموظفون ومحدودو الدخل، والفقراء والكسبة وحتى الفئات الوسطى. 

ان إجراءات الحكومة ووزارة المالية غير مفهومة اطلاقا، ولا يتبين منها سوى ان شهية الاقتراض عندهما مفتوحة، ومن دون أي تقدير مسؤول لمخاطر الإصرار على هذا الطريق الوعر، وما يجلبه لبلادنا من كوارث ومآسٍ، عانت منها شعوب قبلنا ولا تزال. 

ان طلبات الاقتراض هذه غير المبررة ابدا، تأتي في وقت ما زال مجلس النواب يناقش فيه مشروع موازنة ٢٠٢١. وبشأنها تشير تصريحات اللجنة المالية البرلمانية الى ان الاتجاه العام في النقاش هو خفض مجموع النفقات العامة وضغطها وتقليل العجز، إضافة الى مراجعة سعر صرف الدينار العراقي. كذلك رفع سعر تصدير النفط الخام المقترح من ٤٢ دولارا للبرميل الواحد الى ٤٥ او ٤٦ دولارا، ارتباطا بارتفاع أسعار النفط عالميا. 

ان من شان هذه الإجراءات ان توفر أموالا لبلدنا وخصوصا وان الحديث يجري بان الرواتب مؤمنة وفقا للاقتراض الثاني الذي وافق عليه مجلس النواب.

ان معالجة العجز لا يتم عبر الاقتراض الداخلي والخارجي وزيادة مديونية العراق وما يترتب على القروض من فوائد. فهذا بحسب كل المتخصصين يفضي الى الانهيار ورهن البلد واقتصاده الى الدائنين، فهناك وسائل وإجراءات أخرى بديلة ناجعة ، وهي معروفة جيدا للحكومة ووزارة المالية. 

يتوجب حالا التوقف عن السير على هذا الطريق المدمر والمهلك، والذي لا يوجد مبرر جدي للاستمرار فيه.