اخر الاخبار

حلّت يوم أمس الذكرى السنوية (١٠٣) المجيدة لتأسيس الجيش العراقي الباسل. وكما في كلِّ سنة حظيت هذه الذكرى باهتمام كبير، نظرا لمكانة ودور الجيش في الماضي والحاضر، ولما يقوم به من أداءٍ لمهامه المناطة به وفقا للدستور.

الاهتمام تخطى الجانب الرسمي إلى الشعبي، عاكسا الاعتزاز والتقدير لهذه المؤسسة الوطنية، ولما قدمت من تضحيات جسام في معارك شعبنا، وحديثا في إسهام الجيش في تحقيق الانتصار العسكري على داعش الإرهابي. ذلك الانتصار الكبير الذي يعود فيه الفضل أولا وقبل كل شيء إلى الشعب العراقي بجميع أطيافه، والى كلّ المقاتلين على اختلاف تشكيلاتهم، والى دعم وإسناد الهيئات والمرجعيات الدينية والأحزاب السياسية الوطنية.   

واليوم أيضا تقوم أمام جيشنا، كما أمام التشكيلات العسكرية والأمنية الدستورية الأخرى، مهام كبيرة في مواصلة التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه، والمساهمة في تحقيق الأمان والاستقرار لجميع المواطنين، والدفاع عن سيادة البلد واستقلاله وقراره الوطني المستقل، وفي تعزيز مقومات البناء الدستوري الاتحادي الديمقراطي.

ان المعركة ضد الإرهاب لا بدّ من مواصلتها حتى النهاية، وطيّ هذه الصفحة المؤلمة، وان يكون ذلك بمقاربات متكاملة سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية وثقافية وإعلامية.

ويجدر التذكير بانه بات ملحا القيام بالمعالجة الشاملة لكل ما خلفه تنظيم داعش الإرهابي، ويأتي في المقدمة إعادة النازحين والمهجرين إلى مناطق سكنهم ، وإعادة إعمار البلدات التي  خربها الإرهاب ، وتقديم التعويض العادل والمجزي للمواطنين، فمن غير الإنصاف بقاء ملفات التعويض معلقة بعد كل هذه السنين منذ هزيمة داعش العسكرية وتحرير مدننا من رجسه وطغيانه. وأيضا لا بدّ من الكشف عن مصير كافة المغيبين قسرا والمخطوفين، وإطلاق سبيل من بقي على قيد الحياة منهم.

إنّ الدور الموكل الى جيشنا العراقي وغيره من القوى العسكرية والأمنية، الرسمية والدستورية، يتطلب إعادة بناء هذه المؤسسات وفق أسس تقوم على مبدأ المواطنة والعقيدة الوطنية، وإسناد المسؤوليات فيها الى العناصر المخلصة والوطنية والنزيهة والكفؤة، وإبعادها عن الصراعات السياسية والفاسدين، وعن كل ما يمت بصلة الى الولاءات الخاصة والطائفية والعشائرية والمناطقية، وان تكون حقا مؤسسات وطنية عامة لكل العراقيين، بغض النظر عن قومياتهم وأديانهم وطوائفهم. وان تتخذ كافة الإجراءات بما يجعل هذه المؤسسات، قولا وفعلا، بوتقة للوحدة الوطنية، لا يعلو فيها أي صوت للكراهية والبغضاء والتفرقة، وان تكون بعيدة عن اية نعرات طائفية وعنصرية وشوفينية.

ومن الضروري أيضا تنشيط وتفعيل العمل الاستخباراتي الوطني، والسعي على الدوام لتسليح الجيش وتزويده بأحدث التكنولوجيا والمعدات العسكرية، وبما يعزز من قدراته ويدعم أداءه مهامه الوطنية.

وان من شأن تحقيق مهنية المنظومة العسكرية والأمنية وتقيّد منتسبيها بمهامهم الدستورية، وحمايتها من التدخلات السياسية في شؤونها، كذلك تحقيق وحدة القرار الأمني والعسكري ومركزيته وحصره بالجهات المخولة دستوريا ووفقا لصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة، من شانه ان يقود الى طمأنة المواطنين ويرفع من مناسيب الثقة بقدرة هذه المؤسسات على أداء المهام الموكلة اليها، ويسهم في استعادة الدولة هيبتها وسلطتها وإمكانية إنفاذ القانون.

إنّ تحقيق كل هذا وغيره، سيعزز إمكانات البلد في الدفاع عن نفسه وعن مواطنيه، وعن استقلال البلد وسيادته وحفظ حقوقه، وفي الانهاء العاجل لكل تواجد عسكري أجنبي على أراضي بلدنا.

وفي هذه المناسبة بات ضروريا أيضا التأكيد على اتخاذ إجراءات عملية وخطوات فعلية لحصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح للأحزاب والتنظيمات السياسية بامتلاك جماعات مسلحة تحت أي عنوان، والحؤول دون تجاوزها صلاحيات ومهام مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، والحلول محلها.  

تحية إكبار واعتزاز الى جيشنا العراقي في ذكرى تأسيسه، وهو يستحق كل الدعم والإسناد، ومواصلة تعزيزه بالقدرات والإمكانيات، وتمكينه من أداء مهامه على أفضل وجه.