بدأت الرياضة النسوية في العاصمة العراقية بغداد منتصف القرن الماضي في ألعاب متنوعة، وكانت المرأة العراقية حريصة على ممارسة الرياضة في مجالات متعددة، منها الكرة الطائرة وكرة السلة وألعاب الساحة والميدان. تأسس نادي الفتاة الرياضي للدخول إلى عالم الرياضة النسوية، وكانت المدارس تمثل مجالاً رحباً لبنات العراق لممارسة الرياضة.
لعبت الثقافة النسوية دورًا بارزًا في ممارسة الرياضة، حيث كانت مدرّسات الرياضة والألعاب محورًا رئيسيًا في نشر الوعي الرياضي بين الفتيات، ونجحن في تحقيق التألق والنجاح في ممارسة الألعاب والسباقات بين متوسطات واعداديات الفتيات. وأدين أدوارهن الرياضية، وبرزن في التألق والتقدم في المجالات الرياضية، وتقدمن إلى الدراسات العليا، وتألقن في اكتساب المعارف والشهادات العليا في علوم الرياضة، وحققن النجاح الأكاديمي والرياضي على حد سواء.
إلا أن الحروب العدوانية التي فرضها النظام الديكتاتوري السابق، وانشغال الأجيال بهذه الحروب، دفع العوائل، وخاصة الفتيات، إلى التحفظ عن ممارسة الرياضة، ما أدى إلى انزواء الرياضة النسوية في زوايا المجتمع وابتعاد المرأة عن الميادين الرياضية. وهكذا تعرضت المرأة للتهميش والإقصاء الرياضي، وخسرت الأجيال نتيجة السياسات الفاشلة للنظام، وكانت المرأة هي الخاسر الأكبر، حيث تراجعت ممارسة الرياضة وابتعدت عن الميدان الطبيعي لنشاطها.
لكن هذا التراجع لم يشمل إقليم كردستان، حيث حققت المرأة الكردستانية نجاحًا ملحوظًا في المجال الرياضي. فقد تفوقت وبرزت في ممارسة مختلف الألعاب، ما جعلها تتقدم في عطائها وإنجازاتها. هذا الوعي الرياضي انعكس في ممارسة الفتيات لعطائهن وتفوقهن في ألعاب عدة، منها كرة السلة، الكرة الطائرة، كرة القدم، ألعاب الساحة والميدان، وكرة الطاولة. وكان لأندية كردستان دور متميز في دعمهن، وكذلك لكليات التربية الرياضية، التي شجعت الفتيات على ممارسة أدوارهن الفاعلة في عموم الألعاب الرياضية، مع تفوقهن في بعض الألعاب مثل بطولات الدراجات الهوائية، الشطرنج، الجمباز، والفنون القتالية.
لقد كان للجهود العالية التي بذلتها قيادة الأندية في كردستان أثر بالغ في تشجيع النساء على ممارسة الرياضة. أما الحال في بغداد وبقية المحافظات العراقية، فلم يكن مشجعًا بنفس الدرجة، مما تسبب في تراجع الواقع الرياضي للفتيات في وسط وجنوب العراق، بحجج ومبررات مختلفة.
ورغم ذلك، فإن الكثير من البلدان، وخصوصًا الإسلامية منها، تؤدي نساؤها وبناتها الألعاب الرياضية بشكل مقبول، بعيدًا عن أي إحراج أو خروج عن المألوف. فبناتنا يؤدين الألعاب الرياضية ويحققن البطولات والإنجازات بأدب واحترام، مع الحفاظ على القيم والسلوك الرياضي والأخلاقي. إلا أن بعض المتطرفين يتصرفون بشكل غير مقبول تجاه الفتيات، فيمنعوهن من ممارسة الرياضة بحجة أنها تتقاطع مع القيم والمبادئ الإسلامية، مع أن الإسلام لا يتقاطع مع ممارسة الرياضة بل يرفض السلوكيات الخاطئة والمنحرفة.
الكثير من البلدان الإسلامية ملتزمة بقيمها وأخلاقياتها في ممارسة الرياضة، بعيدًا عن التشدد والمغالاة. لذا أقول لأحبتي في قيادة الرياضة العراقية: يجب الحرص على مشاركة البنات في النشاطات الرياضية، وفتح اللجنة الأولمبية أبوابها لشاباتنا في الأندية والمؤسسات الرياضية، لأن مشاركة المرأة تؤسس لدعم رياضة المرأة، وتمكينها من الإبداع والنشاط والحيوية، بما يؤهلها لتحقيق الإنجازات الرياضية والنجاحات التي تحاكي تجربة بنات كردستان العراق.