اخر الاخبار

تتابع مبادرة «عراقيون» بقلق بالغ، تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة مقرّبون من السلطة أو يحرّكها مخبرون سريّون ضدّ أصحاب الرأي، من الناشطين والإعلاميّين، وقادة الأحزاب السياسية المعارضة، والأصوات التي تنتقد الأخطاء وتحذر من المخاطر، وذلك باستخدام قوانين موروثة من النظام الدكتاتوري السابق.

لقد وجدنا أنفسنا الآن أمام حزمة من الممارسات والانتهاكات الخطيرة التي تشكل انقلاباً ناعماً على الدستور ومبادئ الديمقراطية، باستخدام منظومة من «القوانين والإجراءات الموازية» التي تكرس هيمنة أجهزة أمنية وأحزاب على حساب سيادة القانون والدستور.. نشير هنا الى البعض منها:

1. العمل بتشريعات النظام الدكتاتوري السابق وإهدار الحقوق الدستورية: إذ يُلاحظ في السنوات القليلة الماضية لجوء السلطات إلى استدعاء نصوص قانونية من حقبة النظام البعثي، وُضعت أساساً لقمع الحريات، بعد أن لم يكن معمولاً بها في سنوات التغيير الأولى بعد 2003، وهذا انتهاك صارخ للمادة (2) من الدستور التي تحظر صراحة سن أي قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية. كما تمثل إلغاءً عملياً للضمانات الدستورية وتفرغها من مضمونها.

2. خرق الدستور في عمل بعض الاجهزة الأمنية: لقد شهدنا تحولاً خطيراً في عمل بعض الأجهزة الأمنية، التي يفترض أن تكون أجهزةً لجمع المعلومات وتخضع للرقابة المدنية، فقد أصبحت تنفيذية تمتلك هياكل تحقيق منفصلة وسجوناً خاصة. وهذا يمثل خرقاً واضحاً للمادة (9/أولاً/1) من الدستور التي تنص على أن “القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية.. تدافع عن العراق ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي” وتخضع لقيادة السلطة المدنية، كما إن تفريغ محتويات أجهزة الاتصالات بشكل تعسفي، حتى في حالات الاستفسار البسيطة، ومن دون أمر قضائي صريح، يمثل انتهاكاً جسيماً لحرمة الحياة الخاصة، وهو حق دستوري أصيل أوجبته المادة (40) التي منعت الكشف عن الاتصالات والمراسلات الهاتفية إلا بقرار قضائي.

3. تقويض حق التقاضي العادل والدفاع: لقد اتسم عدد كبير من حالات التوقيف والتحقيق بمنع المتهمين من اللقاء بمحاميهم، وكذلك منع المحامين من الاطلاع على أوراق التحقيق وحيثيات الدعوى، وهذا ليس إجراءً إدارياً عابراً، بل هو هدمٌ لأحد أركان المحاكمة العادلة وهو حق الدفاع، كما إنه يقوّض المادة (19/ رابعاً) من الدستور التي نصّت على أنّ “حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة”.

4. الاستخدام الحزبي لإمكانات الدولة ضدّ المعارضين: إنّ الإجراءات التي طالت شخصيات معروفة من قادة الأحزاب الكردية ونشطاء بارزين في إقليم كردستان، والتي تنفذ أحياناً من سلطات ذات طابع حزبي بعيداً عن الأسس الدستورية والقانونية والحقوق الأساسية، هي إجراءات تتعارض مع روح النظام الاتحادي المنصوص عليها في المادة (1) من الدستور، وهي انتهاكات خطيرة تقوّض استقرار الدولة العراقية، فضلاً عن كونها تلغي حرية العمل الحزبي المكفول دستورياً وقانونياً، وتهدد النسيج الوطني والوحدة الوطنية.

5. التنكّر للالتزامات الدستورية والدولية في حقوق الانسان: إن المادة (84/ أولاً) من الدستور تنص صراحة على أن “تعمل الأجهزة الأمنية وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان وتخضع لرقابة مجلس النواب”. كما أن الدستور، في ديباجته، أكد على “احترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة”. وإن الانتهاكات الحالية تمثل خروجاً كاملاً عن هذه التوجيهات الدستورية، وإننا نذكر بأن العراق، وبموجب المادة «8» من الدستور، يلتزم “باحترام التزاماته الدولية”، بما فيها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها. وإن الاستمرار في هذه الممارسات لا يشكل انتهاكاً للدستور فحسب، بل ولميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان أيضاً.

6. العودة لظاهرة «سجناء الرأي»: في السنوات الأولى للتغيير بعد 2003، كان بعض زعماء القوى السياسية يتفاخرون بخلو السجون العراقية من سجناء الرأي، ولكنّنا نشاهد في السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في رغبة هذه القوى أن تضع المعارضين السلميين خلف القضبان، وقد تفرّغ لهذا العمل مجموعة من المرتبطين بهذه القوى، ليقيموا الدعاوى القضائية باستخدام قوانين صّدام القمعية التي أشرنا إليها، وتحت مزاعم شتى، وتعابير فضفاضة ليس لها معنى محدد، مثل «الإساءة للوطن»، «استهداف الدين»، «إهانة الرموز»، «بث الفرقة في المجتمع»، «المؤامرة على العراق».. إلى غير ذلك. ولا يخفى أنّ الغاية من هذه الدعاوى ما هي إلا الاستفراد بالسلطة وإسكات الرأي الآخر، وفيها انتهاك للمادة (38) من الدستور التي نصت على أن الدولة تكفل “حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل”، وكذلك انتهاك للمادة (42) التي قالت “لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة”.

… بناء على ما تقدّم، وفي ظل استمرار الانتهاكات الدستورية وتزايدها بشكل يومي، نذكّر القوى المسيطرة على السلطة بأنّ هذا التغوّل والتعسف يمكن أن يستخدم ضدهم غداً، من أي خصم سياسي يمكن أن تجعله الانتخابات على رأس السلطة، مما يضع البلاد في دوامة من الانتقام المتوارث، ويهدد الاستقرار على المدى البعيد.

ولهذا فإن مبادرة «عراقيون»

تطالب بما يأتي:

1. الوقف الفوري لاستخدام القوانين والسياسات الدكتاتورية التي تتعارض مع روح الدستور العراقي ومواده الناظمة للحريات، والالتزام الكامل بنصوص الدستور كمرجعية وحيدة وأسمى.

2. احترام مبدأ استقلالية القضاء والالتزام بكافة ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق الكامل والمطلق للدفاع عن المتهمين والموقوفين والسماح للمحامين والمحاميات في الاطلاع على كافة أوراق الدعوى منذ لحظة التوقيف الأولى.

3. إعادة النظر في قوانين الأجهزة الأمنية وجعلها خاضعةً للرقابة البرلمانية والمدنية بشكلٍ صريح، كما تنص المادة (84/أولاً) من الدستور، والعمل فوراً على تفكيك أي هياكل تحقيق أو سجون غير دستورية.

4. وقف جميع الإجراءات التعسفية خارج الإطار القضائي والقانوني، واحترام الخصوصية الفردية وحرمة الحياة الخاصة وخاصة حرية التعبير عن الرأي.

5. الالتزام الكامل بالنظام القضائي الاتحادي والاقليمي وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية تمس بالشراكة الوطنية والوحدة الوطنية للبلاد.

6. إيقاف ظاهرة «دعاوى الرأي والتعبير» ووجوب الفصل بين الرأي النقدي والسياسي من جهة والدعوة للعنف والارهاب من جهة مقابلة، فالأول حق دستوري بينما الثاني جريمة جنائية.

… ختاماً، ترى مبادرة «عراقيون»، بوصفها تجمّعاً للمثقفين والأكاديميين والنشطاء، بأن الدستور العراقي يمثل العقد الاجتماعي الأسمى، فلا يجوز الانقلاب عليه، أو التهاون في احترامه، أو التحايل على نصوصه. ولهذا فإننا ندعو السلطات الثلاث في البلد، وجميع أبناء شعبنا الكريم، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات المعنية بحقوق الإنسان، إلى التكاتف للدفاع عن دستورنا وحرياتنا التي كلفتنا دماءً غالية. ونحذر – من خلال هذا البيان – من انزلاق البلاد نحو هاوية الاستبداد من جديد. 

مبادرة عراقيون

بغداد/ 2 كانون الأول ٢٠٢٥

الموقعون بحسب أسبقية التوقي 

 •فارس حرّام/ شاعر واكاديمي •سامي شاتي عبيد/ ناشط •عبدالعزيز يونس سالم/ ناشط مدني •حكمت سليمان/ سياسي •حنان سالم/ اكاديمية وصحفية •علي الأعرجي/ صحافي •ساطع عمار/ صحفي وناشط حقوقي •قتيبة العيساوي/ باحث سياسي •كاروان نجيب محمد/ محامي مدافع عن الصحفيين – صحفي. •إيناس حسن/ صحافية •د.احمد كتاو/ رئيس منظمة وعضو المبادرة •وليد الشيخ/ صحفي واكاديمي •علي منعم/ ناشط مدني/ محامي •اوس خلف/ طبيب •هيثم علي عبود/ منتدى الاثنين التنويري •قيس حسن/ كاتب واعلامي •محمود نجم الدين المعمار/ حقوقي •فرقد علي الجبارة/ كاتب صحفي •محمد الفريداوي/ ناشط مدني •زيدون جواد باقر/ اكاديمي •د. رحيم حسين عطية جبر الحجامي/ تدريسي في حقل التربية (مدير مدرسة) •صالح عبود/ ممرض •فهد الغانمي/ ناشط •ميثم لعيبي اسماعيل/ باحث اقتصادي •أحمد حسين الظفيري/ أكاديمي •علاء حميد/ باحث •علي موري/ رئيس منتدى الركن المعرفي •احمد عباس حميد اللامي/ مواطن يدعي أن له الحق بالحرية التي كفلها له الدستور •د.مهدي جابر مهدي/ اكاديمي وباحث •طارق رشو سيتو/ تدريسي ، السويد •طالب الباهر/ ناشط مدني عضو تحالف الدفاع عن حرية التعبير •عيسى طاهر إسماعيل/ كاتب •علي حسون حسين/ دكتوراه صيدلة •د. نائل الزامل/ اكاديمي •حيدر كريم/ مدافع وموظف سابق في مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة في العراق •شمخي جبر/ كاتب وصحفي •عدي رشيد/ سينمائي •حسين لعيبي/ حقوقي •حسين فاضل حسين/ محامِ •حميد قاسم/ شاعر وكاتب •منتظر ناصر/ كاتب وصحفي •سامان نوح/ كاتب وصحفي •سعدون محسن ضمد/ اكاديمي واعلامي •د. مزهر جاسم/ كاتب •اميل ناجي/ صحفي •سلوى زكّّو/ صحفية وكاتبة •لطفية الدليمي/ روائية ومترجمة •د. قيس مغشغش السعدي/ اكاديمي •د. فوزي حامد الهيتي/ استاذ جامعي •د حيدر سعيد/ باحث اكاديمي •ضياء محمد تقي الشكرجي/ كاتب وسياسي •د. علي عبد الهادي المرهج/ اكاديمي •د. نهلة بنيان النداوي/ باحثة اكاديمية •د علي عباس مراد/ اكاديمي •أحمد سعداوي/ كاتب •د. أسماء جميل رشيد/ باحثة اكاديمية •فوزي عبد الرحيم/ كاتب •د. محمد القريشي/ اكاديمي •عدي رشيد/ سينمائي •ضحى محمود فرحان/ رسامة و عضو منصة تغيير •وليد الشيخ/ صحفي واكاديمي •شمخي جبر/ كاتب واعلامي •هوكر جتو/ ناشط مدني •سعد صالح خضير الخالدي/ رئيس المركز العراقي للتفاوض •حبيب القريشي/ محامي •احمد كتاو/ ناشط مدني •د. الهام مكي/ باحثة وناشطة •سعد سلوم/ اكاديمي •علي موري/ عضو اللجنة الإعلامية لمبادرة عراقيون •فرات علي/ ناشط مدني •ابراهيم العبادي/ باحث اكاديمي •احمد الشيخ ماجد/ صحفي •احمد عدنان/ شاعر وناشط •احمد الموسوي/ ناشط حقوقي •امل كباشي/ ناشطة مدنية •ثائر المنصوري/ •ثابت عباس/ •جمانة معتز/ اعلامية •حارث الهيتي/ •حسام الحاج/ اعلامي •خالد زهراو/ سينمائي •د احمد حميد الطيب/ اكاديمي •د ارادة الجبوري/ اكاديمية •د بشرى العبيدي/ اكاديمية •د شاكر سعيد/ اكاديمي •د عدنان صبيح/ اكاديمي •د عقيل حبيب/ اكاديمي •د علاء حميد/ اكاديمي •د غيث اليابس/ اكاديمي •د مؤيد صوينت/ اكاديمي •د محمد رضا مبارك/ اكاديمي •د وائل منذر/ اكاديمي •دلوفان برواري/ صحفي •شيركو رؤف سليمان/ •د صلاح المرهج/ اكاديمي •علي السراي/ صحفي •د علي طاهر الحمود/ اكاديمي •غانم العيفات/ •د. كاظم عبد الزهرة/ اكاديمي •محمد الدراجي/ مخرج سينمائي •محمود المعمار/ •نزار السامرائي/ اكاديمي •جاسم الحلفي/ ناشط سياسي •زهير الجزائري/ روائي وصحفي •جبار رضيوي/ ناشط مدني •غالب الصبيحاوي/ ناشط مدني •علي البازي/ كاتب وناشط •كاروان نجيب محمد/ محامي ومدافع عن حقوق الصحفيين •نوروز محمد حسن/ كتبة وصحفية •روان سالم/ صحفية وناشطة