اخر الاخبار

لا يمكن للرياضة أن تستقيم أو تتطور إلا من خلال توفر قاعدتها المادية، وهي الملاعب والساحات والمسابح، وحلبات الملاكمة والمصارعة، والقاعات المغلقة، إضافة إلى ملاعب كرة السلة والكرة الطائرة. فمن دون هذه المنشآت لا يمكن للرياضة أن تنهض وتتقدم، وهذا ما تجده في جميع البلدان المتقدمة حضارياً والساعية للنمو والتطور.

أما نحن في العراق فلا زلنا نحبو في هذا المجال، ولا زالت ملاعب كرة القدم هي الغالبة على اهتماماتنا، وكأن هذه اللعبة هي الرياضة بكاملها! لذا، أناشد قادة الدولة والمجتمع والحكومات المتعاقبة بأن يحسبوا الحسابات العلمية والدقيقة، وأن يوليوا اهتمامًا حقيقيًا ببناء المنشآت الرياضية في كل المدن والمحافظات، لأن الرياضة والاهتمام بمنشآتها وتجهيزاتها أصبح مقررًا في الدستور العراقي وفق المادة 36: "ممارسة الرياضة حق لكل فرد، وعلى الدولة تشجيع أنشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها".

وبهذا، أصبح المجتمع والمؤسسات الرسمية ملزمين بدعم وتشجيع الرياضة في العراق، وأحد أهم أشكال هذا الدعم هو الاهتمام بالبنية التحتية وتهيئة المنشآت الرياضية في جميع مناطق البلاد. ولكن الواقع يشير إلى أن هذه المنشآت موجودة فقط في بعض المدن، وغالبًا ما تقتصر على ملاعب كرة القدم، في حين أن باقي الملاعب والمرافق المخصصة للألعاب الأخرى إما مفقودة أو مهدمة.

أتذكر أنه في خمسينيات القرن الماضي أسست الإدارات المحلية ملاعب لكرة القدم، إلى جانب ملاعب مكشوفة لكرة السلة والكرة الطائرة، كما تم بناء بعض الأندية الرياضية في سبعينيات القرن الماضي. أما بعد ذلك، ومع انشغال البلاد بالحروب الداخلية والحروب المجنونة، فقد توقفنا عن أي عمران وإنشاء المنشآت الرياضية وغيرها. وبذلك، لم يتحقق أي تقدم حقيقي في البنية التحتية حتى عام 2003، وما تحقق بعد ذلك من إنجازات كان جزئيًا وناقصًا، حيث اقتصر على إنشاء ملاعب كرة القدم، متجاهلين الألعاب الأخرى.

نعم، نحن بحاجة إلى ملاعب كرة القدم، لكننا اليوم نجد أن الكثير من المدن والمحافظات العراقية لا تتوفر فيها المنشآت الرياضية الأخرى مثل المسابح، والقاعات الرياضية، والمضامير، والقاعات المغلقة، والأندية الحديثة. في المقابل، العديد من البلدان المتقدمة والنامية تؤسس منشآت رياضية حديثة ومتطورة بهدف تحقيق الإنجازات الرياضية، وتدريب الشباب على المشاركة في النشاطات الرياضية باسم بلداتهم، وصولاً إلى تحقيق أفضل النتائج والإنجازات.

إن إقامة المنشآت الرياضية والانطلاق من خلالها نحو تحقيق الفوز والإنجازات يشكل حافزًا ودافعًا حقيقيًا للارتقاء بالرياضة وتحقيق الأرقام القياسية. لذلك، أناشد قادة الدولة والمؤسسات الحكومية بأن يضعوا نصب أعينهم قضية المنشآت الرياضية التي يحتاجها شباب الوطن وشاباتها، فهي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع.

الاهتمام بالبنية التحتية للرياضة العراقية وتجهيزها بشكل متكامل سيجعلها صالحة لجميع النشاطات الرياضية، ومهيأة لكل أبناء وبنات الوطن لممارسة مختلف الرياضات والألعاب. لذا، أناشد وزارة الشباب والرياضة بالحرص على توفير هذه البنية التحتية في كل المدن والمحافظات، ووضعها تحت تصرف المواطنين. عندها، سيصبح ما نص عليه الدستور العراقي حقيقةً ملموسة، وسيشكل علامة مضيئة في مسيرة الرياضة العراقية، وسيندفع أبناء الوطن بكل قدراتهم للنهوض بالواقع الرياضي.