اخر الاخبار

التمس الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف العذر من معابد الهند، وأهرامات مصر، وكاتدرائيات إيطاليا، وطرقات أمريكا العريضة، وأرصفة باريس، وحدائق إنجلترا، وجبال سويسرا، ليس لأنها لم تعجبه، وليس لأن قلبه لم يخفق فيها، ولكن خفقانه في كل تلك الأمكنة كان هادئا .

الخفقان الأكبر لقلبه كان عندما عاد إلى قريته التي ولد فيها، ببيوتها السبعين التي تأوي إلى سفح الجبل.

رجل طاف العالم، وزاغت عيناه، كما يقول هو نفسه، من فيض ما رأى من جمال، دون أن تعرفا أين تستقران. كانتا تتنقلان من معبد رائع إلى آخر، ومن وجه نسائي رائع إلى آخر، لكنه كان يعرف دائماً أنه مهما كان ما يراه رائعاً، فإنه سيرى في الغد ما هو أروع، فالعالم لا نهاية له، لكن تظل قريته الصغيرة (تسادا) هي الأجمل في عينيه والتي خاطبها بالقول: «قريتي العزيزة ها قد عدت إليك من ذلك العالم الضخم الذي رأيت فيه الكثير من العجائب».

يسأل حمزاتوف: «هل هذه القرية الداغستانية الصغيرة أروع من البندقية أو القاهرة أو كالكوتا؟ وهل الفتاة الأفارية التي تسير في الطريق الجبلي الضيق وهي تحمل حزمة حطب أروع من الإسكندنافية الشقراء المشيقة؟».

يسأل حمزاتوف ولا يجيب، تاركاً الإجابة لنا ونحن نقرأ شرحه لعلاقته بأرضه. «في كل خطوة ألتقي بنفسي، بذاتي، بطفولتي، بفصول الربيع التي مرّت بي، بالأمطار والأزهار وأوراق الخريف المتساقطة. أعرض جسدي للشلال المتلألئ. إن الرشاشة في فندق القصر الملكي في باريس لعبة من اللدائن التافهة إذا ما قورنت بشلالي البارد هذا».

بعد أن رحل عن الدنيا سيعود حمزاتوف إلى أرضه، ليس تماماً إلى القرية الجبلية التي ولد فيها، وإنما إلى عاصمة بلده داغستان، من خلال عرض مسرحية استوحيت من قصيدة له، بينما يجري الاستعداد للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاده في عام 2023. وللمسرحية عنوان لافت: «الحفل الموسيقي الذي لم يتمّ إتمامه».

وليست هي المرة الأولى التي تعرض فيها المسرحية، فقد عُرضت من قبل على المسرح الروسي في العاصمة الداغستانية لأول مرة عام 2003، وهو العام نفسه الذي توفي فيه الشاعر، فلم يتسن له حضورها، على الرغم من أنه هو من تولى  بالتعاون مع المترجمة مارينا أحميدوفا  ترجمة نص المسرحية إلى اللغة الروسية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«الخليج» الاماراتية – 29 تشرين الثاني 2022

عرض مقالات: