اخر الاخبار

مرّت قرابة 8 أشهر على إعادة تكليف علي محسن العلاق بمنصب محافظ للبنك المركزي العراقي، بعد أكثر من عامين على اعفائه من المنصب نفسه الذي شغله لمدة تقارب ست سنوات منذ العام 2014 حتى عام 2020.

وقد تعهد السيد العلاق بالسيطرة على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار. في وقت قصير، ومع ذلك، لم تتحقق هذه الوعود، إنما ارتفع سعر الصرف إلى مستويات قياسية وسط عدم سيطرة البنك المركزي، ما تسبب في وضع العديد من المصارف العراقية تحت طائلة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية.

بوابة تهريب العملة مفتوحة

عضو اللجنة المالية، محمد نوري، أكد أن “البنك المركزي فشل في السيطرة على سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي”، مشيرا إلى أن “بوابة تهريب العملة لا تزال مستمرة من قبل الأحزاب ومصارفها مع ارتفاع معدلات بيع الدولار في مزاد بيع العملة في البنك المركزي العراقي”.

وقال نوري، إن “البنك المركزي العراقي لا يمتلك حلولًا جدية وحقيقية للسيطرة على صرف الدولار”، مؤكدًا أن “ملف الدولار لا يزال خارج سيطرة البنك المركزي بسبب تحكم بعض الجهات الخارجية والداخلية بقرارات البنك المركزي العراقي”.

حزم إصلاحية غير مجدية

وأعيد تكليف العلاق لإدارة البنك المركزي في نهاية كانون الثاني الماضي، وأصدر البنك المركزي في 3 من شباط الماضي، حزمته الأولى للسيطرة على سعر الصرف والتي تضمنت تسهيلات لاستيراد السلع والبضائع، وتبعها في 22 من ذات الشهر بالحزمة الثانية الخاصة بتسهيل الحوالات الخارجية لأمريكا والصين وأوروبا، قبل أن يصدر الحزمة الثالثة في 14 من آذار الماضي، والمتعلقة بإجراءات تسهيل حصول المسافرين العراقيين على الدولار، لكن تلك الحزم لم توقف فورة الدولار في السوق السوداء، والذي تقارب الـ160 الف دينار مقابل فئة 100 دولار.

رمي الكرة في ملعب التجار

عضو اللجنة المالية النيابية عن الإطار التنسيقي معين الكاظمي، أشار إلى أن “الحكومة حاولت السيطرة على سعر الصرف، من خلال تخفيض سعر الدولار الرسمي من 145 إلى 130 ألفاً، واستطاعت أن توفر حوالات للدول التي من الممكن إرسال الحوالات لها”، مبيناً أن “التجار العراقيين يستوردون من بلدان تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عليها، مما يزيد من عملية الطلب على السوق الموازية”.

وأضاف أن “زيادة الطلب على السوق الموازية لتغطية نفقات الاستيراد تسهم في زيادة الفجوة بين السعرين بالإضافة إلى إجراءات الفدرالي الأمريكي بعدم التعامل مع عدد من المصارف العراقية”.

وكرر الكاظمي الوعود السابقة بانخفاض سعر الصرف خلال اسبوعين من الآن بعد اتخاذ اجراءات جديدة من قبل البنك المركزي.

سياسات حكومية تنعش المضاربين

الخبير المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، أرجع الأزمة إلى جذورها؛ حين ارتكبت الحكومة السابقة خطأ استراتيجيًا بتغيير سعر الصرف وسمحت للمضاربين بالعبث بالسوق العراقية.

وقال حنتوش، إن “التضخم والثراء الفاحش لبعض المضاربين جاء بسبب قرارات خاطئة للحكومة السابقة لم تستفد منها شيئًا”، مشيرا إلى أن “الحكومة الحالية تجاهلت النصائح واستمرت في عملية إغضاب الولايات المتحدة من خلال تهريب العملة إلى كل من إيران وسوريا، الأمر الذي ردت عليه الأخيرة بفرض العقوبات على بعض المصارف العراقية واختتمت أخيرًا بزيارة وتهديد مساعدي وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب خلال زيارتهم إلى العراق”.

وأشار حنتوش إلى أن سبب ارتفاع سعر الصرف خلال العامين الماضيين هو قرار البنك المركزي بتقليل بيع الدولار النقدي من أجل الحد من عمليات التهريب، لكن هذا الأمر خلق مشكلة أكبر، منتقدًا “فشل البنك المركزي بفتح حسابات مصرفية لصغار التجار”.

وبيّن حنتوش، أن “التعليمات الصادرة من البنك المركزي تخالف رؤية رئيس الوزراء في موضوع الحد من تهريب العملة”، مشيرًا إلى أن “البنك المركزي ما زال يرفض سياسة المكاشفة ويرفض الحديث مع الأمريكان حول حاجة العراق إلى الاستيراد”.

وأكد، أن “سياسة المكاشفة يمكن لها أن تسهم في تطوير برنامج إصلاحي يساعد الصناعة العراقية على استثمار الإمكانيات التي توفرها أمريكا للعراق بهدف تقليص الاستيراد من أمريكا”، موضحًا أن “الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقاتها من ناحية رفض تنمية الصناعة الوطنية، رغم أن الفرصة الآن كبيرة لغرض الاستفادة من الوضع الحالي في المنطقة”.

وساهمت الإجراءات الصادرة عن البنك المركزي طيلة الأشهر الماضية في زيادة الفجوة بين السعر الرسمي والموازي في مشهد يدل غياب البوصلة لإدارة البنك والعجز في معالجة الازمة المستمرة، خاصة وان ارتفاع سعر صرف الدولار لم يتوقف وسيكون هناك صعود تدريجي في كل يوم وفقا لعضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي.

وحذر الكرعاوي من “تحول القضية إلى أزمة نقدية”، داعيا إلى “حراك دبلوماسي عراقي نحو الخزانة الأميركية والبنك الفيدرالي الأميركي”.

وأشار النائب إلى أن “اللجنة المالية ستعمل على استضافة الشخصيات والجهات المسؤولة في البنك المركزي لبحث تداعيات الأزمة ومعرفة ما هي إجراءات البنك للتصدي لارتفاع سعر الصرف بشكل كبير في السوق المحلي”.