تمر اليوم الذكرى الثالثة لانطلاق انتفاضة تشرين في موجتها الثانية، حيث بدأت الاحتجاجات كما هو معروف في أول تشرين الأول 2019. وبعد هذه السنوات الثلاث لا يزال شاخصا هدفُ التغيير الذي كان في صدارة المطالب، ويظل شاخصا في مواجهة مشروع المحاصصة الطائفية والاثنية البغيضة.
وفي مناسبة هذه الذكرى يتوجب استذكار شهيدات وشهداء الانتفاضة، والتشديد المستمر على ضرورة تعويض اسرهم، واتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة قتلتهم، وتمجيد التضحيات الجسيمة لجماهير شعبنا، التي هبّت في تلك الاحداث الكبيرة وقدمت الغالي والثمين تحت شعار “نريد وطن”.
ان احد الانجازات المهمة التي خرج بها المنتفضون هو احداثهم شرخاً كبيراً في جدار المحاصصة، مؤكدين بذلك إمكانية هدمه بصورة كاملة، وان التغيير لا يمكن تحقيقه دون نضال متواصل وصبور ومتفان، وبجهود كبيرة موحدة للقوى التي تحمل هموم الجماهير ومطالبها المشروعة، وبفعاليات احتجاجية سلمية واسعة ضاغطة، مع استعداد مستمر لتمثيل هؤلاء المكتوين بنار المحاصصة سياسياً، لطرح مشروع البديل الوطني المدني الديمقراطي، وبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
لقد واصل ناشطو الحركة الاحتجاجية، ومنهم أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وجماهيره، سعيهم لبلورة مطالب الانتفاضة، وعملوا بجهود فعالة لتوحيد خطابهم ورؤيتهم السياسية. وقد تمثّل ذلك في تشكيل المجلس التشاوري لقوى الاحتجاجات الجماهيرية، والذي نظم بدوره عددا من الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية السلمية، التي تكللت بمشروع تنسيق الجهود بين قوى التغيير الديمقراطية وما تضم من أحزاب وطنية وديمقراطية وأحزاب ناشئة انبثقت بعد انتفاضة تشرين الباسلة.
ان هذا المولود الجديد قد أثار حفيظة المتنفذين قبل وبعد الإعلان عن مشروعه السياسي، لذا بدأت سهام المتنفذين الفاسدين بالتوجه نحوه وضد نشطائه، سعياً منهم لوأد التجربة في مهدها. وفي المقابل يؤكد اطراف هذا التجمع سيرهم في طريق التغيير الشامل، وفرض البديل السياسي الديمقراطي لمنظومة المحاصصة الطائفية والفساد. فقوى هذه المنظومة ستبقى تذرف الوعود، التي سرعان ما تذوب وتنتهي مع اول احتكاك حقيقي مع الواقع، الذي يرفض هذا النهج المجرب سابقاً والمحكوم عليه بالفشل الأكيد.
ان ذكرى انتفاضة تشرين العظيمة يجب الا تمر دون التوقف عند تضحيات شبابها الجسام، ودراسة تجربتها الثرية، والخروج باستنتاجات عن دورها ومسارها وعمقها، لتكون طريقاً للذين يواصلون السعي من اجل إزاحة هذه المنظومة الفاسدة عبر الاحتجاج السلمي الواسع، او عبر صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة عاجلة حرة ونزيهة، بشرطها وشروطها المعروفة والتي جرى تناولها سابقا.