اخر الاخبار

قالت العرب ان اردت ان تطاع فأمر بما هو مستطاع، ومن البديهي انك لن تطلب من شخص عادي ان يحمل مثلا من الأوزان مالا طاقة له عليه. وكذلك يفعل أهل الاختصاص في اختصاصاتهم فالمهندس لا يمكن أن يضع الأحمال فوق أجزاء لا تحتمل وزنها.. و الرسام يحمّل المساحات ما تستطيع حمله فلا يرهقها بالألوان و الزيادات.

ومن المعروف ان الشعر الشعبي بالذات حمّال لوجوه ... ولكن هذا لا يعني ان يقوم الشاعر بتحويل البيت الشعري أو القصيدة إلى طلاسم و اشارات وايحاءات تجعل منه احجية تحتاج إلى تفاسير وشروحات.. بل عليه أن يكتبها بطريقة مستساغة و مفهومة ومن الوضوح ما يكفي لأن يفهمها المتلقي الذي يحمل ولو جزئية واحدة مثل الثقافة او الوعي او الأحساس او الإدراك المعنوي او اي من الجزئيات التي تمكنه من التفاعل والشعور بهذا الشعر... وحتى أن الفهم الجزئي مقبول في هذا السياق.

ومع ذلك على الشعر ان يبقى شعرا حاملا كل التوصيفات دونما انتقاص لأي منها.. بدءا بالمفردات ولغة القصيدة والتوظيف الصحيح و الوحدة العضوية والوحدة الموضوعية والتشبيهات والاستعارات واستخدام البلاغة والبديع والبيان وكل ماتحويه من تفاصيل و تضمينات جمالية.

وكما اشرنا الى عدم تحميل البيت الشعري او القصيدة ككل وتعريضها (للطلسمة) فنجد من الناحية الاخرى .. كثر استخدام الكلام المباشر و لغة الشارع و التقريرية وان النظم هو السائد الغالب. وهنا جاءت الحاجة إلى التذكير والتنويه والتنبيه إلى الالتزام بضوابط الحدود الدنيا والعليا للشعر.. كي نتمكن من القول بأن هذا شعر. فلا اغداق في الرمزية ولا الاسهاب والتفريط والنزول دون حدود الشعرية والشاعرية.

وهناك جنبة اود التعريج عليها.. وهي ان مورورث القصيدة الشعبية العراقية وبالذات ما يطلق عليها القصيدة السبعينية، والتي وصلت بالأدب الشعبي العراقي لأعلى قمة.. فنيا وجماليا وقيمة أدبية، مما يمكنها من أن تصبح مرجعا لما يكتب بعد أن ترك الشعراء الكبار اعظم حق عليهم للأجيال اللاحقة وعدم اعطاء النواب العظيم استحقاقه (مع ان الفرصة ما زالت قائمة) لتسمية ما جاء به النواب مدرسة شعرية، لانه كما يرى الكثير بدءا من الدكتورة وفاء عبدالرزاق والأستاذ عامر عاصي والأستاذ كريم الشويلي.. وانتهاء بالعديد من الأسماء المهمة الأخرى الفاعلة والمؤثرة في المشهد الشعري.

وبالنتيجة لو أصدر هؤلاء بيانا مشتركا يعلنون فيه مدرسة النواب الشعرية وتحديد ملامحها والتنظير الصحيح والكامل ووضع التعريفات والتفاصيل بدقة، لما تجرأ أحد على المطالبة بتسطيح الشعر الشعبي وإشاعة ظاهرة الاسفاف والمباشرة والحد من كتابة النظم.. ولا المغالاة بالرمزية.. بل سيتم وضع القصيدة في سياق تطورها الصحيح لتواكب الحداثة وما آلت اليه سيكولوجية الفرد والمجتمع في خضم هذه الثورة التكنلوجية.

عرض مقالات: