اخر الاخبار

الصفحة الأولى

أفتتاحية طريق الشعب.. في العيد التسعين.. لتتوهج جذوة الكفاح من أجل التغيير الشامل

نحتفل اليوم، نحن الشيوعيين، ومعنا كل العراقيين الطيبين، بعيد ميلاد حزبنا. فقبل 90 عاماً وفي الحادي والثلاثين من آذار، تجمعت الحلقات الماركسية الأولى لتؤسس حزب الطبقة العاملة والفلاحين وكل شغيلة اليد والفكر في بلادنا، فحلّ ربيع الحركة الوطنية زاهياً وعصّياً على الذبول، وبزغ فجر ليبدد عتمة الجهل والتخلف، وارتفعت راية الكفاح الوطني والطبقي لتمنح مقاومة الشعب ضد المستعمرين والمستغلين والمستبدين، ما كان يعوزها من جذوة الفعل التي لا تخبو والروح الثورية التي لا تموت.

وعلى مدى تسعة عقود، سرت قيم الحزب بين فقراء العراق المتعبين، كالنور والهواء. وبقي الحزب وفياً للأفكار التي ولد من اجلها، حرية الوطن وسعادة الشعب، فقاوم كل المعاهدات التي أراد الإمبرياليون تكبيل العراق بها، من معاهدتي ١٩٣٠ وبورتسموث، وحلف بغداد وكل العقود والإتفاقيات اللصوصية التي نهبت بها الشركات الإحتكارية ثروات بلادنا. وألهمت شعاراته وتضحياته العراقيين وعبأتهم في نضال متواصل لنيل الإستقلال وحمايته، والذود عن سيادة وكرامة البلاد، في الوقت ذاته الذي قاد فيه الحزب مئات المعارك الطبقية ضد الجور والظلم الاقطاعيين في الريف، ومن أجل حقوق الفلاحين في الأرض والعيش الكريم، ونظّم عشرات الإضرابات والإعتصامات العمالية ضد الإستغلال، ودفاعاً عن حقوق الشغيلة وفي مقدمتها التوزيع العادل للثروة.

كذلك نشطت منظمات الحزب في صفوف الطلبة والشبيبة من أجل ضمان تعليمهم المجاني، وتطوير المؤسسات والمراكز التعليمية والتربوية التي تنمي قدراتهم ومواهبهم وتوظف طاقاتهم لخدمة البلد، ومعالجة مشاكل البطالة والفقر وتحسين مستوى معيشة العاطلين والفقراء. وساعدتهم على تنظيم صفوفهم في اتحادات مهنية تدافع عن حقوقهم، وتنمي الوعي الوطني والديمقراطي فيهم.

وأولى الحزب قضية المرأة إهتماماً خاصاً، فناضل من أجل تحقيق مساواتها مع الرجل وتمكينها من القيام بدورها في ميادين السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، وفي مراكز صنع القرار، ومعالجة آثار التخلف الاجتماعي والعنف المسلط عليها، وإلغاء أية تشريعات تنتهك حقوقها وكرامتها. كما ساعد النسوة على تنظيم صفوفهن في رابطة للدفاع عن حقوقهن، وفي العديد من المحافل والمؤسسات الاجتماعية والثقافية.

واقامت منظمات الحزب اقوى الصلات مع مبدعي شعبنا، حتى بات نادراً أن لا تكون لأحد منهم صلة ما بالحزب، وذلك على ضوء ما وفره مشروعه النهضوي التنويري من أدوات للدفاع عن حرية الفكر والتعبير والابداع، ومن تعزيز لدور المثقفين وإطلاق قدراتهم الإبداعية، ومن قدرة على التصدي لمساعي تخريب الثقافة الوطنية وحماية التعددية فيها. وكان للحزب دور مهم في تبني مصالح بقية فئات الشعب، والمساهمة في بناء منظماتها النقابية والمهنية، وفي دعم وتوجيه نضالاتها المطلبية العادلة.

ولهذا سجل تاريخ العراق المعاصر أروع صور التمازج بين حزبنا وجماهير غفيرة من الشعب، شكلت له دوماً سياجاً واقياً ورفدته بدماء زكية ومناضلين أشداء، وفاءً لتضحياته ودفاعه عن قضاياها ومصالحها.

واليوم ونحن نحتفل بالعيد التسعين، يواصل الحزب ومنظماته ورفيقاته ورفاقه المسار العذب ذاته رغم صعوباته، وصولا الى التغيير الشامل. فبعد أن بات جلياً فشل المتنفذين في حل الأزمة البنيوية التي تعيشها البلاد، جراء هيمنة منظومة المحاصصة والفساد، واعتماد نهج الليبرالية الجديدة في الاقتصاد وما يسبب من فقر وبطالة وتداعيات سلبية وخيمة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والحياتية والخدمية للمواطنين، وتفاقم التفاوت الطبقي والاجتماعي، تبنى الحزب في مؤتمره الوطني الحادي عشر مشروع التغيير الشامل، سبيلاً للخلاص من منظومة الأقلية الحاكمة وسياساتها ونهجها الفاشلين وشخوصها، ومن التدخلات الخارجية في شؤون بلادنا.

وإذ تنهمك منظماته اليوم في تنفيذ هذه السياسة، يدعو الحزب الى إقامة تحالف واسع، سياسي وشعبي، من التيار الديمقراطي والقوى المدنية الديمقراطية ومن الوطنيين ومختلف الفاعليات السياسية والاجتماعية، لفرض إرادة الشعب في التغيير، والسير على طريق بناء الدولة المدنية والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، دولة المواطنة والمؤسسات.

ويرى الحزب أن لا تنميةَ حقيقية ولا استقرارَ او أمانَ للمواطنين، من دون استعادة هيبة الدولة وقدرة مؤسساتها على انفاذ القانون على الجميع، ومن دون حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الدستورية، واتخاذ إجراءات فعلية للحد من الفساد المستشري، والعملَ الجاد على مكافحة البيروقراطية والخلاص من الفساد والفاسدين والفاشلين، واسنادِ الوظيفة العامة الى ذوي القدرة والكفاءة والنزاهة، بعيدا عن التخادم المحاصصاتي والتوظيف الزبائني.

في العيد التسعين نقف إجلالا لذكرى شهدائنا، أولئك الذين قهروا بصدقهم الموت فصاروا رموزاً مقيمة في الأرض أبدا.

وفي العيد التسعين نحيي ذكرى رفيقاتنا ورفاقنا الذين زج بهم الطغاة في الزنازين وعرضوهم لأبشع أنواع التعذيب والملاحقة والفصل واسقاط الجنسية والابعاد خارج الوطن، دون أن ينتزعوا من قلوبهم الوفاء للحزب وللشعب.

وفي العيد التسعين نحيّي الأنصار البواسل الذين دافعوا عن راية الحزب ورفعوها خفاقة، ونحيي جميع أبطال العمل الحزبي، السري منه والعلني، داخل الوطن وفي المنافي، ونقول لهم: لم ولن تذهب تضحياتكم سدى، بل أثمرت بقاء الحزب حقيقة من حقائق العراق، ونبعاً دافقا يروي ظمأ الشعب التوّاق للحرية والعدالة الاجتماعية والأمان والسلام.

في العيد التسعين نحيّي آخر صبيّة وفتىً انضما لصفوف الحزب، ونهنئهما على صواب الاختيار، حيث يمتزج مذاق الوطن بشيم الصدق والتضحية والإيثار.

عهدا على المواصلة والعطاء

ومجدا للعيد التسعين لميلاد

الحزب الشيوعي العراقي

**************************************************************************************

تظاهرة حاشدة في ساحة التحري في مناسبة يوم الأرض الفلسطيني.. المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: كفى تقتيلا وإجراما

بغداد ـ طريق الشعب

في مناسبة الذكرى الـ ٤٨ ليوم الأرض الفلسطيني، نظم حشد من المواطنين، بينهم عدد كبير من الشيوعيين وقياداتهم، تظاهرة في ساحة التحرير وسط بغداد مساء أمس، نصرةً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ضد الاحتلال الصهيوني.

وفي هذه المناسبة أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بيانا أعرب فيه عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الثلاثين من آذار يمثل «يوم غضبٍ ومواجهة شعبية مع الاحتلال الصهيوني، وتصديا شجاعا لقراراته العنصرية في مصادرة الأرض وتهويدها».

وقال البيان، ان «يوم الأرض الفلسطيني غدا ومنذ سنة ١٩٧٦، رمزا للصمود والتحدي والتشبث بالأرض، وعنوانا لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني العادلة»، مشيرا الى ان «ذكرى يوم الأرض هذا العام تأتي فيما يتواصل العدوان الصهيوني الهمجي منذ ١٧٥ يوما على قطاع غزة الصامد، وسائر بنات وأبناء الشعب الفلسطيني».

وأضاف، ان «آلة التدمير لدولة الاحتلال ما انفكت تواصل حرب الإبادة الشاملة، والتي راح ضحيتها حتى الآن ما يقرب من ١٣٣ ألف فلسطيني، والتدمير الكامل للبنى التحتية بما فيها الصحية. ويتعرض الفلسطينيون إلى حصار ظالم وتجويع، وتنهج حكومة نتنياهو الفاشية سياسة التهجير القسري وإفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين».

وجدد المكتب السياسي للحزب في هذه المناسبة موقفه الثابت والداعم والمنحاز إلى الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والديمقراطية، مشددا على انه «آن الأوان لوقف الظلم وانهاء الاحتلال الإسرائيلي والانتصار للعدل والقيم الإنسانية والاستجابة العاجلة لحقوق شعب فلسطين في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس».

وفيما دان البيان «بشدة جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وحربه المتواصلة منذ ٧ تشرين الأول (أكتوبر) ضد قطاع غزة المحاصر وسائر مدن الضفة الغربية»، طالب بـ»وقف هذه الحرب الهمجية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وكبح جماع قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال في استهدافهم المواطنين الفلسطينيين وتعريض حياتهم للخطر ومصادرة بيوتهم وأراضيهم وتوسيع الاستيطان الإسرائيلي على حساب الأراضي الفلسطينية وحقوق أبنائها».

وطالب البيان أيضا بوقف دعم ماكنة القتل الصهيوني من أمريكا وغيرها من الدول المنحازة للعدوان.

وشدد المكتب السياسي للحزب في بيانه على أن «جماهير الشعب الفلسطيني، الصامدة والمقاومة، بأمس الحاجة اليوم إلى الدعم والتضامن من جانب أبناء شعبنا العراقي، كما من سائر شعوب العالم وقواها الحرة، ومن مناصري العدالة وحقوق الإنسان»، داعيا «الجهات الرسمية في البلدان العربية والإسلامية، وفي العالم، الى اتخاذ إجراءات عملية ضد دولة العدوان وإرغامها على إيقافه فورا وإنقاذ الشعب الفلسطيني من طاحونة الموت».

ونوّه البيان بضرورة «رفع أصواتنا المطالبة بوقف حرب الإبادة والتهجير القسري ومصادرة الأرض»، فيما دعا «جماهير شعبنا العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر مختلف الوسائل في سائر محافظات الوطن».

وخلص البيان الى توجيه خطاب الحزب الشيوعي العراقي للشعب الفلسطيني بالقول: «نحن معكم، ونخاطب العالم ونقول لهم أوقفوا المجزرة الصهيونية».

*********************************************************************

الصفحة الثانية

رابطة الانصار تهنئ في الذكرى التسعين

تحلُّ اليوم الاحد 31/ آذار 2024، الذكرى التسعون لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي، الحزب الذي وُلد من رحم الشارع العراقي متبنياً تطلعاته ومطالبه المشروعة في التحرر من الهيمنة الاستعمارية والتخلص من سلطة وسطوة الاقطاع والرجعية، مجسداً ذلك في شعاراته الوطنية والطبقية المنحازة الى جانب الشعب العراقي، فاتحاً كوة من الأمل في أزقة الفقراء وفي بيوت جميع الطامحين الى الحرية والعيش الكريم.

لقد ترسخ تاريخ حزبنا النضالي في ذاكرة الشعب العراقي، ونبتت جذوره عميقاً في ارض العراق، ولم تتمكن من اقتلاعها محاولات الأعداء الذين مارسوا ضده أبشع أساليب التعذيب والتنكيل والتشويه على مرّ سنوات عمره كلها، فقد تحصن حزبنا بسياج جماهيري منيع، أحبط جميع المؤامرات التي حيكت من أجل اقتحامه والقضاء عليه، كما تحصن بأفكاره المتنورة وسياساته الصائبة التي لبت حاجة ابناء العراق، وأيضا بأرادة مناضليه الذين قدموا التضحيات الجسام من أجل بقاءه واستمراره.

وها هو اليوم، يحتفل بذكراه التسعين بين جماهيره، مناضلاً صلباً وعنيداً، ثابتاً على أهدافه ومبادئه، مغذياً السير نحو تحقيق سياساته، ينطلقُ غير هيّاب الى ساحات الكفاح بالرغم من أنّ الطريق صعباً وشائكاً، واضعاً امام عينيه مصالح العراق وشعبه الذي مازال يعاني من عدم الاستقرار ومن الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية بسبب نظام المحاصصة وما أنتجه من فساد وتخريب ونهب لثروات البلد من دون عقاب.

اننا في اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين نحيي هذه المناسبة العزيزة، ونتقدم الى الرفاق في اللجنة المركزية لحزبنا والى جميع أعضاءه ومؤيديه، والى رفيقاتنا النصيرات ورفاقنا الأنصار الذين ضحوا بالغالي والنفيس، بأحر التحايا الرفاقية وأصدق المشاعر التضامنية، متطلعين الى المزيد من العمل المشترك والدؤوب من أجل (وطن حر وشعب سعيد).

باقات ورد لحزبنا في عيد ميلاده/ المجد والخلود لشهدائه الأبطال

*****************************************************************************

اضاءة.. .. وتبقى أبواب الحزب مفتوحة

محمد عبد الرحمن

ما الذي يجذب المواطنين عموما، والشباب منهم خصوصا، الى الحزب الشيوعي العراقي؟ السؤال راهن ومعنيّ بالحاضر، الذي رغم ما يكتنفه من صعوبات واشكاليات وتعقيدات واغراءات ونزعة استهلاكية طاغية، فانه لم يَحُل دون انضمام الشباب والشابات بقناعة وبثقة الى صفوف الحزب.

ولا شك ان من يأتي الى الحزب اليوم يعرف مسبقا انه لا تمثيل له في السلطة، ولا يمتلك المال كي يغدقه على شراء مرشحين وناخبين، ولا سلاح يرفعه يلوح به. 

فالانتماء لحزبنا اليوم يحمل ويملك اصالته وصدقيته وتجرده عن المصالح الذاتية والشخصية، وهو من دون شك خيار صعب وسط كل الضغوطات والدعايات المضللة والاغراءات الكبيرة،  فهو بحد ذاته تعبيرعن استعداد مسبق للتضحية، وهو اختيار فكري وسياسي بامتياز. 

العديد من الشباب وجدوا طريقهم الى الحزب في اثناء الانتفاضة المجيدة ، بعد ان لمسوا الصدقية في مواقفه، وإقرانه القول بالفعل، وان مشاركته في الانتفاضة لم يكن هدفها تحقيق غايات خاصة. فالهم كله، والجهد كل الجهد، كان بلوغ الانتفاضة غاياتها النبيلة. وتبقى في هذا السياق الحقيقة الساطعة، حقيقة أن خيمة الحزب كانت آخر خيمة في ساحة التحرير تم رفعها.

فهل وحدهما الصدقية وبياض الايادي، كانا كافيتين لانضمام هذه الطاقات الشابة وغيرها الى الحزب؟

 سئلت ذات مرة في احدى القنوات الفضائية عن هذا، وعن سر بقاء الحزب وصموده رغم عصف الرياح الصفراء، فقلت ان أمورا عدة تجتمع لتشكل حالة الفرادة في الحزب الشيوعي، الشاب الذي نحتفي بتسعينيته، وهو ذو الماضي المجيد والحاضر المفعم بالثقة والمستقبل الواعد. قلت ان العديد من العوامل والأسباب كانت وما زالت مصدر إلهام وتحفيز له، منها الموقف الوطني الذي هو سمة وعلامة تميز الحزب الذي لا يتمتع بإجازة من النضال تحت مختلف الظروف، ولا يعرف الموسمية والكلل، ولا يساوم على المباديء، وهو منذ ولادته السعيدة في التحام أبديّ مع المواطنين وشغيلة اليد والفكر، ومع الجمال في كل مكان وزمان، وضد القبح والظلم والاستبداد بكل تجلياتها وعناوينها، فيما يسترشد بمنهج خلاق وفكر متقد تؤكد الحياة كل يوم صحته وصدقيته. كما لا منازع للحزب في مواقفه الطبقية والاجتماعية وانحيازه الثابت الى الناس وتطلعاتهم. 

ولا يكتمل الحديث دون الإشارة الى جانب مضيء آخر جاذب وملهم، ونعني به قوة المثل لباني الحزب يوسف سلمان - فهد واستشهاده البطولي، والصمود الأسطوري لرفيقه سلام عادل امام الجلادين، وغيرها من مآثر الرواد والقادة الآخرين وسلوكهم وتضحياتهم الجمة، وهي ما يعتز به ويفتخر كل شيوعي، بل وكل مواطن عراقي يتسم بالموضوعية، وهي ما انفكت تذكي جذوة الحماس والزهو والفخر بصواب الانتماء وحسن الاختيار.

انه تاريخ ملهم وناصع رغم ما فيه من تعرجات، فلم يتورط حزب فهد وسلام عادل بما يخلّ بمبادئه وقيمه الثورية، سواء في زمن النجاحات او في اوقات الانكسارات والاخفاقات. وحتى حين يخطئ الشيوعيون في غمرة اجتهادهم لخدمة الشعب والوطن، فانهم سرعان ما يبادرون بارادتهم الى التقويم والتصحيح، والى مراكمة الخِبَر واستخلاص الدروس منها، والعودة اليها باستمرار باعتبارها زاداً تمس الحاجة اليه في معمعان العمل والنضال.

 هذا هو الحزب الشيوعي اليوم باصالته وصدق مواقفه وخياراته الكبرى، هكذا كان وسيبقى رغم الصعاب وما اكثرها. ولهذا كله وغيره لن تغلق صفوفه، كما حلم وتمنى الطغاة والمستبدون والظلاميون، وتظل ابوابه مشرعة للشباب وغيرهم من المواطنين، الذين يرون فيه، كما رأى الرواد، المرتجى والأمل.         

 في العيد التسعين اطيب وارق التهاني.

وكل عام وانتم والحزب والشعب والوطن بالف خير.

************************************************************************************

نعمل لتحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية طموحات المواطنين.. رائد فهمي: مستمرون في نضالنا الطبقي والوطني والديمقراطي

بغداد ـ طريق الشعب

لمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، قال الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب: «نحتفل اليوم (31 آذار) بهذه الذكرى، كحزبٍ ومناضلين ورفاقٍ وقوى وطنية»، منوها بـ»الدور الذي لعبه ولا يزال الحزب الشيوعي العراقي في الحركة الوطنية والنضال الوطني والتحرري والطبقي والديمقراطي».

وأضاف الرفيق فهمي في حديث لـ«طريق الشعب» ان «هذه المناسبة اضافة لكونها استذكاراً واحتفالاً بهذه المسيرة وبشهدائها وبإنجازاتها ومحطاتها المختلفة. كذلك هي مناسبة للوقوف على الاخفاقات والانتصارات، وهذه عملية ترافق كل حركة سياسية يمتد تاريخها الى هذا العدد الكبير من السنوات، تجاوزت ومرت عبر مراحل وأنظمة سياسية وظروف تاريخية مختلفة ومعقدة».

وأكد الرفيق فهمي، أن «الحزب يواجه راهنا تحديات الواقع ومستجداته، اي الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتكنلوجي، وهذه كلها تضع امام حزبنا والاحزاب عموماً تحديات غير مسبوقة ينبغي ان نواجهها، وتنعكس علينا في حاضرنا اليوم».

واشار الى ان «الحزب مطالب، اليوم، بان يلعب دوره كاملاً في التأثير على مسارات البلد، ونحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية طموحات وحقوق المواطنين، لا سيما الطبقات الكادحة والطبقة العاملة والشغيلة والفئات المختلفة بمن فيها المثقفون الثوريون».

واسترسل الرفيق فهمي في حديثه قائلا: إن «الدولة المدنية الديمقراطية لا تزال مشروعاً، إذ أن عملية بناء الدولة لا تزال تواجه تحديات كبيرة. وأمام هذه التحديات المتنوعة، واجب على الحزب ان يعمل وأن يؤثر، وأن يضع الاستراتيجيات والتكتيكات وأن يبتكر صيغ العمل لمواجهة تلك التحديات».

واستطرد بالحديث ان «التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي شهدته البلاد افرز شرائح مختلفة؛ ونتحدث اليوم عن اقتصاد فيه فئات غير منتظمة في هياكل اقتصادية واضحة، ضمن ما يسمى القطاع غير المنظم»، مشددا على انه «ينبغي للحزب ان يعمل مع هذه الفئات».

وتابع الرفيق فهمي بالقول: «ونحن نقف في عشية الذكرى التسعين، ينبغي أن ننظر الى هذه المسيرة المجيدة بكل تضاريسها وتعقيداتها وايجابياتها ونقاط ضعفها لنعيد دراستها»، مضيفا ان «الحزب يدرس هذه التجربة في ضوء معطيات الحاضر، وكيف استطاع ان يجابه في مراحل مختلفة هذه التحديات، وان يبني تنظيماته، وان يتصدى لطروحات خصومه ويجتذب الجماهير حوله وينمي ارتباطاته وصلاته الجماهيرية وخوض النضالات المختلفة؛ فهذه التجارب الغنية لا بد من ان تكون حاضرة ومستوعبة من قبل جمهورنا الحزبي وخصوصا الجيل الشاب، الذي ربما لم تسمح له الظروف بالاطلاع على هذه الأمور، وكلّ هذا نربطه بالحاضر والمستقبل».

وأردف الرفيق قائلا: «نواجه اليوم مصاعبَ ولا نخفي ذلك، لكن لدينا ثقة كاملة في أن هذه المصاعب حينما نشخّصها ـ والحزب ربما أول من قام بتشخيص الصعوبات وربما الأخطاء ـ فهذا يعني ان هناك رغبة واستعدادا وقدرة وإمكانيات لتجاوزها، لكن كيف ننظم عملنا لتجاوزها؟ هذا ما نعمل عليه الآن حيث تسلط احتفالاتنا بالذكرى الضوء على ذلك، فهو ليس مجرد احتفاء، بل نظرة نقدية إيجابية لكل هذه التجربة، من المنطلقات التي ذكرتها لمواجهة متطلبات الحاضر».

وذكر الرفيق فهمي، ان «الحزب يسعى من خلال فعاليات الذكرى التسعين ـ التي ستسمر لعام كامل على كل المستويات والصعد وفي كل المحافظات وفي الخارج ـ لأن يكون الاهتمام بالمشاركة الواسعة التي تتجاوز رفاق الحزب»، مؤكدا انها «مناسبة للانفتاح، فهناك جمهور واسع ووسط يعاتب الحزب لعدم الوصول والتواصل والانقطاع، لذا سنعمل هذا العام على معالجة الخلل حيث وجد، والعمل على إيجاد أوسع الصلات مع عوائل الشهداء والرفاق المنقطعين والأصدقاء».

ولفت فهمي إلى أن «ما تحقق حتى الآن خلال الاسابيع القليلة الماضية منذ الشروع بهذه الاحتفالات يحمل اشارات واعدة؛ هناك كم هائل من الفعاليات في الداخل والخارج، ونأمل ان تتواصل وتشمل ميادين ومجالات متعددة وتتخذ اشكالا مختلفة».

وأكد ان الحزب «مستمر في نضاله على الصعيد الوطني والديمقراطي والطبقي ومختلف الميادين، وسيبقى مواصلا لها وبأشكال مختلفة سواء بالنضال السياسي أم الفكري، فالتحديات الفكرية ليست قليلة».

واختتم سكرتير اللجنة المركزية للحزب، حديثه بتوجيه التحية الى «كل الرفيقات والرفاق وندعوهم الى رفع الهمم والاستعداد الكبير والدائم لمواجهة التحديات. ثقتنا كبيرة بحزبنا وشعبنا وكل قواه الخيرة من اجل التصدي لهذه المهام الكبيرة ومواصلة السير على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية».

****************************************************************************

حميد مجيد موسى في ذكرى ميلاد الحزب: تسعة عقود من الصمود والشجاعة والدفاع عن الشعب والشغيلة ومصالحهم

بغداد ـ طريق الشعب

في مناسبة الذكرى المضيئة التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، حيّا الرفيق حميد مجيد موسى، السكرتير السابق للجنة المركزية للحزب، جميع الرفاق والرفيقات، وجميع من شارك في نضال الحزب من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكل من تعزّ عليه قضية الحزب الشيوعي من الاصدقاء الديمقراطيين اليساريين والثوريين. واستهل الرفيق موسى حديثه لـ»طريق الشعب» بالقول: إنها مناسبة لاستذكار أمجاد شهداء الحزب، ومواقفهم البطولية وصمودهم الأسطوري بوجه الأنظمة الرجعية الديكتاتورية. ونُحيّي مساهمة مناضلي الحزب البواسل في سوح الاحتجاج، وفي العمل السري وحركة الانصار ممن تحدوا الجلادين واساليب التعذيب والترهيب والسجون والتهجير والمطاردات وتحملوا ظروف الاعتقال والاعدامات والاغتيالات السياسية وقطع الارزاق، ايمانا منهم بحق الشعب وكادحيه المشروع في حياة كريمة ومزدهرة ومتطورة، وبلد مستقل ذي سيادة.

وقال، ان «الشيوعيين قدموا الغالي والعزيز من اجل تحقيق الديمقراطية الحقيقية والاستقلال السياسي والاقتصادي والتنمية المستدامة والتطور لوطنهم»، مشيرا الى انهم «كرّسوا جلّ طاقاتهم لصياغة الشعارات الواقعية السليمة والسياسات الوطنية المعبرة عن مصالح الكادحين وعموم الشعب وخاضوا تجارب عسيرة وشائكة، وواجهوا ظروفا صعبة وذاقوا حلاوة النجاح ومرارة الفشل».

واضاف الرفيق موسى، أنه برغم الايام السوداء التي مرّت بهم «تمكن الشيوعيون من استخلاص الدروس الصحيحة والأساليب الناجحة، لتطوير وتقويم مسارهم وتجاوز العثرات، دون زهو او غرور بالنجاحات».

وأكد الرفيق حميد كجيد موسى القول: إنها «تسعة عقود من الصمود والشجاعة والالتصاق بالشعب وبالشغيلة والدفاع عن مصالحهامصالحها، وبروح التجديد والديمقراطية، وبالحيوية الفكرية والواقعية السياسية، وباساليب العمل المتطورة، وبالايثار والحرص على الوحدة ومكافحة اساليب التخريب والتطرف والعدمية، مكّنت الحزب الشيوعي من ان يبقى قوة بارزة ومؤثرة في حياة المجتمع العراقي. وستبقى وسيبقى دائما قوة محركة ورائدة لاعادة بناء مجتمعنا ولتحقيق مشروعه الوطني الديمقراطي بآفاقه الاشتراكية».

وختم الرفيق موسى  بتوجيه التحية لجميع نشطاء الحزب وجماهيره المناضلة، متمنيا «الازدهار لبلدنا والسعادة لشعبنا والحرية الكاملة لوطننا والعزة والنصر لحزبنا.

************************************************************************************

الديمقراطي الكردستاني: تضحيات مشهودة للشيوعيين في سبيل الحرية

السيد/ رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

السادة أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

 

بمناسبة الذكري الـ (۹۰) لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي نتقدم لكم بأحر التهاني ولأعضاء ومؤيدي حزبكم، متمنين لكم الاستمرار والتقدم في برامجكم ونشاطاتكم.

ان الحزب الشيوعي العراقي أحد الأحزاب المناضلة وكان له دور مهم في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق المواطنين وبناء دولة عادلة ومستقرة، وقد قدم هذا الحزب في سبيل تحقيق ذلك الكثير من التضحيات والشهداء، وان هذا مدعاة فخر واعتزاز للتاريخ السياسي للحزب والحركة التقدمية للشعوب العراقية.

يعاني العراق والمنطقة اليوم من ظروف حساسة وصعبة بسبب المشاكل والصعوبات المستعصية لنظام الحكم، وعدم تفاهم القوي السياسية داخل العملية السياسية من جهة وبين إقليم كوردستان والمركز من جهة اخرى، لذلك اننا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني نعتقد انه من واجب كل الاطراف السياسية المخلصة والوطنية والتقدمية وبشكل ديمقراطي بأن يكونوا علي قدر المسؤولية التاريخية بالاتفاق علي حل تلك المشاكل والعودة الي الاتفاقات السياسية ومبادئ الشراكة والتوافق والعودة الي الاسس القانونية للدستور.

بهذه المناسبة وبالإضافة الي تخليد هذه المناسبة ونضالكم وتضحياتكم في الحركة التحررية للشعوب العراقية نؤكد علي التنسيق والاستقرار والصداقة بيننا وكافة الاطراف السياسية الوطنية في سبيل دعم وتقوية المؤسسات الدستورية وسلطاتها وفي سبيل السلم والاستقرار السياسي في إطار عراق اتحادي.

نهنئكم مرة أخرى مع دوام التوفيق..

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

 

 

الحركة المدنية الوطنية: نقدر عاليا تاريخكم النضالي العريق

في ذكرى تأسيسه التسعين، تتقدم الحركة المدنية الوطنية متمثلة بأمينتها العامة المهندسة شروق العبايجي، بأحر التهاني، للحزب الشيوعي العراقي، وإلى رفاق الحزب وقيادته وسكرتيره العام الدكتور رائد فهمي، في هذه المناسبة التي نستذكر فيها بكل إجلال وتقدير تاريخا نضاليا عريقا من أجل حرية الوطن والازدهار للشعب.

لقد انبثق هذا الحزب من رحم معاناة أبناء الشعب العراقي تحت نير الاستعمار والإقطاعية، ورسم نهجا نضاليا للتحرر والانعتاق، حيث عبد هذا الطريق بالتضحيات والشهداء، إيمانا بأن الوطن الحر والشعب السعيد هو أسمى هدف يلبي طموحات العراقيين والعراقيات في كل المراحل التي مر بها العراق.

لقد جاء تأسيس الحزب الشيوعي العراقي تلبية لضرورات وطنية ملحة في تمثيل مصالح الشعب العراقي بوجه الأطماع الاستعمارية والدفاع عن حقوق أبنائه خصوصا طبقاته الكادحة وفئاته المسحوقة والمهمشة، وهذا ما أرعب السلطات العميلة والدكتاتورية فقامت بإعدام مؤسس الحزب الرفيق فهد وتصفية قادته الأبطال حازم وصارم وسلام، وكانت قوافل الشهداء لا تتوقف خصوصا تحت ظل الطغمة الصدامية المجرمة.

وما زال الحزب يواصل مسيرته النضالية لتحقيق المشروع الوطني في إقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، في ظل منظومة تعمل وفق مبدأ المحاصصة وتقاسم السلطة والمغانم، بعيدا عن المصالح الوطنية. وتضع القوى المدنية الوطنية أملها في استمرار العمل معا لانجاز البديل الوطني الذي يهدف لتصحيح التجربة الديمقراطية على أسسها الدستورية السليمة، وإعادة توزيع الثروات بشكل عادل يحقق أهداف التنمية المستدامة الحقيقية ويعزز السلم الاهلي والاستقرار المجتمعي.

تحية فخر واعتزاز لهذه المسيرة النضالية الزاخرة، وتحية لشهداء الحزب الشيوعي ولدمائهم الزكية، وعاشت رايته حرة خفاقة في سماء العراق الديمقراطي الأبي.

المهندسة شروق العبايجي

أمين عام الحركة المدنية الوطنية

بغداد- آذار ٢٠٢٤

******************************************************************************

تهنئة

بمناسبة حلول عيد القيامة المجيد، نتقدم بأزكى التهاني وأطيب الاماني لأبناء وبنات شعبنا عموما والى المسيحيين في العراق والعالم خصوصا، متمنين للجميع السعادة ودوام الافراح وان يعم بلدنا وربوع المعمورة السلام والأمان والازدهار.

وكل عام والجميع بخير وسعادة

«طريق الشعب»

******************************************************************************

الصفحة الثالثة

الشيوعيون في الذكرى التسعين رؤية طبقية واصرار كفاحي

جاسم الحلفي

اعتبر كارل ماركس أن الصراع الطبقي هو أساس تطور التاريخ ومحرّكه، وان كل مجتمع انساني هو ثمرة للصراع بين الطبقات. ففي كل مراحل التطور البشري حصل صراع بين الطبقات الاجتماعية، بسبب غياب العدالة الاجتماعية، ما أحدث فجوات طبقية قسمت المجتمع بين طبقة مستغَلة وطبقة مستغِلة، بين الظالمين والمظلومين، بين المضطهَدين والمضطهِدين. وبطبيعة الحال يميل هذا النوع من الصراع إلى الاستقطاب المستمرّ في اتّجاهين متعارضين.

 لم يكن المجتمع العراقي خارج سياق البلدان التي تغيّب أنظمتها المتسلطة العدالة الاجتماعية، فتكونت فجوة طبقية في المجتمع ظلت تتسع باضطراد. فهناك حفنة من المتخمين الذين أثروا عبر التطاول على المال العام، وعشرات الملايين من المواطنين الذين يرزحون تحت خط الفقر، وبقى هذا الحال يلازمهم حتى في السنوات التي ارتفعت فيها عوائد النفط، الذي رغم موارده الكبيرة أثمر فقرا واسعا، بسبب الإدارة النفعية والاستغلالية للأنظمة الحاكمة. فلم تحقق عوائد النفط شيئا للكادحين والفقراء في غياب العدالة في توزيع الدخل والمنافع على فئات الشعب المختلفة، وفي ظل تغييب حق المواطن العراقي في التمتع بمستوى معيشة كريم ولائق، يحافظ بفضله على الصحة والكرامة والرفاهية، خصوصا مع تجاهل مجمل الحقوق الأخرى الاقتصادية والاجتماعية، الضامنة لكرامة الأنسان، مثل الحق في التعليم والحق في العمل والضمان الاجتماعي وغيرهما.

 وقد توقفت مؤتمرات حزبنا الشيوعي التاسع والعاشر والحادي عشر، في تحليلاتها للأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، عند طبيعة الصراع الاجتماعي في العراق، وأشرت بوضوح الانقسام الطبقي الحاد في مجتمعنا، كما توقفت عند الفجوة الطبقية التي  تتسع بشكل مضطرد، وبيّنت أن هناك أقلية (اوليغارشية) تمسك بالسلطة وتتحكم بالمال، تقابلها الأكثرية من طبقات المجتمع الأخرى.

ورصدت مؤتمرات الحزب وجود طغمة فاسدة توسع ثراؤها بشكل جنوني، وهي تواصل نهب الأموال العامة دون اكتراث للقانون او لردود فعل المجتمع على حجم الفساد وما يدره لمن يستحوذون على المال بكل الطرق غير الشرعية والبعيدة عن القانون وعن النشاط الاقتصادي الإنتاجي، وان هؤلاء فاقوا المافيات في ما حصلت عليه عبر التاريخ. ويكفي ان نتذكر الطريقة التي نهبت بها اموال الضرائب في جريمة سرقة القرن، التي تناستها الدولة ولم يلاحقها القانون.

لقد اكتمل تشكيل طبقة اجتماعية مترفة فاحشة الثراء، نواتها طغمة الحكم الى جانب حيتان الفساد والمرابين من أصحاب البنوك وكبار المضاربين بالعملة الصعبة، الذين كانوا قبل 2003 اصحاب “بسطيات” ثم انتفعوا من مزاد العملة واصبحوا أصحاب تريليونات، ومعهم سماسرة الصفقات وقادة المليشيات الذين استهوتهم لعبة جني المال أيّا كانت الطريقة، ومعهم بعض كبار موظفي الجهاز البيروقراطي للدولة التابعين للقوى المتنفذة، ومسؤولو اللجان الاقتصادية لأحزاب السلطة، ومهربو النفط، ومجرمو صفقة القرن واشباههم في هذا النوع من الجرائم، يضاف اليهم  كبار تجار المخدرات والمتاجرين بالبشر. ويفصل هؤلاء وطبقتهم عن طبقات المجتمع الأخرى بحر من الظلم والحرمان، ومآسي العوز والفقر وشظف العيش في أوساط العمال وفقراء الفلاحين والعاطلين عن العمل والمهمشين والعاملين في القطاع غير المنظم، كذلك منتسبي الدولة ممن يقعون في أسفل السلم الوظيفي حتى الدرجة الخامسة، بجانب سكنة العشوائيات ومن يعتاشون على مكبات النفايات.

لا يكفي الحزب نشاطه الفكري في تحليل الواقع ومعرفة طبيعة الصراع، استنادا الى مفهوم الصراع الطبقيّ ودوره في التغيير الاجتماعيّ، وفي رسم الصورة الطبقية للنظام الاجتماعي وتبيان تناقضاته وتفاعلاته، بل يحتاج الأمر مزيدا من النشاط السياسي والتعبوي تصديا لطغمة الفساد، وتحشيد الطبقات الكادحة والمهمشة وكل من يشاركنا في تبني العدالة الاجتماعية وإزالة التفاوت المفرط في كل جانب من جوانب الحياة، لبناء مجتمع تختفي فيه، بمرور الزمن، الانقسامات الطبقية العميقة. 


ولا ينبغي نسيان قانون التناقض في التحليل، فهو قانون علمي يحكم كل الظواهر، وقد تموضع بين طبقات المجتمع وشرائحه. فما يجري اليوم من صراع هو طبقي بامتياز رغم اختلاف العناوين، اما التناقض الرئيسي اليوم فهو بين الشعب ومصالحه من جهة، ومن جهة أخرى طغمة الحكم ومصالحها، حيث تستميت في التشبث بالسلطة، وقد اثبت قدرتها على الاحتيال والخديعة بتصوير الصراع في المجتمع بصورة الصراع الطائفي، في محاولة لإشاعة الوهم والالتفاف على الديمقراطية وأفراغها من محتواها، وتحويل آلية الانتخابات الى لعبة مملة. فالديمقراطية لا تعني لطغمة الحكم سوى انتخابات صورية، غايتها تجديد المحاصصة وإدامة التمتع غير المشروع بالامتيازات.

ان الديمقراطية الحقّة لا تمارس فعلاً إلاّ حين يكون الناس في مأمن من مخاطر الفقر والمرض والبطالة. ولا وجود لمواطنة حقيقية من دون مساواة للمواطنين. ولا وجود لمثل هذه المساواة من دون تشريك الجزء الأكبر من الاقتصاد، ولا ديمقراطية من دون توسيع الحقوق والمشاركة السياسية.

بكلمات أخرى يشكل الكفاح من أجل الحقوق الديمقراطية جزءا من ميدان الصراع الطبقي. وهدف الشيوعيين هو توسيع الديمقراطية والحرية الى أقصى حد ممكن في سياق النظام السياسي، وتوسيع الأشكال الديمقراطية ومبادئ الرقابة الشعبية في الميدانين السياسي والاقتصادي وفي سائر الميادين الاخرى.

**********************************************************************************

مصابيحك التسعون تضيء الآفاق !

رضا الظاهر

في أيام آذار، حين أضاءوا أول مصباح، بدأ الرواد يغنّون، والسماء التي تقحّموها تسمع نشيد الحرية، وتصغي الى خطوات المسير نحو عالم جديد: هبّوا ضحايا الاضطهاد !

من نور مصابيحك التسعين يتعالى الهتاف جمرة متقدة تحت رماد بلاد ثائرة حتى في صمتها .. عندما يقتلون المنشدين تظل هذه البلاد تغني لأنها ربيبة الشمس ..

البلاد التي وُلِدت فيها الأبجدية، وكتبت فيها امرأة أول قصيدة في التاريخ، وشعّ نورها على الكون.. هذه البلاد مصيرها النهوض حتى وإن كثرت الكبوات، وغدها الإشراق حتى وإن ساد الظلام ..

اليوم أتذكر، من بين أحبة كُثْر، أمي التي عُرِفت بتحديها وهتافاتها للشيوعية، وأبي الذي ما رأيت نظيرا لجَلَده في مواجهة الأهوال .. عائلتي التي روّت مآثر الشيوعيين أغصان شجرتها المورقة في كل الفصول .. العائلة التي كانت أجواء التنوير والثقافة تملأ بيتها، وكانوا يسمونه “بيت الشيوعيين” ..

اليوم أتذكر أيام الصبا حين كانت تستبد بنا الأحلام، وما كنا قد تمرّسنا، بعد، في المسير ..

اليوم أتذكر المعلمين الأوائل الذين ألهمتني أمثولتهم، وأرشدتني الى سبيل الشيوعية .. الأحداث الجسام التي أغنت خبرتي في الحياة .. الآلام التي فتحت نافذة للآمال .. والدروب التي سرت فيها، تحت ظلال رايات سخط ورجاء ..

أجل .. أولئك المعلمون الأوائل الذين أخذوا النهارات ومضوا، لكنهم لم يتركوا لي الليالي، بل تركوا عندي، وعند ملايين الحالمين، مصابيحهم، وقد صارت اليوم تسعينا، ومعها صرنا أسطع يقينا بالأيام، وبالذي تمضي بنا اليه ..

أنتم أيها الوارثون الينابيع، وقد انتمى اليهم خيرة الناس .. القابضون على جمر المعاناة .. السائرون على جسور من أشواك .. المبدّدون ظلمة الطريق .. الهادون الماشين صوب ضفاف الاطاحة بعالم رأس المال ..

أنتم الذين حوّلتم السجون الى مدارس، وفيها كنتم تنشدون، وحفرتم قصائد الاصرار على جدران الزنازين، متحدّين الجلادين في أقبية التعذيب ببطولة نادرة، وسرتم، غير هيّابين، في دروب العمل السري، ورفعتم، بجسارة، السلاح بوجه الدكتاتوريات، وصدحت أصواتكم التي منها يتطاير الشرر في شوارع وساحات الانتفاضات، وسالت دماء شهدائكم وهي تروّي الجبال والسهول والأهوار ..

وأنتن يا أمهات الشهداء، اللواتي ما نامت عيونهن الخُزّر .. وظل نحيبهن يذيب  الصخر، ومآثرهن ترسم خطوات المسير

أنتن أيتها النساء الثائرات .. الحالمات .. واهبات الحياة، اللواتي كنّ، ومازالت حفيداتهن، يتشهّين اكتشاف الرجاء، وتشع أرواحهن بنور الحقيقة، وهي ترشدنا في دروب النضال .. 

أنتم الذين وهبتم أجمل سنوات العمر زهورا لا تذبل، وينابيع لا تنضب، ورايات لا تنتكس ..

أنتم الذين تقاسمتم خبز أيام مريرة، واحتفظتم بدموع كنتم تعرفون أنكم ستحتاجونها يوما ..

أنتم الناظرون الى النجوم، وفي أصواتكم تأتلف الأغاني حتى عندما على النور تختلفون ..

أنتم الذين لا تجفلون من رأي آخر، ولا تخشون نقد ذاتكم، ولا الاعتراف بهزائم تتمثلون دروسها، ومنها تستخلصون العبر الموحيات والآمال المقبلات، مستلهمين ما قاله معلمنا الأول ماركس: البروليتاريا ستهزم مئات المرات قبل أن تنتصر ! 

أنتم الذين تواجهون اليأس متمثلين قول معلمنا الثاني إنجلز: إنها لسذاجة صبيانية أن يجعل المرء من جزعه الشخصي برهانا نظريا !

أنتم السالكون طريق الحق، وما أوحشه لقلة السالكين .. القادمون من تاريخ موغل بالضياء والعدالة والمقاومة .. انتم وارثو الربيع، المفعمون بأسئلة الواقع الحارقة .. الذين تنتظر الأجراس أياديهم وتتوق كي تقرعها، حتى تؤذن باستئناف المسير..

أنتم الذين تبثّون في الشوارع المنتفضة رسائل الاحتجاج ضد ثقافة القطيع، وانحطاط القيم، والاستعراضات الزائفة، وظلام التخلف ..

أنتم الحالمون الذين حطّت حمائمهم على سواقي القلوب، فسمعنا نشيدهم العراقي ممتدا من تراتيل سومر حتى هتافات تشرين ..

أنتم الذين ترون حتى عندما تحجب الدموع الرؤية ..

أيها الشيوعيون .. يا رفاق الدرب:

الرافدان يجريان وئيدين لأنهما يعرفان أن فتاة شيوعية تريد أن تكمل تلك الأغنية التي بدأها الأولون: هذا الحزب الذي قدم ما لا نظير له من الأمثلة الملهمة،  مصيره الحياة المتجددة والسير الى أمام .. يمضي بمصابيحه التسعين وهي تضيء الآفاق، وسبيل الأجيال صوب عالم جديد ..

نواقيس الغضب تقرع في بلاد ما استكانت يوما الى ضيم .. ورماد الفجائع لن يقوى على حجب جمرة الكفاح المتقدة في الروح العراقية ..

وهذه البلاد التي يريدون لها أن تبقى في كهف الظلام ومستنقع الخنوع، تعود، دوما، الى ينابيع الحياة، وتقتحم، دوما، متاريس الجائرين ..

وتلك الأمواج التي تكسرت عند ساحل أيام ثورية، أرشدت السفن الى ضياء ذلك النجم البعيد ..

نظل معاً في ذلك الفوج من السعاة الى إقناع الغيم حتى يتوقف عند خطوات العابرين، ويبلل، بندى الثورة، جباه الحالمين .

من أية رايات تخفق في أياديكم صدحت أنشودة الكفاح ! من أية أشرعة عِذاب سطع وجدانكم المنير كل حين !

يلزمني أفق أرحب حتى تليق كلماتي بمقامكم .. لا شيء يضاهي أرواحكم التي قُدّت من بلّور !

الله يشهد أني لم أقل فيكم ما يضارع مجدكم الذي لا مثيل له .. هل يستطيع عاشق أن يقول !؟

اخترنا طريق الشيوعية، فخسرنا أغلالنا، لنكسب عالماً بأسره !

******************************************************************************

الاحتفال عشيّة العيد

ماجدة الجبوري

في بيتنا الطيني، وسط القرية، ومع اطلالة الربيع وتفتّح الازهار والقدّاح الذي يفوح من ورود حديقتنا التي يعتني بها والدي ويجنّد العائلة بالعمل فيها من تنظيف وتسميد، خصّصت فيها «گعده» غطّيت بالثيّل، تحيطها أجمل الورود وخاصةً الجوري، تفوح منها رائحة الرازقي ووضعت لها إنارة خاصة لتنعكس ألوان الربيع على المكان، كان هذا في زمن يخلو من الحزن والأوجاع التي آلمتنا فيما بعد.

 كان يجري الاستعداد للاحتفال بعيد الحزب في 31 آذار بهدوء وفرح وبهجة السبعينيات، وكان عرّاب الحفل وقائده هو أخي أنور الذي استشهد فيما بعد. أولى التحضيرات التي كانت تجري، شراء لوحة خشبيّة، ومسامير، وخيوط، يخط عليها أحد شعارات الحزب، لإحياء ذكرى وعيد ميلاده، يشتغل فيها أخي أنور أياماً، لتخرج حقاً لوحة فنيّة من يد فنان ثم يهديها لمقر الحزب في الحلة.

كانت مهمتنا نحن الصغار تفريط  « صندوگين « من الرمان، وغسل الفاكهة والخضرة، أما ترتيب الزلاطة، والكرزات والنمنمات فهي مهمة أخي انور، طبعاً مع طبخ عشاء فاخر من قِبل أهل البيت.

عندما يحين الوقت، عشيّة العيد، يتوافد الأصدقاء والرفاق للبيت لإحياء حفلة الحزب، التي تبدأ بكلمة ترحيب، وتهاني ومن ثم تنشد أغاني الحزب التي كانت تشدّنا نحن الصغار وينشد الجمع، (عمّي يابو چاكوچ خذني خذني وياك …ذبني ويّه العمال حلوة عيشتي هناك). اتذكر إحدى الحفلات في بيتنا أحياها الفنان الحلاّوي، حمودي شربه، الذي «رحل مؤخراً»، وأبدع فيها في العزف والغناء بصوته الشجي الجميل.

للأسف لم تجر الأمور كما ينبغي، غدر النظام بالحزب، وبناته وأبنائه فأُعتقل أعضاءه، ومنهم من استشهد تحت طاحونة التعذيب، ومنهم من تشرّد في المنافي، ومنهم من بقي يناضل بشكلٍ سرّي، وأخوتي منهم الذين فقدوا وظائفهم بسبب ملاحقة النظام لهم، واختفوا عن أعين الأجهزة الأمنية ثماني سنوات اكثرها في مخابئ تحت الأرض. و للأسف استشهدوا عام 1991، لكن أخي كامل أفلت من مقصلة الموت بأعجوبة، حكم عليه بالإعدام في سجن أبو غريب، بعدها خفّض الحكم للسجن المؤبد وبقي هناك سنوات، خرج فاقد البصر تماماً نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له.

الاحتفال في السجن

يقول كامل كانت حياتنا في سجن أبي غريب صعبة في ظل نظام دكتاتوري ودموي، ولكن مناسبة عيد الحزب لا نغفلها أبداً نحن الشيوعيين، نحتفل بأساليب مختلفة وكان الاحتفال بالعيد مختلفا، بالرغم من الإجراءات الأمنية التعسفية والمراقبة المشددة للسجناء في قسم الأحكام الخاصة هناك.

 كان الشيوعيون يستذكرون المناسبات الوطنية، ومنها ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي 31 آذار، وعيد المرأة العالمي في 8 آذار، و14 نيسان ذكرى تأسيس اتحاد الطلبة العام.، حيث نتهيأ قبل المناسبة بأيام ومن هذه التحضيرات (حلاقة شعر الرأس والذقون، تحضير الملابس النظيفة والجديدة، توفير الحلوى (الجكليت) لتوزيعها على الرفاق والأصدقاء بشكل سري، لقاءات محدودة، وأحياناً فردية للحديث عن هذه المناسبات وتاريخها، ونضال الشيوعيين وتضحياتهم.

كل هذا كان يتم بعيداً عن عيون الأجهزة الأمنية، وإدارة السجن تحوطاً من ممارساتها القمعية، ولكن هذا لا يمنع الرفاق من إحياء هذه المناسبات رغم الاستدعاءات المتكررة والوعيد والتهديد، وأحياناً يصل الأمر إلى حجز بعض الرفاق في زنزانات انفرادية. علماً أن هذا يتم في كل عام تقريباً وهذا يتوقف على حنكة وخبرة الرفاق والمناورة بحيث تكون بعيدة عن أنظار عملاء الأجهزة الأمنية.

للاحتفال بعيد الحزب عند الشيوعيين، طعم ومعنى خاص، واليوم اذ يوقد الشيوعيون تسعين شمعة لتاريخه الوضّاء، ومحطات سفره الحافلة بالتضحيات من أجل رفاهية الانسان وسعادته وتحقيق العدالة الاجتماعية للجميع، لا ننسى شهيدات وشهداء الحزب ممن ضحوا بحياتهم لإنارة الطريق نحو عالم أفضل.

ونبقى نردد دائماً في ميلاده (يا حزب الابطال، يا صوت الاحرار، عيدك للوطن أفراح وآمال)، كل عام وحزبنا ورفيقاتها ورفاقنا بخير.

****************************************************************************

الصفحة الرابعة

‏آذار والربيع ومباهج التأسيس

إحسان شمران الياسري

حين تنكفئ الأرواح وتغترب النفوس ويغيب عنها الجمال، تتجدد الآمال مع اطلالة الربيع بمباهجه الفاتنة وتغرق الأرض بأنفاسه المترفة، ولذة البهجة حين تولد من رحم المتاعب والهموم.

في الحادي والثلاثين من آذار 1934 كانت ولادة غنية لأفق غيّر وجه عراقنا، عندما تأسس حزب الشيوعيين في خضم الصراعات المضطرمة بين الطبقات الاجتماعية التي كانت قد بدأت صيرورتها غداة تأسيس دولتنا الحديثة عام 1920.

مع نشوء الدولة الحديثة وإسهام المستعمر في خلق طبقة الإقطاع التي تخطت سلوكيات العلاقات القائمة أصلا بين شيوخ العشائر وأبناءها، فحولت شيوخ العشائر من أوضاعهم الاجتماعية الأبوية في العشيرة إلى إقطاعيين يسلبون رويدا رويدا حقوق الفلاحين وأصحاب الأراضي من أبناء عشائرهم، وتحويلها بأسمائهم وتحويل هؤلاء الفلاحين من أصحاب أراضي إلى فلاحين لدى الشيوخ.

في هذه البيئة التي نضجت فيها سلطة الإقطاعيين واستقرت أوضاعهم الفوقية على أبناء عشائرهم مستفيدة من الدعم الذي تحظى به من سلطة بغداد وسلطات الألوية (المحافظات) والأقضية، وبذات الوقت باشر المستعمر تعزيز سلطة كبار التجار والعسكر والصناعيين على حساب الطبقة العاملة التي كانت تخسر جهودها ووقتها لحساب هؤلاء التجار وكبار الملاك.

في هذه الظروف، كان المخاض العسير لولادة فكر يتماهى مع آمال وآلام الطبقة العاملة والفلاحين والعاطلين عن العمل.  كان هذا الفكر قد استطاع الوصول إلى طيف واسع من الشعب العراقي نظرا لقربه الشديد من الإنسان والفهم العميق لمتطلباته والوسائل المفترضة لتحقيق أمانيه. ولقد تبلور هذا الفكر في حزب للطبقة العاملة والفلاحين والكادحين، كما استقطب أعدادا كبيرة من المثقفين ومن يسمون بأبناء الطبقة الوسطى، ما جعله يرتقي إلى وصف (حزب الجماهير) دون منافس.

 ومع أن العديد من الأحزاب والجمعيات تأسست وعاصرت نشوء الحزب الشيوعي العراقي، إلا أنها كانت أحزابا وجمعيات لا تنتمي إلى الناس بل هي مؤسسات شكلتها النخبة الفكرية التي لم تستطع التغطية أو تعويض ما بناه هذا الحزب العظيم.

ولقد تابع الراحل شمران الياسري (أبوگاطع) في رباعيته “الزناد” مراحل بناء دولتنا العراقية بعد انتهاء الصراع مع الإنجليز وغلبة المحتل على ثوار العشرين ونفي قادتهم، ووقف على بدايات نشوء الإقطاع وتحول العلاقات الاجتماعية وعلاقات الإنتاج مستندة إلى الدعم الذي قدمه الحكم المباشر للمحتل أو الحكم الوطني الذي تشكل صوريا في العراق.

وكان الرمز الذي استخدمه شمران الياسري هو (المضخة) التي فرض الإنجليز على الشيخ أن يشتريها بمبلغ الألف روبية التي منحها له.

لقد فهم الشيوعي شمران والجيل الذي سبقه من المؤسسين، أن القضية لا ترتبط بأخلاق الشيوخ والإقطاعيين وبعواطفهم، بل بالمضامين الاجتماعية التي أرادها المحتل وتابعوه من الحكام، بما يوصل المجتمع إلى طبقات واضحة الحدود ليتسنى حكم العراق بأدوات تابعة له وبالنيابة عنه.

فقد كان أولاد الإقطاعيين وكبار الملاك هم المرشحون دائما للوظائف العسكرية والمدنية والقضاء، فيما كانت ممنوعة بشكل أو آخر على الطبقة العريضة من الشعب.

في هذه الأجواء التي رسمتها الرواية وهي التي سردت ما كان في الواقع، تأسس الحزب الشيوعي العراقي وقاد من ساعته مسيرة الشعب وحيدا أو متحالفا مع قوى وطنية أخرى، تم وصفها بأنها من البرجوازية الوطنية التي كانت قادرة على تلمس معاناة الناس والوقوف إلى جانبهم.

في كل آذار تسطع شمس الحرية التي ما انفكت تنير ذاكرة الوطن والناس بنضالات الرعيل الأول والأجيال التي أعقبته من قادة الفكر والبناء الاجتماعي، والذي لم يزل يحرض على نهضة العراق ونبذ ما وصلت إليه حالة الدولة والمجتمع من ارتباك في النظرة إلى التنمية والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.

وفي كل آذار لا يحتفل الشيوعيون وحدهم بمجد ميلاد حزبهم، بل يحتفل معهم الملايين مستذكرين هذا النبل والطهر والعفة الذي طبع مسيرتهم المحناة بالدم والعذاب وآثار الاصفاد التي أدمت معاصمهم وهم يدافعون عن حرية الشعب.

ولقد تشرفت الرواية العراقية والعربية بإنتاج رواية أبوگاطع التي أسهمت في وصف المسيرة المظفرة لشعبنا العراقي منذ عام 1920 في صراعه غير المتكافئ مع الاحتلال الإنجليزي، ومع أنظمة الحكم التي شكلها والتي طحنت دون رحمة الشعب وقيدت قدراته، حتى قامت ثورة 1958 المجيدة التي وقف الحزب الشيوعي إلى جانبها فتحققت في زمنها القصير العديد من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ووصفت الرواية أيضا الانتكاسة المريرة للثورة وارتباك قيادتها حتى تمكنت الرجعية المقيتة من القضاء عليها وإعادة وطننا إلى الخلف.

*******************************************************************************

مبارك ضلعك التسعون يا أبتي

د. شاكر كتاب

هناك شجرة عالية وأصلها ثابت أجلس تحتها وفي ظلها ومع نسائم العصر الجميل قبيل المغرب . وأحيانا كنت أتمدد على ظهري لأنظر إليها من أسفلها فيأخذني العجب في جميل قوامها ووافر أوراقها وعظيم أغصانها وأنا أتحسس امتداد جذورها العريقة تحت جريان دمي. حين تساءلت يوماً عمن زرعها ومتى ، قيل لي أنه أحد أجدادنا القدامى الذي خلدته هذه الشجرة، ويعرفه الناس كلهم ويترحمون عليه رغم أنهم لم يروه ولم يلتقوا به.

حين أعدُّ السنين والأجيال تكون هذه الشجرة قد بلغت التسعين عاما بالتمام والكمال. تساقطت أوراقُها مرات ومرات ، وهي هكذا راسخة شامخة. وكم من مرة أراد المستبدون الأغبياء من متجبري المناطق المجاورة قلعها من جذورها، لكنها أبت إلا البقاء، وحين كفَّ هؤلاء عن غاياتهم راحوا يجربون حظوظهم الدنيئة مع أغصانها، فتماسكت هي الأخرى وتشبثت بالأم وأحضانها.

قصة هذه الشجرة حقيقية وواقعية. تقع في أبي غريب على طريق عكركوف في ظهر نهر صغير لكنه عميق، تجري فيه المياه بسرعة لافتة غير أنها عند المرور بالشجرة كأنها تتريث قليلا. وهذا المفصل أيضا حقيقي وواقعي. ترى ماذا يقع في هذه النقطة بالذات من النهر كي تتوقف المياه قليلا، وتدور وتدور في سَوْرةٍ متموجة ثم تنطلق من جديد؟

وتلك هي قصتي مع الحزب الشيوعي العراقي أيضا. لم أكن أدري من هم مؤسسوه، وحين سألت عنهم قيل لي أنهم جيل الرواد، وتساءلت مع نفسي عن أسرار بقاء هذا الحزب / الشجرة عملاقا هكذا، ومن أين تأتيه الحياة رغم أن الطغاة جربوا حظوظهم مرات عديدة لقطع نسغ حياته وخبايا قوته وجبروته.

إن نهر الحياة الذي أبقاه ويبقيه حيّاً هو هذا العناق الساحر الغريب بينه وبين الناس. يمرون به يتريثون عند بابه واسمه وشعاراته، ليجدوا أسماءهم محفورة على جدرانه وأغصانه، وأن كل كلمة في دفاتره هي عنهم ولهم. يجدون في ضميره سجلات عذاباتهم وآفاق طموحاتهم ومصابيح دروبهم وأقفال عزائمهم، فيمنحونه الحماية ويسلمون رايته لأبنائهم ومنهم إلى أحفادهم وهكذا من جيل إلى جيل، حتى غدا أكبر شجرة وأعرق جذوراً متسلحا بكل أسباب الحياة وديمومتها المتجددة باستمرار دونما توقف.  للحزب سبل للبقاء في القلوب وفي الضمائر وفي صدر التاريخ. ترى هل هذه السبل جاءت عن خبرة؟ عن تجارب متراكمة؟ عن دهاء أو ذكاء؟ أم هو فن البقاء؟ أم هذا هو قانون الحياة: كن صادقا مخلصا نزيها، وبقدر هذا الصدق وذلك الإخلاص وتلك النزاهة تبقى لصيقا في وجدان الناس. وهنا تظهر لنا إشكالية جميلة: من يبقى فترة في ضمائر الناس يصبح جزءا من أجسادهم وأرواحهم، ثم ليستقر في عقولهم وأفكارهم.

سؤالي: هل هذا هو سبب تحمل الرفاق والأصدقاء والمحبين للحزب أنواع التعذيب حد الشهادة، وليس فقط الاضطهاد من أجله وبسبب انتمائهم له؟ نحن نتحدث هنا عن الشرف والغيرة والضمير. إنهم حتى وإن اضطرتهم الظروف أن يعتزلوا العمل في صفوفه، فإنهم يبقون عشاقا مخلصين له بأرواحهم وضمائرهم. الرفاق في المهاجر ألا يصلحون أن يكونوا نماذج لما أقول؟ بل دعوني أجازف لأقول أن حتى هؤلاء الرفاق الذين غادروا  ووقف بعض منهم على الضد من حزبهم في بعض الأحايين، هم في حقيقة دواخلهم يحبونه، ومواقفهم هذه هي غضب العاشق من معشوقه. لذلك لا نجد ردّا من الحزب على تصرفات البعض منهم. حيث يتصدى للدفاع عنه كل من تمدد يوما في ظله الوارف، وتغزل في اغصانه وأوراقه، وتدلت قدماه في نهر مائه البارد اللذيذ، وهو ينظر إليه مسحورا بجماله وجمال ظلاله.

هبَّ رجال ونساء المنطقة وشبابها للدفاع عن الشجرة العملاقة في كل مرة أراد المستبدون الطغاة قطعها من الجذور، بل حتى ولو مجرد المساس بأغصانها. نعم أحيانا أصابوا منها مأخذا مؤلما، لكنها نهضت من جديد واستعادت عافيتها وواصلت امتداداها شامخة نحو السماء، وأصلها ثابت تؤتي أكلها في كل حين. وصدقت في كل مرة مقولة مظفر النواب:

 ربَّ جرحٍ بما قطعوه تماسك صبراً وزادَ التصاقا

 

الحزب كما الشجرة يطعمنا من ثماره التي أنجبتها الأرض واختلطت بترابها وطينها ومائها. وحين تتلاقفها تلافيف الدماغ تتحول إلى مكون من مكونات خلايا الجسد والروح والعقل، وحين تُهضم الثمرات في جسم الإنسان تتحول إلى طاقة وقوة في الخلايا وتنقل معها حب التربة والماء اللذين نشأت فيهما. أليس أصلنا جميعا هو التراب وإلى التراب نعود؟

هنا يكمن سر الوطنية: نحن أبناء تربتنا ومياهنا، هنا نشأت أجسادنا وهنا نشأت أرواحنا، وهنا جبروت الحزب الذي يعرف أن هذه الأرض هي طريقنا، ومناكبها هي معارجنا، لذلك راح يبدع في صناعة الفكر المستنير بحاجات الفقراء، ليسير بنا نحو تحقيق أمانينا المتصلة بالخبز والحياة الكريمة.

في كل هذا نكتشف أن حب الناس للحزب مثل حب ذاك النهر، الذي يمر من تحت الشجرة العملاقة ويتوقف عندها قليلا، كي ترتوي وتستعيد عافيتها وتواصل الوجود والعطاء، وفي هذا سر البقاء تسعين عاما.

مبارَكٌ ضلعك التسعون يا أبتي.

مبارك ظلك الميمون والجنائن سيدي.

**************************************************************************

عراق بلا حزب شيوعي

هندي حامد الهيتي

وانا استعرض مسيرة تسعين عاما من عمر الحزب الشيوعي العراقي الذي لقب وبجدارة يستحقها عميد الحركة الوطنية العراقية وعميد احزابها السياسية  اجد بصمات هذا الحزب في كل جوانب ومفاصل الحياة العراقية .. حزب ومنذ ان التقى مجموعة من الشباب التقدمي المطلعين على احدث النظريات السياسية في 31/3/1934 واتفقوا على تأسيس لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار وبعد عام يغير الاسم الى الحزب الشيوعي العراقي وينطلقون مبشرين ناشرين لافكار ومبادئ هذا الحزب بين الجماهير التي استقبلته مجموعة واسعة من أبناء شعبنا بأيمان راسخ وبترحاب كبير وراحت تعمل بكل همة ونشاط في سبيل نشر أفكاره والسعي الى تحقيقها وما هي الا سنوات حتى انتشرت تلك المبادئ والأفكار في كل مدن وقصبات العراق .. في اقصى اريافه في الاهوار وفي قرى على سفوح جبال كوردستان ..

 وبات  الحزب يقود الجماهير في سوح النضال المختلفة .. واعضاؤه  يزرعون الوعي في عقول أبناء الشعب الذين تنتشر في صفوفهم الامية والجهل وراحوا يكشفون لهم زيف وخداع مستغليهم من التجار والاقطاع وان لهم الحق بالعيش اسوة بابناء تلك الطبقات ..هذا الانتشار الواسع لنشاط الحزب الذي هز مضاجع الحكام واقلق حياتهم ما كان ان يحدث لولا ذكاء قادة الحزب ورفاقه في ذلك الوقت الذين استطاعوا ان يعطوا للنظرية الماركسية بعدا وطنيا بطعم عراقي استطيع ان اسميه (عرقنة الماركسية) وجعلها مقبولة من المتعلم والامي من الأستاذ والفلاح من الاديب والعامل البسيط .. وتمكنوا من طرحها للناس بصيغ اقرب الى نفوسهم وتمس شغاف القلب  ، سهلة ممكنة الفهم والتطبيق،  ويشعروا ان حياتهم ستكون افضل اذا ما عملوا على تطبيقها في العراق..

اخذ رفاق الحزب وأصدقاؤه  العمل كل في مجاله من اجل ترك بصمة لافكار الحزب هنا وهناك في الحياة العراقية.. الفلاح في قريته والعامل في مصنعه والمعلم في مدرسته ومحيطه والطالب بين زملائه فراحوا ينشرون الوعي الطبقي والثقافي بنكهة شيوعية عراقية في البيئات المختلفة  التي يعملون وسطها وفي هذا النشاط استطاع الحزب ان يتحول الى مدرسة سياسية ثقافية فنية أدبية تخرجت أجيال وما زالت تتخرج لترفد الحياة العراقية بالاجمل والأفضل والانسب والمتميز عما تسير عليه الرتابة العامة ..

بفضل مدرسة الحزب الشيوعي ظهرت في الحياة العراقية حركات وأحزاب ومنظمات سياسية ومهنية تطرح شعارات تخدم جماهيرها وبأسناد ودعم الحزب انبثقت لأول مرة اتحادات ونقابات ضمت في صفوفها ابطال دافعوا عن حقوق زملائهم وتعلمت الأحزاب السياسية العراقية الطرق الحديثة في التنظيم الحزبي وكانت كلمة (( رفيق)) التي اول من استخدمها رفاق الحزب الشيوعي لتنتشر الى كل التنظيمات الحزبية المدنية وتعلموا من مدرسة الحزب أساليب الاعلام ونشر الأفكار السياسية عن طريق المنشور السري والصحيفة والمجلة.  وقد قدم الحزب الشيوعي المشورة والمساعدة لكثير من الحركات الوطنية حتى طرح مؤسس الحزب الرفيق فهد شعارا (( قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية)) .

وبفضل أفكار ومبادئ وتثقيف الحزب الشيوعي لرفاقه  وأصدقائه ولدت في العراق حركة أدبية جديدة استطاعت ولأول مرة في تاريخ  البلاد العربية  من كسر مدرسة الشعر العمودي وطرح نظرية الشعر الحر التي قادها شاعر شيوعي وكتب فيها لأول مرة على مستوى العراق والعالم العربي والتي أحدثت انقلابا ثوريا في الساحة الشعرية ولم تتوقف عند هذا التغير بل لحقته تجمعات وبيانات ومدارس أدبية جديدة في الستينات وما تلاها .. ليس في الشعر الفصيح بل استطاع رفاق وأصدقاء الحزب  الكتابة بأسلوب جديد للقصيدة الشعبية وكانت لقصيدة الريل وحمد للشاعر الشيوعي مظفر النواب القدحة الأولى في كسر رتابة القصيدة الشعرية الكلاسيكية والتي اوجدت شعراء كبارا جاؤوا بعد النواب ارفدوا الساحة الأدبية بقصائد كبيرة . وفي المسرح الجامعي والشعبي ابتدأ الشيوعيون بتقديم مسرحيات على النمط الحديث فاستطاعوا من تأسيس مدرسة مسرحية عراقية متميزة لا زالت في ذاكرة العراقيين والتي تخرج منها فنانات وفنانون كبار يحتفظ العرقيون بدورهم الريادي.

وفي مجال الثقافة العالمية ترجم الشيوعيون ونقلوا الى اللغة العربية كتب في شتى المجالات السياسية والأدبية من ثقافات العالم لكبار سياسيين وادباء عالميين فكان الكتاب بين يدي القارئ الذي لا يجيد الا لغته العربية او الكوردية  كتبا مترجمة من روائع الإنتاج العالمي والذي اثر على ثقافة العراقيين ووسع مشاربها وكان للسجناء الشيوعيين الدور في ترجمة كتب ماركس ولينين والادب العالمي في الرواية والشعر العالمي إضافة الى دور الأساتذة والمعلمين الشيوعين في هذا المجال وبتكليف من الحزب.

وفي مجال الاغنية كان للشيوعيين العراقيين الريادة في نشر الاغنية السياسية والاغنية الحديثة بالحان جديدة لم يعتداها العراقيون .. فكانت اغنية سنمضي سنمضي الى ما نريد وطن حر وشعب سعيد ، الاغنية السياسية الأولى التي انطلقت من حناجر الشيوعيين في السجون وانتشر بعدها هذا الفن الغنائي الى يومنا هذا مع ما ابداع الشيوعيين في كتابة كلمات الأغاني ليست السياسية فقط ،  بل الاغنية السياسية العاطفية والاغنية العاطفية وتلحينها بشكل مس شغاف قلوب العراقين الذين حفظوها ورددوها وما زالوا يستذكونها في مجالسهم

وفي مجال الاعلام الثقافي والجماهيري استطاع رفاق الحزب من تأسيس مجلة ثقافية تنشر الفكر العلمي التقدمي كانت منارا لكل المثقفين ومن معطفها خرجت صحف ومجلات رفدت الساحة الثقافية العراقية بنشرات ومواضيع استطاعت  احداث التغير الإيجابي في الحياة العراقية.

هذه  الشمولية والانتشار والتأثير في الحياة العراقية بكل جوانبها التي أحدثها الحزب الشيوعي العراقي التي لا يمكن تجاهل دور الشيوعيين وحزبهم فيها  .. فعندما يتحدثون عن الشعر فلا يمكنهم تجاوز الشعراء الشيوعيين الكبار مثل السياب وسعدي يوسف ،  وان تحدثوا في الرواية فسيتصدر الحديث غائب طعمة فرمان وان  جرى الحديث عن الشعر الشعبي سيكون لمظفر النواب وعريان السيد خلف وأبو سرحان وان تحدثوا عن المسرحيين فلا بد ان يذكروا دور يوسف العاني  وزينب وناهدة الرماح وهكذا في بقية المجالات وشؤون الحياة المختلفة.

لا يمكن تخيل العراق بلا حزب شيوعي ولهذا احتضن العراقيون الحزب وافكاره وحافظوا عليه رغم كل ما تعرض له من مطاردات واعتقالات وسجون  واعدامات . فقد بقي الحزب وافكاره في ضمائرهم لم يختف ولم ينقطع رغم كل بشاعة وقساوة أساليب السلطات على مختلف مشاربها وازمانها .. فقد تعرض الشيوعيون العراقييون نتيجة مواقفهم الوطنية  واندماجهم مع مصالح شعبهم بلا تهادن ولا مساومة الى ابشع أساليب القمع ومن كل السلطات التي تعاقبت على حكم العراق حتى في فترة حكم عبدالكريم قاسم الذي يحسب على الشيوعيين فهم أيضا  لم يسلموا من الاعتقال والتعذيب والمطاردات .. واقسى القمع والاضطهاد  ما تعرض له الشيوعيين  في فترة حكم الدكتاتور صدام الذي اجبر الشيوعين الى الهجرة باعداد كبيرة الى خارج الوطن او القتال في ذرى جبال كوردستان . ورغم هذا القمع لم ينته تنظيم الشيوعيين وان انتهى لفترة فهوا يعاود الظهور لان الناس تشعر بالحاجة لهم حتى من اشد اعدائه فهم يعرفون انه المدافع الأمين عن مصالح الناس جميعا .

يحتفل الشيوعين العراقيون هذا العام بالذكرى التسعين للتاسيس  وهو عمر يقارب عمر الدولة العراقية لهذا استطاع ان يترك بصماته الواضحة في الحياة العراقية،  شاء من شاء وابى من ابى ، أعداء وأصدقاء الجميع لا يستطيع ان يتخيلوا  عراقا بلا حزب شيوعيا .

***********************************************************************

الصفحة الخامسة

لقاءات في العيد التسعين

في إطار الاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، أجرت “طريق الشعب” لقاءات سريعة مع عدد من رفاق واصدقاء الحزب من الشباب، تحدثوا فيها عن الحزب والذكرى التسعينية

فرح غامر

في هذا اليوم الخاص، لا تسعني كلمات التهنئة لأعبر لكم فيها عن فرحتي وفخري بأنني جزء من هذا الحزب العظيم. الاحتفال يتجدد بذكرى تأسيس حزبنا، محملاً بأمل جديد وإيمان قوي بمسيرتنا الثورية. في كل عام، نستذكر تضحيات الشهداء ونتعهد بالاستمرار في نضالنا من أجل تحقيق العدالة والحرية والكرامة. كما لا بد من التأكيد على أن تلاحمنا يشكل ركيزة قوية لبناء مستقبل يليق بأماني شعبنا وتطلعاته، فلنبق متمسكين بقيمنا ومبادئنا، ولنكن دائمًا على قلب واحد في مواجهة التحديات التي تواجهنا. كل عام وأنتم بخير.

رؤى خلف

*********************************************************************

طريق عُبّد بدماء الشيوعيين

الذكرى التسعون لتأسيس حزبنا العظيم فرصة ثمينة لتجديد الانتماء والولاء لهذه الأرض وهذا الحزب الذي ظل على مدى 90 عامًا يناضل من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب.  وفي الذكرى التسعين للتأسيس، نواصل النضال على طريق عُبد بدماء الشيوعيين وتضحياتهم، ممتلئين بالفخر، فليس هناك حزب آخر توفرت فيه كل هذه المزايا. طوبى لحزب الشيوعيين، حزب العراقيين، الذي يعد الانتماء له شهادة حقيقية على الوطنية. شعور بالفرح يغمرنا، مع طموح بأن نحقق لحزبنا إنجازاتٍ كبيرة تليق باسمه وتاريخه.

حسن مؤيد

***********************************************************

غرس كل ما هو حسن

تغمرني السعادة ونحن نعيش أجواءً احتفالية بالذكرى الـ 90 لتأسيس حزب الشعب والكادحين، ونحن نواصل الكفاح في سبيل تحقيق شعارنا وطن حر وشعب سعيد. الانتماء للحزب يغرس في المرء كل صفة حسنة، لأنه يحرص على تنوير أعضائه وتطويرهم. أتمنى للحزب الشيوعي العراقي عمرًا مديدًا وإنجازات أكبر، وعملًا دؤوبًا في سبيل الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد التي تثقل كاهل العراقيين.

مصطفى صادق

**************************************************************

عائلة واحدة

كان الحزب ولا يزال بمثابة عائلة لي، يعمل على تطويري وصقل شخصيتي وتسليحي فكريًا. يغرس فينا أواصر المحبة والأخاء وينقي دواخلنا من الانانية والضغينة والحقد. فالنضال في صفوف الحزب تجربة خاصة ومتعة، خاصة وانت تعمل في صفوف العراقيين من مختلف انتماءاتهم الطائفية والعرقية والقومية، وفي جو من المحبة والالفة ولتحقيق أهداف واحدة مشتركة، وهي النضال في سبيل الوطن.

باران عباس

***********************************************************************

يرفل بالمزيد من النضال

بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب، كل عام وحزبنا ورفيقاتنا ورفاقنا وأصدقائنا بخير. دام هذا الفكر الوطني يرفل بالمزيد من النضال والتفاني من أجل الدفاع عن قضايا الوطن، ودامت هذه المسيرة السياسية المشرفة الملهمة وبهذا العطاء الذي لا ينضب. تسعون عامًا ولازال الحزب هو الوجه الوطني المدني النقي صامدًا ولم تلوثه أيدي الظلاميين والفاسدين.                                             إيناس جبار

******************************************************************

رائد الحركة الوطنية

بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، نقول كل عام وعميد الحركة الوطنية بألف خير. فمنذ التأسيس عام 1934، انطلق رفاقنا من أجل تحقيق طموحات شعبنا، من العمال  والفلاحين وجميع الكادحين، وبقي متمسكًا بمبادئه الوطنية ونضاله من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. نفخر ونعتز بتاريخ حزبنا الطويل الحافل بالنضال والبسالة والبطولات، كيف لا وهو عنوان صريح للنزاهة والسلام.

علي خيون 

******************************************************************

تحديات وتضحيات جسام

في الذكرى التسعين لتأسيس حزبنا الشيوعي العراقي، نستذكر بكل فخر واعتزاز تضحيات الرفاق في مواجهة المصاعب لصيانة قيمهم ومبادئهم وأهدافهم. لقد كانت رحلة الحزب مليئة بالتحديات وهو يتصدى للظلم والاستبداد بشجاعة وإصرار لا يلين. توهم أعداء الحزب بقدرتهم على النيل منه، وها نحن اليوم نحتفي بالذكرى التسعين، فيما ذهب الأعداء لمزبلة التاريخ. الاحتفال صفعة بوجه من رفع راية العداء لحزب شغيلة اليد والفكر، وفرصة لاستذكار الرفاق الذين استشهدوا ومسيرتهم التي تحثنا على التمسك بالحق والعدالة وقيم الحزب النبيلة.

عبد الله عمر

*******************************************************************

عميد الأحزاب الوطنية

في ذكرى ميلاد عميد الأحزاب الوطنية، الذكرى التسعين لتأسيس حزب الشيوعيين العراقيين، لا يسعنا إلا أن نعبر عن حبنا العميق والصادق لهذا الصرح الكفاحي ولمواصلته النضال على خطى قادته الأماجد. في هذه اللحظة نتذكر بفخر واعتزاز تضحيات الرفيق الشهيد سلام عادل ورفاقه الأبرار، الذين بذلوا حياتهم من أجل الحرية والعدالة في سبيل عراق حر وشعب سعيد، مخلفين إرثًا كبيرًا مشرفًا، يلهمنا لنواصل النضال والعمل من أجل مستقبل أفضل، تسود فيه قيم العدالة والمساواة وتزدهر فيه الحريات والديمقراطية، مجددين العهد على أننا سنظل ملتزمين بقيم الحزب وباحلام الشهداء.

نور الدين رومي

 ******************************************************************

ميلاد النجمة الحمراء

في الذكرى التسعين لميلاد النجمة الحمراء في سماء العراق، نتقدم بأصدق التهاني والتبريكات إلى جميع أعضاء الحزب ومناصريه، حزبنا الشيوعي، الذي سيبقى رمزًا للنضال والصمود من أجل العدالة والحرية في العراق وقيم السلام، التي أرستها مدرستة الكفاحية على مدى تاريخ مليء بالتضحيات. عاشت الذكرى الـ90 لميلاد حزب الشيوعيين العراقيين.

فنر جاسم

*****************************************************************

سفر نضالي مشرف

الذكرى التسعون فرحة ما بعدها فرحة، تقف فيها الكلمات عاجزة عن التعبير عن مدى الفخر والاعتزاز بهذه اللحظة التاريخية. الكلمات، مهما قيلت، لن تفِ هذا الحزب حقه ولا تستطيع أن تنصفه. نتمنى ونطمح أن نكون على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا في المضي على درب شهدائنا الميامين، تحت راية عميد الأحزاب الوطنية في العراق ونحو تحقيق شعاراتنا وأهدافنا.                                                          

**********************************************************************

مدرسة للمناضلين

حزب الشيوعيين العراقيين لا يعد فقط كيانًا سياسيًا يعمل على تحقيق أهداف تضعها مؤتمراته، بل هو مدرسة تخرجت منها أجيال من المناضلين والأدباء والكتّاب والشعراء والفنانين. كانت وما زالت خلال 90 عامًا متفردة بما تطرح ومتميزة بانحيازها التام للشعب ولمصالحه. تجربة العمل في الحزب هي تجربة مميزة بحق، أضافت لي الكثير على صعيد الحياة الشخصية والعامة، إنه شرف عظيم أن أكون جزءًا من المحتفلين في العيد التسعين.

حسين الوحاش

*****************************************************************

ستظل رايتنا الحمراء خفاقة

 

في العيد التسعين أتقدم إلى كافة رفيقاتي ورفاقي بالتهاني مقرونةً بفخري واعتزازي بهذه الذكرى المجيدة، ذكرى انبثاق حزبنا الشيوعي العراقي، حزب العمال والفلاحين والكادحين وشغيلة اليد والفكر، حزب فهد وسلام والحيدري والعبلي وخيرة أبناء شعبنا ممن ضحوا بأرواحهم لانتزاع حقوق أبناء شعبهم والدفاع عن مصالحهم. 90 عامًا انقضت في دور فاعل سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا. 90 عامًا خرجت أجيالًا من المناضلين والأدباء والفنانين والعلماء. سيبقى حزبنا الشيوعي كما عهدناه، مدافعًا ومضحيًا من أجل الشعب والوطن والحرية وكل عامٍ ورايات حزبنا خفاقة في سماء الوطن.

حافظ الجاسم

************************************************************

وشغيلة اليد والفكر

أصدق التهاني وأجمل التبريكات لحزبنا الشيوعي العراقي وأصدقائه ومحبيه بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس حزب العمال والفلاحين وشغيلة اليد والفكر. كل عام وأنتم بالف خير من أجل وطن حر وشعب سعيد. تهنئة من القلب لرفيقات الحزب ورفاقه وقيادته وقواعده الحزبية، متمنين مواصلة العطاء في سبيل تحقيق تطلعات وآمال أبناء شعبنا العراقي. نتمنى أن يعود أذار القادم علينا بالإنجازات والتقدم والازدهار.

سجاد محمود

*********************************************************

المدافع الأول والحقيقي

تمر هذه الأيام 90 عامًا على تأسيس حزب العمال والفلاحين، الحزب الذي كان ولا يزال المدافع الأول والحقيقي عن حقوق الشعب وسيادة الوطن. فرغم كل القمع والترهيب التي رافقت مسيرته، ظل متمسكا بمواقفه وثوابته ولم يتنازل عنها. نحن نحتفل بالذكرى التسعين للتأسيس، ولا بد من تجديد العهد بالمضي على درب قادتنا الأماجد، شهداء الموقف والكلمة، شهداء الحرية والعدالة، الذين رسموا لنا طريقًا لا نزال نسير عليه، نحمل رايتنا الحمراء وفكرنا الذي نفتخر ونعتز به عاليًا.

علي أحمد

*******************************************************

واصلوا الكفاح

تهانينا الحارة للأصدقاء في الحزب بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيسه، متمنياً لهم دوام التقدم والنجاح في مسيرتهم الثورية وكل عام وأنتم بألف خير. نأمل أن تستمروا في إيمانكم بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية، وأن تحققوا المزيد من العطاء المتميز في خدمة الشعب العراقي وتحقيق آماله وطموحاته. نتمنى لكم النجاح والتقدم في جميع مبادراتكم السياسية والاجتماعية.                                                                               أحمد تاج

**************************************************************

 حزب الطبقة العاملة

بمناسبة 31 آذار، الذكرى التسعين لتأسيس حزبنا، نتقدم منكم وعبركم إلى الطبقة العاملة العراقية وكل الكادحين بأحر التهاني. لقد كان لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي أكبر الأثر في النضال الذي خاضه الشعب العراقي ضد الاستعمار ومنظومته السياسية. كما قدم الحزب قوافل الشهداء في معارك الاستقلال والحرية والديمقراطية، وما يزال، من أجل بناء وطن حر موحّد كامل السيادة، يرفل أبناؤه وينعمون بالحرية والمساواة، وطن لا مكان فيه للطائفية السياسية ولا لأي شكل من أشكال الفساد، ويؤمن لأبنائه حقوقهم الأساسية في العمل والتعليم والصحة والأمن.

بلال الزبيدي

 *****************************************************************

شمس الحرية والامل

لا نهار يضاهي جمال ذلك النهار الذي بزغت فيه شمس عميد الأحزاب الوطنية، شمس الحرية والأمل، ولا تتسع كل كلمات الحب ونغماته لتستوعب هذا الحدث الكبير والتاريخي. إنه يوم عظيم نكتب فيه أحاسيسنا عبر أقلامنا، يوم نحتفل فيه بتسعة عقود من التضحيات والمواقف الوطنية المشرفة. تسعة عقود من القيم الثورية والعمل المتواصل في سبيل رفع المعاناة عن أبناء شعبنا الذي لا يزال يعاني من سياسة رعناء لا تقيم لهمومه وزنًا أو أهمية.

الاء قاسم  

*****************************************************************************

حكايات شيوعية

في الذكرى التسعين لتأسيس عميد الأحزاب العراقية، أستذكر موقفًا حدث معي حيث يوماً متواجدًا في أحد الأسواق الشعبية، فيما كان هناك رفاق يوزعون أحد بيانات الحزب. قال شخص من أصحاب المحلات التجارية: “بس لا بيها إعدام”، فرد عليه الشيوعي: “لا بس مؤبد وتعذيب”. الحديث كان من باب المزاح، لكن في ذات الوقت يحمل في مكنونه ألمًا ووجعًا وحزنًا وفخرًا. هذا الحزب عانى من حملات الاعتقال والإعدام بالجملة، والتي طالت خيرة أبناء الشعب، وكذلك الترهيب والتضييق. ولا زال يعاني حتى يومنا هذا. ورغم ذلك، لا يزال هذا الحزب عنيدًا ومكافحًا لبناء الوطن الحر والشعب السعيد. تحديات كبيرة علينا جميعًا مواجهتها لتحقيق التغيير، وكل عام وأنتم تسعون لتحقيق مستقبل أفضل. كل عام وأنتم الحب والطيب الذي يراه العراقيون، كل عام وأنتم مثالًا للصدق والنزاهة والإخلاص.

أدمون حكمت

************************************************************************

حزب الفقراء والمسحوقين

في الذكرى التسعين لميلاد رائد اليسار العراقي لا يسعني الا ان اتقدم باسمى التهاني والتبريكات لكل الشيوعيين والوطنيين والتقدميين في ربوع وطننا الحبيب، مؤكداً على ان النضال لا يزال مستمراً ولن ينتهي او ينضب، ما دامت معاناة الناس مستمرة وما دامت قوى الفساد والمحاصصة تنهب ثروات البلد. اقول لحزبنا الشاب، كل عام وانت حبيبي السرمدي، كل عام وانت المدى لتاريخ مشرق وآت للعراق، المجد والخلود لشهدائنا  الميامين.

ذو الفقار علي ضايف

**********************************************************************

معا من أجل العدالة والحرية

في العيد التسعين لحزبنا، حزب الشعب، الحزب الشيوعي العراقي، أهنئكم وأهنئ نفسي، شكرًا لكم وشكرًا لحزبنا، حزب النضال، الذي نستذكر في هذه المناسبة شهداءه ونعمل من أجل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية. ليبقى شعارنا: سنمضي سنمضي إلى ما نريد وطن حر وشعب سعيد.

************************************************************************

الصفحة السادسة

الحزب الشيوعي بين مآثر الماضي ونبل الحاضر

أحمد علي ابراهيم

في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، نتذكر تاريخاً يتسع لنشوء وتطور الحركة الوطنية العراقية كما لو أنه تاريخ وطن وشعب. لقد سبقت حركة التحرر الوطني في العراق وصول الماركسية إليه فكانت إحدى معضلات التأسيس ذلك الربط الحيوي بين النضال الطبقي ببعده الاجتماعي وقضية الاستقلال الوطني التي تتطلب توحيد كل قطاعات الشعب في النشاط السياسي. من هنا فقد بدأ يوسف سلمان (فهد) في بلورة أفكار يفتتح بها نمطاً جديداً من الكفاح الوطني بعد خمود ثورة العشرين مسترشداً بمقولات لينين حول مسألة التحرر الوطني في الشرق. وبرؤية ثاقبة وضع منهجاً حدد فيه أشكال النضال الطبقي والمهام المركزية للحزب مؤكداً على تلازم قضية التحرر الوطني والأهداف الاجتماعية وأهمية انغمار كل القوى الوطنية في عمل مشترك او جبهة عريضة فكانت توجيهاته لأعضاء الحزب وكوادره (أن قووا تنظيم حزبكم... قووا تنظيم الحركة الوطنية). وظل هذا الشعار ملازماً لنضال الحزب حتى الوقت الحاضر رغم كثير من الإخفاقات في هذه التحالفات عبر مسيرة النضال الوطني الطويلة. كانت مخاضات التأسيس عسيرة ففي مجتمع لا يشكل فيه الحضريون سوى نسبة قليلة 36 بالمائة احتلت فيها الطبقة المتوسطة 28 بالمائة منها. ونظام سياسي شكله الاحتلال بعد تجربة قاسية في أعقاب ثورة العشرين وسياسة ممنهجة لاحتواء العشائر والانتقال من العلاقات القبلية شبه المشاعية في الريف إلى علاقات جديدة تحول فيها الشيوخ إلى اقطاعيين وأبناء القبيلة إلى فلاحين أقنان في الأراضي المستقطعة للشيوخ في نمط من التحولات الرأسمالية.

في هذه الأجواء تشكلت الخلايا الأولى في المدن ابتداء من البصرة والناصرية ومن ثم بغداد، رافق ذلك انتعاش للحركة الثقافية استمر في وتيرة متصاعدة أصبح فيها الحزب الشيوعي حاضنة للثقافة والمثقفين، ومنحها صفة التقدمية التي لازمتها حتى الوقت الحاضر، خاصة وان الفكر الماركسي قد عم العالم بعد انتصار الثورة البلشفية في روسيا والرسالة التي وجهها لينين إلى شعوب الشرق والتي كشف فيها عن المخططات الاستعمارية لتقاسم النفوذ في مناطق متعددة من العالم وخاصة بلدان الشرق الغني بموارد الطاقة والمعادن.

لقد كانت مسيرة الحزب شاقة وكان الحلم بعراق ينهض بفردوسه يدفع أجيالاً من أعضائه ومثقفيه بالقبول بالثمن الباهظ الذي يقدمونه لأجل المستقبل.

ومما ساعد الحزب في تحديد أشكال النضال ما انتجته التقسيمات الطبقية الاجتماعية الجديدة التي تشكلت في مجرى التحولات الرأسمالية من صراعات جوهرها مطالب اجتماعية وسياسية. فقد ظهرت تنظيمات الفلاحين في مواجهة الإقطاع ونشاطات عمالية في مواجهة الرأسمال الأجنبي والمحلي وبرزت طبقة وسطى قادت الاحتجاجات والانتفاضات وظهرت أهمية رسم خارطة جديدة للقوى الاجتماعية الناهضة وتشكلت تنظيمات الفلاحين والعمال والطلبة والشباب والمرأة. وقدمت النخب الثقافية أكبر إنجازاتها المعرفية في استنهاض الوعي الوطني وكان الحزب في القلب من كل ذلك.

لقد تعرض الحزب خلال مسيرته الطويلة إلى سلسلة من الضربات في محاولة لأنهاء وجوده ودوره في الحياة السياسية ابتداء من إعدام قادته الخالدين فهد وحازم وصارم ومن الاستشهاد المروع للقائد الخالد سلام عادل ورفاقه بعد انقلاب شباط الدموي، وأخيراً محاولة التنكيل بالحزب قيادة وقاعدة وتشريد كوادره في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم.

وفي مواجهة ذلك اختار الحزب أشكالاً نضالية جديدة في مواجهة هذه المحاولات فكانت هناك انتقالات من أشكال النضال السلمي إلى الكفاح المسلح وإلى تبني أساليب جديدة في ضوء المتغيرات التي حصلت لاحقا.

لم تكن مسيرة الحزب خالية من الأخطاء أو التعرجات، ولا يمكن عزل ذلك عما حصل لليسار العالمي والأحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي بعد انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، والذي أدى إلى تراجع وانحسار الأدوار السياسية لعموم الحركة الوطنية التقدمية، لكن صمود الحزب وعمق تجربته التاريخية وضعت الحزب أمام منعطفات تاريخية لاستعادة دوره بعد سقوط الدكتاتورية.

اليوم يواجه الحزب مهمات جديدة وهو يحتفظ برصيد شعبي وثقل سياسي مرموق خارج الحكم. يستطيع من خلالها أن يرسم ملامح جديدة للنضال وصياغة أفكار لتنشيط الفعاليات والاجتماعية في مواجهة التخريب الذي ينخر في جسد البلد وضياع فرص التنمية وانتشار الفساد والبيروقراطية جراء الفوضى والتخبط في السياسة الاقتصادية وتابعيته العولمة الرأسمالية.

إن تطوير أساليب النضال ووضع أطر مؤسساتية ترتكز إلى مقاربة فكرية وسياسية لم تكن بعيدة عن نهج الحزب ومتبنياته في توحيد صفوف الحركة الوطنية مستعينا بتلك الصورة النبيلة التي ظل العراقيون يحملونها للشيوعيين من قيم النزاهة والكفاءة والاستقامة والتضحية.

لقد خاض الحزب مع قوى ديمقراطية نضالاً واسعاً في عام 2011 وحتى انطلاق ثورة تشرين المجيدة واستقطب فيها قطاعات اجتماعية مختلفة وهو اليوم قادر على أخذ زمام المبادرة من جديد.

إن الذكرى التسعين لتأسيس الحزب تعيد للشيوعيين وأصدقائهم ذلك التاريخ المجيد الذي تصدر فيه الحزب نضالات العراقيين وقدم آلاف الشهداء من خيرة أعضائه من أجل حياة أفضل للعراقيين وتحقيق طموحاتهم وأحلامهم في الحرية والاستقلال والبناء والتنمية مقدمين صورة ناصعة لنضال نزيه رافق مسيرتهم الكبيرة في ماضيها وحاضرها.

وفي هذه المناسبة نقف إجلالاً لذكرى آلاف من شهداء الحزب قادة وأعضاء ومناصرين الذين وقفوا بشموخ بوجه الطغيان في مختلف المراحل وضحوا بأنفسهم من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب.

*************************************************************************

لنضالكم النجاح والتقدير

حسن الجنابي

في الحادي والثلاثين من آذار لهذا العام تحل الذكرى التسعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، وهو بذلك يسجل لحظة مفصلية في التاريخ السياسي الحديث، كحركة سياسية تميزت بالجاذبية والقوة والقدرة على البقاء في ظروف قاسية، اضمحلت في مواجهتها أحزاب وحركات أخرى عاصرتها لكنها لم تكن تمتلك نفس الامتداد والزخم والتجذر والالتزام.

سجل الحزب الشيوعي حضوراً لافتاً على المسرح السياسي الوطني، وكان لاعباً أساسياً في الصراعات التي حددت مصائر العراق منذ أربعينيات القرن الماضي، العقد الذي شهد ارتكاب جريمة إعدام قادته الأوائل، ومن ثم في العقود اللاحقة بكل اضطراباتها ومآسيها، حتى سقوط نظام البعث في عام 2003 وما تلاه.

كانت كلفة البقاء على قيد النشاط عالية ومؤلمة. فقد “اعتاشت” أجهزة الترصد والقمع في الأنظمة المتعاقبة على أجساد أعضائه وأصدقائه، وسفكت دماءهم البريئة بقسوة لا إنسانية انبثقت من صلب التوحش والظلام. لم يكن أولئك المناضلون ضحايا لكوارث طبيعية، بل أهدافاً محددة لمراكز الجريمة والتجسس والقمع المتشبثة بالسلطة، والطامعة بغنائمها ومغرياتها من السحت الحرام.

لم تقتصر “مكرمات” السلطات القمعية على الشيوعيين فقط، بل امتدت لتشمل الحركات الوطنية الأخرى، فكثرت قوافل الشهداء من أركان البلاد الأربعة وفئات المجتمع وطوائفه كافة. لكن أجهزة القمع، التي كانت تفترس الشيوعيين وغيرهم من الوطنيين بدون رحمة من أجل حماية السلطة، بالضد من منطق التاريخ، قذفت بالعراق إلى هاوية الدمار السحيقة، التي انتهت باحتلاله وتمزيق نسيجه الوطني، وفتحت أبواب الفساد والنهب والفوضى وانفلات السلاح والمخدرات والسرقات، ومظاهر اللا دولة، أو ما قبل الدولة المهددة لمستقبل البلاد. ومع كل التضحيات الجسيمة ما زالت معركة تأمين الحريات الراسخة مستمرة، وبرغم ما نشهده من أوجه القصور والانكفاء القريب من اليأس، فإن الوطنية العراقية الجريحة قادرة على النهوض باعتبارها البديل الوطني الأرقى لتحقيق الاستقرار والسلم المنشودين، وفاءً لتضحيات شهداء العراق على مر تاريخه المشرف.

أتقدم بأسمى آيات التقدير والاعتزاز بالحزب الشيوعي العراقي، بمناسبة ذكرى تأسيسه، متمنياً له وللحركة الوطنية العراقية النجاح في الإسهام المباشر في بناء الوطن.

****************************************************************************

من تاريخ الحزب الشيوعي في هيت

قحطان محمد صالح

كان لبعض الطلبة الهيتيين ممن ذهبوا للدراسة في بغداد ومدن العراق الأخرى في ثلاثينات القرن العشرين، وعادوا إلى هيت معلمين في مدرستها، وعرفوا فكر الحزب في أثناء دراستهم إثر كبير في نشر أفكاره من خلال ما كانوا يحملونه من أدبيات حزبية، وعن طريق لقاءاتهم مع أبناء المدينة أمثال: عبد الحميد عبد المجيد الهيتي الذي كان من أوائل الهيتيين الذين اعتنقوا الفكر اليساري في مدينة هيت وساعد على نشره هو وزملاؤه شاكر محمود الهيتي، وسطام سبتي الهيتي، ومحمد أمين علي (أمين ملا عليوي)، وسعيد حمد عواد الذين كانوا من أشد الداعين إلى التحرر من الاستعمار ومن الأفكار الرجعية، وقد تأثر بأفكارهم المتنورة والواعية العديد من أبناء المدينة التي صار الفكر اليساري سمة بارزة لها. ولا ينسى دور المعلمين غير الهيتيين من حملة الفكر اليساري الذين علَّموا أبناءَها في مدرسة هيت الابتدائية للبنين.

وزاد نشاط مؤيدي الحزب في هيت بعد وثبة كانون، وبعد احتلال فلسطين سنة1948. وبعد الثورة المصرية سنة 1952 وجد العراقيون، ومنهم الهيتيون أنفسهم في واقع سياسي جديد وأن عليهم أن يناضلوا من أجل حياة حرة كريمة.

ويعد كامل سعد صالح الحياني الهيتي من أوائل الشيوعيين الهيتين الذين انتموا إلى صفوف الحزب، فقد انتمى إليه سنة 1945 عندما كان عسكريا وبسبب نشاطه حكم عليه بالحبس لمدة ثلاث سنوات استنادا لأحكام الفقرة أ من 3 من المادة 89 مع جلده خمس عشرة جلدة على وفق أحكام الفقرة الأولى من المادة (37) من قانون العقوبات البغدادي.

 ومن الشخصيات الهيتية التي عملت في صفوف الحزب الشيوعي خارج مدينة هيت قبل 14 تموز 1958 المحامي رؤوف سالم، وثابت شعبان الناصر، وعبد الحافظ تركي، وعبد الرحيم عبد الوهاب الذي اعتقل وسجن أكثر من مرة لمواقفه السياسية ومعارضته نظام الحكم، والذي كان صلة الوصل بين قيادة الحزب في بغداد وبين التنظيم في هيت، إذ كان ينقل أدبيات الحزب ومنشوراته بعزيمة المناضل.

لقد كان لجهود هؤلاء المثقفين من أبناء مدينة هيت، ولجهود بعض المدرسين في متوسطة هيت ممن درَّسوا فيها، ومنهم المدرس أحمد أسعد عبد الكريم شقيق الفنانة زينب (فخرية أسعد عبد الكريم)، والمدرس عدنان محمد أمين دور بارز في نشر أفكار الحزب بين المثقفين والطلبة والعمال الهيتيين في بداية خمسينات القرن العشري.

وكان فكر الحزب الشيوعي في هيت قبل ثورة 14 تموز منتشراً بين المعلمين بصورة رئيسه، كونهم يمثلون الطبقة المثقفة في المدينة، ثم بدأ ينتشر بين العمال والطلبة والشبيبة، وبعد أن كَثُرَت أعدادهم، تشكلت خلايا الحزب ولجان المنظمات الطلابية والشبابية ذات الصلة الوثيقة بالحزب. وكانت أدبيات الحزب ومنشوراته تصلهم من بغداد بواسطة عبد الحافظ تركي الرجا.

وعندما وقع انقلاب 8 شباط1963 بلغ عدد الموقوفين من الشيوعين وأصدقائهم 65 موقوفاً. كما صدرت قائمة لإيقاف 20 طالباً من طلبة ثانوية هيت، ولكن غضب المدينة أوقف هذا القرار. وقد وضع المعتقلون في موقف مركز شرطة.

وبعد أن لملم الحزب جراحه ودب النشاط في منظماته من جديد بدأت الصلة الرسمية بالحزب عن طريق عبد الحميد برتو الذي كان في أثناء تلك المدة أحد قيادي التنظيم الطلابي في جامعة بغداد إلى جانب العمل لمساعدة أعضاء الحزب في هيت؛ فقد حقق أول اتصال مع لجنة التنظيم المركزية.

في سنة 1971اعتقل ذاكر محمود عبد المنعم المؤذني (1945 - 1971) من قبل مديرية أمن الأنبار عندما كان موظفا في دائرة صحة الرمادي بعد نقله من هيت وتم إعدامه في السنة ذاتها، وكان شيوعيا نشطا وشاعرا متمكنا وصديقاً حميمياً لسبتي جمعة الهيتي.

لقد سبق إعلان الجبهة الوطنية التقدمية التي أعلن عنها في 16 تموز 1973 والتي تشكلت في عام 1974 وجود بعض الخلايا المنظمة في  هيت . وقد تم توقيف عدد من المنتمين اليها بعد الانتخابات الطلابية  1969-1970، وبسبب الملاحقات والاعتقالات والتضييق انحسر نشاط الحزب في هيت  وبقي التنظيم قائما في (جُبّه).

وهذا لا يعني أنه لم يكن من أبناء المدينة شيوعي مُنظَّم في المدة التي سبقت الإعلان عن قيام الجبهة، إذ كان عدد من أبناء المدينة من العاملين خارجها، ومن الطلبة الذين يدرسون في الكليات والمعاهد قد انتموا إلى الحزب، وكانوا في مدة تواجدهم في هيت يطرحون أفكاره ومبادئه في جلساتهم الخاصة، بل أن بعضهم كان يوزع منشورات الحزب سراً على أصدقائه، وينشط باشكال مختلفة ويسعى الى إعادة التنظيم .  

 نشط  عدد من طلبة ثانوية هيت في صفوف  اتحاد الطلبة العام ، وبعد ازدياد أعداد الطلبة المنتمين إلى الاتحاد تم تنظيمهم على شكل  حلقات ولكل حلقة  مسؤول عن قيادتها وإيصال المنشورات والأدبيات الخاصة بالاتحاد.      

في عام 1974  اعيد تشكيل  أولى الخلايا الحزبية في هيت، وكانت مرتبطة باللجنة الحزبية في (جبّه)، وفي عام 1975تشكلت في المدينة لجنة قاعدة لقيادة التنظيم في هيت.

وفي خلال المدة من 1974- 1976 نشط التنظيم في هيت ولا سيما بعد افتتاح مقر للجنة المحلية للحزب في مدينة الرمادي، إذ انتمى إلى الحزب عدد كبير من الطلبة والشباب والكادحين، وعاد للعمل الحزبي بعض الشيوعين الرواد في المدينة، وفي هذه المدة انتمى العديد من الطلبة المنتمين إلى اتحاد الطلبة العام إلى الحزب الشيوعي وعملوا في صفوفه بصفة أصدقاء ومرشحين للعضوية.

وبعد انهيار الجبهة  بدأت حملة إبادة ثانية للشيوعيين، وفيها فقدَ الحزب معظم كوادره الوسطى وقاعدته، بإعدام بعضهم وسجن بعضهم الآخر، وأجبر من بقي منهم في الداخل بالتوقيع على تعهد خطي بعدم العمل في الحزب الشيوعي، أو أي حزب آخر، واجبروا على الانتماء إلى حزب البعث تحت مسمى (النشاط الوطني) وبهذا  انحسر  التنظيم الشيوعي  في هيت،  وفي محافظة الأنبار.

وبالرغم من هذه الإجراءات والمطاردات المستمرة والبحث عن الشيوعيين وأصدقائهم من قبل النظام الحاكم، قامت مجموعة من طلبة إعدادية هيت من الشيوعيين وأصدقائهم بمحاولة إعادة تنظيم الحزب ولكن هذه المحاولة لم تنجح إذ تم اكتشافها، وقدم من ألقى القبض عليه من أعضاء هذه المجموعة إلى محكمة الثورة التي أصدرت عليهم أحكاما مختلفة.

وفي منتصف الثمانينات حاول بعض الشيوعيين، بإعادة التنظيم في هيت، وبالفعل استطاع الارتباط بتنظيم الحزب في بغداد وكان التنظيم سريا، والعمل فيه بحذر، كون أغلبهم كانوا عسكرين ومحظور عليهم العمل في أي تنظيم حزبي غير حزب البعث.

لم يستمر عمل هذه المجموعة طويلاً، فقد استطاعت الأجهزة الأمنية اختراقها، وكشف بعض عناصرها، وتم اعتقالهم، وحكم على بعضهم بالإعدام وعلى البعض الأخر بالسجن المؤقت والمؤبد، وقد أطلق سراح هؤلاء بموجب قانون العفو العام.

والتحق إسماعيل يوسف زايد العبيدي في صفوف قوات الأنصار الشيوعيين التي كانت تقاتل في كوردستان واستشهد في إحدى المعارك (، كما التحق إلى صفوف قوات الأنصار كاتب حسين شاهين العبيدي.

وبعد أن افتتح الحزب الشيوعي مقره الرئيس في بغداد بعد احتلال العراق عام 2003، وإصدار جريدة الحزب المركزية (طريق الشعب) بصورة علنية، وإصدار مجلة (الثقافة الجديدة)، نشط الحزب في العراق كافة وفي هيت خاصة، إذ أعيد ارتباط الكثير من أعضائه الذين استقالوا أو أجبروا على الاستقالة من الحزب للعمل في صفوفه في مدينة هيت، فضلاً عن انتماء العديد من الطلبة والكادحين الشباب ممن كانوا مؤيدين لأفكاره.

 وفي يوم الجمعة الموافق 13 آذار 2009 تم افتتاح مقر منظمة هيت للحزب الشيوعي العراقي، وجرى بهذه المناسبة احتفال حاشد على قاعة نقابة المعلمين حضره عدد من المسؤولين وممثلي بعض القوى ووجهاء المدينة.

ومارس الحزب نشاطه الجماهيري في المدينة عبر منظمتي  اتحاد الطلبة العام  واتحاد الشبيبة الديمقراطي، فضلاً عن تشكيل الخلايا الحزبية، ودعا أعضاءَه وأصدقاءَه إلى المشاركة في الانتخابات التي جرت بعد 2003.

 لقد كان للشيوعيين الهيتيين دور متميز وفاعل في تعزيز الأمن والسلم المجتمعي، والتصدي لتنظيم القاعدة، ومن ثم تنظيم داعش. وتمييز دورهم في إقامة العديد من الفعاليات الجماهيرية الثقافية والرياضية والاجتماعية، والمشاركة في أغلب النشاطات التي تخدم المدينة.

وإذ أني اكتب اليوم عن مسيرة الحزب الشيوعي في هيت لابد أن استذكر بعض شهدائه من أبناء مدينة هيت  الذين اعدموا بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي ومن هؤلاء:

  1. المهندس باسم محمد فرحان علي المؤذني. أعدم عام 1982وكان عمره 28 سنة.
  2. بشير حسن شاهين العبيدي (جبّه). أعدم عام 1983 وكان عمره 44 سنة.
  3. رافع عبد السلام عبد العزيز الكحاح أعدم عام 1983وكان عمره 27 سنة.
  4. سبع خميس سلطان هندي العقيلي. أعدم سنة 1982 وكان عمره 25 سنة.
  5. صلاح كريم مهاوش العبيدي. (جبّه).
  6. الملازم الأول عامر سلطان هندي العقيلي. أعدم عام 1977 وكان عمره 28 سنة.
  7. فاضل حسين علي ناصر المشهداني. أعدم عام 1986 وكان عمره 34 سنة.

*****************************************************************************

الصفحة السابعة

تسعون عاماً من السِفر المجيد.. وما تزال البيارق الحمراء ترفرف رغم كل الصعاب !

د. صالح ياسر

في آذار من هذا العام، 2024، تحل الذكرى التسعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. ومنذ بداية تأسيسه كشف هذا الفصيل الفتي، الملتهب حُباً للوطن وبسطاء الناس أوراقه على صفحات جريدته الأولى السرية (كفاح الشعب) حيث دعا في عددها الأول الى تصفية القواعد العسكرية الأجنبية وإلغاء معاهدة 1930، والى يوم عمل من ثماني ساعات وتوزيع الأرض على الفلاحين. وسرت في الشارع الوطني والأزقة الفقيرة والمعامل والحقول علامات رضا واستبشار، ولاح في العيون وميض عزم ووعد، فيما أجفل الحاكمون نفورا وخشية، وانكبوا على اسلحتهم يشحذونها. وتحول الأمل منطلقا لعمل واعد منظم لا يكل، مفعم بنكران الذات والتضحية والعطاء الثر، حيث راح الحزب يستقطب كل يوم مزيدا من الساخطين على المستعمرين واحتكاراتهم النهّابة ونظامهم الملكي شبه الاقطاعي – شبه الرأسمالي، وتواصل متصاعداً دون انقطاع رغم موجات القمع والعسف والإرهاب.

هكذا اذن في الحادي والثلاثين من آذار 1934، دون ان نغفل ما سبق هذا التاريخ من نضالات متعددة الصُعد، بدأ الرواد الأوائل ملحمتهم الثورية الكبرى يوم كانت الطبقة العاملة في العراق وليدة طرية العود ، تتلمس طريقها للتو إلى الحياة. كوكبة مقدامة من الشيوعيين بدأت مسيرة النضال والبلاد تئن تحت سياط الإقطاع وحراب بريطانيا الاستعمارية وقواعدها وجيوشها ومعاهداتها الجائرة والنظام الملكي والإقطاع، وناهبي ثروات شعبنا نفطاً وقمحاً. في ظل تلك الظروف انبثق الحزب الشيوعي العراقي كحركة سياسية من صميم حركة شعبنا الوطنية وحركة طبقته العاملة الفتية وكادحيه، يتبنى الفكر الاشتراكي العلمي ويسترشد بالماركسية وبمنهجها المادي/الجدلي/التاريخي.

 الربط المبدع بين النضال الطبقي والنضال الوطني

من المنشور المحرض، إلى الكلمة الداعية، إلى التنظيم الصلب والشعارات الصائبة، نما الحزب  الشيوعي وكبُر فكبر به الوطن، وكبرت به الطبقة العاملة العراقية وحلفاؤها من الفلاحين وجماهير الكادحين وشغيلة اليد والفكر عموما. ومنذ ذلك الحين راح الشيوعيون العراقيون يوسعون تحركهم وسط الجماهير متصدرين كفاحها السياسي والاجتماعي ومبلورين لها الشعارات والتكتيكات الملموسة طبقا للظروف الملموسة. وفي مرحلة النضال تلك، ربط الحزب بإبداع بين النضالات الطبقية، نضالات العمال ضد أرباب الأعمال والشركات الاستعمارية، وكفاح الفلاحين ضد الإقطاع وجوره، بالنضال في سبيل التحرر الوطني والاستقلال الناجز ومن اجل الديمقراطية. هنا بدأت الثمار بالنضج منذ الأربعينات، مروراً بالخمسينات من القرن العشرين. وخلال هذه الفترة توالت المعارك التي كان للشيوعيين العراقيين دور ريادي فيها: وثبة كانون المجيدة في 1948، انتفاضة تشرين 1952، وانتفاضة الحي الباسلة عام 1956، اضرابات عمال النفط في كاورباغي وحديثة، واضرابات عمال السجائر والموانئ والسكك، وانتفاضات آل زيرج ودزه ئي، وعشرات غيرها من المعارك الطبقية والوطنية المجيدة والنزالات المشهودة التي مهدت لانتصار ثورة 14 تموز 1958 ثم ما تلى ذلك من معارك وصدامات وحراك مجتمعي توج في انتفاضة تشرين المجيدة عام 2019.

وبمواجهة هذه النشاطات وضعت مختلف الانظمة، وسادتها وحماتها في الخارج، قطع رأس الحزب الشيوعي العراقي على جدول الأعمال. فمثلا يوم واجه قادة الحزب الأماجد، فهد وحازم وصارم، بصمود المشانق في قلب بغداد عام 1949، حلّت بالحزب فجيعة كبرى سرعان ما تحولت بعد عشر سنوات الى فعل ثوري. فقد كانت الجماهير على موعد مع ساعة الصفر في فجر الرابع عشر من تموز 1958، حيث اندلعت الثورة التي لعب الحزب الشيوعي دوراً بارزاً ومشهوداً في الإعداد لها والمساهمة فيها والدفاع عنها.

إن دروس ثورة الرابع عشر من تموز 1958 غزيرة سواء في اندلاعها وتطورها وأيضا في انتكاسها. ومن بين كل دروس هذه الثورة ثمة درس مهم هو انها انتصرت لأنها اعتمدت على وحدة القوى الوطنية والديمقراطية التي ناهضت الحكم الملكي وناصرت الثورة وساهمت في نهوضها.. في حين كان من بين عوامل انتكاستها هو الصراعات التي نشبت بين هذه القوى حيث عجز العديد منها عن فهم طبيعة المرحلة التي دشنتها الثورة وترتيبها – أي تلك القوى- ترتيبا خاطئا للتناقضات بتغليب الثانوي منها على الرئيسي. علما ان النزعات الدكتاتورية لبعض قادة الثورة وعدم رهانهم على الجماهير الشعبية وتردداتهم كان من بين العوامل التي ادت الى انتكاسة الثورة وتتويج ذلك بثورة الردة في الثامن من شباط 1963.

ان انقلاب شباط المشؤوم حدّد مسارا جديدا للصراع اتخذ طابعا دمويا وقيامات وحروب داخلية وخارجية لا تنتهي. بيد أن “مهندسي” الانقلاب لم يتمكنوا من تحقيق أحلامهم، فقد تولى الحزب الشيوعي العراقي قيادة المقاومة الجماهيرية الواسعة للانقلاب الفاشي الدموي. ورغم استشهاد الرفيق سلام عادل، سكرتير الحزب، والعديد من أعضاء اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، والمئات من كوادره وأعضائه، واعتقال عشرات الآلاف من أعضاء الحزب ومؤازريه، ومن الوطنيين والديمقراطيين، تمكن الحزب، رغم الجراح، من مواصلة النضال ليقف مرة أخرى في الخط الأمامي من المعارك الوطنية والقومية والطبقية. وفي عام 1978 جرب الدكتاتوريون الجدد، الذين عادوا إلى السلطة بانقلاب قصر في 17 تموز 1968، أن يعيدوا سيناريو الماضي الأسود وان بحذاقة ومكر هذه المرة. غير أن أساليبهم لم تستطع أن ترغم الجماهير على الخنوع والاستسلام. فرغم شراسة الإرهاب ووحشية القتل ودهاء التضليل وشراء الذمم، لم تتحقق أحلامهم المريضة بتصفية الحزب الشيوعي العراقي. ماذا كانت النتيجة؟ رغم قساوة الظروف وحجم التضحيات، ووسط برك الدم، نبتت زهور حمراء، ومن هذه الزهور نمت بندقية ثائرة. فخاض انصار الحزب الكفاح المسلح في ربى جبال كردستان، الى جانب اخوانهم البيشمركه من القوى الاخرى. وفي غضون سنوات قلائل تحول الحزب إلى قوة فاعلة تلعب دوراً بارزاً في الحركة الوطنية والديمقراطية، حتى غدا قطباً للمعارضة المناهضة للدكتاتورية.

شهداؤنا وشهيداتنا... قناديل تنير الطريق لمن واصلوا ويواصلون المسيرة

في الرابع عشر من شباط من كل عام تحل ذكرى استشهاد قادة حزبنا، الرفاق الأماجد يوسف سلمان يوسف (فهد)، زكي بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم). ويقف هذا اليوم، منارا هادياً نستمد منه الصلابة والبطولة والعزم في تحدي الإرهاب والصعاب ومواصلة النضال.

تخفقُ الرايةُ الخفاقة.... وتحت ظلالِها الحمراء، يتوهجُ اسم مؤسسِ حزب الشيوعيين العراقيين (فهد) الذي أرَّخ باستشهادهِ زمنا بطوليا يليق بكل مناضل نذر نفسه للوطن واجتراح المأثرة. يتواصل قرع الأجراس للأبطال.. إن الموكبَ يتواصل..... وفي الذاكرة يعيد التاريخ توهجه ولنقرأ الأسماء ولنحدق في دمِ العناوين: سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية لحزبنا، قادة الحزب: جمال الحيدري، جورج تلّو، محمد حسين أبو العيس، محمد الجلبي، حسن عوينة، طالب عبد الجبار، حمزة سلمان، عبد الرحيم شريف، محمد صالح العبلي، عبد الجبار وهبي، كامل قزانجي وتوفيق منير ومئات الواهبين بل الآلاف غيرهم.

مسيرةٌ حافلةٌ بالفداءِ والتضحيةِ، طويلةٌ بطولِ العراقِ وعرضهِ، تشهدُ عليها محطاتُ النضال المعمدةِ بدم بطلاتنا وأبطالنا. لنحدق في الملامح.. ونتفرس في الوجوه، وننطق بالأسماء.. لنقرأ قائمةً أخرى بأسماء أولئك الذين استشهدوا في السجون، من بين ذلك شهداء مجزرتي سجن بغداد وسجن الكوت وانتفاضة الحي الباسلة: دنحا يلدة، نعمان محمد صالح الاعظمي، هادي عبد الرضا، موسى سليمان، احمد سليمان، احمد حسون، صبيح مير، وحيد منصور، احمد علوان، عبد النبي حمزة، رؤوف صادق الدجيلي، مهدي الشيخ حسين الساعدي، المربي يحيى قاف، الشيخ عبد الواحد وياسين سلّو وعلي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس.

وللموصل الحدباء شهداؤها، الذين أخذتهم أعواد المشانق ومنصات الرمي بالرصاص وضحايا الاغتيالات، من بينهم: وعد الله النجار، ساطع إسماعيل، محمود إبراهيم وعبد الله الشاوي ومئات الواهبين بلا حدود من اجل الحزب والوطن.

ولنقرأ الملحمة الشيوعية من جديد. ففي احد فصولها كركوك مدينة الشعلة الأبدية نُفِذَ حكمُ الإعدامِ بعشراتِ من الورودِ الشيوعيةِ من بينِهم: الشيخ معروف البرزنجي، عبد الجبار بيروزخان، مجيد حسين، فالح الجياري، عبد الله توفيق القرداغي، فتاح محمود، سالار توفيق، علي البرزنجي وغيرهم كُثر.

تتوهجُ الذكرى.... تواصل قافلة أخرى من القامات الشيوعية مسيرتها مكللة بالغار....تمرُ في شوارعنا ومعهم تاريخاً حافلاً ونضالاً مجيداً: عايدة ياسين (ام علي)، شاكر محمود، ستار خضير، كاظم الجاسم، فاضل عباس المهداوي، وصفي طاهر، ماجد محمد أمين، سعيد متروك، نافع يونس، محمد الخضري، عبد الخالق البياتي، خزعل السعدي، محمد الدجيلي، جواد عطية، فكرت جاويد، عواد الصفار، الياس حنا كوهاري، صبيح سباهي، متي الشيخ، عدنان البراك، صاحب احمد المرزة، فاضل الصفار، حميد الدجيلي، عبد الأحد المالح، بشار رشيد، سهيل شرهان، وليد الخالدي، أبو كريّم، خضر كاكيل، أم سرباز، عميدة، أنسام، موناليزا، منعم ثاني، أبو آيار، وشهداء عموم معارك الحركة الأنصارية المجيدة وما أكثرهم، وشهداء النظام الدكتاتوري الإبطال وما أكثرهم وشهداء السنوات الأخيرة من ضحايا حروب الطوائف والميليشيات وجرائم القاعدة وفلول البعث الصدامي، وفي مقدمهم القائد الانصاري وعضو المكتب السياسي للحزب الرفيق (سعدون) وكامل شياع وهادي صالح (أبو فرات) وفاضل الصراف وأبو ثابت والعشرات من الرفيقات والرفاق الخالدين في ذاكرة شعبنا وحزبنا دوما.

تقرع الأجراس للأبطال والبطلات، ويتمجدُ التاريخ وعند مثل هذه الحدود، يكبر الشهيد الشيوعي، ليغدو شهيدَ وطنٍ، وابن شعبٍ بأسره. لنفسح الطريق للبطلات والابطال ممن ابقوا باستشهادهم بيارق الحزب والشيوعية مرفوعة في سماء العراق.. إن القوافل تتواصل.. وتسحب وراءها تاريخ الحزب الناصع.. مزكى بالدم.. والمحبة. فلقد أزهر الدم الشيوعي .. وعلى شجرة النضال العظيمة أعطى وما زال يعطي ثماره.. ان القوافل ما انقطعت .. وان التاريخ - طال الزمن أم قصُر- سيمجد كل هذه الالوف المؤلفة.

    تسيرُ المواكبُ، تسحبُ ورائَها الزغاريدَ، وقرع الطبول، وآخر الكلمات التي أوصى بها الشهداء لرفاق ورفيقات النضال: إن للعراق شهداؤه، وضريبة النضال المقدسة..من كردستان إلى الفاو.. من خانقين حتى الانبار.. أبطال وبطلات تلتف أيديهم وقلوبهم على طريق الشعب ومن اجل أهدافه النبيلة في الكرامة والخبز والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ليكن يوم الشهيد الشيوعي والذكرى التسعون مناسبات لوقفةِ إجلالٍ وإكبارٍ أمام تلك الدماء الكريمة التي أضاءت الدروب، ومحطات لتكريس مبدأ المعرفة والاختيار الصائب والموقف الأصح. ولا نستثني أحدا ممن سلكوا دروب الكفاح والمحبة والاستشهاد فلا مواقع متباينة للأبطال والشهداء والشهيدات... فهم قامات متساوية..إن القامات واحدة .. والنبرات واحدة.. والدماء بلون واحد.. بهم وهم يمرون بيننا، على هاماتِهِم، ما تزال بعد أكاليلُ البطولة والفخرِ والتضحية.. وفي شفاههِم لم ينقطع النشيد... وعلى أصابعِهم دم زهور معتقة. نباهي بهم الأمم والشعوب وندري أن مواسمَنا تكتملُ بأسمائهِم، ومن جدارةِ هذا الذي قدموه تشتد طاقة النموذج، وتصبح قابلة للتبني. فقد أودع الشهداءُ رفاقهم ورفيقاتهم كلمة السر وتعاهدوا على أن “ الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق “ ومشوا إلى خلودهم عزّلاً إلا من إرادة حب الحياة من أجل “ وطن حر وشعب سعيد “.

واليوم، في تسعينية الحزب، نحمل مشاعل الشهداء والشهيدات، قادة حزبنا الأماجد فهد وحازم وصارم ورفاقهم، سلام عادل والحيدري والعبلي وسعدون، والمئات من الواهبين بل الآلاف من الكواكب اللامعة من أبطال وبطلات حزبنا والحركة الوطنية والديمقراطية العراقية، نسير على دروبهم المضيئة، ونلتقي الأحياء ممن واصلوا رفعَ الراية لتبقى خفاقة. نطوفُ المعاملَ وأرض النخيل، وحقول الذرة والحنطة، والأهوار، نخوضُ في لجّةِ الماضي والآتي، في قرانا وبيوتِ العمال والفقراء التي تتطلع الى الفجر، ولم تعرف الكهرباء، استوطنتها الأمراض، وفتك فيها المستغِلون، وسماسرة المدن. هناك في الريف وفي المعامل والمحتشدات الجماهيرية، حمل شهداء الحزب الشيوعي العراقي راياته وطافوا بها في قلوب الفلاحين الفقراء والعمال البسطاء، علموهم أبجدية القراءة والنضال، وقادوهم وسطَ رياحِ الظلامِ، وهم يحملون مشاعلَ الحزبِ وكلماته، ويناضلون من اجلِ فجرِهم، الذي هو فجرُ إخوانِهم من الكادحين والفقراء وشغيلة اليدِ والفكر. واليوم، في هذا العام، 2024، تزهرُ الدماء الشيوعية، على شجرة النضال العظيمة التي أعطت وما تزال تعطي ثمارها. وها هي بصمات قوافل شهداء حزبنا تلوح في كل ساحات النضال، وكل نُصبه. إن دمائَهم وتضحياتهم تُضيء جميع المكاسب التي أحرزت، وعلى عناوين كل الانتصارات التي تحققت، وأجسادهم التي درأت موجات الغدر المتتالية ومحاولات قمع الحزب على مرّ عصور ذهب منفذوها الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.أجل.... شهداؤنا هم تاريخنا الناصع دوما... إن الدماء التي أرخصوها هي خلاصة المحبةِ، والوعي، والإرادة الصادقة، والشجاعة وروح الاقتحام.. إنهم بشائر الخير لأنهم حافز في ضمائرِ رفيقاتِهم ورفاقهم ممن يواصلون المسيرة اليوم، رغم كل الصعاب وحتى الاخفاقات احيانا، على خطاهم كما كانوا بالأمس حين يشتد الليل نراهم نجوما للأفق الرحب. إنهم اليوم، كما كانوا دوما، علامات خُضر في الطريق المجيدة المفضية إلى “ وطن حر وشعب سعيد “. بهم وبهنّ يشمخ الحزب... وبمن ظلّوا خلّصاً على المبادئ العظيمة تتواصل المسيرة من اجل السيادة والاستقلال وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد، بعيدا عن نظام المحاصصات الطائفية - الاثنية.

المجد كل المجد لشهداء وشهيدات حزبنا......... لكل شهداء الحركة الوطنية.... لكل شهداء الشعب والوطن..!

رحل الطغاة وبقي الحزب نخلة باسقة

في 2003/9/4 رحل النظام الدكتاتوري إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه، والقي القبض على رأسه في جُحر مظلم. أما الحزب الشيوعي العراقي فبقي، رغم عمق الجراح، مرفوع الهامة في سوح النضال، نخلة باسقة تمتد جذورها في أعماق ارض العراق التي رواها آلاف الشهيدات والشهداء على طريق التحرر والديمقراطية والتغيير الشامل والعدالة الاجتماعية. إن إحياء هذه الذكرى المجيدة، في هذه اللحظات التاريخية، في معركة البدائل من اجل بناء عراق حر ومستقل ودولة مدنية ديمقراطية عصرية، يحمل أكثر من مغزى. ولعل أعظم مغزى يكمن في أن اعتي الرجعيات والدكتاتوريات والقوى والساسة قصيري البصر والبصيرة، التي توهمت، جميعها، أنها قادرة على اقتلاع جذور الحزب الشيوعي العراقي الممتدة عميقاً في وجدان الشعب وكادحيه وبسطاءه، واستخدمت، لتحقيق غاياتها هذه أبشع وسائل الإرهاب، كانت تكتشف، في كل مرة، أنها عاجزة عن إسكات صوت الشيوعيين العراقيين لأنه صوت الشعب والحقيقة والديمقراطية والسلم المدني، وعن فلِّ إرادتهم لأنها إرادة الشعب وكادحيه، عماله وفلاحيه وشغيلة اليد والفكر والمثقفين الوطنيين والديمقراطيين وكل من يهمهم بناء عراق يتسع للجميع.

في عام 2024، عام الذكرى التسعين، يتجدد الامل بعراق جديد، عراق خال من الازمات والفساد وخيبات الامل والتهميش والإقصاء والاستعصاءات الدائمة وتناسل الازمات ومكائد حيتان السلطة وحروب المتحاصصين من القوى المتنفذة.  

المجد... كل المجد للذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي...

**************************************************************************

الصفحة الثامنة

الحزب في تسعينيته.. محطات في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي

تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 نتيجة لتطور نضال الشعب العراقي وحركته الوطنية والديمقراطية. ويسترشد الحزب في كفاحه وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه، بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، ويسعى إلى تجسيد ذلك في ظروف العراق الملموسة بإبداع، استناداً إلى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في الميادين كافة.

يجمع الحزب بثبات بين القضية الوطنية وقضية الديمقراطية، وينظر إليهما في إطار وحدة لا تنفصم، فهو يعمل على إقامة نظام ديمقراطي اتحادي أساسه التعددية الفكرية والسياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الإنسان، وضمان الحريات الشخصية والعامة، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص، وتأمين العدالة الاجتماعية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة المدنية الديمقراطية العصرية كاملة السيادة.

وينحاز الحزب إلى عالم العمل وقيمه، وإلى العاملين بسواعدهم وفكرهم. وهو يرى أن الدفاع عن مصالح وحقوق الشغيلة والفئات والشرائح الاجتماعية الأكثر تعرّضاً للتهميش والاضطهاد والاستغلال، هو الطريق المفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.

سنتوقف هنا عند القضايا الآتية التي تتيح قراءتها تكوين تصور أولي عن الحزب الشيوعي العراقي، تاريخه وهويته الطبقية ومرجعيته الفكرية... الخ.

- في عام 1924، كون حسين الرحال وأصحابه جماعة تبشر بالاشتراكية، وبالماركسية تحديدا، وأصدروا مجلة (الصحيفة). وكان من أبرز ما تناولوه توضيح مفهومهم عن التقدم والتطور والحرية والمساواة، وحق المرأة في المساواة بالرجل، ودخلوا في هذا الشأن في صراع فكري مع المحافظين.

- في عام 1927 تكونت في البصرة أولى الحلقات الشيوعية. وكان أبرز الناشطين فيها يوسف سلمان يوسف (الذي صار يعرف بفهد لاحقا)، وأخوه داود وغالي الزويد وحسن العياش. وبعد عام تكونت في الناصرية حلقة مماثلة نشط فيها يوسف سلمان يوسف (فهد) أيضاً، وأخوه داود وحسون جار الله وإخوانه ومهدي وفي، وآخرون.

- في عام 1931 أعلن في بغداد والبصرة والناصرية ومدن أخرى، إضراب عام احتجاجاً على قانون للبلديات يفرض رسوماً على بعض الحرف مما يرهق الكادحين. وقد لعب فيه الشيوعيون الأوائل، ولاسيما في البصرة والناصرية، دوراً بارزاً وقادوا تظاهرات صاخبة في هاتين المدينتين. وبسببه استشهد حسن العياش، أحد الشيوعيين الأوائل، وبهذا يكون العياش أول شهيد شيوعي في العراق.

- في 13 كانون الأول 1932 وزعت في الناصرية أول المناشير الشيوعية. وكان قد وضعها (فهد). وخطها هو ورفاقه من الشيوعيين.

- في 31 آذار 1934 انعقد في بغداد اجتماع تأسيسي للشيوعيين من مختلف أنحاء العراق، وأعلنوا توحيد منظماتهم في تنظيم مركزي واحد باسم « لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار» التي كثَّف اسمها برنامج عمل أجيال من خيرة أبناء وبنات شعبنا، من العرب والكرد ومن مختلف الانتماءات القومية والدينية والمذهبية، الذين انغمروا في إطارها. ثم منذ صيف 1935 تغير اسمه الى (الحزب الشيوعي العراقي) ليواصل نضالا مجيدا حافلا بالعزم والفداء من اجل استقلال العراق وحريته، وخير الشعب وسعادته. وقد لعب الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد) مؤسس الحزب وبانيه دوراً بارزاً سواء في بناء خلايا الحزب أم في إقامة مركزه في بغداد وتأسيس الحزب. وفي نهاية ذلك العام غادر الرفيق فهد إلى موسكو للدراسة في مدرسة كادحي الشرق. فاختار المؤسسون عاصم فليح ليقود الحزب.

- وقد وزع أول منشور للحزب بعد تأسيسه في 14/3/1935، وكان يحث على النضال لتحقيق مطالب الفلاحين والعمال، وانتهى بالهتاف بسقوط الاستعمار ومعاهداته، وبحياة الجبهة الموحدة ضد الإمبريالية وضد مضطهدي الفلاحين والعمال.

- وفي 31 تموز1935 أيضاً، صدرت أول جريدة للحزب، هي (كفاح الشعب) وكانت توزع 500 نسخة من كل عدد. وكان هذا كبيراً في مقاييس ذلك الزمان لحزب سري في بلد تزيد نسبة الأميين من السكان فيه على 90%.

- منذ البداية كشف الفصيل الفتي الرائد، الملتهب حُبا للوطن ولبسطاء الناس أوراقه على صفحات جريدته الأولى السرية ( كفاح الشعب) حيث دعا في عددها الأول الى تصفية القواعد العسكرية الأجنبية وإلغاء معاهدة 1930، والى يوم عمل من ثماني ساعات وتوزيع الأراضي على الفلاحين، وتصدّر الشيوعيون العراقيون نضالات الجماهير ومعارك العمال وهبّات الفلاحين. ولعب باني الحزب الرفيق (فهد) دورا أساسيا في بلورة توجهاتهم الوطنية والتقدمية واستراتيجيتهم. وتحت قيادته صاغ الشيوعيون الشعارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصائبة والجريئة، وقادوا سعي الجماهير الحثيث والجسور لتجسيد تلك الشعارات. وبسبب الدور الكفاحي للحزب وروح اقتحام أعضائه، استشهد مئات الرفاق وبضمنهم الكثير من قادته وكوادره، يتقدمهم سلمان يوسف (فهد) وزكي بسيم (حازم) وحسن الشبيبي (صارم). وأصيب واعتقل الآلاف منهم، فكان لأعضاء الحزب تجربتهم المميزة التي يفخر بها، كنموذج للصمود والبطولة داخل السجون والزنازين وأقبية التحقيق في مواجهة ظلم وإرهاب القوى المسيطرة.

- في آذار 1944 انعقد (الكونفرنس) الأول للحزب. وبعد عام انعقد المؤتمر الوطني الأول للحزب. وفي هذين المؤتمرين اللذين انعقدا بقيادة الرفيق (فهد)، صاغ الحزب نظامه الداخلي، الذي ينظم حياته الداخلية والأسس التي تقوم عليها تنظيماته وشروط العضوية فيه. كذلك ميثاقه الوطني الذي يحدد الأهداف التي يناضل الحزب من أجلها. وأرسى المؤتمران خطة الحزب لاستقبال فترة ما بعد الحرب.

- في 12 أيلول 1944 قدمت كوادر شيوعية اغلبها يهودية بتوجيه من الحزب طلباً لتأسيس منظمة معادية للصهيونية باسم (عصبة مكافحة الصهيونية). وقد أجيزت المنظمة فعلاً ولعبت دوراً كبيراً في فضح أغراض الصهيونية وارتباطها بالدوائر الإمبريالية ومعاداتها للشعب العربي الفلسطيني. وأصدرت المنظمة جريدة علنية يومية باسم (العصبة).

- في 18 كانون الثاني 1947 القي القبض على قادة الحزب يوسف سلمان يوسف (فهد) وزكي محمد بسيم (حازم) و حسين محمد الشبيبي (صارم) عضوي المكتب السياسي وكوادر أخرى. وحكم على (فهد) ورفيقيه (حازم) و (صارم) وإبراهيم ناجي بالإعدام وعلى الآخرين بأحكام ثقيلة إلا إن الضغط الشعبي وضغط الرأي العام العالمي، حوّل حكم الإعدام إلى السجن المؤبد.

- واثر تعاظم الحركة الجماهيرية، لاسيما الإضرابات العمالية التي كان يقودها الحزب، سارعت الحكومة العراقية إلى إعلان الأحكام العرفية في 15 أيّار 1948 بحجة حماية مؤخرة الجيش الذي أرسل إلى فلسطين، وذلك لضرب إضرابات وتظاهرات العمال والطلاب، والحد من نشاط الحزب والقوى الديمقراطية. ووجهت أجهزة الأمن بهذه المناسبة، أعنف ضربة ضد الحزب إثر خيانة احد كوادره. وقد اعتقل على أثرها أبرز القائمين على نشاطه.

- وانتهز الحكم الملكي هذه الفرصة، وأعاد محاكمة فهد وزكي محمد بسيم وحسين محمد الشبيبي في مجلس عرفي عسكري في ظل الأحكام العرفية، وذلك خوفاً من فهد ورفيقيه في توجيه العمل القيادي للحزب والحركة الديمقراطية من داخل السجن، وما يشكله ذلك من تهديد للنظام القائم. وقد حكم المجلس العرفي على القادة الثلاثة بالإعدام، ونفذه فيهم في 14و15 شباط 1949 برغم الاحتجاجات الواسعة من جهات دولية ديمقراطية. ويمجد الشيوعيون العراقيون ذكرى استشهاد القادة الثلاثة في 14 شباط من كل عام باعتباره (يوم الشهيد الشيوعي في العراق).

- في صيف 1955 عقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعاً، وانتخبت الرفيق حسين احمد الرضي (سلام عادل) سكرتيراً لها. وفي غضون عام، نجح الحزب تحت قيادة (سلام عادل) في تعزيز وحدته وتصفية الانقسامات في صفوف الشيوعيين وإتباع سياسة رصينة تعزز مواقع الحزب في الحركة الوطنية.

- وفي خريف 1956 انعقد الكونفرنس الثاني للحزب، الذي دقق سياسة الحزب، وأكد على العمل من اجل تجميع القوى الوطنية في جبهة واحدة، وأوضح موقف الحزب من القضية الكردية وحق الشعب الكردي في تقرير مصيره وفي الحكم الذاتي.

- في شباط عام 1957 نجح الحزب الشيوعي في إقناع الأحزاب الوطنية القائمة آنذاك في تكوين (جبهة الاتحاد الوطني). وتألفت الجبهة من الحزب الشيوعي العراقي، والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي. ونظراً إلى إن بعض الأحزاب الأخرى رفضت مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) في الجبهة، أقام الحزب الشيوعي تحالفاً ثنائياً بينه وبين البارتي. ساعد تكوين جبهة الاتحاد الوطني في نهوض الحركة الوطنية وتحفز الشعب لإسقاط الحكم الرجعي.

- في 14 تموز 1958 نجحت القطعات العسكرية بقيادة «منظمة الضباط الأحرار» في إسقاط النظام الملكي. وكان الحزب الشيوعي يعرف موعد انطلاق هذه القطعات وغرضها، لذلك عبّأ كوادره استعداداً للأمر، واصدر توجيهات خاصة بهذا الشأن. ولهذا ما إن أعلن عن بدء الحركة، حتى انطلقت الجماهير إلى الشوارع في بغداد والمدن الأخرى، وتحول الانقلاب العسكري إلى ثورة شعبية هائلة، قضت على رموز النظام السابق، وأقامت الجمهورية. لقد كان الحزب في مقدمة المساهمين في إنجاح الثورة ومن المضحين من اجل انتصار قضية الشعب وتحقيق أهدافه عندما عبّأ وفي زمن قياسي قصير مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات للدفاع عن الثورة الفتية وبناء النظام الجمهوري.

- بعد انتكاسة ثورة 14 تموز 1958، وقيام انقلاب شباط الدموي الفاشي عام 1963، وجهت ضربة شديدة الى الحزب الشيوعي العراقي وعموم الحركة الديمقراطية في بلادنا، وأهدرت دماء قادة الحزب الأماجد حسين أحمد الرضي (سلام عادل) وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي والكثيرين من الكوادر والأعضاء والأصدقاء، ومن الديمقراطيين الآخرين. وعانى الآلاف من هؤلاء من صنوف الحرمان والآلام في سراديب التعذيب وفي السجون والمعتقلات، وفي ظل ظروف الاختفاء والحرمان من العمل، كما في المنافي، وغير ذلك من مظاهر العسف والاضطهاد.

في 3 تموز 1963 اندلعت انتفاضة معسكر الرشيد البطولية التي قادها شيوعيون من قادة الحزب، عسكريين ومدنيين، على رأسهم العريف حسن سريع، الذي استشهد بعد تعذيب فظ ومحاكمة صورية، حكم فيها بالإعدام، هو وعدد من رفاقه. وكانت الانتفاضة مثالاً على الجرأة الشيوعية والروح الاقتحامية.

    لقد فتح انقلاب شباط الأسود الباب لسلسلة من التطورات والانقلابات التي لم تسفر إلا عن إلحاق المزيد من الأذى والخراب بشعبنا ووطننا، والتي بلغت ذروتها في عودة زمرة البكر – صدام الى الحكم في تموز 1968.  وقاد ذلك الى إقامة أعتى دكتاتورية عرفها العالم المعاصر تربع على قمتها لاحقا صدام حسين.

- في آب 1964 عقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعاً كاملاً وانتخبت الرفيق عزيز محمد سكرتيراً لها، وكذلك مكتباً سياسياً.

- وفي كانون الأول 1967 انعقد في (داربسر) في اربيل، الكونفرنس الثالث للحزب بحضور (57) رفيقاً، واتخذ قرارات هامة لتعزيز وحدة الحزب.

- في عام 1970 عقد الحزب مؤتمره الوطني الثاني في كردستان. كما عقد المؤتمر الوطني الثالث في عام 1976 في بغداد.

- تصاعدت الحملة القمعية ضد الحزب بعد اجتماع لجنته المركزية في آذار 1978، الذي وجه نقدا شديدا للسلطة الحاكمة ولحزب «البعث» الحاكم حينذاك. وفي أيّار 1978 أقدم النظام على إعدام 31 مواطنا من العسكريين والمدنيين، شيوعيين وأصدقاء للحزب، بحجج واهية، وشن حملات ملاحقة واعتقالات واسعة ومتواصلة.  ومارست أجهزة النظام القمعية أشكالا متنوعة من القمع والتعذيب وانتزاع البراءات والتصفية الجسدية في مختلف مناطق العراق، واقترن كل ذلك بحملة إعلامية تضليلية واسعة ضد الحزب.

- في تموز 1979 قررت اللجنة المركزية للحزب قطع العلاقة مع النظام والانتقال الى صفوف المعارضة والعمل على إنهاء نظام صدام حسين الدكتاتوري، وأكدت ان لا منجى للشعب والبلاد من هول الإرهاب والخراب الذي القي فيهما، إلا بإسقاطه والخلاص منه. وجسّد الحزب توجهه هذا بتبني أسلوب الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية وتأسيس حركة الأنصار الذين خاضوا من 1979 الى 1989 قتالاً بطولياً مشهوداً، مع إخوتهم من بيشمركة الأحزاب الكردستانية، ضد قوات النظام الغاشم ومرتزقته. كما جسده أيضا في العمل السري والتعبوي والتحريضي وتنظيم حملات التضامن الواسعة لدعم نضال شعبنا من اجل السلام وضمان حقوق الإنسان والديمقراطية. ونشط الحزب في إقامة العلاقات مع قوى المعارضة العراقية على اختلاف توجهاتها السياسية والفكرية والقومية وساهم بنشاط وحيوية في الجهود الرامية الى جمع القوى المعارضة للنظام في اطر جبهوية وتنسيقية لتعبئة الطاقات في المعركة ضد الدكتاتورية. وخلال هذه الفترة عقد الحزب مؤتمره الرابع في كردستان العراق خلال الفترة 10 – 15 تشرين الثاني 1985.

- في الفترة 12 - 25 تشرين الأول 1993 انعقد المؤتمر الوطني الخامس (مؤتمر التجديد والديمقراطية) الذي رسم الطريق لإعادة  بناء الحزب على أساس من الديمقراطية والتجديد، وصاغ نهج النضال ضد الدكتاتورية ومن أجل البديل الديمقراطي. وانتخب اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الخامس التي بدورها انتخبت الرفيق حميد مجيد موسى (ابو داود) سكرتيرا لها.

- وتطبيقاً لقرارات المؤتمر الوطني الخامس، عقد الحزب المجلس الحزبي العام (الكونفرنس) الخامس عام 1995، والمؤتمر الوطني السادس عام 1997، والمؤتمر الوطني السابع عام 2001. وقد كانت هذه الفعاليات محطات مهمة على طريق التجديد والديمقراطية.

- على امتداد التسعينات وحتى انهيار النظام في نيسان (أبريل) 2003، دعا الحزب الى الرفع الفوري وغير المشروط للحصار الاقتصادي الدولي الذي فرض على الشعب العراقي إثر مغامرة نظام صدام الإجرامية بغزو الكويت في آب (أغسطس) 1990. كما دعا الى تطبيق قرار مجلس الأمن 688 (نيسان 1991)، وهو القرار الوحيد الذي طالب بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وكذلك تقديم صدام وأعوانه الى محكمة دولية لمعاقبتهم على الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب العراقي والإنسانية.

- مع بوادر أزمة جديدة بين نظام صدام والولايات المتحدة، ورغم إدراكه ان الحرب هي الاحتمال الأرجح، سعى الحزب الى طرح خيارات أفضل لتحقيق التغيير، لا سيما خيار مشروعه الوطني الديمقراطي، الذي اعتمد نضال الشعب والقوات المسلحة ووحدة القوى الوطنية المعارضة، وتضمن تأمين الدعم والإسناد الدوليين الشرعيين لتحركهما، لتجنب ويلات ومخاطر الحرب والحيلولة دون احتلال وطننا.

- وبعد انهيار الدكتاتورية في 9/4/2003 واحتلال القوات الأجنبية لبلادنا، واصل الحزب نضاله في الظروف الجديدة الصعبة والمعقدة، ورأى ان السبيل الأنجع لمواجهة الأزمة الناشئة وتجاوزها، هو سبيل تشكيل الحكومة الوطنية العراقية المؤقتة واسعة التمثيل وذات الصلاحيات، والتي تنبثق عن مؤتمر وطني عام تشارك فيه أطياف الشعب العراقي السياسية والقومية والدينية والطوائف كافة. فحكومة كهذه، تنبثق عن مثل هذا المؤتمر، هي وحدها القادرة على إنجاز المهمات الصعبة والملحة الكثيرة التي تواجه البلاد، وبضمنها إعداد مشروع الدستور ومشروع القانون الانتخابي، ومباشرة الحوار مع الطرف الأمريكي حول إنهاء الاحتلال.

- في 13 تموز 2003 شارك الحزب، بشخص الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب حينذاك، في (مجلس الحكم الانتقالي)، موضحا في الوقت نفسه ان القبول بـ»مجلس الحكم» في صيغته المطروحة حينها، والمشاركة فيه، لا يعنيان بحال اعتباره بديلاً عن الحكومة الوطنية الائتلافية المؤقتة المرتجاة. بل انه، باعتباره حلاً وسطاً، يمكن ويجب النظر إليه كخطوة في اتجاه إقامة هذه الحكومة، وجزء من التهيئة لإخراجها الى حيز الواقع على أساس برنامج وطني ديمقراطي، يخلص البلاد مما هي فيه ويضعها على طريق إقامة العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد.

- وبحثت اللجنة المركزية للحزب في اجتماعها الاعتيادي المنعقد يومي 24 و 25 تموز 2003 المهام التي تواجه حزبنا والأحزاب والقوى الوطنية الأخرى وعامة جماهير شعبنا في الوقت الحاضر، ورأت أنها تتمثل في:

  • ضمان الأمن والاستقرار وإعادة الأوضاع الطبيعية في البلاد.
  • تصفية بقايا النظام المقبور.
  • معالجة القضايا المعيشية الملحة: قضية الرواتب، عودة الناس الى أعمالهم، توزيع الحصص التموينية، استئناف مؤسسات الخدمات العامة والبلدية نشاطها الكامل.
  • تهيئة مستلزمات إجراء انتخابات حرة نزيهة، تحت إشراف الأمم المتحدة.
  • إعداد مشروع دستور يعرض على الاستفتاء الشعبي.
  • العمل من ثم على التباحث مع الأمريكيين والبريطانيين حول إنهاء الاحتلال.

- وفي 24/12/2004 التأمت أعمال المجلس الحزبي العام (الكونفرنس) السادس، والذي كان محطة هامة بعد إزاحة النظام الدكتاتوري لتدقيق واغتناء سياسة الحزب التنظيمية والعامة، واقر (الكونفرنس) وثيقة: توجهاتنا في السياسة الاقتصادية. وبوحي مما توصل إليه المجلس الحزبي المذكور من قرارات وتوصيات واصل الحزب المسير لتطوير حياته التنظيمية، وتعزيز بناء منظماته وصولا الى الإعداد الجماعي واسع النطاق لعقد المؤتمر الوطني الثامن.

- وخلال الفترة 10 – 13/ أيار 2007، ورغم الاختراقات الأمنية وأعمال الارهاب، أفلح الحزب في عقد المؤتمر الوطني الثامن في العاصمة بغداد، في 10 – 13 أيار 2007، وشكّل ذلك تحدياً واضحاً لقوى الارهاب والتخريب، واعلاناً واضحاً عن تمسك الشيوعيين العراقيين بخيار الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات.

وكان شعار المؤتمر هو «لنعزز صفوف الحزب، ونعمل على توحيد قوى الشعب والوطن، لإحلال الأمن والاستقرار، واستكمال السيادة الوطنية وبناء العراق الديمقراطي الفيديرالي الموحد».

وأكد المؤتمر «ان حزبنا يعبّر عن ثقته غير المحدودة بشعبنا العراقي، وبقدرته على مواصلة مسيرته، رغم كل ما يواجهه من صعوبات وعراقيل، نحو إقامة دولة المؤسسات والعدل والقانون، وإستعادة السيادة الوطنية الكاملة، وبناء العراق الديمقراطي الفيديرالي الموحد».

وبروح المسؤولية وفي أجواء الشفافية والنقاش الحر والسجال الديمقراطي، بحث المندوبون وأقروا مشاريع الوثائق المقدمة (التقرير السياسي، البرنامج، النظام الداخلي، الورقة الفكرية)، كما صادقوا على عدد من القرارات والتوصيات.

وتوقف المؤتمرون عند سبل تعزيز دور الحزب في حياة البلاد على الصعد المختلفة. واستأثرت بالاهتمام العملية السياسية وآفاق تطورها وتطلع أبناء شعبنا الى دحر الإرهاب والطائفية، وضمان الأمن والاستقرار، وتحسين مستلزمات استكمال الاستقلال والسيادة الوطنية وانهاء الوجود العسكري الأجنبي وآثار الاحتلال وبناء العراق الديمقراطي الفيديرالي الموحد.

    كما أقرّ المؤتمر الوثيقة الفكرية المهمة المشار اليها سابقاً، التي نوقشت على مدى سنوات من قبل منظمات الحزب ورفاقه، والتي كانت بعنوان «خيارنا الاشتراكي: دروس بعض التجارب الاشتراكية».

- وفي الفترة 8 - 13 أيار 2012، عقد الحزب مؤتمره الوطني التاسع في بغداد وشقلاوة (اقليم كردستان)، تحت شعار «دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية».

وكان الافتتاح العلني للمؤتمر، بحضور حشد واسع شعبي ورسمي، هو الأول من نوعه في تاريخ الحزب، وحظي بتغطية إعلامية واسعة.

وانتقل المؤتمرون بعدها الى شقلاوة في كردستان العراق لإكمال أعماله، وتوزعوا على ورشات عمل أربع لدراسة مشاريع الوثائق الأساسية المقدمة إليه: الموضوعات السياسية، برنامج الحزب، النظام الداخلي للحزب، والتقرير الانجازي.

وكانت التحضيرات إلى المؤتمر قد بدأت منذ ما يقارب السنة قبل انعقاده، بطرح وثيقتي الحزب الرئيسيتين (البرنامج والنظام الداخلي) للنقاش الداخلي والعلني، ونشرتا مع «الموضوعات السياسية» في وسائل إعلامه.

وفي أجواء من الشفافية والديمقراطية والسجال الحر للآراء، جرى تداول وثائق المؤتمر وإقرارها. وفي اليوم الأخير، في اقتراع سري مباشر، تم انتخاب اللجنة المركزية الجديدة للحزب. وشمل التجديد حوالي 47 في المئة من قوامها، وصارت ايضاً، لأول مرة، تضم خمس نساء، اضافة الى ثلاثة من الشباب دون سن الثلاثين.

- بعد شهور من أشغال اللجان المختلفة، والاجتماعات والموسعات الحزبية على مختلف المستويات التنظيمية، ونتائج وخلاصات سلسلة من الفعاليات والندوات واللقاءات مع قطاعات مختلفة، التي راكمت حصيلة كبيرة من الأفكار والتصورات والمقترحات والمقاربات حول المرجعية الفكرية، والبرنامج النضالي، والرؤية الاقتصادية والاجتماعية، وحول تقييم سياسة الحزب خلال السنوات التي تلت انعقاد المؤتمر التاسع (ايار 2012)، وتحت شعار « التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية»، وبحضور حشد كبير من المسؤولين والشخصيات السياسية والنواب وممثلي الاحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية والمنظمات والاتحادات المهنية والنقابية والجماهيرية، ومن الشخصيات الاجتماعية والدينية والمثقفين والإعلاميين والصحفيين والأكاديميين، الى جانب جمهور واسع من رفاق الحزب وأصدقائه، التأمت أعمال المؤتمر الوطني العاشر للحزب خلال الفترة 1-3 كانون الاول 2016. ولم تتقوقع النقاشات، التي جرت على مختلف الصُعد، حول واقع الحزب، وطبيعة دوره الراهن في ظل وضع سياسي مضطرب يموج بكثير من الاحتمالات والمشاهد السياسية على اهمية ذلك كله، بل ركزت الملاحظات والحوارات والوثائق المقرّة أيضا حول آفاق تطور الحزب، فكرا وممارسة، وتوسيع قاعدته في سياق التبدلات والتحولات الجارية على الصُعد المحلية والإقليمية والدولية، باعتبارها تشكل واحدا من التحديات الهامة.

وفي جلسة المؤتمر الأخيرة، في اجواء تنافس ديمقراطي، تم انتخاب اللجنة المركزية الجديدة. وفي الاجواء ذاتها انتخبت اللجنة في اجتماعها الأول يوم 4 كانون الاول 2016، الرفيق رائد فهمي سكرتيراً لها، كما انتخبت مكتبها السياسي.

- وخلال الفترة 24 – 28 تشرين الثاني 2021 عقد الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره الوطني الحادي عشر في بغداد، تحت شعار «التغيير الشامل: دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية».

افتتح المؤتمر بجلسة علنية وسط حضور رسمي وشعبي حاشد، القيت فيها كلمات وتحيات عديدة، كما وردت العديد من رسائل التحية من الأحزاب والشخصيات ومنظمات المجتمع المدني، كذلك من الأحزاب الشيوعية واليسارية في البلدان العربية والعالم.

وفي كلمته في الجلسة أشار الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب، الى أن انعقاد المؤتمر الحادي عشر يأتي امتدادا لتقاليد حزبنا منذ التأسيس في آذار 1934، ومواصلة لسعيه الى انتظام عقد مؤتمراته، كي يكون كل منها محطة إضافية للتجديد، ولتطوير الديمقراطية الداخلية، بعد الفحص النقدي للأداء، وبعد المراجعة والتقويم.

وعقدت اللجنة المركزية بقوامها الجديد اجتماعها الأول لاحقا، وفيه انتخبت الرفيق رائد فهمي سكرتيراً لها، والرفيق بسام محيي نائبا له، كما انتخبت مكتبها السياسي.

انبثقت عن المؤتمر قيادة جديدة للحزب زادت نسبة الشباب فيها على 55 بالمائة في المكتب السياسي وعلى 42 بالمائة في اللجنة المركزية، مع التوجه نحو تكثيف الجهود في صفوف النساء وزيادة أدوارهن في هيئات الحزب القيادية على مختلف المستويات.

- منذ تأسيسه اصدر الحزب العديد من الصحف على مستوى المحافظات أو على المستوى الوطني، سواء تلك السرية أم العلنية، ومن بينها: كفاح الشعب، اتحاد الشعب، الفكر الجديد، طريق الشعب التي تصدر حاليا بمعدل 3 مرات في الأسبوع. ومنذ عام 1953 يصدر الحزب مجلة نظرية هي (الثقافة الجديدة) التي تصدر حاليا بمعدل مرة واحدة كل شهرين.

- أما بشأن الهوية الطبقية، فإن الحزب الشيوعي العراقي اتحاد طوعي لمواطنات ومواطنين يجمعهم الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والجماهير الكادحة من شغيلة اليد والفكر وسائر فئات الشعب، والكفاح من اجل تأمين التطور الديمقراطي الحر والمستقل للبلاد. إنه يناضل ضد الاضطهاد السياسي والقومي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ومن اجل التحرر وإقامة المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي وبناء الاشتراكية.

- ومن حيث مرجعيته، وكما اشرنا سابقا فإن الحزب يسترشد في كفاحه، وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه، بالفكر الماركسي والتراث الاشتراكي عامة، ويسعى إلى تجسيد ذلك في ظروف العراق الملموسة بإبداع، استنادا الى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في ميادينه كلها.

- وبشأن طبيعته، هو حزب ديمقراطي من حيث جوهره وأهدافه وبنيته وتنظيمه ونشاطه، ومن حيث علاقاته بالقوى الاجتماعية والسياسية الأخرى. وإذ يرفض كل أشكال الحكم الاستبدادي والتسلط السياسي ومصادرة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، يعمل الحزب الشيوعي العراقي على إقامة نظام ديمقراطي أساسه التعددية السياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الإنسان، وضمان الحريات الشخصية والعامة، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص، وتأمين العدالة الاجتماعية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة الديمقراطية العصرية. كما انه حزب وطني مستقل، يضع المصالح العليا للشعب العراقي والوطن فوق أي مصلحة أخرى. ويذود عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وبقية الكادحين، وعن المطامح والمصالح الوطنية للشعب العراقي.

- والحزب مدافع ثابت عن حق جماهير شعبنا في التمتع بالحريات الديمقراطية، ومنها حرية التنظيم الحزبي والسياسي والنقابي والمهني والاجتماعي والنشر والصحافة، والتعبير عن الرأي وحرية العقيدة والاجتهاد، وكذلك التظاهر والإضراب. فكان للشيوعيين دور ريادي في تأسيس النقابات والاتحادات والمنظمات المهنية والاجتماعية والثقافية.

- وسعى الحزب على الدوام لربط السياسي من أهدافه بالاجتماعي، والوطني بالطبقي. وإذ يناضل من اجل الحرية والاستقلال وبناء الاقتصاد الوطني، فهو يدافع بثبات عن مصالح وحقوق الكادحين عمالا وفلاحين ومن شغيلة اليد والفكر عموما. وقاد الجماهير الشعبية وحفزها وشجعها للدفاع عن حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر مختلف الأشكال والوسائل.

- كما دافع الحزب مبكراً عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره، وكان الحزب سبّاقا كذلك في إدراك الترابط بين تطمين الحقوق القومية للشعب الكردي وبين إقامة النظام الديمقراطي في بلادنا، وتجلى ذلك في إطلاق شعاره الشهير «الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان»، والذي طوره لاحقا الى مطالبته بالفيدرالية لكردستان ضمن عراق ديمقراطي موحد. ويعمل الحزب على ضمان الحقوق القومية والثقافية والإدارية للتركمان والكلدوآشورسريان والمكونات الأخرى.

- وأدرك حزبنا بعمق ارتباط النضال الوطني لشعبنا بالنضال الوطني التحرري للشعوب العربية وسائر الشعوب وقوى السلام والتقدم في المنطقة والعالم اجمع. فارتفع صوته عاليا مناصراً لقضايا الشعوب العربية الشقيقة في نضالها من أجل التحرر الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي وضد الاضطهاد والعسف. كما دافع على الدوام عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة.

- كما أسهم الحزب بقسطه في نضال البشرية وقواها الديمقراطية ضد الإمبريالية ومختلف منتجاتها متمثلة في الفاشية والنازية وغيرها، وضد الحروب ومن اجل السلام وانعتاق الشعوب وتقدمها. كما اعتبر الحزب نفسه، في الوقت ذاته، جزءاً من الحركة العالمية التي تناهض اليوم استخدام العولمة من جانب قوى الرأسمالية وسيلة لإدامة نظامها وتعظيم قدراته، وفرض إرادته على العالم وشعوبه عن طريق العنف السياسي والتدخل العسكري على حد سواء. ويربي الحزب أعضاءه وأصدقاءه بروح الأممية والتضامن مع الشعوب، ومساندة حقها في تقرير المصير واختيار النظام الذي تريد، ويناضل من اجل تثبيت القيم الإنسانية وحمايتها، ولإقامة نظام عادل للعلاقات الدولية، وحماية البيئة، وتعزيز دور المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، كي تمارس نفوذها ودورها في معالجة المشكلات الدولية، وفق قرارات الشرعية الدولية وبما يخدم مصالح السلم العالمي وحقوق الشعوب.

ــــــــــــــــــــــــــ

افتتاحية العدد 443-444 من مجلة «الثقافة الجديدة»

****************************************************************************

الصفحة التاسعة

31 آذار منعطف وجداني في مسار الثقافة العراقية

تمرُ علينا هذه الأيّام الذكرى التسعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، حاضنة الثقافة ومثابتها الراسخة في وجدان المثقفين العراقيين، ولا يختلف أثنان على الدور المحوري الذي لعبه الحزب في ترسيخ الوعي الأخلاقي والسياسي والفلسفي والفكري، لدى أعضائه ومحبية والقريبين منه، ليتأسس ذلك الوعي الخلاق والمبتكر، منذ بواكيره الأولى، أدبًا وفنًّا وطنيًا خالصًا، سرعان ما نهض محلقًا ومنتقلًا بتجاربه الرائدة، على محفة الحزب الذي أدرك خطورة وأهمية الثقافة في الصراع المصيري من أجل كرامة الوطن وحريّته وتحقيق آمال شعبه وتطلعاته.

لقد لعب الحزب دورًا جبارًا على صعيد بلورة الحياة الثقافية، وفتح آفاق الوعي، ووفر مستلزمات الإدراك لدى الآلاف من محبيه من المثقفين الذين وجدوا في المتنفس الديمقراطي للحياة النضالية الداخلية، فسحة للارتقاء بتجاربهم الذاتية، مستندين بالدرجة الأساس إلى الجماهير المتعطشة لأفكار الحزب، وبذار الخير والمحبة والرفعة التي بذرها، فكانت تلك التجارب، على صعيد الثقافة الوطنية العراقية، منعطفات إبداعية ووجدانية عميقة، ما زالت تؤدي وظيفتها المبهرة في إدامة الوعي الجمعي وإنعاش الذاكرة العراقية، كنماذج وشواخص خالدة في الوجدان الثقافي العراقي، يعترف بحضورها وفضلها على الثقافة العراقية العدو قبل الصديق.

لقد كانت تجارب رائدة ومتفردة على الصعيد السردي، مثل رواية “النخلة والجيران”، بمثابة منعطفات إبداعية عميقة وواضحة، أسست لما بعدها من مراحل ومتغيرات وتطورات في المشهد السردي العراقي، كما كانت لمنجزات تشكيلية وفنية متميزة وغير مسبوقة، كنصب الحريَّة الشاخص في الوجدان العراقي، الأهمية القصوى في إحياء قصص النضال المرير وأساطير الكفاح المُلهم التي بذلها أبناء شعبنا، يتقدمهم مناضلو الحزب، والتضحيات الغالية التي بذلوها من أجل رفعة العراق وكرامة شعبه ونيل حريّته وكرامته.

مثل تلك المنعطفات المبهرة والعميقة في الوجدان الثقافي الوطني، لا تُعد ولا تُحصى في الواقع، على صعيد الشعر والسرد والتشكيل والمسرح والسينما والمعمارو كافة مشارب الإبداع، تحكي كلّها قصة التواشج الحيّ والمصيري بين الحزب والثقافة التقدمية الساعية لرفعة الإنسان العراقي وبلورة وعيه، وامتلاك مداركه.

لقد كان مناضلو الحزب من المثقفين وأصدقائهم والمقربين منهم نماذج لتأطير الموهبة والإجادة، مستندين بذلك إلى مبادئ الصدق والنزاهة التي أشاعها الحزب نفسه، في أن الأعمال، سواء كانت عامّة خدمية أو إبداعية خالصة، لابد أن تكون متضافرة مع الموهبة الخالصة والوعي المتقدم والفهم الواعي والمدرك لحاجة الإنسان العراقي، من أجل أن تنتج فنًّأ خالصًا، لأن الأرواح المخربة لا يمكن أن تنتج فنًا، وأن سمو النفوس والإرتقاء بالحس الذاتي هي أولى اشتراطات الفن النقي.

طالما كان الحزب، الذي نحتفل بتسعينيته هذه الأيّام، محرضًا على الصدق والنزاهة الإبداعية الخالصة، ليكون المثقف قريبًا من الشعب، ينهل من تطلعاته وهواجسه، ويستمد من وجدانه وقوده وأدواته، لذلك فقط خرج من أعطاف الحزب آلاف المثقفين الحقيقيين، وما زالوا يخرجون، وإن ابتعدوا أو نأوا عن الوطن، بفعل الظروف القاهرة، لكن في المحصلة، لا يمكنفصل ذلك التواشج الروحي بين الحزب والمثقفين، أو  فصل الحزب عن الثقافة الحقّة.

ــــــــــــ

افتتاحية العدد 138 من «الطريق الثقافي»

***********************************************************************************

الصفحة العاشرة

في مثل هذا اليوم

د. سعد الحسني

العيد التسعون للحزب الشيوعي العراقي ليس مجرد ذكرى تأسيس حركة سياسية قارعت الظلم بمختلف أنواعه، بدءاً من الأستبداد المحلي المتمثل بالسلطات الحكومية التعسفية، وصولاً الى التدخلات الخارجية للقوى الأستعمارية، وعلى وجه التحديد بريطانيا، التي أذهلها ظهور حزب من بين صفوف الفقراء يخاطب فئة كبيرة من العمال والفلاحين في المجتمع العراقي. وعملت هذه القوى التعسفية المحلية والخارجية، على أبعاد أية مفاهيم شيوعية أو يسارية من شأنها آنذاك أن تقلب الموازين في المنطقة، في حال ظهور حزب جماهيري يطيح بكل الظلم والتسلط على رقاب الشعب.

حاولت هذه القوى بكل ما لديها من وسائل أن لا يكون هناك تماس لبغداد بأية مفاهيم ديموقراطية او شيوعية، ولجأت الى تجهيل متعمد لفئات الشعب الفقيرة، التي لم يسمح لها بالأرتقاء الى مناصب حكومية بدوافع طبقية بحتة. لذا كانت مؤسسة الجيش مثلا محصورة بيد فئة من العوائل، ولا يسمح لأبناء العامة من الأنخراط في فصيلة الضباط. وكذا الحال بالنسبة الى ما يدعى بمدرسة أبناء الشيوخ، التي أُسست من أجل ان يبقى الأنفصال الثقافي بين طبقة الشيوخ من الأقطاع وطبقة الفلاحين أنفصالاً كبيراً.

ولهذه الأسباب وغيرها مما لا نريد الخوض فيه، ساهم ذلك في كبح حركة الأندفاع نحو الأشتراكية والشيوعية في العراق. ويذكر حنا بطاطو في كتابه (الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق) والذي قمت بترجمته مؤخراً، انه “ قلما كان هناك بروليتاريون في بغداد بالمعنى الاشتراكي يمكن ان تخاطبهم الدعوة الاشتراكية “. ويمضي قائلاً “ بل وحتى بعد ربع قرن عندما أعلنت صحيفة “لمفيد” العراقية أن حزباً للعمال على وشك ان يحتل الميدان أعتبر الأعلان مجرد نكتة”.

وهذا ما جعل القوى الأستعمارية تطمئن الى أن مخططها للأبقاء على الهيمنة على مقدرات العراق أمر مفروغ منه، ولكنها أُخذت على حين غرة عام 1934 عندما تأسس الحزب الشيوعي وأحدث دوياً كبيراً في الأوساط الأستعمارية البريطانية آنذاك. التاريخ البريطاني حينها كان لا يزال يذكر أن الحركة الشيوعية كان مقدراً لها ان تظهر في بريطانيا حتى قبل ظهورها في روسيا البلشفية، حين بدأت الطبقات العمالية تحديداً بالتململ من السياسات التعسفية والاوضاع الأقتصادية المزرية التي كان العمال البريطانيون يرزحون تحتها. ولعل أفضل تمثيل  لظهور الأشتراكية أبان نهاية القرن التاسع عشر هو ظهور كُتّاب مثل تشارلس ديكنز وبرنارد شو، اللذين أشارا بشكل مباشر وغير مباشر الى ضرورة أستبدال مفهوم التنافس والتنافر في العمل بمفهوم التعاون وشيوع مبدأ الشراكة في الفائدة من العمل. وهذا ما مهد لظهور حزب العمال الذي لا يزال يقارع فئة ذوي المفاهيم المحافظة.

حين ظهرالحزب الشيوعي العراقي للعيان سارعت بريطانيا الى الالتفاف على الجماهير العراقية كي تعمل على تسقيط المفهوم الشيوعي، وذلك باللجوء الى تكفيره دينياً وهو الأسلوب الذي نجحت فيه في البدء، بسبب ضعف الثقافة والتعليم وشيوع الأمية ومفاهيم الجهل التي كرستها السلطة البريطانية او من يمثلها من العهد الملكي أنذاك في العراق. وتم كل ذلك أثر تحسس السلطات البريطانية الأستخبارية أن هناك توافقاً بين ما يدعو اليه علماء الدين السياسيون، وتحديداً الشباب منهم، ممن كانوا يعملون على الانتفاض ضد الحكم الاستبدادي الاستعماري امثال السيد محمد الصدر والشيخ محمد الخالصي والسيد ميرزا محمد رضا وغيرهم من حركة الأستقلال كما يقول حنا بطاطو، وبين ما كان يدعو اليه البلاشفة آنذاك. وان صحت هذه المعلومات في أضبارات الشرطة السياسية البريطانية فقد كان هؤلاء أول عراقيين يقومون باتصالات مع ممثلي السلطة البلشفية.

أذن لم تكن بغداد بعيدة عن تأثير الأفكار الشيوعية رغم التضييق المستمر لسلطة الأحتلال البريطانية، فنشأ الحزب الشيوعي العراقي متوجاً بأيديولوجية خاطبت الفئة الأكثر تضرراً في المجتمع العراقي، وهم العمال والفلاحون تحديداً. ويعود السبب الى كون هاتين الفئتين واقعتان تحت نير قوانين وضعت من أجل خدمة الأستعمار. فلم يكن هناك قانون للعمال يحفظ حقوقهم بالمعنى الدقيق، كما لم تكن هناك أشارة الى أي ضمان أجتماعي يمكن ان يوفر عيشاً كريما للعامل بعد بلوغه سن التقاعد والتوقف عن العمل.

أما قوانين الاقطاع بالنسبة الى الفلاحين فقد شكلت حافزاً كبيراً نحو الأنتفاضة ضد الظلم الطبقي، وضد توزيع الأراضي الزراعية بين الشيوخ الأقطاعيين . أفيما كان وجود الفلاح وحياته وعائلته وكل مستقبله، مرهوناً بيد الشيخ والسركال. فهو كان يعيش على قوت بطنه ولا يملك أن ينطق أمام الشيخ حرفاً والا فقد حياته، الأمر الذي دعا شاعرا مثل محمد صالح بحر العلوم ان ينشد:

كم فتى في الكوخ أجدى من أمير في القصور

قوته اليومي لا يزداد عن قرص صغير

ثلثاه من تراب والبقايا من شعير

وبباب الكوخ كلب الشيخ يعوي: أين حقي

من جانب  أخر لا بد أن نذكر ان الحركة الشيوعية العراقية تأثرت بشكل مباشر او غير مباشر بالأممية الشيوعية، التي كان لها دور في تجسيد الحركة داخل العراق، وكان لوجود “ممثل الكومنتيرن بيوتر فاسيلي في العراق في فترة العشرينات، تأثير تشجيعي كبير ليتخذ الحزب بعدها شكله الحقيقي، ناهيك عن المراسلات في نفس الفترة والفترة التالية (كما تشير الأدبيات الحزبية) بين الثوريين العراقيين وعصبة مكافحة الأستعمار التي هي “ملحق الكومينتيرن”، أضافة الى بعض النشاطات المتقطعة في أوائل وأواسط الثلاثينات “لمركز ووحدة الأحزاب الشيوعية في الأقطار العربية،الذي أُقر في عام 1926 بقرار من سكرتارية الشؤون الشرقية للكومينتيرن”.

وبعيداً عن البدايات الثورية لتأسيس الحزب فانه ألتزم ومنذ البدء، ولم يحد، عن نفس المباديء التي نشأ من أجلها، حيث تشهد الأحداث الأخيرة بعد عام 2003 على مدى التزام الحزب بما جاء في بروتوكول مبادئه التنظيمية، حيث أشارت المادة (1) من نظامه الداخلي الى ان الحزب الشيوعي العراقي هو “أتحاد طوعي لمواطنات ومواطنين يجمعهم الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والجماهير الكادحة، وعن الحقوق والمطالب الوطنية لسائر فئات الشعب، والكفاح من أجل تأمين التطور الديموقراطي الحر المستقل للبلاد، ولتحقيق التحولات الأجتماعية وصولا الى بناء الأشتراكية.”  بمثل هذا المفهوم نأى الحزب بنفسه عن كل مغريات السلطة،وأبتعد بصورة مطلقة عن كل بؤر الفساد التي فتكت بالمجتمع العراقي تحت مسميات عديدة، مما أفقد المواطن العراقي الثقة بكل ما يدور حوله من عملية سياسية. وتتجسد نفس هذه النظرة عندما ظهر الحزب أول مرة، أنطلاقاً من مباديء وطنية ودفاع عن حقوق الشعب، ليجسد من خلال قيمٍ راسخة لدى كل الشيوعيين، النضال المستمر ضد الظلم والفساد والهيمنة الخارجية على مقدرات البلد. اليوم اذ نستحضر الذكرى التسعين  لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي لا بد ان نشير الى مقدار التضحيات الجِسام التي قدمها الرعيل الأول من قياداته، أمثال مؤسس الحزب يوسف سلمان (فهد) ورفاقه الذين أرتقوا على أعواد المشانق ولم يرف لهم جَفن، لأنهم آمنوا بقضية الشعب والوطن. أما كفاح الحزب الشيوعي العراقي في الوقت الحالي فينبع من تقاطعات مع تيارات سياسية مختلفة، آثرت المصالح الشخصية والأثراء على حساب الصالح العام، الأمر الذي جعل من الحزب أيقونة للنزاهة يشير اليها الأعداء قبل الأصدقاء. ولأن أيمان الحزب بمبادئه ينطلق من خدمة الشعب فأنه حدد أسبقياته حسب هذا المفهوم، ووجد ان طريق النضال مستمر حتى تحقيق حلم العدالة الأجتماعية والاشتراكية في العراق، خصوصاً وأن قاعدة الفقراء تزداد أتساعاً نتيجة السياسات الخاطئة والمصلحية التي تناست حق المواطنة لكل أفراد المجتمع. والشيء المثير للانتباه أن القوى الظلامية اليوم باتت تخشى أنتشار الأفكار الشيوعية واليسارية والأشتراكية أكثر من خشيتها من الأستعمار والقوى التسلطية والأستغلال. فالتاريخ يعيد نفسه على ما يبدو، لكن الفرق الآن ينصب على المقدار الهائل للتواصل الجماهيري، الذي أستطاع الحزب النفاذ من خلاله الى قلوب الناس. وهذا لم يأت من عبث بل من تاريخ نضالي قل نظيره، أسس لقاعدة جماهيرية لن تكف عن التوسع. 

************************************************************

في ذكراه التسعين..  الشيوعي العراقي يؤكد أهمية الشباب والرياضة في بناء مجتمع مدني ديمقراطي

منعم جابر

يحتفل الشيوعيون وأنصارهم وأصدقاؤهم في مناسبة الذكرى التسعين لتأسيس حزبهم العتيد في 31 آذار 1934 والذي ناضل للوطن ومن أجله وقدم أغلى التضحيات في سبيله دفاعاً عن الفقراء والكادحين وكل شغيلة اليد والفكر. وقدم أعظم القرابين وخاض أصعب أشكال النضال من (أجل وطن حر وشعب سعيد) وكانت للمجالات الإبداعية دور متميز وفعل ثوري خلال مسيرته ونضاله الطويل المعمد بالدم، حيث قدم الحزب دعماً واسناداً متواصلاً للشباب والرياضة والفن والآداب والثقافة بكل تفاصيلها. وكل المجالات الإبداعية وعلى الرغم من الظروف الصعبة والقاسية التي عاشها الحزب ورفاق أيام العمل السري إلا أنه ظل حريصاً على تقديم كل الدعم والاسناد للمبدعين في كل المجالات الحياتية ومنها قطاعا الشباب والرياضة. ويسرنا اليوم ان نتحدث عن دور الحزب في دعم واسناد وتنشيط قطاعي الشباب والرياضة لدورهما وأثرهما في المجتمع العراقي. حيث كان الحزب ومن خلال توجيهاته وبياناته ومنذ المؤتمر الأول عام 1945 دعا الى رعاية الشباب والعمل في صفوفه الرياضية الشعبية والاهتمام بهم لأنهم الأساس المتين لجماهيريته وقد تكررت هذه الدعوات رغم ظروف العمل القاسية والسرية التي كان يعيشها الحزب وجماهيره.

ثورة 14 تموز 1958 أنعشت العمل الرياضي

كانت تجربة ثورة 14 تموز 1958 قد أنعشت العمل في القطاع الرياضي بعد ان تخلص الوطن من قيود النظام الملكي البغيض وعاش فترة ذهبية حيث نهض الواقع الرياضي وقدمت الأندية الرياضية ابداعات إضافية وبرزت كفاءات رياضية ومبدعون من أبطال الألعاب حيث حقق جيل الثورة أول الإنجازات الرياضية يوم استطاع الرباع البصري عبد الواحد عزيز ان يحقق الفوز بأول ميدالية اولمبية والتي بقيت يتيمة حتى اليوم، وقد شهدت الساحة العراقية نمواً وتطوراً في الرياضة والألعاب. إلا أن الهجمات العدوانية ومحاولات اسقاط ثورة 14 تموز من قبل اعدائها تسبب في انتكاس الثورة وتراجعها عن سياساتها وأهدافها. إن الدعم الرسمي والشعبي للرياضة والألعاب ساهم في حماسة واندفاع وتقدم أبطال الألعاب الرياضية وتحقيقهم النجاحات والإنجازات والانتشار في الألعاب والرياضات المختلفة حيث انتعشت الرياضة المدرسية والرياضة في الأندية وتقدمت الرياضة في القوات المسلحة وانعكست في مختلف الألعاب وخاصة الفرق الشعبية (الأهلية) التي كانت تمارس ألعابها في الساحات والملاعب الشعبية. وكان تشجيع الفرق التي تتبارى من خلال علاقة الجماهير بهذه الفرق، ففريق القوة الجوية كان يمثل الفريق الوطني والتي تحبه الجماهير بينما كان فريق الحرس الملكي يمثل حكومة العهد السابق والتي تعادي الجماهير الوطنية وكثيراً ما نجد ان الجماهير العراقية تساند فريق القوة الجوية وتشجعه لأنه يمثل تطلعات وآمال الجماهير.

أبطال الرياضة قدموا حياتهم للوطن ومن أجله

كان أبطال ونجوم الرياضة والألعاب متفاعلين مع الجهد الوطني والنضالي للحركة الوطنية حيث وجدنا الكثير من أبناء الرياضة والمجتمع الرياضي وقد تفاعلوا وانسجموا مع منهج القوى والاحزاب الوطنية والبعض من المبدعين مع قناعات وأفكار الحزب الشيوعي وانظموا إليه وكانت تضحياتهم كبيرة فالبعض قدم حياته للوطن ومن أجله. وقد ضرب البعض أمثالا حية بالتضحية والفداء، فالشهيد البصري الرياضي عبد الله رشيد نائب رئيس الاتحاد العراقي لرفع الاثقال أُعدم بعد انقلاب 8 شباط 1963، والشهيد سعيد متروك السلامي بطل المقاومة لانقلاب 8 شباط كان رياضياً شاملاً حيث كان بطلاً في المصارعة والسباحة ورفع الاثقال، والشهيد ناصر جودي صمد كان رئيساً لنادي قريش في الكاظمية، والشهيد عبد الامير المنساج كان بطلاً في المصارعة ورفع الاثقال وقد قاوم الانقلاب الفاشي يوم 14 رمضان في 8 شباط 1963. اما الشهيد البطل لاعب المنتخب الوطني والعسكري بكرة القدم طارق محمد صالح (ابن اخت الزعيم عبد الكريم قاسم) فقد أعدم في قاعة النادي الأولمبي في الاعظمية. اما الشهيد البطل الملاكم نافع منعم (نافع الأسود) الذي استشهد اثناء مقاومته الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963، وتواصل مسلسل اعدام الرياضيين في فترة حكم الديكتاتورية الصدامية حيث أعدم لاعب المنتخب الوطني وآليات الشرطة الشهيد بشار رشيد ولاعب نادي الجيش بكرة القدم الشهيد صبري كاظم. وكذلك أعدم الشهيد عمار جابر لاعب فريق الحرس الجمهوري وأعدم لاعب فريق الصناعة سعيد لايج وأعدم لاعب فريق البريد الشهيد محمد عبود وتعرض العشرات من الرياضيين للسجن ولفترات مختلفة وبتهم مختلفة وكاذبة. وهنا اعتذر للبعض من أصدقائي الشهداء والسجناء لأني نسيت بعضهم بسبب تقدمي في العمر والسهو والنسيان.

المبدعون الرياضيون.. تعرضوا للاضطهاد

وتعرض المئات من قادة الرياضة والمبدعين فيها للاضطهاد بسبب توجهاتهم السياسية واليسارية وأولهم الراحل وحامل الميدالية الأولمبية (الوحيدة) عبدالواحد عزيز حيث تعرض للاعتقال في مرحلة ما قبل ثورة 14 تموز 1985 لمشاركته في بطولة الصداقة لرفع الاثقال في (الاتحاد السوفيتي السابق) وعلى حسابه الخاص وكذلك تعرض للاعتقال في حقبة الحكم الدكتاتوري الصدامي لأشهر، وتعرض للسجن والاعتقال القائد الرياضي فاروق فؤاد قاسم وقاد الاتحاد العراقي لرفع الاثقال وعمل أميناً لسر الاتحاد العراقي للدراجات وعمل أميناً للسر في نادي الشباب الرياضي، اما القائد الرياضي شاكر سلمان (شاكر الامر) فقد  كان رئيساً لنقابة عمال النفط وكان ناشطاً رياضياً برفع الاثقال وكان عبدالخالق جواد الصفار بطلاً اولمبياً واسيوياً. ولعلنا نتذكر البطل العالمي بكمال الاجسام علي الكيار بطلاً لقارة آسيا  ثلاث مرات وثالث أبطال العالم مرتين وكان بطل العراق والعرب هارتيون جوتبيان والرياضي والحكم الدولي فانه اليوم  بعمر 94 عاماً، وكان الرباع البطل جعفر أبو العيس في نهاية الاربعينيات ومطلع الخمسينيات بطلاً لامعاً في رفع الاثقال ولكنه تعرض للاعتقال المستمر وكان مشروعاً لبطل أولمبي، وكان للمدرب القدير عبد الاحد بطرس مدرب البطل العالمي علي الكيار وكذلك لبطل العراق والمدرب والحكم الدولي برفع الاثقال ناطق القيسي دور بارز وكبير في قيادة أبطال رفع الاثقال وكمال الاجسام وتوجهاتهم الوطنية حيث كان نادي الشباب الرياضي واحداً من قلاع الوطنية وقوى اليسار. وكان للبعض من مبدعي الرياضة من الشيوعيين أدوار نضالية ومقاومة للنظام الصدامي المقبور.

المجد والخلود لشهداء الرياضة وأبطالها

واليوم وبمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي نقدم أحر التهاني والتبريكات لهذا الحزب ولدوره في خدمة الوطن والدفاع عنه والمساهمة في إرساء أسس التجربة الديمقراطية الجديدة والوقوف بوجه المساعي الطائفية والقومية التي تعمل على تفتيت وحدة الوطن وإبعاده عن مساره الصحيح.المجد والخلود لشهداء الرياضة والحركة الوطنية وتحية حب وعرفان لمن ساهم بالدفاع عن قيم الوطنية الصادقة.

ــــــــــــــــــــــ

* شكراً للمؤرخ الرياضي عقيل عبد الرزاق لمعاونته لنا في كتابة هذا الموضوع.

**************************************************************************

الى الحزب الشيوعي العراقي  وهو يوقد شمعته التسعين

انتصار الميالي

عندي حلو .. مو  أي  حلو

تسعين عمره وما كبر

وشما كبر هم يحله

عندي حلو .. مو  أي  حلو

بكل بيت عنده تذكار

وبكل  كاع زارع شتلة

عندي حلو ... مو  أي  حلو

من جبالنا ماخذ سمو

ومن الهور  يروي  الدلة

عندي حلو .. مو  أي  حلو

بفراتنا ينشر  فكر

وبالقرى يعلم كلمة

عندي حلو .. ومو  أي  حلو

شيوعي وانيق مرتب

يكتب قصايد غزل

من  يختنك  لو  يتعب

وشلون لو يمشي بطرف

ويفوح  عطره  الاطيب

بصراوي عينه مكحلة

وبالقلب ماخذ حقه

مغرور ، شايف بس هوّه الحلو

عندي حلو .. مو  أي  حلوو

اتباهى بيه شما كبر

وبعيني  يبقى الأحلى

*************************************************************

الصفحة الحادية عشر

حزب وحياة وقضية

جمال العتابي

ويمتد بهم الليل احياناً لسماع اغنية أم كلثوم في حفلتها الشهرية من حدائق الأزبكية. يتسابقون في حفظ كلمات الاغنية واللحن.

تتشكل الرغبات الأولى للقراءة وتصفح الكتب عند الولد، فينمو وعيه مبكراً، يراقب الاحداث، ويتابع الأخبار مثل الكبار، لقد أيقظت فيه تلك الأشياء أسئلة لا حدود لها، يحاول أن يسلك ذات الطريق الذي سلكه الأب، عسى أن يتعرف على الروح الغامضة التي تخلق هذه الحيوية والاقبال على الحياة. أن يكتشف كنهها بنفسه. يستجيب الأب لبعض منها، موضحاً وموجهاً، لكنه لم يسجّله في معهد ليعلمه الأفكار. في لحظة الهيام بها سأله الأبن: ماذا يعني الحزب لديك يا أبتي؟ فأجاب الأب:

الحزب ليس سؤالاً نجيب عليه ونمضي، انه حياتك وقضيتك، هو حيث يكون الانسان في خير وسلام، يطعمهم من جوع ويأمنهم من خوف، الحزب يغيث ظمأً في عروقي، ويشدّ على خفقات في الضلوع، يأخذ، بيدي في يقظتي والمنام، أحدّق فيه كي أرى عالمي والغد المشتهى لأبنائي وأحفادي. أرى فيه مدناً تستفيق وتنهض شامخة بالعلم والحرية والعدالة الاجتماعية، لا مدن غليان دم، وقرقعة سلاح، ولا تكايا للسراق والغزاة.

-  هل عرفت المعنى الآن؟ أم أنك بحاجة الى مزيد من الإيضاح؟

-  نعم! عرفت المعنى، شكراً أبي!

كان الأب غارقاً بالحلم، يذهب نحو الأقاصي في عدالة قضيته وانتصارها، ليس مشروعه وحده الذي أراد له ألا ينطفئ، يحمله بين جانحيه لآخر لحظة في حياته.

*************************************************************************

آذار وتجدد الآمال

الدكتور فلاح العزاوي

في الحادي والثلاثين من آذار من كل عام يتجدد الأمل في عراق حر يملأه الفرح والعيش الكريم لكل أبناء شعبي بمختلف أطيافه وقومياته، والتخلص من أدران التخلف. فبتاريخه النضالي الطويل ولعقود متعاقبة كان دور الحزب الشيوعي هو الأبرز والأكثر وضوحا من باقي الحركات والاحزاب الوطنية في وضع إستراتيجية علمية عملية في حل كل مشاكل الشعب وعلى جميع الاصعدة. غير أن المؤامرات لكثير من قوى السلطات الحاكمة التي حكمت العراق طيلة العقود السابقة، وكذلك كثير من القوى إلإقليمية والعالمية، عرقلت او منعت تحقيق ما خطط له هذا الحزب الكبير في ايجاد نظام حكم ديمقراطي تعددي ينتهج الحرية وتكافؤ الفرص والرفاهية الاجتماعية والمعيشية للشعب، لما يملكه من مبادئ ومناهج وقدرات فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية عالية المستوى.

جاء الميلاد التسعين للحزب الشيوعي العراقي العريق الأصيل في هذا اليوم وكل أبصار الشعب العراقي تنتظر الذي ينتشلها مما هو فيه من فقر ومرض وفقدان الأمن والتعليم.

سيبقى أملنا بالحزب النزيه والوطني والشريف، الذي له رؤى مستقبلية طموحة، لعلاج كل تلك الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والصحية، الحزب الشيوعي العراقي.

فتحية لك ايها الحزب العظيم في عيد ميلادك التسعين وانت تزهو بكوادرك المناضلة وأصدقائك ومحبيك وكل جماهيرك لتحقيق كل امانينا.

************************************************************************

مرحبا بأحلى الأعياد

الدكتور غالب الموسوي

بمناسبة الذكرى السنوية التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي..

حزب الشهداء والمناضلين.. حزب العمال والشغيلة والفلاحين.. حزب الأدباء والشعراء والفنانين.. حزب المثقفين المتنورين.. حزب فهد وحازم وصارم..حزب سلام عادل والعبلي وجورج تلو .. حزب نزيهة وعالية وعميدة.. حزب الناس الطيبين والوطنيين والعاشقين لهذا الوطن.

عيد عظيم يليق بحزب عريق عظيم صاحب التأريخ المجيد. تسعون عاما وانت شامخ ومرفوع الهامة ومتألق وعظيم. ألف ألف تحيه وسلام لكم قيادة الحزب ومناضليه واعضائه ومحبيه. كل عام وأنتم بألف ألف خير وتألق ونجاحات مستمرة وعسى ان تكون جميع ايامكم اعيادا وافراحا ومسرات. كنا ولا زلنا وسنبقى محبين ومناصرين للحزب العظيم في كل الظروف، الحزب الذي كنا ولا زلنا وسنبقى نفتخر بالانتماء إليه انصارا ومؤيدين ومساندين.

*******************************************************************************

31 آذار

اليوم الذي علّمنا أن نحلم

د. جاسم محمد حافظ

في مثل هذا اليوم من عام 1934، يوم كان الخير شحيحاً، والبؤس يلف الشوارع وأزقة الأحياء الفقيرة، المحروسة بالسياط والموت وتمائم الأنذال المتلونين في كل زمان ومكان، غُرست في بلادي، بلاد ما بين النهرين، بذرة الخير، فتحول إلى يوم لاتحاد طوعي بين مناضلين أشداء. ونما الغرس مروياً بأحلام الجياع فتفتح سنديانة رشيقة وسامقة، أزهرت بنفسجاً وياسمينا، وصارت متكئاً يستظل بها الكادحون المستغلون فتمنحهم القدرة على مواجهة قسوة الظلم، ويستشفي بثمارها المتعبون والمتعبات من جور عوالم الخيبة والخديعة والخوف.

وصار يوما للطيبة والفرح، رغم عذابات المنافي والسجون والإعتقالات والتشريد. يوماً لمصارعة الغول في أروقة الجامعات وورش المصانع وأكواخ القرى وحارات الجياع، في كل بقعة من أرض العراق الطاهرة. اليوم الذي أشرقت فيه شمس المدنية على بغداد، فرفضت أن ترضخ للتخلف أو أن تسدل ظفائرها المعطرة بالمسك والحناء إلا على أكتاف الحسناوات اللاتي رددنّ وزملاؤهن في ساحة التحرير عاليا وبحياء وقور (بغداد.. بغداد بينه باقية، بغداد.. بغداد بينه زاهية)، مكملين أهزوجتنا في السبعينيات، يوم تحدينا الفاشية (هيله يهلنه وإحنه منها وبيها … بغداد شمعة وما هوه يطفيها).

وصار 31 أذار عيداً لنا، لكل العراقيين الحالمين بوطن حر تسوده العدالة والمحبة، عيداً نحتفي فيه جميعاً، ترفرف علينا ارواح شهداء الحزب، وتحرسنا كما حرست راية الحزب، وكما أضاءت قناديل الكرامة لهذا الوطن.

وصار 31 أذار سماءً تطرزها أسماء الفتية البواسل، ولوحة ملونة بقصائد عريان السيد خلف، وهو يرسم في بغداد وعلى ضفاف دجلة الخير حدود الصبر ومسالك النصر، وبأناشيد ناظم السماوي وحمزة الحلفي وموفق البابلي والآلاف من مبدعي ومبدعات شعبنا، ممن تمسكوا بسنديانة الحزب، واستظلوا بفيها، واضحين الرؤى ومدركين إلى أين المسير.

تحية للشيوعيين ولعشاق الحرية، في العيد التسعين للحزب الشيوعي العراقي، مجدا لشهدائه الأبرار، شهداء العدالة الاجتماعية والسلام والدفاع عن استقلال البلاد وسيادتها، وشكراً لأني تعلمت من هؤلاء الفتية أن أحلم، وأن ارى غد الحلم حقيقة واضحة وبسيطة كالشمس.

****************************************************************

أغنية: حزبنه يا ضوه العين

حسين جهيد الحافظ

حزبنه إولاية الطيبين

 يدنيه  يا ضوه العين

شطشنلك يعيدي أبيوم عيدك

أطش الروح تدري روحي  بيدك

اعشگنك مثل عشگ الملح للطين

وأعلگلك شموع الفرح بمحبتك تسعين

حزبنه يا حزبنه  ياضوه العين

                                            * *

يا حزب الأمل والعمل والإصلاح

يا حزب الشغيله أوعامل إو فلاح

يا منبع الطيبه إو للدرب مصباح

إسمك يلالي أنوار

يا قيلة ..الأحرار

أسمك شمس بالليل وهلال أبو عيدين

اسنيني صواني شمع العيدك التسعين

حزبنه يا حزبنه  ياضوه العين

                                            * *

حزبنه يا حزبنه يا هلال العيد

اشما يمر بيك الوكت انته جديد

حرالوطن  والشعب شعب سعيد

 إبوجداني اسمك نسمه

 بالفرح طگت نغمه

وسنين عمري وفه طگن الك كترين

وعيون تنثر فرح العيدك التسعين

حزبنه يا حزبنه ياضوه العين

* *

 شمسين اسم الحزب ما ينضم أبغربيل

إسنينه طگن صبح ضوَّن ظلام الليل

 حيله تچيه إو سند للرگد بيه الحيل

 تمطر محنه وفه آيا حزب صارم

ساسك سلام أوفهد والحيدري إو حازم

راسك أبد ما يطخ حزب الشيوعيين

منذور عمري شمع العيدك التسعين

حزبنه يا حزبنه ياضوه العين

****************************************************************************

رفاق على درب النضال

تسعون عامًا من الكفاح من أجل الحرية والعدالة

طلعت كريم

تحتضن سماء بغداد العريقة، الذكرى التسعين لميلاد فكرة نبيلة، وفجر ثورةٍ اشتعلت جذوتها في قلوب رفاقٍ آمنوا بِحُرية الإنسان وكرامته. فمنذ فجر عام 1934، انبثق الحزب الشيوعي العراقي، كشعلة نورٍ وسط ظلام القمع والاستبداد، حاملاً راية النضال من أجل شعبٍ ذاق مرارة الظلم والاضطهاد.

واجه رفاقنا الأوائل تحدياتٍ جسامًا، من قمعٍ دمويٍ مارسته الأنظمة الديكتاتورية، إلى حروبٍ طاحنةٍ وضعت العراقيل أمام مسيرتهم النضالية. لكنهم لم يُحبطوا ولم يَهِنوا، بل ازدادت عزيمتهم قوةً، واشتدّ إيمانهم بِحُلمٍ يراود شعبهم منذ عقود، حلم الحرية والعدالة الاجتماعية.

مع مرور الزمن، توسّعت قاعدة الحزب، وانضمّ إليه آلالافٌ من مختلف فئات المجتمع، مؤمنين بِمبادئه النبيلة، ورافضين لِواقعٍ مُرّ يمُزّقُ وحدةَ الوطن ويُفقّرُ أهله. واجه رفاقنا مخاطر جمةً في سبيل إيصال رسالتهم، من اعتقالاتٍ تعسفيةٍ، إلى تعذيبٍ وحشيٍ، وإعداماتٍ غادرةٍ، تاركين خلفهم قصصًا خالدةً عن تضحياتٍ عظيمةٍ ونضالٍ مُستمرٍ لا ينضب.

لم تقتصر مساهمات الحزب الشيوعي العراقي على النضال السياسي فقط، بل امتدت لتشمل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية. ساهم رفاقنا في نشر الوعي بين أوساط الشعب، ودعموا التعليم والثقافة، وناضلوا من أجل حقوق العمال والفلاحين، وقدموا خدماتٍ جليلةً في مختلف المجالات.

واليوم، ونحن نحتفل بِذكرى مرور تسعين عامًا على تأسيس الحزب، نستذكرُ بكلّ فخرٍ واعتزازٍ تضحياتِ رفاقنا الأوائل، ونُكبرُ إنجازاتهم، ونُؤكّد على التزامنا بِمبادئهم النبيلة.

إنّ ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي هي مناسبةٌ للتأمل في مسيرته الطويلة، واستخلاص الدروس من تجاربه، وتجديد العهد على مواصلة النضال من أجل تحقيق أهدافه السامية.

في هذه الذكرى العطرة، ندعو جميع رفاقنا إلى توحيد صفوفهم وتعزيز وحدتهم، وندعو جميع أبناء شعبنا إلى الانظمام إلى مسيرة النضال من أجل بناء مستقبلٍ أفضلٍ للعراق.

معًا، سنُحققُ حلمَ الحرية والعدالة الاجتماعية، ونبني عراقًا مزدهرًا يُحققُ آمالَ وطموحاتِ شعبنا.

عاش الحزب الشيوعي العراقي!

عاش نضال شعبنا!

***********************************************************************

لمدرسة الشعب

لعميد اليسار العراقي

باسم مشتاق

ونحن نحتفل بالذكرى التسعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب الذي تمتد جذوره في أرض العراق، وارتبط تاريخه بتاريخ العراق المعاصر، وكل منا لديه قصص مع هذا الحزب، يطيب لي في هذه المناسبة أن أروي قصة هروبي من العراق في شهر كانون الأول عام 1963.

أخلي قصر النهاية من السجناء الشيوعيين أيام قيام مؤامرة القوميين برئاسة سلام أحمد، حيث امتلأ القصر بالعناصر القومية. وتم توزيع الباقي من الشيوعيين (وهم ما تبقى من أعضاء اللجنة المركزية واللجنة العسكرية ولجنة بغداد) على مختلف السجون.

وكان نصيبي أن اقتادونا أنا والرفيق شريف الشيخ إلى سجن رقم 1 في معسكر الرشيد، حيث كان فيه الشهيد حسن سريع ورفاقه الأبطال وودعونا من الكوة الحديدية في الباب وهم يقولون «لا تديرون بال أيها الرفاق»، وقد كانوا وكأنهم ذاهبون إلى حفلة عرس وليس إلى ساحات الإعدام.

وبقينا أنا والرفيق المرحوم شريف الشيخ وحدنا في السجن بعد أن تم قبل ذلك نقل السجناء الشيوعيين في قطار الموت المعروف. وثم تم نقلنا أنا وشريف الشيخ إلى مركز مدينة المأمون ليتم نقلنا بعد ذلك إلى نقرة السلمان. وفي مركز المأمون، جاء أخي المرحوم حازم مشتاق، وهو ذو ميول قومية، وأخبرنا بأن يوم الغد سيكون يوم حركة عبد السلام عارف ضد البعثيين. وقد تهيأنا أنا والمرحوم الرفيق عزيز الجصاني، الذي كان معنا، للهروب.   وفعلا، ما ان دوى صوت راديو بغداد صبيحة اليوم التالي حتى هرب أكثر المقاومين من الحرس القومي والبعثيين. وهكذا هربنا أنا والرفيق عزيز الجصاني وذهبنا مع عدد من الرفاق المسجونين إلى بيت أختي في المنصور (دار المرحوم صلاح طيب الموظف في وزارة الخارجية العراقية) وبقينا ليلة واحدة ثم تفرقنا كل إلى جهة معينة خشية مجيء رجال عبد السلام عارف لإعادتنا إلى السجن. وقد أتوا فعلا ولكن لم يجدونا.

وثم تم حصولي من أحد أقاربنا على جواز سفر عراقي وعليه موافقة السفر. ثم طلبت بعض الأدوات والمواد اللازمة لوضع صورتي بدل الصورة الموجودة في الجواز. وحسب الاتفاق مع الصديق الكريم سفير لبنان في بغداد على سفري معه بسيارته كسائق السفير. وفي الرطبة (نقطة الحدود العراقية)، نزلت أنا ومعي جواز السفير وجوازي، وقدمتهما إلى الضابط المسؤول فختم على جواز السفير، ثم تمعن في وجهي وتصفح جوازي، وكانت تلك لحظات فارقة، وختمه وسلمني الجوازين.

وعدت إلى السيارة، حيث كان السفير ينتظرني وبدت عليه علائم الخوف الشديد. وهكذا انطلقنا بالسيارة نحو سوريا منتظرين والدي ليأتي إلى دمشق وكان لا يزال يشغل منصب سفير العراق في أنقرة.

وللقصة بقية

****************************************************************************

فهد ودورهِ في تصويب السلوك مع العائلة والمجتمع

من ذكريات الرائد علي محمد الشبيبي

اعداد احمد سيد عبد القصير

تحدثت مع الرفيق فهد، كان يجيبني متبسطاً في لهجتهِ، وفي رنة صوتهِ، فدهشني بتسلسل كلامهِ، وكأنهُ يقرأ عليَّ شيئا في صحيفة بيدهِ. يدلي بالمقدمة، ببنيتيها الموضوع والمحمول، وينتزع النتيجةِ المنطقية معقولة مقبولة لا لبس فيها ولا غبار.

حدثتهُ عن شباب شيوعيين، نسكن معاُ، (معلم وطالب في كلية الحقوق...الخ) (هم لا يعرفون أن الذي معنا هو فهد كنا ندعوه أبو شكر) أحاديثهم بكلمات لا تليق بالشخص العادي، في مقهى مكتظ، ويتعرضون لشخصية تاريخية مقدسة عند الناس أجمع. حين تجمعنا ليلاً، أنا وأبو شكر، وأحد افراد تلك الثلةِ، وكان خريج ثانوية مسائية ودخل كلية الحقوق بمساعدة الحزب، ورفيق مشارك في هذا المسكن والإيجار باسمه، سأل أبو شكر «فهد»: هل لديكم استعداد أن تعتبروني الليلة ضيفاً فتعشوني؟ قال الاثنان: سيكون ما نحب. وعقب أحدهم «محمد علي»-هو محمد علي الزرقة طردتهُ الحكومة إذ ذاك فعاد إلى موطنهِ في سورية -انا لي شاغل هام لا يمكن تركه، وصاحبي لا يحسن طبخ الرز، فمن يقوم بهذا؟

كنت أنا، حين آتي لأمر حزبي أقيم معهما، فقلت أنا أجيد طبخ الرز، إلا أني اعتدت استعمال المصفاة. أبو شكر «فهد» ابتسم، وقال يجب أن تتعلم الاقتصاد الموجه، فأسلوبك هذا في الطبخ أسلوب غير موجه. إنه ينتمي إلى العقلية الإقطاعية.

بعد العشاء وأثناء شرب الشاي، أخذ أبو شكر بالحديث. بدا متشدداّ - طبعاّ على إثر مناسبة، بحكاية النبي محمد حين نزلت عليه الآية الكريمةِ (وأنذر عشيرتك الأقربين). قال: إن هذهِ الآية تشير إلى أمر هام في أُسس التنظيم لأية دعوة. فقبل إعلان النبي محمد الدعوة، دعا الأقربين من عشيرتهِ، أعمامهِ وأبناء عمهِ، إلى وليمة أعدها ثم دعاهم إلى كلمة التوحيد (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) ليضمن لهُ من يساندهُ حين يعلن دعوتهِ إلى كل قريش.

ومضى يتحدث كيف يجب على كل رفيق أن يبدأ بأهل بيتهِ، أخوتهِ، ليكونوا سنداً في نضالهِ. ولكن كيف؟ أن يكون أكثر حشمة، وأكثر اهتماما بكل واحد منهم، يحترم كبيرهم، ويحنو على صغارهم وضعفائهم، يحترم عقائدهم، ويتبنى حل مشاكلهم، ولا يهمز معتقداتهم بنقد، أو سخرية. إنهم شبوا عليها. ثم أن علينا أن نحيط بتاريخنا. ونتفهم أسسهِ لنتمكن من خوض موضوع حساس عند الضرورة، وبشكل بعيد عن الإثارة. أما أن بعض رفاقنا يجد لذة في أن يسخر من صلاة جدتهِ وأمه، وتعبد والده، ومن الشخصيات المقدسة لديهم، إن مثل هؤلاء الرفاق إن فعلوا هذا هم واحد من إثنين، جاهل مغرور، أو عدو مندس يقصد تشويه سمعتنا. وبصراحة إنهُ بهذا يريد أن يقول للناس - وفي مقدمتهم أهل بيته ِ- إنا جئنا لهدم معتقداتهم، ومحاربة مقدساتهم. فهو إذن محرض ضدنا، لا أبداً، لسنا من هذا أبداً.

إنا دعاة تكتل ضد الاستعمار، وضد الجهل والفقر. والأديان السماوية فيها ما يزال سنداً يمكننا أن نذكر بهِ الناس جميعاً ليكونوا صوتاً واحداً ضد الاستعمار والجهل والفقر.

اقرأوا في القرآن ووقوف الأنبياء أمام فراعنة زمانهم، تجدوا أنفسكم كأنكم تشاهدون جماهير تلك القرون كأن أصواتها تهز قصور الفراعنة وتنذرها بالموت المحتم. كان يستشهد بآيات من القرآن الكريم.

****************************************************************************

الصفحة الثانية عشر

للعيد التسعين

ناظم السماوي

اورود الحدايق تحتفل

إبعيدك اليوم التسعين

وأيامك إمواسم فرح

شدة ورد للحلوين

وآذارك اليزهي شذر

مو – عيد صاير عيدين.

------------------

اهزوجة

ها ..... ها

وبفكرك كلنه اتربينه

-----------------

تسعين عمرك من تمر – هيبه لفهدنه وحزبه

وعيدك يبو طول الحلو – بالحب مشينه إبدربه

غنينه إلك يا بو العشگ – بكل السنين الصعبه

عيدك سعيد إبكل سنه – وأيامك أعياد وهنه

اورود الحدايق تحتفل-  بعيدك اليوم التسعين

-------------------

يا مدرسة هذه الشعب – انته الذخر للأيام

يابو الثقافة والادب – ما تگدر اتوصفه ارقام

تسعين شمعه اعلگنه الك – يا ورد جوري وشمام

اورود الحدايق تحتفل

ابعيدك اليوم التسعين

ما همك سنين وقهر – وما همك القيل وقال

كل خطوة منك عيد إلك – وانته الذخر للأجيال

عيدك مناجل للفلح – وچاكوچ بيد العمال

اورود الحدايق تحتفل

ابعيدك اليوم التسعين

-----------

اهزوجة

والرايه إبچفك مهيوبه

--------------

ميلاد انته يا حلو – ميلاد حب وأعياد

كل الشعب غنه إلك – اجمل أغاني الميلاد

اجمل تهاني بس إلك – وغنت شوارع بغداد

مامون دربك يا حزب

يل حبك بوسط الگلب

اورود الحدايق تحتفل

ابعيدك اليوم التسعين

---------------

اهزوجة

يا حاضرنه ويا ماضينه

******************************************************************************

هيكل بيت الشيوعيين الجديد في بغداد ينهض عالياً

 

هيكل مبنى مقر الحزب، بيت الشيوعيين،  بيت العراقيين، توشك المرحلة  الاولى من بنائه على الانتهاء، وستنجز كليا خلال الايام القليلة القادمة.

الشروع في المرحلة الثانية يضع أمام الحزب وأصدقائه وانصاره ومؤيديه تحديات مالية لا بد من مضاعفة الجهود للتغلب عليها لاجل اكمال تشييد هذا الصرح.

رائد فهمي

*******************************************************************

لمناسبة الذكرى التسعين الشيوعي العراقي يستذكر رفاقه الراحلين ويتفقد عوائلهم

نظمت محلية المثقفين للحزب الشيوعي العراقي نهار الجمعة 29 آذار 2024، زيارات إلى عوائل الشيوعيين في مناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب.  الوفد الذي ترأسه الرفيق رائد فهمي ضم الرفيق عمار البياتي عضو المكتب السياسي والرفيقة انتصار الميالي عضو اللجنة المركزية وسكرتير محلية المثقفين، والرفيقة خيال الجواهري والرفيقين علي شيبان حسن عباس عضوي محلية المثقفين، تأتي هذه الزيارات لاستذكارهم والاشادة  بالتضحيات والمواقف العظيمة حتى ايامهم الأخيرة من أجل حرية الوطن والدفاع عن حقوق وكرامة الشعب وسيادة البلد، والتي عكست تأثيرهم الواضح على عوائلهم واستمرار التصاقهم بالحزب حتى بعد رحيلهم.  وفي ختام الزيارات، قدّم الوفد إلى العوائل باقات من الورد. فيما عبّرت عوائل الرفيقين (فائق الدباس وضياء العكيلي) عن اعتزازهما بهذه الزيارة، وحمّلت اعضاء الوفد تحياتهم الى للحزب.

***********************************************************************

فتانا الذي بلغ التسعين

كاظم الحجاج•

ميزة هذا الحزب - بخلاف الاحزاب القومية - انه يحمل؛ منذ عنوانه؛ اسم العراق•

وانا في السادسة عشرة كانت اجواء ثورة تموز 58 المضطربة قد قسمت العراقيين الى ثلاثة اقسام؛ متنافسة اولا؛ ثم متحاربة. ثانيا: الوطني والقومي فالبعثي•• ولاننا عراقيون - منذ سومر وبابل واشور•• فلقد انتسبنا الى عراقيتنا الاصيلة منذ بداية التاريخ البشري؛ على حساب(قوميتنا)؛ التي هي محض لغة مشتركة؛ اي محض (لسان)!

وكان الدين والطائفة الدينية؛ في زماننا؛ اكبر واجلّ من ان تكون حزبا او تنظيما؛ بل الدين هو عقيدة راسخة يرثها الابناء عن الآباء؛ كما ورثها الآباء عن الاجداد•• فكان الشيوعيون - في كل العالم - مسيحيين ومسلمين ويهودا ومن أديان البشر كلها؛ لان الدين دين مقدس متوارث؛ بينما الماركسية والشيوعية هي فكر بشري؛ تعاون على تكوينه ثلاثة مفكرين: الماني وانجليزي وروسي•• كما ازدهر هذا الفكر بعد انهيار الفاشية والنازية؛ بعد الحرب العالمية الثانية: حزب شيوعي امريكي وفرنسي وباكستاني وايراني•• فهكذا تغير العالم كله• والعراق سيد العالم! وكان فخرا لنا ان تنتصر الشعوب على هتلر وموسوليني••

وانا ذاك الفتى النحيل ابن السادسة عشرة؛ ما زلت فخورا انني اعتُقلت وسجنت في ازمنة العراق كلها.

 وانا الآن - وقد جاوزتُ الثمانين – ما زلت منتميا لحزب عراقي وعراقي فقط -•وهو اليوم ابن التسعين!!

*******************************************************************

في عيد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي

د. عماد جاسم

قرأت عنه الكثير، ورافقت محبيه، اعجبت باهدافه الاشتراكية، احتفلت بصداقات مع مناضيله، اختلفت معهم وغضبت لأجلهم ! جالست منظريه منصتا واستمعت منذ طفولتي لقصصهم وشجونهم.. احب أغانيهم وقصائدهم.. احب مسامرتهم وعشرتهم وصدقهم..

احترم تلك القيم، وذلك التواضع، وارفع قبعتي لنزاهتهم..

بدأت احترف اكتشافهم من نبرة صوتهم وحسن تعاملهم وانتقاءهم المفردات.. لن انسى اعجابي واكتشافي مدرس اللغة العربية في المتوسطة، منذ اولى جمله متحدثا عن التحضر وحبه الحياة والادب والموسيقى والعدالة والتعاون وثقافته الموسوعية ومحبة الناس والوطن..

لن انسى مجالستي خياطا عجوزا في شارع الرشيد، وانا ابحر معه في روايات الادب الروسي وتحليلنا ثيم الادب الواقعي..

لن انسى تلك الروح المعطاء لتلك المرأة في منطقتنا، التي اعدم البعث زوجها وظلت وفيّة لافكارها وان تكون الانموذج الأكثر اشراقا في تربية ابناء رائعين، لتسجل نفسها وعائلتها في ذاكرة ذلك الزقاق الذي يفخر بوجودها..

لن انسى الايام الأولى من سقوط النظام السابق، كيف اجتمعت الوجوه المبتسمة للامل والحالمة بحياة كريمة وبدأت بتأثيث البيت بروح تضامنية قلّ مثيلها..

لن انسى عودة فؤاد سالم ودموع كوكب حمزة..

اذن كيف لا نحبهم..

بعيدا عن الانتماء او العقيدة الايدلوجية، فهي محبة نابعة من المعاشرة المجتمعية لنفوس تتماثل في جوهرها، انهم مكتنزون بالوداعة والرفعة ومخلصون لتاريخهم ومبادئهم، لا تفارقهم ابتسامات التواضع فهم منحازون لفكرة الأمل والجمال، يجتهدون في توريث أبنائهم حب الثقافة والمواطنة. في زعلهم خصوصية العتب الشفيف، وفي الاختلاف معهم متعة التقبل والجدل المحبب.

 لم يفارقوا ساحات الاحتجاج، ومن خيمهم كانت تصدح اغنيات للوطن البهي الذي يتمنون ونتمنى.

لا يؤمنون بالانكسار ويشرعون النوافذ للامل.

كان المئات منهم (شيبا وشبابا مع عوائلهم) يتوافدون يوميا لساحة التحرير دون كلل وملل، يحملون رايات الوطن، وفي القلب يخفون أسف الانحدار الحاصل في القيم التعليمية والتربوية.