اخر الاخبار

واحدة من أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي وكما وردت في التقرير الزراعي الصادر عن وزارة الزراعة دائرة التخطيط والمتابعة قسم الاقتصاد الزراعي، هي التجارة غير القانونية ويتجلى هذا التحدي في أكثر من مجال في العملية الزراعية ومجرياتها ومنها:

المتاجرة في الأراضي الزراعية العائدة للدولة والتي منحت للمواطنين بموجب العقود الزراعية السارية مثال العقود بموجب القانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٨٣ وكذلك القانون رقم ٣٠ لسنة ٩٥٨ والقانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٠ إضافة لقوانين التفرغ الزراعي التي منحت للمهندسين الزراعيين والاطباء البيطريين .العقد الزراعي هو عقد ايجار من الدولة إلى المواطنين او الشركات فالأرض هي ملك للدولة ولا يحق للمستأجر التلاعب فيها كاستئجارها او التنازل عنها، وإذا تجاوز عليها او أخل بشروط العقد يحق لوزير الزراعة إلغاء العقد بعد أن يوجه للمستأجر إنذارا لمدة ثلاثة أشهر إن لم يرفع التجاوز يلغى العقد، مع العلم أن هناك لجانا قانونية لمتابعة الأراضي المستأجرة فهل تم تنفيذ شروط العقد بزراعتها وفق ماورد في القانون والخطة الزراعية المبرمة مع العقد وعلى اساس ما وردت من مسوغات صدور القانون، والغرض من القانون الزراعي المعني ، لكن الملاحظ وبالأخص في السنوات الاخيرة تجاوزات كثيرة قد حصلت على هذه القوانين وبالذات بعد الزيادة السكانية والهجرة من الريف إلى المدينة بدأت عمليات التجاوز على الأراضي الزراعية داخل وخارج أراضي الاصلاح الزراعي، فبدأت الأراضي الزراعية تقطع وتباع كأراض سكنية ومن خلالها نشأت مئات العشوائيات السكانية، وكان هناك عوامل مساعدة كثيرة في هذا الجانب منها أنه انتهت فترة العقد واصبح ملكاً وهذا ورد كثيراً في أراضي التفرغ الزراعي، وكذلك قضايا الإرث وعمليات التنازل للورثة وفيما بينهم، وفتح باب التنازل بين فترة وأخرى من قبل وزارة الزراعة مع عدم وجود المتابعة من قبل اللجان التي يفترض ان تتابع عملية استغلال الأراضي الزراعية للغرض المؤجر من اجله مع لجوء أصحاب العقود والأراضي الزراعية إلى ابرام العقود عن طريق كتاب العدول دون العودة إلى المؤسسة الزراعية، كل هذا وأسباب أخرى منها الفساد الاداري أدت إلى تجريف الأراضي الزراعية وإزالة مناطق خضراء واسعة وتجريف عشرات مئات الآلاف من الأشجار ومنها المثمرة ، مثل اشجار النخيل مما تسبب بهدر في الاقتصاد الزراعي والتأثير على الأمن الغذائي للمواطن العراقي وكذلك التأثير على البيئة وصحة المواطن، وهذا

يتطلب إجراءات سريعة للحد من التلاعب، منها:

١- إصدار قوانين وتعليمات مشددة تحد من التلاعب بالأراضي الزراعية داخل وخارج أراضي الإصلاح الزراعي وهذا يجب ان يشمل ايضاً عمليات تجريف المناطق الخضراء.

٢- عدم إبرام عقود عمليات بيع وشراء الأراضي الزراعية من قبل كتاب العدول إلا بعد استحصال موافقة وزارة الزراعة ودوائرها المعنية.

٣- أيقاف عمليات التنازل للعقود الزراعية من قبل وزارة الزراعة وإعطاء الموافقات فيها إلا للضرورة القصوى مثل حالات الوفاة.

٤- عدم تأجير أراض واسعة خارج الحد المقرر واستثناء من القوانين الزراعية بحيث تفسح المجال لتأجيرها أو منحها استثمار لغير المتعاقد) عقد في الباطن كما يسمى (والمفترض أنه هو من يستغلها.

٥- متابعة ومراقبة عمليات تجريف المناطق الخضراء وتشكيل لجان متخصصة بذلك ومنح الصلاحيات لمسؤولي الوحدات الإدارية لإيقافها.

التسويق الزراعي هو المجال الآخر للتجارة غير المشروعة وغير القانونية أثناء عمليات الحصاد والتسويق الزراعي للمحاصيل الزراعية الإستراتيجية مثل الحنطة والشعير والأرز، وهذا كان واضحاً في المواسم للسنوات الاخيرة حيث تم التلاعب كثيراً في الكميات المسوقة إلى السايلوات من كميات من الحنطة، أما مخزونة من العام الذي سبقه أو مهربة من خارج الحدود أو مرفوضة من قبل السايلوات وتم شراؤها من قبل التجار بأسعار متدنية أقل من سعر الدولة  وإعادتها إلى السايلوات وقبولها نتيجة الفساد الإداري او نقلها من محافظة إلى أخرى لهذا السبب او ذاك، وكان هذا واضحاً وخير مثال على ذلك ما حصل في أحد السايلوات أو المخازن في محافظة الأنبار حيث جلبت الحنطة من منطقة ال بدير في محافظة الديوانية واللجنة الموقعة عليها من محافظة النجف والاستلام في الأنبار كما ورد في فديو لزيارة أحد النواب إلى المخازن  في محافظة الانبار ومتابعته لذلك، وهذا كله سبب خسائر فادحة للفلاحين مما أثر على مستواهم المعاشي وانخفاض دخلهم وتراكم الديون عليهم، وفي نفس الوقت تسبب في خسائر للدولة والحكومة العراقية كونها تدفع أسعاراً مقررة أكثر من السعر الذي دفعه التجار للفلاحين، وليس من الصعوبة بمكان معالجة هذه الظواهر السلبية في عمليات التسويق ويمكن ذلك من خلال:-

أولا - زيادة عدد المخازن والسايلوات وتوزيعها جغرافياً بحيث يمكن وصول الفلاحين لها مع محاصيلهم بالسرعة وبأقل التكاليف.

ثانياً - وضع ضوابط وشروط استلام المحاصيل ودرجة النقاوة والرطوبة آخذين بنظر الاعتبار الظروف الجوية أثناء فترة تسويق الفلاحين لمحاصيلهم الزراعية وليس كما حصل في العام الحالي عندما هطلت الأمطار أثناء فترة التسويق على أن تعلن هذه الشروط والضوابط قبل فترة لا تقل عن شهرين قبل موسم التسويق وإيصالها للفلاحين عن طريق وسائل الإعلام والإبلاغ عن طريق مديريات الزراعة والاتحاد العام للجمعيات الفلاحية.

ثالثاً - زيادة عدد المختبرات في المخازن والسايلوات.

رابعاً - زيادة اعداد الموظفين الفاحصين في السايلوات

وادخالهم الدورات الفنية الضرورية لعملهم في الفترات بعد عمليات التسويق وليس اثناء التسويق.

خامساً - المراقبة المشددة على السايلوات والمخازن من قبل وزارة التجارة والأمن الوطني وهيئات النزاهة أثناء عمليات تسويق المحاصيل الزراعية تجنباً للفساد وحماية للفلاحين ومنعاً للمتاجرين في السوق السوداء.

سادساً - غلق المنافذ الحدودية لدول الجوار بوجه المحاصيل المهربة منها أثناء عمليات التسويق وكذلك غلق الطرق الخارجية بين المحافظات ومنع نقل المحصول المهرب بينها.

سابعاً - المصادقة على الخطط الزراعية للفلاحين من قبل وزارة الزراعة مبكراً وعدم السماح بالتلاعب بها اثناء عمليات التسويق الزراعي.

الخدمات الزراعية

المجال الثالث للتجارة غير القانونية في القطاع الزراعي هو استغلال الخدمات الزراعية والدعم المقدم من قبل وزارة الزراعة إلى الفلاحين والمزارعين والاتجار بها، وهذا ويتضح هذا من خلال منح الخدمات في الخطة الزراعية لأصحاب أراضي العقود الكبيرة داخل وخارج أراضي الإصلاح الزراعي حيث توزع الخدمات من بذور مصدقة ومبيدات  على أساس مساحة الأرض، لكن مع الأسف ولعدم زراعة هؤلاء لكامل أراضيهم يقومون ببيع الفائض منها في السوق السوداء إلى اصحاب المحال الزراعية او  إلى فقراء الفلاحين وممن لم يتمكنوا من الحصول على الخدمات لهذا السبب أو ذاك بأسعار عالية ترهقهم وبالتالي تأثر على الجدوى الاقتصادية لزراعتهم، وهذا يتطلب ضبط الخطة الزراعية من قبل مديريات الزراعة وشعبها ومتابعة تنفيذها من خلال لجان خاصة وعدم منح الخدمات إلا بعد التأكد من زراعتها.

ــــــــــــــــــــــ

* مهندس زراعي استشاري