اخر الاخبار

 تناول لفكر الماركسي كل ما يتعلق بحياة البشر، ومن بين أهم ثلاثة عناوين مهمة اهتمام الفكر الماركسي بصحة الإنسان، الى جانب الاقتصاد والوعي، فكل الشعوب تتعاطى مع مفردات الفقر والجهل والمرض.

النظام السياسي هو ترجمة عملية للمبدأ الأيديولوجي للفئة والطبقة الحاكمة. وعليه فهو يمثل المصالح الاقتصادية والنفعية للطبقة الحاكمة. ولما كانت الأحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي تناضل من أجل انتزاع حقوق الشعوب من مخالب الطبقة الحاكمة فأن أحد أهم الأسس التي تكتمل فيه صور نضالها هو البرنامج الذي تهتدي به. في المؤتمرات المتعاقبة للحزب الشيوعي العراقي كانت تُقر جملة من البرامج التي تتناول مختلف مناحي حياة المجتمع العراقي بما فيها الجانب الصحي الذي يعد الجانب الحيوي والفعال والنابض في حياة الشعب، وهذا الجانب ذو طبيعة مركبة ينتج عن ويتداخل في مختلف الأنشطة العضوية للفرد وللجماعة.

وفي مراجعة فكرية للبرنامج الصحي الذي اقره المؤتمر الوطني العاشر للحزب (1-3 كانون أول 2016) نجده يطرح معالجات للواقع الصحي المرير الذي يعيشه الشعب العراقي، وكشفت تلك المعالجات طموح الشيوعيين العراقيين إلى واحدة من مجالات الحياة المرفهة التي لا يمكن أن تتحقق الا في مجتمع تسوده منطلقات ومفاهيم العدالة الاجتماعية. ويمكن تلخيص الرؤية الديمقراطية والاشتراكية وفق مبادئ الماركسية في هذا البرنامج من خلال ما يلي:

  • “تقديم الخدمات المجانية” – وهذا مبني على أساس أن الخيرات المادية هي ملك الشعب بكل فئاته وأطيافه وأن المكنون والمنتج في الوطن إنما يجب أن يعود بالفائدة لكل الجماهير.
  • “والعمل على أيصال تلك الخدمات الى المناطق كافة” – أي لا يوجد فرق بين مختلف جغرافيات العراق انطلاقاً من رؤية العمل على إذابة الفوارق بين مناطق الوطن الواحد والنهوض بها مجتمعة.
  • والتأكيد على “تحديد الأجور” – وهذا أحد أهم نضالات الحزب بأبعاد شبح استغلال الأنسان للإنسان وامتصاص قوة عمله.
  • كما يؤكد البرنامج على “حق” التأمين الصحي كجزء من منظومة” الضمان الاجتماعي”. وهذا يعد التزاماً رائعاً في الإقرار بحقوق الجماهير من اجل العيش بضمانات حكومية للفرد والعائلة العراقية.
  • مأسسة البلاد صحياً.. بمعنى توسيع وتحديث (شبكة) المستشفيات بمستوياتها الأولى والثانية والثالثة والمراكز الصحية في المدينة والريف إضافة الى المراكز التخصصية بمختلف فروع الصحة والطب.
  • لا يغفل البرنامج موضوعة الرقابة الصحية الرسمية والمرتكزة على وعي الجماهير وتعاونهم ومساعدتهم ومساندتهم لأجهزة الرقابة.. بمعنى وضع مفهوم الرقابة الشعبية في واقعه الملموس.
  • يدخل التخصص ضمن مفردات برنامج الحزب الصحي إلى أدق التفاصيل والغاية تأمين صحة المواطن وصحة المجتمع حيث تناول الطب الوقائي ورعاية الأمومة والطفولة والصحة المدرسية.
  • كما يشير البرنامج الى تطوير قدرات وامكانيات الكادر الطبي والصحي والتمريضي منطلقاً بذلك من مبدأ “مالك الشئ يعطيه”.
  • البرنامج يؤكد على الاهتمام بصحة أحد أهم المصادر الحياتية للإنسان الاّ وهو الماء، فمن الناحية البيئية الصحية يعد الماء أحد أهم مصادر انتقال وانتشار الأمراض المعوية.
  • ولا يتخطى البرنامج الهيكلية العلمية الأكاديمية والتي تعد أساس وضع البرامج القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى على المستوى الوطني، والهيكلية العلمية تتمثل بالرصد الوبائي، فأن رسم الخرائط الوبائية بكل تفاصيلها الدقيقة تعد المادة الأهم بين الدارسين والباحثين وواضعي الخطط والبرامج الصحية أنفة الذكر وبالتالي تعني المنهاج الحكومي في التزاماته أمام أبناء الشعب.
  • الشيوعيون يؤمنون بالإنسان وهو بالنسبة لهم أثمن رأسمال فنجدهم يبحثون بكل شرائح الناس وفصائلهم ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة (الولادية والمكتسبة) فيعدّونهم طاقات بشرية كامنة منتجة تسهم في البناء والتقدم والعمل على أحالتهم من عالة اجتماعية الى بؤرة إنتاجية بمختلف العناوين، فالعمل المنتج بالنسبة للنظرية الماركسية وسيلة لتحويل مسارات الحياة وتطورها، لذلك أفرد البرنامج الصحي لهم فقرة مستقلة يهتدي بها الشيوعيون العراقيون في نضالهم خلال هذه الشرائح التي توسعت خلال الـ 50 سنة الأخيرة بفضل الحروب والعنف.
  • التخريب الممنهج الذي يعاني منه المجتمع والمتمثل بانتشار المخدرات والاتجار بالأعضاء البشرية التي أشار لها البرنامج انطلاقا من تأثير المخدرات على الفرد والعائلة والتي تعد سلاحاً مدمراً في تعطيل الموارد البشرية المنتجة الفعلية للخيرات المادية وتطوير المجتمع.
  • ووفق النهج الماركسي، فهناك تأكيد في البرنامج الصحي للحزب على أهمية الملكية العامة لوسائل أنتاج الأدوية واللوازم الطبية وحفظ مكانة القطاع الخاص مع سن قوانين حماية المنتوج الوطني على اعتبار أن الحكومة الشعبية الديمقراطية التي يسعى الحزب لإقامتها إنما تمثل مصالح المجتمع والشعب العامة.

إن البرنامج الصحي للحزب لم يتم ادراجه واقراره كمعالجة آنية لمعضلة طارئة، بل أن الحزب يرى أن أزمة البلاد تكمن في طبيعة النظام السياسي الحاكم الذي لا يمكن النضال من أجل تغييره الاّ وفق المنطلقات النظرية العلمية المتمثلة بالماركسية التي يناضل الحزب على هديها.