يعاني العالم اليوم من التغيرات المناخية الكبيرة بسبب الاحتباس الحراري إضافة لظروف موضوعية أخرى والعراق واحد من البلدان المتأثرة به كثيراً حيث ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الترابية التي تؤثر كثيراً على الانسان وصحته العامة، وفي العراق قد تكون هناك أسباب مضافة أخرى مثل عمليات التجريف للمناطق الخضراء نتيجة زحف الريف إلى المدينة والتخطيط العمراني السيئ وفي كافة المحافظات العراقية أضافة إلى الحروب التي خاضها النظام السابق مع دول الجوار التي ادت إلى تجريف بساتين النخيل في جنوب العراق وكذلك خلخلة التربة في البوادي الرعوية بسبب دخول الآليات الثقيلة المجنزرة لها، وهذا من الأسباب التي زادت من شدة العواصف الترابية إضافة إلى التجاوز على الأحزمة الخضراء حول المدن والتي أقامتها وزارة الزراعة منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي من قبل المواطنين وعموم بلديات المدن بحجة انها اصبحت ضمن حدود البلديات ومنحت استثمارات لمختلف الأنشطة التجارية والخدمية والسكنية، كذلك عدم إدامة ما تبقى منها وتوفير السقي اللازم لها والعناية بها بحيث لم يتبق من الغابات العراقية سوى ٨٢٥٠ كم مربع من اجمالي مساحة البلاد حسب الأمم المتحدة .
واليوم نسمع بين فترة واخرى عن مشاريع تطلقها منظمات المجتمع المدني او بعض المؤسسات الحكومية المحلية مثل زراعة مليون شجرة في الموصل او البصرة وكذا في بعض المحافظات الاخرى ان هذا لا يمكن ان يحل المشكلة مع تواصل عمليات التجريف والتصحر فكلُ عام يذهب حوالي ١٠٠،٠٠٠ دونم من الأراضي الزراعية بسبب شح المياه وعدم زراعة الأراضي، فالأراضي الزراعية انخفضت دون الربع من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في عموم العراق. إن هذه المشكلة المعقدة تتطلب تظافر جهود عدة جهات وبحزمة من الإجراءات لابد منها.
بدءاً لابد من تشكيل لجنة عليا من هذه الجهات وهي وزارات الزراعة والبيئة والبلديات ومنسق من الأمانة العامة لمجلس الوزراء مع لجنة او هيئة تابعة في كل محافظة يضاف لها ممثلون عن المحافظة ومجلس المحافظة مع نفس الجهات الفنية الآنفة الذكر.
على ان توفر لها الموارد المالية اللازمة وتكون جزءا من الموازنة العامة للدولة.
وهنا يجب الاخذ بنظر الاعتبار التعاون الاقليمي لتخليص العراق من خطر التصحر والاحتباس الحراري حيث اطلاقات الغبار والعواصف الترابية تشمل بلدان شمال افريقيا والأردن وفلسطين والسعودية وسوريا والكويت، وعدم وضع الاعتبارات السياسية معياراً للتعاون مثل ما حصل في مشروع الشرق الاوسط الاخضر وبالتالي خسر العراق محاولة جادة للتشجير وتحسين البيئة، وفي المجال الميداني نقترح.
اولاً- ان تتولى وزارة الزراعة العراقية عمليات التشجير وإدامتها للمناطق المحاذية للبوادي والمدن الرئيسة.
ثانياً- العودة للمشروع الذي أقرْ في العقد الماضي من قبل وزارة الزراعة ولم ينفذ بسبب توقف العمل بالخطة الاستثمارية نتيجة الحرب مع داعش والقاضي بإقامة حزام أخضر يبدأ من الموصل حتى الفاو وبعرض ٢ كم وزراعة ١٥ مليار شجرة ومحاذ للبادية الغربية والجنوبية وبالتالي يحمي كافة المدن العراقية المحاذية للصحاري من الغبار والعواصف.
ثالثاً- متابعة الأحزمة الخضراء التي أقيمت بمحاذات المدن مثل النجف والسماوة وكربلاء وإعادة العمل فيها وعدم السماح لبلديات المحافظات التجاوز عليها وتوزيعها قطع أراض سكنية مثلما حاصل في النجف الآن.
رابعاً- قيام مديريات الزراعة بالزيارات الميدانية إلى بساتين النخيل وإحالة كل من يقوم بإيقاف السقي المتعمد لغرض دفعها للموت والهلاك لغرض بيع الأرض بعد ذلك قطعا سكنية وتطبيق القوانين اللازمة لذلك وعدم السماح لتجريف اي نخلة.
خامساً- تشريع قانون أو قرار يعني بعدم تحويل جنس الأراضي الزراعية ومحاسبة كل من يتجاوز على ذلك
سادساً- قيام بلديات المحافظات بإعادة تأهيل كافة الحدائق والمتنزهات والأحزمة الخضراء التي اصبحت ضمن حدود البلديات وتطويرها وزيادة تشجيرها وفق أسس علمية.
سابعاً- قيام أمانة العاصمة في بغداد بإعادة تأهيل وتطوير مشروعي الغابات في النهروان والرشيد وتطويرهما وجعلهما منتجعين في العاصمة.
ثامناً- تتم زراعة أشجار مقاومة للجفاف والعواصف مثل الاثل والسدر والنيم والكاليبتوس.
تاسعاً- تستخدم طرق الري بالتنقيط للاقتصاد باستخدام المياه وعدم الهدر وتقليل العمالة والكلف.
عاشراً- اعطاء دور مهم لدائرة الغابات في وزارة الزراعة وإعادة تأهيلها وتوفير مستلزمات العمل لها والموارد المالية اللازمة لذلك.
أحد عشر- إعادة تأهيل كافة المحميات الطبيعية في محافظات الموصل والرمادي والنجف وكربلاء والسماوة والناصرية والعمارة والبصرة وتوفير الموارد المالية لها.
اثنا عشر- مواصلة مشروع استصلاح الأراضي العراقية والذي توقف منذ زمن واستكمال مبازلها وتبطين كافة الانهر الفرعية التي لم تبطن.
ثلاثة عشر- مواصلة الضغط على دول الجوار (إيران وتركيا) لغرض الحصول على حصة العراق المائية كاملةً.
ـــــــــــــــــــــــــ
* مهندس زراعي استشاري