اخر الاخبار

مثلت ثورة 14 تموز منعطفا ثوريا بالغ الأهمية في تاريخ العراق والمنطقة والعالم، وكانت نقلة نوعية حقيقية في تغيير واقع العراق المادي المعاصر(1)، وثمرة وتتويج لنضالات مستمرة ومتواصلة للشعب العراقي، وثمرة حركة وطنية استمدت أصالتها من تجارب نضالية للشعب العراقي عبر عشرات السنين، واحدثت تحولا عظيما في تاريخ العراق المعاصر (2)، وتحققت عبر التلاحم بين الضباط الأحرار وقيادة النضال الجماهيري المتمثل بالحزب الشيوعي العراقي، وجبهة الأتحاد الوطني واستطاعت الثورة بفضل الألتفاف الجماهيري حولها أن تحقق جملة من الإنجازات، ولقد تعرضت ثورة الرابع عشر من تموز، لكثير من التزوير والتشويهات، وحاول العديد تزوير وقائعها، وتم  اتهامها زورا بأنها كانت دموية، بينما لم يقتل فيها اكثر من تسعة عشر شخصا (3)، واتهمت بقتل العائلة المالكة، حيث نسب زورا بأن النقيب عبدالستار العبوسي، هو من قتل العائلة المالكة، ونقل ذلك العديد من الكتاب ومؤلفي الكتب، والحقيقة كما يرويها شاهد عيان وهو الضابط الحقوقي العقيد الركن عربي فرحان الخميسي، وهو أحد الضباط الأحرار توفي في 17/6/2023، في مقابلة  أجريت معه عام 2018 مع قناة “صوت الديمقراطيين العراقيين حول العالم”، حيث قال: (توجهت سرية من منصورية الجبل بأمرة الرائد منذر سليم، وكانت السرية ناقصة الملاك والتجهيز والتسليح، ويقدر تعدادها بحوالي 80 فردا، عند وصول أفراد السرية لسياج القصر، طالبهم الحرس بالتوقف، فرد آمر السرية: سلموا انفسكم لقد قامت الثورة، وحدث اطلاق النار المتبادل، انسحب الحرس لداخل القصر، نتيجة اطلاق النار بدأ عتاد السرية المهاجمة ينفد، ولحسن الحظ وصلت مدرعة تقل الملازم الأول  الشيوعي عبدالرزاق غصيبة ومعه الملازم الأول جبار خضير، واللذان كانا مكلفين بالسيطرة على معسكر الوشاش الذي يبعد حوالي 300 م عن القصر، حيث انجزا المهمة هناك، فذهبا الى المعسكر وجلبا العتاد، وجاء معهم الملازم الأول عبدالستار العبوسي، وجلب معه مدفع بازوكه عيار 105 ملم ضد الدبابات ومعه ثلاث اطلاقات، اشتد اطلاق النار ولم يستسلم الحرس الملكي، فأطلق العبوسي صاروخا من المدفع بإتجاه الباب الرئيسي، وكرر الضربة على الجدار الأمامي فأصابته، أثر ذلك خرج ضابط الخفر الملازم الأول مؤنس ثابت، وهو أحد مرافقي الملك، رافعا بيده اليسرى منديل ابيض، وخلفه الملك والوصي وباقي افراد العائلة، وعند وصولهم وبحوالي 10 امتار فاجأ مؤنس ثابت الواقفين (آمر السرية وبقية الضباط والذين تهيأوا لأستلام العائلة المالكة) بإطلاق الرصاص من مسدسه عليهم، وبنفس الوقت تم اطلاق نار شديدة وبكثافة من الطابق الأول من القصر، وكان الأمر مدبرا، وبردة فعل غير ارادية، فتح جميع الضباط بما فيهم العبوسي النار، وكان حصيلة الرمي سقوط أحد مراتب السرية قتيلا وجرح الملازم الأول مصطفى عبدالله وآخرون، وقتل الملك والوصي وعدد من العائلة المالكة، وجرحت زوجة الوصي وشخص آخر).

وتناسى المشوهون لثورة 14 تموز، أنه في العهد الملكي الذي يتباكون عليه، ارتكبت مجزرة “سميل” في 11/8/1933، وفي مظاهرة 28 حزيران 1946 استشهد برصاص الشرطة، اول شهيد شيوعي” شاؤول طويق”، وتم قمع اضرابات عمال كاورباغي في 12/7/1946 بالرصاص، وجوبهت انتفاضة كانون الثاني 1948 السلمية بالرصاص، والتي استشهد فيها العشرات اضافة لمئات الجرحى، و في شباط  1949 اعدم النظام الملكي قادة الحزب الشيوعي العراقي (فهد وحازم وصارم)، و في حزيران  1952 اضرب العمال في قاعدة الحبانية، فقتلت القوات البريطانية أربعة منهم، وفي انتفاضة فلاحي آل أزيرج في العمارة استشهد خمسة من الفلاحين بينهم الفلاحة فاطمة السيد محمد، وفي 22/11/1952، شهدت شوارع بغداد صدامات دموية بين الشرطة والمتظاهرين، قتل فيها أحد المتظاهرين وجرح العشرات، وفي اليوم التالي استشهد ثمانية عمال، وفي العمارة استشهد الشيوعي حسن صبيح العلاق (4)، وفي 18 حزيران 1953 ارتكب النظام الملكي مجرزة ضد السجناء الشيوعيين العزل في سجن بغداد، واستشهد منهم ثمانية شهداء وأكثر من ثمانين جريحا، وأعقبها بمجزرة ثانية في سجن الكوت في 14 آب 1953، راح ضحيتها اثنان في يوم 14 آب واستشهد ثمانية في 3 أيلول، وجرح 94 سجينا (5)، وفي 15/12/1953 أضرب عمال شركة نفط البصرة مطالبين بزيادة الأجور، فأجابتهم شرطة النظام الملكي بزخات الرصاص، استشهد على أثرها اثنان وجرح أكثر من عشرين عاملا (6)، و في انتفاضة تشرين الثاني 1956، قدم الحزب الشيوعي العراقي خمسة شهداء استشهدوا برصاص شرطة النظام الملكي، وفي انتفاضة الحي الباسلة في كانون الأول 1956 احتلت شرطة النظام الملكي المدينة، واعتقلت حوالي ألف مواطن بمن فيهم عدد من الشيوخ ووجهاء المدينة، ونهبت السوق والبيوت وحلي النساء، وتم تسفير إحدى عشرة عائلة منها الى ايران، وراح ضحية الهجوم البربري عدد من القتلى، وسيق العشرات من المواطنين الى المجلس العرفي العسكري، وأصدرت بحقهم احكاما ثقيلة بالسجن والأشغال الشاقة لمدد طويلة، وبالإعدام شنقا بحق الشهيدين الشيوعيين علي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس (7).

ــــــــــــــــــــ

المصادر:

1 ـ  د. عقيل الناصري، ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم في بصائر الآخرين، دار الحصاد، سورية ـ دمشق،ط1، 2012، ص 15.

2 ـ د. سعاد خيري، ثورة 14 تموز بعد اربعة عقود،ستوكهولم،  1998، ص85.

3 ـ أوريل دان، العراق في عهد قاسم، ترجمة جرجيس فتحالله، ج1، دار نبز للطباعة ، ستوكهولم، 1989.

4 ـ جاسم علي هداد وآخرون، شهداء الحزب شهداء الوطن، ج1 ط2، ص 51 ــ 56.

5 ـ نفس المصدر السابق، ص 57 ــ 62.

6 ـ محاضر جلسات المحكمة العسكرية الخاصة “محكمة الشعب”، ج 10، مطبعة الحكومة/ بغداد، ص 3 ــ 4.

7 ـ جاسم علي هداد وآخرون، شهداء الحزب شهداء الوطن، مصدر سابق، ص 67 ــ 72.

عرض مقالات: