أجرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مختلف التجارب على طلبة الدراسات العليا في السنوات الأخيرة، وادّعت ان ذلك يأتي لغرض تعزيز رصانة التعليم ورفع مستواه وقدرته على المنافسة العالمية. لكن الواقع اثبت ان معظم القرارات والتجارب فشلت اما بسبب عدم ملاءمتها الواقع من ناحية البنى التحتية، او بسبب عدم تنفيذها بصورة صحيحة جراء البيروقراطية التي تتعامل بها الإدارات الجامعية.
أتطرق هنا بصورة سريعة الى ما يحصل للطلبة المتقدمين الى المنافسة من اجل الحصول على مقعد في الدراسات العليا داخل العراق. اذ ان على الطلبة ان يجتازوا ما اطلق عليه الامتحان الوطني (كان يسمى امتحان الكفاءة)، الذي هو بطبيعة الحال لا يتناسب مع الواقع العلمي او البحثي لهؤلاء. فهل على الطلبة الذين يودون الامتحان التنافسي في مواد هندسية ان يتقنوا كل ما يمت للغة العربية بصلة مثلاً، وهل ان جميع الطلبة المتنافسين يستطيعون الإجابة عن الأسئلة المعقدة في مادة الحاسوب بكل تفاصيلها، ناهيك عن خوض المنافسة في مادة اللغة الانكليزية، ونحن نعلم كيف يجري تدريس هذه المادة في العراق ومدى الصعوبات التي تواجه معظم الطلبة. فلماذا هذه النمطية المعقدة في طريقة الاختبار؟!
أنا لا أركز هنا على انتقاد هذه الإجراء، فهو مهم فيما إذا جرى تطبيقه بصورة مناسبة ووفقا لأساس علمي يُبنى خلال المراحل الدراسية. لكن أيصح ان يجبى مبلغ 20 أو 30 الف دينار عن كل محاولة امتحانية (عدد من الطلبة بلغت محاولاتهم اكثر من 5 محاولات).
من جانب آخر، ابتدعت الوزارة موضوع الورش التطويرية للطلبة الباحثين. إذ لا يمكن لأي منهم الحصول على شهادة عليا دون جلب تأييد يُبت انه حصل على النقاط المطلوبة بعد الدخول في هذه الورش، وهنا بدأت العجائب. إذ قام عدد كبير من الطلبة بالتسجيل في ورش ليس لهم فيها مصلحة، مثلاً طلبة من الطب والهندسة سجلوا في دورة او ورشة للمصطلحات الإنكليزية السياسية، طلبة من القانون سجلوا في دورة للتعليم الرياضي، ليس هذا وحسب، فكان يفترض ان تكون نتائج الورش الكترونية، إلا أن الجامعات وضعت تعقيدات، فعاد الروتين الورقي وصار على كل طالب أتم الورشة ان يراجع من 4 إلى 5 مرات كليته ورئاسة الجامعة من اجل الحصول على توقيع او ختم او دفع رسوم اشتراك.
أقول: نحن بحاجة الى نهضة كبيرة ليس في مجال تطوير التعليم، بل في طبيعة اتخاذ القرارات!