اخر الاخبار

ضيّف “ملتقى روّاد المتنبي” الثقافي، الجمعة الماضية، الباحث فراس ناجي، الذي قدم محاضرة بعنوان “نشوء الدولة العراقية حدث مصطنع أم ضرورة تاريخية”، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن السياسي.

المحاضرة التي احتضنتها “قاعة شناشيل” في المركز الثقافي البغدادي، استهلها الضيف بالقول أن “الكثيرين من الناس يعتقدون ان تاريخ العراق عبارة عن تاريخ اسود مليء بالمظالم والقهر، في حين ان هناك محطات مضيئة ضمن هذا التاريخ، تحملها ذاكرة تاريخية مشتركة”.

وتابع قائلا، أن “المشكلة الآن، هي أن الذاكرة أصبحت فئوية، ما يعني أن لكل فئة ذاكرة مبنية على مظلومية خاصة بها، بينما الذاكرة التاريخية المشتركة تبني الهوية الوطنية الجامعة، وتجعلنا أمة سياسية واحدة”.

وأوضح ناجي، أن “مفهوم الأمة بات مشوها ملحقا بتسميات كـ (الأمة العربية) أو (الأمة الكردية). وهذه  التسميات تمثل انتماء عاطفيا او تاريخيا الى القومية، بينما الامة السياسية هي مفهوم حديث للدولة الحديثة التي يتساوى فيها مواطنوها”.

وعن الدولة المصطنعة، أوضح الباحث أن هذه الدولة يتم استغلالها لتطوير مخططات ضدها. وبيّن أنه “في العام 2006 ظهر مفهوم مخطط الشرق الأوسط الجديد كخريطة كاملة. وطرح بايدن مشروع تقسيم العراق. وبالمقابل طرح بعض سياسيي العراق مشروع إقليم الجنوب وإقليم كردستان”، مشيرا إلى أن “هذه المخططات هدفها تقسيم البلد، وهي مستندة إلى مفهوم الدولة المصطنعة”.

ثم تحدث عن التصور الذي يفيد بأن العراق يتألف من ثلاث ولايات (بغداد والبصرة والموصل) غير مترابطة اجتماعيا وسياسيا. وأن بريطانيا، ولمصلحتها الاستعمارية، جمعت هذه الولايات وسمتها العراق، على اعتبار أن الاحتلال هو الذي أسس دولة العراق الحديثة.

وتابع قائلا، أن “هذا التصور غير صحيح، وهو يقلل من أهمية المحطات المضيئة في تاريخ العراق، ومنها ثورة العشرين وثورات الأربعينيات والخمسينيات. فهذا كله يؤكد وجود تجانس وعمل مجتمعي موحد”.

وعن تشويه الذاكرة العراقية، لفت ناجي إلى أن “كل نظام يؤسس سردية تاريخية لخدمته. فالنظام الملكي يركز على ثورة ملك الحجاز الحسين بن علي، ويتم الاحتفال بهذه المناسبة سنويا، وكأن العراق وجد نتيجة هذه الثورة”، متابعا القول: “عندما جاء صدام أطلق مشروعا لإعادة كتابة التاريخ، وهنا همّش بقية المساهمين في الذاكرة التاريخية العراقية، وركز على موضوع القومية العربية. وحاليا تقوم السلطات بذلك. إذ تشوه الذاكرة التاريخية لتثبت شرعيتها في الحكم”.

وانتهى الضيف إلى أن “المحطات المضيئة تؤسس لذاكرة تاريخية، وهذه الذاكرة نستطيع ان نبني عليها الهوية الوطنية الجامعة كأساس لمشروع وطني بديل عن ذاكرة المظلوميات والمكونات”، مبينا أن “ثورة تشرين فرصة حقيقية توفر جوا عاما ومزاجا شعبيا لتقبل هذه الهوية الوطنية الجامعة”.

وبعد مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، قدمت شهادة تقدير باسم الملتقى إلى الباحث فراس ناجي.