تعزيزا لقيمة العملية العراقية، وجهت الحكومة قوات الامن بمنع التعامل بالدولار من قبل التجار في الاسواق المحلية، وحصر التداول بالدينار فقط.
وتعتزم الحكومة منع التعامل بالدولار، في السوق بالنسبة لتجارة المفرد، مطلع شهر حزيران.
وحدد البنك المركزي العراقي التعامل بالدولار من قبل المصارف ومكاتب الصيرفة المجازة من قبله، ففي الوقت الذي عد خبراء ومهتمون بالشأن المالي هذا التوجه بانه “صحيح”، اكدوا على ضرورة القيام ببعض الاجراءات الاخرى الساندة التي تعزز من استقرار الاسعار في الاسواق.
وعلى الرغم من صدور قرار سابق من البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدولار، يقضي بأن يكون سعر الشراء من وزارة الماليَّة 1300 دينار لكل دولار وبيعه بـ(1310) دينار إلى المصارف من خلال المنصة الإلكترونية، ثم يباع بـ(1320) دينارا للمستفيد النهائي، إلا أن هناك تفاوتا كبيرا مع الأسعار المتداولة في الأسواق المحلية، حيث تصل قيمة البيع إلى 147 ألف دينار والشراء إلى 145 ألفا و250 دينارا لكل 100 دولار، كمعدل يومي في بورصات بيع العملة الصعبة.
لأجل مكافحة الفوضى
يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، إن هناك فوضى في السوق العراقية خصوصاً في ما يتعلق بالتجارة الداخلية والخارجية، وعدم ضبط الأسعار في الأسواق، حيث يتم التداول بعملات اجنبية وخصوصا الدولار، ويجري يتجنب التعامل بالدينار.
وتعليقاً على الإجراء الحكومي الأخير، يقول الصوري: إنه “اجراء صحيح جداً. وفي مطلع الشهر القادم سيمنع التعامل بالدولار في السوق بالنسبة لتجارة المفرد في العراق، وستكون الأسعار بالدينار فقط. وهذا القرار هو دعم للعملة المحلية والاقتصاد الوطني”.
ويردف الصوري حديثه مع “طريق الشعب”، بأنه “اذا كانت هناك ضرورة للتعامل بالدولار، فالبنك المركزي موجود والمصارف ايضا. وهؤلاء قادرون على تأمين الدولار لكل المعاملات الداخلية والخارجية، ولكن داخليا فان السلع التي تستورد من الخارج وتنتج بالداخل تباع بالدينار العراقي، وهناك عدة نشاطات يُسمح بتداول الدولار فيها”.
ويشير الخبير الاقتصادي الى ان هذا الاجراء على الرغم من كونه صحيحا الا انه “غير كاف للقضاء على تذبذب اسعار السوق الموازي للدولار. فنحن بحاجة لفترة اطول، كي ينجح استقرار اسعار الصرف والسلع والخدمات في العراق”.
ويقترح الصوري أن تقوم الحكومة بجملة اجراءات “مهمة”، من شأنها الحفاظ على استقرار الاسعار في الاسواق، مبينا أن تلك الاجراءات تشمل: “العمل على تغيير النظام الضريبي، ضبط المنافذ الحدودية، وكذلك المضاربات على السلع الاستهلاكية، وغيرها”.
إجراء قانوني
من جانبه، يقول الخبير القانوني امير الدعمي، ان هذا الإجراء لا إشكال قانونيا فيه، انما يندرج ضمن سياسة الدولة لحماية مصالحها الاقتصادية ومصالح مواطنيها، مؤكدا انه “من حق الدولة والبنك المركزي ان يحصرا التعامل بالدينار، على اعتبار ان هناك استنزافا للعملة الوطنية، وارتفاعا في الأسعار”.
ويضيف لـ”طريق الشعب”، ان هذا الإجراء “يدخل ضمن محاولة انعاش الدينار العراقي”، مستدركا “لكن لا يرقى لأن يمثل سياسة حقيقية صحيحة بالمجمل، على اعتبار ان هناك تعاملات تحتاج الى الدولار؛ ففي كل دول العالم هناك اكثر من عملة، لكن في العراق هناك ضعف في السيطرة على تراجع قيمة الدينار العراقي وارتفاع الدولار”.
ويشير الدعمي الى من أسماهم بـ”الجشعين” الذي يحصرون تعاملاتهم بالدولار، وهذا أحد أسباب ارتفاعه في السوق السوداء، لذلك سيعمل القرار الأخير على “إنعاش الدينار العراقي. وهو المطلوب في ظل وجود تلاعب ومضاربة بالدولار، فنحن بحاجة الى خفض الطلب عليه”.
ويختتم حديثه بأن “احدى مشاكلنا بعد العام 2003 وحتى الان، هي انه نادراً ما يتم التعامل بالدينار، وهذا ما أدى الى إضعاف العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي”.
تعزيز قيمة العملة الوطنية
الخبير الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، يشدد على ضرورة منع تعامل التجار والمواطنين بالدولار في السوق المحلي، مؤكدا أن القرار “يعمل على تقوية الدينار العراقي؛ فالكثير من الدول تعمل على تقوية العملة الوطنية من خلال منع أي تعامل بالعملات الأجنبية”.
ويقول التميمي في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “الخطوة صحيحة، لكن توقيتها من الممكن ان يكون خطرا، لأننا نعيش اليوم بحالة من الارباك وطلب متزايد على الدولار”.
ويضيف، ان “جزءا من التجارة تتم بواسطة حوالات غير رسمية، فلو كانت التجارة والاستيرادات سالكة بشكل حقيقي عبر نظم وطرق قانونية، ربما لن تكون هناك مشكلة”.
ويجد التميمي ان “هذه الخطوة جاءت متأخرة، فنحن بلد فيه عملتان، وبالتالي فإن التعامل بالعملة الوطنية والدولار له آثار اقتصادية خطرة على قوة العملة الوطنية. لهذا اكدنا مراراً على ضرورة تبني خطوات حقيقية باتجاه تقوية الدينار العراقي في التعاملات المحلية”.
ويخلص التميمي في حديثه إلى أن “هذا الإجراء يهدف لإنهاء ظاهرة الدولار، بمعنى إنهاء استخدام الدولار بصورة مفرطة وحصر استخدامه بالتعاملات الخارجية (البنكية والمتعلقة بالحوالات)”.