لدراسة أسلوب الرفيق الشهيد يوسف سلمان يوسف ـ فهد (1901 - 1949)، باني الحزب الشيوعي العراقي على الأسس اللينينية، في كتاباته الصحفية، يتطلب القول إنه يرتبط بشخصيته كعامل مثقف، ومناضل شيوعي نذر نفسه لمهمة بناء حزب من طراز جديد في أوضاع العراق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في مرحلة الاربعينات من القرن العشرين، والتي امتازت بالتعقيد الشديد. كان فهد في حياته العامة ومثلما سجل الكثيرين ممن عايشوه في مذكراتهم، ميالا إلى البساطة العمالية، وإلى عدم الكلام الكثير ومثل هذا الأمر نجده في كتاباته إذ هو يميل إلى الاقتصاد في الكتابة، فأسلوبه بشكل عام لا يميل إلى الإطالة، ويمتاز بالوضوح والبساطة وعمق في التحليل وكثافة في التعبير والسخرية الحادة. ووفقا للمنهج الماركسي الذي استوعبه خلال دراسته النظرية وشروعه بتطبيقه على واقع العراق المتشابك، كان فهد يتميز بامتلاكه وعيا طبقيا لواقع المجتمع العراقي وتمتاز كتاباته بسمة طبقية وانحياز واضح إلى قضايا الطبقة العاملة وكادحي الشعب، وإذ يشخص أسباب كل ظاهرة ويوجه النقد لهذه الأسباب بشكل مباشر فإنه يقدم الحلول التي تعبر عن وعيه الطبقي وفهمه لحركة المجتمع العراقي. وكتلميذ بارع استوعب من لينين القدرة على الإمساك بالحلقة الأساسية، نجده في كتاباته ومثلما في حياته يذهب إلى صلب الموضوع مباشرة، ويحدد أعداء الشعب بوضوح كامل. واذ كان يميل إلى الاختلاط بالكادحين وتجنب كل ما يميزه عنهم ويجد معهم لغة تفاهم سريعة، نجد ان لغة كتاباته مفهومة من قبل كادحي الشعب والبسطاء من الناس، فأمثلته الإيضاحية مستمدة من حياة الناس الذين يعاشرهم، من جماهير الكادحين من العمال والفلاحين، عمال السكك، والمغارسين، وسكنة الصرائف وعتالة الموانئ، هذه الجماهير منحته ذخيرة دائمة من التشبيهات والأمثال التي راح يستخدمها بلا رأفة للسخرية من أعداء الشعب. فلتقريب أفكاره من عامة الناس وتفكيرهم وعاداتهم، نجده في كتاباته واذ يستثمر معرفته الموسوعية، وقدراته في فهم أمور الاقتصاد والسياسة، وكونه ملما بالفلكلور وبحياة الجماهير يستخدم الأمثال والحكم والشواهد الشعبية، وإلى جانب ذلك يضع استردادات من كتب ساسة ومؤلفين عرب وعالميين، مثل جبران خليل جبران وماركس ولينين، ولا يكتفي بذلك، بل ويرشد الرفاق إلى استخدام أمثلة يفهمها رجل الشارع البعيد عن السياسة. وبما ان عمله التنظيمي والإعلامي السري اساسا هو تحد للسلطات الحاكمة ولا مكان للرقيب الرسمي في كتاباته، امتازت كتاباته عن امراض المجتمع العراقي وفضح أجهزة السلطة والحكومات المرتهنة بعجلة الاستعمار وسياسته بالوضوح السياسي التام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقتطف من دراسة طويلة.