سوف تُبتلى وتصرف ما في جيبك “وانت الممنون”، إذا ما كانت لديك معاملة في دائرة حكومية، وطلبت منك استصدار وثيقة صحة صدور عن أوراق معاملتك، عبر مراجعة دائرة أخرى.
لقد ذهبت لمراجعة إحدى دوائر التسجيل العقاري (الطابو) لتسجيل قطعة أرض تخص تركة متوفٍ، بعد استحصال قرار المحكمة لدى القاضي المختص، ففوجئت بأنهم طلبوا مني إحضار وثيقة صحة صدور للقرار من المحكمة. وحين حاولت تذكير الموظف بقرار إلغاء هذا الإجراء وإصدار المحكمة “باركود” يثبت صحة صدور قرارها بشأن قطعة الأرض، تذرع الموظف بأن “الأجهزة لدينا لا تقرأ الباركود الذي يصلها من دوائر أخرى”!
وكان عليّ أن انتقل إلى دائرة اخرى بواسطة موظف متخصص يُسمى (المعتمد)، وأن أدفع له مبلغ معين كأجور نقل، وهو مبلغ كبير نسبيا لغالبية المراجعين! وعند عودتي لدائرة الطابو، اكتشف الموظف بأن إحدى أوراق المعاملة قد فقدت عند نقلها من قبل المعتمد. ولغرض تمشية الأمور وعدم ازعاج المعنيين بفقدان هذه الوثيقة المهمة، رغم وجود ما يثبت فقدانها في الدائرة بتقصير من المعتمد، طلب مني الموظف المسؤول مخاطبة القضاء لغرض إصدار قرار يخص الوثيقة المفقودة!
وجاء دور القاضي ليطلب صحة صدور يؤكد له فقدان الوثيقة في الدائرة المعنية، فعدت إلى المعتمد ليذهب بالطلب ويعود بالجواب، وطبعاً لن يقوم بهذه المهمة من دون مقابل!
الاّ يحق لي التساؤل: إلى من يتوجه المواطن الفقير الذي لا حوله له، عندما يريد إكمال معاملة معينة تتطلب جلب صحة صدور؟ إذ أن الكثيرين من المعتمدين يتعمدون إخفاء المعاملات أو بعض وثائقها، لغرض ابتزاز المراجع وإجباره على دفع مبلغ معين. متى يُفترض بالجهات المعنية القيام بمتابعة جادة لهذه الحالة السيئة المستديمة؟!