اخر الاخبار

في فجر 13حزيران ٢٠٢٥ أقدمت إسرائيل على حماقة جديدة، حيث استهدفت بسلسلة من الهجمات الواسعة الأراضي الإيرانية، في انتهاك فظ ووقح لسيادة ايران وحرمة أراضيها، وللقانون الدولي.

ورغم نفي واشنطن المشاركة في العدوان والقول انه "عمل إسرائيلي منفرد"، الا ان ما سبقه من تصريحات وإجراءات، بما فيها تعزيز القدرات الصهيونية الدفاعية، يكشف حجم التواطؤ الأمريكي في هذا العدوان الغاشم، الذي امتاز بسعته وشموله محافظات عدة ومنشئات نووية وعلمية وأماكن سكنية، إضافة الى شخصيات عسكرية وامنية وعلمية، حسب ما نقلت وسائل الاعلام. والاغرب ان الأوساط الرسمية الامريكية تعتبر أيّ رد إيراني "عامل عدم استقرار في المنطقة "، وهو ما يعكس الانحياز الاعمى لإسرائيل، وتبرير أي عدوان وعمل اجرامي تقوم به.

وفيما يُبرَّر الهجوم بانه يستهدف "الحد او منع أيران من امتلاك سلاح نووي" فان العالم اجمع يعلم بامتلاك إسرائيل ترسانة نووية، هي غير مشمولة باي رقابة دولية، إضافة الى عدم شمولها بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم.

ومنعا لأي التباس فان الإشارة الى ذلك يراد بها التنويه بازدواجية المعايير في التعامل الدولي، في وقت يسير فيه العالم الى حالة من الفوضى بعد نسف كل المعايير الدولية والإهمال العمد للقانون الدولي، خاصة بعد تولي إدارة ترامب السلطة في الولايات المتحدة الامريكية.

وفي الوقت الذي يتوجب فيه تشجيع التوجه الى الاستخدام السلمي متعدد الأغراض للطاقة الذرية والنووية، ينبغي المطالبة بالحد من انتشار السلاح النووي الفتاك، وغيره من أسلحة الدمار والقتل الجماعي، شرط ان يسري ذلك على الجميع من دون تمييز، او انتقائية مفضوحة الأهداف والمرامي. ومع هذه التطورات المقلقة جدا مطلوب ان ترتفع الأصوات من جديد لابعاد الشرق الأوسط عن الأسلحة الفتاكة، وان يكون منطقة خالية منها، ومرة أخرى يتوجب ان يشمل ذلك الجميع دون استثناء "الطفل المدلل" من ذلك.

ويأتي العدوان الجديد في ظل تصاعد عدوانية وفاشية الطاقم الحاكم في إسرائيل، وتوسع رقعة جرائمه المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وقطاع غزة على وجه الخصوص، حيث يستمر القتل العمد والممنهج لإزالة أي وجود فلسطيني. وفيما البعض منهمك في ايصال المساعدات الى القطاع، يجري غض النظر عن حرب الإبادة والقتل اليومي البشع للفلسطينيين، وكأن لسان حال البعض يقول لا تجعلوا الفلسطينيين يموتون جوعا وعطشا، بل برشقات الرصاص وقصف الأسلحة! 

ان ما جرى فجر 13 الشهر الجاري هو استهتار بكل القيم والمعايير، ونذير شؤم للمنطقة، وتوجه لفرض الغطرسة الصهيونية والأمريكية، والوصاية على مقدرات الإقليم وشؤون شعوبه. ويتوجب الادراك انه ابعد كثيرا من استهداف منشئات ومفاعلات نووية، وقد لا يكون بعيدا عن إعادة تشكيل شرق أوسط جديد، تكون فيه الهيمنة المطلقة للثنائي المتواطئ الإسرائيلي – الأمريكي.

ان التصدي لهذا المشروع الرامي الى كسر أيّ إرادة خارج توجهات الثنائي المتغطرس، لا يتحقق عبر المزيد من الانبطاح والتخلي عن روح التحدي وتكديس الأسلحة فقط، بل هو  يحتاج الى بناء مجتمعي متماسك، وجبهات داخلية فاعلة قوامها المواطن وحريته وكرامته وحقوقه، وبناء أنظمة وطنية ديمقراطية حقة تمتثل لارادة شعوبها الحرة، ولتجارب شعوب أخرى تؤكد ذلك  .