اخر الاخبار

من يريد الكتابة او الحديث عن الشهيد البطل “سعدون” يواجه صعوبة كبيرة، ليس لأن الحديث عنه ذو شجون كما يقال، وانما لقصور اللغة والكلمات عن الإلمام بخصاله الشخصية وسماته السياسية والاجتماعية.

كما أنه ليس محض خيال، او من قبيل المبالغة لاعتزازنا وتقديرنا العالي لهذا المناضل الفذ، الذي قلّ نظيره في الشجاعة والإقدام وتجسيده للبطولة بأرقى تجلياتها والتزامه الحزبي ومبدئيته وحبه لرفاقه وشعبه ونكران ذاته، الذي صار مضرباً للأمثال.

كان الشهيد وضاح عبد الأمير “سعدون” أيقونة للنضال المتفاني بكل ما في الكلمة من معنى وقد تمرس في جميع مفاصل العمل الحزبي وميادينه المختلفة، ففي المجال السياسي والفكري، استطاع خلال فترة وجيزة، أن يطور إمكاناته وقدراته التي نشأ عليها، ونما في ظلها منذ نعومة أظفاره، وفي كنف عائلة امتهنت النضال والكفاح الجسور ضد الظلم والتعسف والانحياز المطلق للفقراء والمحرومين. انتمى إلى الحزب مبكراً، وكلف بمهمات كبيرة وخطيرة في آن واحد، وتدرج في المسؤوليات الحزبية سريعاً، بفضل ذكائه وكفاءته غير المحدودة، وقدرته الفائقة في اتقان وتجذير المهمات الملقاة على عاتقه، واضعاً مصلحة الحزب وكادحي شعبه في أعلى سُلّم أولوياته. كان يحب الرفاق، وغير الشيوعيين ايضاً، ويعمل على مساعدتهم هم وعوائلهم، فكان أشبه بالمرجعية لهم، حيث يلجأ إليه الرفاق والأصدقاء للاستئناس برأيه الحصيف، وبذل كل ما في استطاعته لحل مشاكلهم، وتذليل الصعوبات التي يعانون منها، ولم يبخل في يوم من الأيام في مد يد العون لكل من يحتاجه. كانت الجدية والموضوعية لصيقتين به في كل عمل يتصدى له، سواء كان حزبياً او خارج إطار الحزب، حيث كان موهوباً حقاً، في العلاقة مع الجماهير، التي يرى فيها صانعة التاريخ، بقناعة راسخة لا تتزعزع، وأولى هذه العلاقة أهمية استثنائية، حاثاً الرفاق على تعزيزها وتعميقها، وجعلها هاجساً يومياً للرفيق، بصرف النظر عن مستواه الحزبي، وموقعه في المنظومة الحزبية.

وحذر مراراً من التفريط بها، فقوة الحزب ونشاطه ونضاله المتفاني، وحتى حمايته من الأعداء وما أكثرهم، إنما تعتمد بشكل أساسي على مستوى العلاقة مع الجماهير الغفيرة، وإقناعها من خلال إقران الأقوال بالأفعال، بأن الحزب الشيوعي ومناضليه البواسل لا يتبنون مصالحها وحقوقها المسلوبة، ويرفعون الشعارات المعبرة عنها فحسب، بل مستعدون ببسالتهم المعهودة إلى التضحية في سبيلهم، كما فعلوا طيلة تاريخ حزبهم المشرف.

اما في الكفاح المسلح والحركة الانصارية فكان علماً سامقاً، وقائداً فذاً، تمنى الآخرون أن يكون لديهم شبيهاً لسعدون في سماته القيادية وشجاعته، وقدرته على ابتكار الخطط العسكرية، ونجاحه في المعارك التي قادها مع الجحوش وأزلام النظام الدكتاتوري، وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، فغطى صيته وسمعته جميع الأرجاء في كردستان، وفي ذات الوقت، أدخل اسمه الرعب في صفوف البعثيين والعسكريين، الذين كانوا متأهبين للهجوم على مقرات ومفارز حزبنا، واضعين نصب أعينهم القضاء على الحركة الانصارية والبيشمرگة، وبالتالي القضاء على الحزب الشيوعي ودوره الوطني والتاريخي، ليستريح الطاغية وجلاوزته ويواصلوا تدمير البلد وتخريبه.

كان لا ينسى لحظة واحدة، ما يحتاجه الحزب ورفاقه من تموين وتسليح ونسج علاقات صداقية وتحالفية مع القوى والأحزاب الكردستانية المناضلة ضد الدكتاتورية، وللأحزاب والمنظمات العراقية، التي نشأت في بعض الفترات، ولجأت إلى كردستان، حيث قدم لها الحزب الكثير من المساعدات المادية والنصائح السياسية التي كانت بأمس الحاجة اليها.

وفي كل نشاطه الثر، وعمله الدؤوب ونضاله الشجاع لم أره يوماً غاضباً او منفعلاً رغم الصعوبات الهائلة التي كان يواجهها، والإساءات من بعض ضعاف النفوس ومن الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية والانانية. كان عطاؤه الكبير والمتميز وطريقة تعامله الودية والحازمة في نفس الوقت، تُلهم الكثير من الرفاق والأصدقاء وتدفعهم إلى التشبه به، وتقليده في كل الأمور التي كان يقوم بها.

لقد تعلق الناس به وبمآثره، وتناقلوا أخباره بمحبة وحماس وفخر، بل نسجوا حوله الأساطير، فصار اسمه رمزاً أثيراً للبطولة والشجاعة والإيثار والنضال المستميت من أجل الوطن الحر والشعب السعيد.

كان الشهيد “سعدون” وسيظل للأبد، مفخرة لامعة من مفاخر حزبنا الشيوعي الكثيرة، وستظل ذكراه العطرة، دافعاً وحافزاً للنضال بصبر وعناد ثوريين، لتحقيق شعار حزبنا في التغيير الشامل، وإنقاذ الشعب العراقي من زمرة اللصوص والمزورين ومغتصبي السلطة، وبناء العراق الديمقراطي الحقيقي، والعدالة الاجتماعية، فالنصر لنا، ولشعبنا وكادحيه الاباة، طال الزمن ام قصُر.

المجد كل المجد لشهيدنا الغالي “سعدون” ولكل شهداء الشعب والوطن الأبطال.