اخر الاخبار

كان من بين مطالب انتفاضة تشرين المجيدة الملحة والآنية اجراء انتخابات مبكرة، وقد عملت عامة القوى المتنفذة على دحرجة موعدها حتى تشرين الأول ٢٠٢١، أي الى ما بعد سنتين من المطالبة بها، فيما تؤشر تصريحات هنا وهناك ان هذا الموعد قد لا يصمد هو ايضا. 

وليس هذا بمستغرب من قوى حصرت همها الأول  في المحافظة على مصالحها ونفوذها وادامة سيطرتها وتحكمها بالقرار العراقي، دون أي اعتبار الى ما يمر به البلد من أزمات تلقي بظلالها الثقيلة على الغالبية الساحقة من  المواطنين، خاصة منهم الفقراء والكادحون  ومحدودو الدخل والفئات الوسطى.  فقد ماطلت تلك القوى وسوّفت وشرّعت قانونا على مقاساتها، فيما هي تقرّ وتعترف بانه سوف يُصعّب مهمة المشاركة على " القوى المتوسطة والصغيرة ". وهي بذلك سعت الى  اقصاء هذه القوى ومن تمثلهم، بعيدا عن إمكانية الفعل  المؤثر في هذه الانتخابات واحداث تغيير جدي في قوام مجلس النواب. 

ولا غرابة في هذا، فالقوى المتنفذة تعرف جيدا ما لحق بها من هزات سياسية وجماهيرية جراء مواقفها وسياساتها،  حيث فضلت مصالحها على مصالح غالبية العراقيين الساحقة، وتطلعاتهم الى التغيير وابعاد طغمة المتنفذين الفاسدين عن المشهد السياسي، الذي تحكمت به منذ ٢٠٠٥ ولحد الان، وهي المسؤولة عن كل ما لحق بوطننا وشعبنا من مآسٍ وكوارث ونكبات وازمات متلاحقة. 

ومن المؤكد ان القوى المتنفذة تدرك تماما كذلك ان "القوى المتوسطة والصغيرة " تمثل جماهير واسعة، متحفزة لتغيير واقع  الحال والخلاص من نظام الحكم المحاصصاتي ومؤسسة الفساد. لذلك استغلت وجودها المتحكم في مجلس النواب لتعديل القانون الانتخابي،  فجاء اعرجا يكرس حالة الانغلاق والتقوقع والمناطقية والعناوين الفرعية، على حساب المواطنة وعودة الوطن معافى الى أحضان أبنائه . 

علما ان العديد من هذه القوى لا يريد اصلا الانتخابات المبكرة، بل ويسعى الى عرقلتها باية وسيلة وطريقة، ومن ذلك مدى الاستعداد الفعلي لنواب الكتل المتنفذة لحل مجلس النواب، كذلك موضوع استكمال قانون المحكمة الاتحادية الذي بدونه يصعب الحديث عن اجراء الانتخابات. 

 ونحن إذ ننظر الى الانتخابات باعتبارها عملا نضاليا تراكميا، نرى ان الرد على القوى المتنفذة واحباط مشاريعها لإعادة انتاج نفسها ، يمر عبر المشاركة الجماهيرية الواسعة واستنفار قوى المجتمع الحية، وحسم الخيارات والتصويت  لصالح قوى التغيير ونشطاء انتفاضة تشرين، الحريصين على تحقيق أهدافها ومطالبها والمتمسكين بالوفاء لدماء شهدائها.

ويبقى ملحا القيام بعمل جماهيري واسع متعدد الاشكال والانماط والمواقع  

في كل محافظات الوطن، لفرض تهيئة مستلزمات وشروط اجراء انتخابات شفافة وعادلة  وذات صدقية، تعكس حقا إرادة المواطنين وحقهم في اختيار من يمثلهم، والعمل على اسقاط الفاشلين والفاسدين سياسيا وقضائيا والحيلولة دون مشاركتهم في الانتخابات . 

 ان الجهات المعنية كافة، الحكومة والمفوضية والأمم المتحدة، مطالبة بان تشرع بخطوات ملموسة وليس باطلاق الوعود والتمنيات، لايجاد  بيئة آمنة سلمية لاجراء الانتخابات، والاقدام فعلا على  حصر السلاح  بيد الدولة والكف عن مجرد التلويح بذلك، وضبط المال السياسي الذي اخذ منذ الآن يمتد كالاخطبوط لشراء الذمم والاصوات، بل وحتى شراء محطات اقتراع كاملة، الامر الذي يحتاج الى تفعيل قانون الأحزاب السياسية وتطبيق مواده، خاصة تلك التي لها علاقة بالسلاح والمال. 

وفي هذه الانتخابات مطلوب أيضا وبالحاح، تفعيل الرقابة الشعبية ورقابة منظمات المجتمع المدني ووكلاء الكيانات السياسية، والأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية.